العقدة النفسية..  الأفكار العميقة التي يتم كبتها

العقدة النفسية..  الأفكار العميقة التي يتم كبتها

خاص: إعداد- سماح عادل

العقدة النفسية من الظواهر النفسية التي قد تؤثر على سلوكياتنا وعواطفنا وصحتنا العامة. تتكون العقدة النفسية من مجموعة من الأفكار والمشاعر المكبوتة غير الواعية، وتؤثر على الشخص بشكل سلبي، مما يسبب القلق، الشكوك، وحتى الاضطرابات الجسدية.

هي حالة نفسية نتيجة الأفكار العميقة التي يتم كبتها من قبل الشخص، وقد تكون مرتبطة بمواقف أو تجارب حياتية صادمة. هذه الأفكار تظل في صراع داخلي مع الأفكار الأخرى المقبولة من الشخص، مما يؤدي إلى اضطراب في سلوكه وعواطفه. لا يدرك الشخص سبب هذه الصراعات النفسية، ويكتشفها فقط عند تلقيه الدعم النفسي المتخصص.

قد تظهر العقدة النفسية في شكل قلق، توتر، أو حتى اضطرابات جسدية، وقد تظل موجودة في حياة الشخص لفترات طويلة إذا لم يتم التعرف عليها وعلاجها بشكل مناسب.

أسباب ظهور العقد النفسية:

الخوف والتخويف من شخصيات معينة:

تعتبر العقدة النفسية نتيجة لتجارب الطفولة المبكرة التي يتعرض فيها الطفل للتخويف من شخصيات معينة مثل الطبيب أو المدرس أو الشرطي، عندما يهدد الأهل الطفل بالخوف من شخص ما لكي يهدأ أو يتوقف عن البكاء، قد تتشكل لديه مشاعر سلبية تجاه هذه الشخصيات، مما يؤدي إلى عقد نفسية تستمر حتى مرحلة البلوغ.

الصدمة الانفعالية