27 نوفمبر، 2024 9:37 ص
Search
Close this search box.

العلم !

خاص : بقلم – هدى الزهراء الشماع* :

أن الحديث عن العلم ومفهومه وأقسامه لا يمكن أن يسرد بشكل سطحي؛ ما لم يدخل في الإطار الفلسفي والمنطقي لكي نصل إلى مقتربات العلم المجرد بما هو علم؛ وهذه المقتربات هي مقدمة لفهم العلم وكيفية التعامل مع مجريات الحياة من خلاله أي (العلم).

فإذا وضعنا نقطة شروع للعلم  فخير نقطة هو كتاب الله تعالى، حيث قال تعالى في قرآنه الحكيم: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طـه: 114] هنا في إطار الدعاء وإزياد العلم، وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب} [الزمر: 9]؛ وهنا من باب المفاضلة والتمييز والاصطفاف إلى جانب العلماء، وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات} [المجادلة: 11]؛ وهنا يؤكد القرآن الكريم على الرفعة والسماء لأهل العلم، وقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18]؛ وهنا جعل الله من يحمل العلم مشتركًا معه في صفة العلم كون أن الله عالم والإنسان المتعلم أيضًا عالم، لكن مع اختلاف النسبة، وقال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]؛ وهنا يدل المعنى حول الفهم لإشارات قد لا يُدركها العقل، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: 28].

وهنا تدل الآية إلى نقطة مهمة؛ وهو أن الخوف وحقيقته من الله لا يدركها إلا العلماء.

وإذا كان القرآن الكريم يمنح هذه الأهمية القصوى للعلم؛ فيتأكد لنا أن هذه الحقيقة هي سر الوجود وسر استدامة وتطور الحياة وبه تسعد البشرية.

أن العلم من حيث المنطق، هو انطباع صورة الشيء في الذهن وينقسم إلى تصور وتصديق؛ ومن هنا إذا ما تعمقنا بالفهم المنطقي للعلم نعرف حقيقة العلم من حيث جوهره وغاياته وأهدافه وموضوعاته؛ لأن المنطق هو مفتاح العلوم كما يُعبر الشيخ الرئيس “ابن سينا”.

وأما إذا أخذنا العلم من إطاره الفلسفي فنستطيع القول أن الفلسفة هي الوعاء الكبير الذي تنبثق منه كل العلوم والمعارف على اختلافها؛ وفي هذا المقام يقول الفيلسوف “برنارد راسل”: (العلم هو ما نعلم، والفلسفة هي ما لا نعلم)، وهذا بنظره تعريف مبسط للعلم، حيث يوضح “راسل” أن الأسئلة التي تتعلق في مفهومي العلم والفلسفة، إنما هي جدلية تتوقف على معرفة الإجابة، حينها سيتوقف عمل الفلسفة، وتتحول إلى العلم.

ويقول الفيلسوف الألماني “نيتشه”: العلم مجموعة مفاهيم يمكن أن تتحول إلى مفاهيم أخرى تؤدي الغرض نفسه، كأن يقال دراية، أو معرفة، أو المفكر الحر، وهو نوع من الفنون كونه لا يتجاوز عملية فرض الأشكال، فكل معرفة تنفصل عن النزوع (الأصل)، تنفصل أيضًا عن الإقتدار في إثبات نفسها.

ويقول “أينشتاين”: العلم هو إدراك رائع للحقائق، وهو مجرد إعادة ترتيب الأفكار التي تشغل عقل الإنسان، ليصل من خلالها لإدراك طبيعة الحقائق. والعلم كشيء مادي وموجود ومكتمل: هو أكثر الأشياء التي استطاع الإنسان الوصول لها بموضوعية، وأرجحه بين الخلق والإبداع.

ويقول “الفارابي”: العلم هو كل شيء غير متمكن، وكل حدث لا يستطيع مفارقة موضوعه، بمعنى أن بلوغ العلم كمن يحفر في أرض صلدة ليحظى بكنزه المدفون.

هذه بعض أقوال الفلاسفة؛ استشهدت بها لمعرفة ماهية العلم وذاته، أما موضوعات العلوم، فهي تابعة لكل علم؛ فمثلاً موضوع علم النحو يبحث عن الكلمة وأحوالها؛ وموضوع علم الجبر يبحث في الأرقام؛ وموضوع علم الطب يبحث في فسلجة الجسد، وهكذا أي فهم الكليات وتوزيعها على الجزيئات.

أما الحديث عن غاية العلم فإنها من أشرف الغايات ومن أبرزها رفع الجهل والاستنارة للعمل من أجل الإنسانية جمعاء؛ وأقرب مثال ودليل أن غاية العلم هو إسعاد وإنقاذ البشرية من الكوارث جائحة (كورونا)، التي ضربت العالم وشلت اقتصاده وحركته، فلولا العلم والبحث لما كشف اللقاح والعلاج الذي أوقف آلة الموت الذي اجتاح العالم.

ومن هذا المنطلق؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم ومسلمة.

*هدى الزهراء الشماع

طالبة في ثانوية مسيرة المعرفة للبنات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة