خاص: إعداد- سماح عادل
العلاج النفسي بالكتابة علاج سلوكي، ويعتبر من العلاجات النفسية الآمنة، والتي لا تتضمن مخاطر أو تأثيرات سلبية، ومميزات هذه الطريقة في العلاج كثيرة:
علاج نفسي فعال وغير مكلف.
يمكن إتباع هذا النوع من العلاج من دون متابعة طبيب نفسي أو مختص ما دمت تلاحظ نتائج إيجابية.
يمكن ممارسة العلاج النفسي في أي وقت ومكان عن طريق الكتابة.
إمكانية البوح بالأسرار دون قلق من مشاركتها مع آخر، ولا حتى الطبيب النفسي.
تفريغ المشاعر السلبية عن طريق الكتابة يحسن النفسية، ويطرد الطاقة السلبية من العقل و الجسم.
العلاج النفسي بالكتابة يساعد على الاسترخاء والتخلص من التوتر الناتج عن الضغوط.
طريقة العلاج النفسي بالكتابة..
خصص دفتراً لكتابة يومياتك ومشاعرك، ولا تكتب عندما تشعر بالضيق فقط، بل اكتب كعادة يومية، وقم بكتابة صفحة على الأقل تصف فيها مشاعرك، ويومك، وأي موقف شعرت فيه بالضيق ولو كان بسيطاً.اختر مكاناً هادئاً للكتابة، واحرص على تهيئة الجو العام، مثل اختيار الإضاءة الصحيحة، واستخدام روائح عطرية ومهدئة، وننصح بزيت اللافندر العطري، ويمكنك التنويع في أساليب الكتابة.
متى نلجأ للعلاج النفسي بالكتابة..
عند الشعور أنك:
غير متزن.
تشعر باضطرابات نفسية.
تغضب من أبسط المواقف.
تنتابك مشاعر الحزن طوال الوقت.
مكتئب ولا تشعر بالفرح من أي موقف.
قلة الثقة بالنفس.
فائدة العلاج النفسي بالكتابة..
تساعد الفرد على التواصل مع نفسه، وتحرر المشاعر السلبية، وتساعد الإنسان علي مواجهة المشاعر المؤذية أو المواقف السيئة التي يتجنب الحديث عنها أو تذكرها، وبمجرد إطلاقها وتحريرها عن طريق القلم للورقة، ستشعر براحة كبيرة، وستجد أنك أقوى في مواجهة موقف مشابه لاحقاً. بل أنك لن تتأثر به. العلاج بالكتابة طريقة فعالة لمن يواجهون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم للأطباء النفسيين، كما أنها أقل تكلفة من العلاجات الأخرى ما يجعل الإقبال عليها كبيراً، فضلاً عن كونها لم تظهر أي أعراض جانبية أو تفاقم الأعراض النفسية.
الكتابة باليد اليسرى..
استخدام يدك اليسرى في الكتابة يقوي الروابط العصبية في دماغك، ويساعد علي نمو روابط جديدة. إنه يشبه تحسين التمارين البدنية لوظائف الجسم ونمو العضلات تطلق يدك اليسرى العنان للإبداع في الكتابة: استخدام يدك اليسرى يربك عقلك. الدماغ هو المسئول عن الحفاظ على أدائك وهو يفعل ذلك من خلال القدرة على التنبؤ.
الكتابة للأطفال..
تشجع الكتابة الإبداعية الأطفال على اكتشاف قدراتهم الإبداعية وتنمية خيالهم. تحسن قدرتهم على ابتكار بدائل. تزيد من مهارات التفكير الخاصة بهم، والتي تؤدي إلى النجاح في العديد من المجالات، بما في ذلك حل المشكلات والتحليل.
يواجه الأطفال صعوبة في فهم ما يشعرون به والتعبير عنه. من خلال الكتابة، يتمتع الأطفال بمكان آمن لاستكشافه، ويمكن أن يكون هذا أداة مفيدة للغاية للتعبير عن مشاعرهم وذواتهم.
تمنح الكتابة الأطفال فرصة أكبر لتعزيز ثقتهم بأنفسهم حيث تتضمن القطعة المكتوبة جيدًا الكثير من التفكير والتخطيط والتنظيم واستخدام اللغة لتوصيل نقطة ما. يا لها من تدريب رائع للأطفال في طرح أفكارهم ومحاولة إقناع شخص ما بوضوح بوجهة نظرهم.
الاضطرابات النفسية التي تعالجها الكتابة..
كشفت دراسة نشرت في مجلة bjpsych advances أن الكتابة عن الأحداث المؤلمة أو المجهدة أو العاطفية، حسنت الصحة النفسية والجسدية للأشخاص بعد أربعة أشهر من بدء العلاج، الذي كان عبارة عن الكتابة عن أكثر التجارب التي آلمتهم لمدة زمنية من 15 إلى 20 دقيقة يومياً لمدة أربعة أيام متتالية، وقد حدد الخبراء الاضطرابات النفسية، التي يمكن أن يكون إجراء العلاج النفسي بالكتابة الإبداعية مساعداً في علاجها، وهي:
- الخوف المفرط.
- الحساسية الزائدة.
- القلق.
- الإدمان.
- الاكتئاب.
- اضطراب الوسواس القهري.
- مشكلات التواصل.
- مشكلات العلاقات.
- اضطرابات الأكل.
- تقوية جهاز المناعة.
- نقص تقدير الذات.
- مشاعر الحزن واليأس.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- المشكلات النفسية المرتبطة بالأمراض المزمنة.
توصل جيمس بيكر عالم النفس الشهير، في عام 1986 إلى علاج نفسي جديد وملهم، حيث طلب من مجموعة من الطلاب الكتابة لمدة 15 دقيقة يومياً عن أكبر صدمة أو أصعب وقت مر عليهم، ليكتشف بعد 6 أشهر أنهم تمتعوا بصحة أفضل، ليبدأ علم النفس في دراسة العلاقة بين ما يعرف بـ«الكتابة التعبيرية أو العلاجية» وعمل الجهاز المناعي، لكشف تأثيرها على حالات صحية بدنية عديدة مثل انقطاع النفس أثناء النوم، والربو، والصداع النصفي، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وفيروس نقص المناعة البشرية، والسرطان.
يُقصد بالعلاج بالكتابة، المعروفة عالمياً بـWriting Therapy أو Journal Therapy، استخدام فعل الكتابة لتفريغ الذهن والتخلص من الشحنات السلبية والتعبير عما يضيق به الصدر، بغرض التحسن، ولا يحتاج المرء أن يكون كاتباً جيداً أو كاتباً بالأساس ليعتمد هذه الطريقة العلاجية، كل ما تحتاجه ورقة وقلماً ودافعاً للكتابة، وهو إحدى تقنيات العلاج السلوكي التي تعتمد على فلسفة التعرض.
تجارب مؤلمة..
عانت «بولتون» في بداية الثلاثينيات من التجارب المؤلمة، والكتابة وحدها أنقذت سلامتها العقلية، تقول:
“كنت أشعر بحزن مستمر لا أدري سببه، واقترح زوجي أن أكتب سيرتي الذاتية ربما وضعت يدي على ما يؤلمني، فعلت ذلك وكنت أتخيل أنني سأكتب قصة جميلة، لكن النتيجة كانت سرد فوضوي، لكنه أقرب ما يكون لما أعيشه، وبالوقت أعدت المحاولة لكن في صورة نظم شعري وكان رائعاً.
وتوضح “بولتون” السبب وراء عدم ذهابها إلى معالج نفسي بأنها وجدت الورقة والقلم أكثر ثقة من أي شخص. «فما أن تبوح بأمر لأي طبيب حتى لا يمكن التراجع عنه أبداً، لكن الورقة تبقى تحت تصرفك يمكنك تمزيقها أو إعادة قراءتها في أي وقت».
أصبحت “بولتون” زميل أبحاث في العلوم الإنسانية الطبية بجامعة شيفيلد، وتخصصت في العلاج عبر الكتابة في الأمور المتعلقة بمشكلات العمل والعلاقات الاجتماعية، وتوضح أن بعض المرضى يعترفون لها بأنهم لم يكونوا ليبوحوا بكثير من الأمور إلا بعد التجرؤ على كتابتها أولاً.
أما مؤسس مركز العلاج الطبيعي في كولورادو «كاثلين آدمز» فتحدد وصفاً رائعاً لهذا النمط العلاجي في كتابها Journal to the Self أو «الكتابة للنفس»، فتقول: «لأكثر من 30 عاماً احتفظت بهذا المعالج، استدعيته في الثالثة صباحاً في يوم زفافي، في عيد الميلاد البارد عندما قضيته بمفردي، على شاطئ بورا بورا، وفي غرفة استقبال طبيب الأسنان، أقول له كل ما أريد في أي مكان ووقت».
يستمع المعالج الخاص بي بصمت إلى ظلمتي الأكثر شراً، خيالي الأكثر غرابة، أعز أحلامي، وأستطيع أن أصرخ، أو أتذمر، أو أغضب، أو أثور، أو أهذي، أو أحتفل، أتصرف على راحتي أكون مضحكة، أو شنيعة، أو اتهامية، أو ساخرة، أو عاجزة، أو رائعة، أو عاطفية، أو عميقة، أو ملهمة، أو عاقلة، أو مبتذلة، في كل الحالات يقبلني هذا المعالج الخاص بي دون تعليق أو حكم أو انتقاد.
في الوقت نفسه تعترف الروائية «جيل داوسون» الفائزة بجائزتي Whitbread and Orange prize-shortlisted بأن الكتابات الذاتية التي بدأتها منذ أن كانت في التاسعة من العمر، لم تساعدها على التعافي نفسياً من أزماتها فقط بل جعلتها أفضل كـ«كاتبة احترافية».
وتعترف أن الأمر تطلب منها الكثير من التعديل عما كتبته في الصغر قبل قرارها بنشره، إلا أنها بقيت ممتنة للكتابة التي وضعتها على الطريق، وجعلتها تتفهم حقيقة ما تريد أن تصبح، مهما استغرق ذلك من وقت.
تأثير الكتابة التعبيرية على الصحة غير مفهوم حتى الآن، وهو غالباً أمر معقد، لكن البعض يفترض أن التنفيس أو الإفصاح عما يؤلمنا وهو المتبع عادةً في العلاج النفسي أساسه البوح وبالتالي فعندما نكتب عما يجول بصدرنا نحصل على نفس النتيجة الصحية، في المقابل يرى علماء آخرون أن الكتابة تسهل المعالجة المعرفية للذكريات المؤلمة، بمعنى تمثيلها بشكل أكثر تكاملاً أمام المريض فيتعامل معها بشكل أفضل، والتفسير الثالث، أن السرد المنتظم يساعد الفرد على رؤية الجوانب الإيجابية أو المعنى في تجاربهم المؤلمة والصادمة.
وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحاً في علاج قدامى المحاربين في فيتنام والسجناء المصابين بأمراض نفسية، الذين تحسنت حالتهم العقلية والنفسية بعد أن طُلب منهم كتابة رسائل للأشخاص الذين قتلوهم، وضحايا الاعتداءات الجنسية على التعافي من الصدمة الشخصية، بجانب قدرتها على تخفيف حدة أعراض بعض الأمراض مثل الربو والتهاب المفاصل الروماتويدي.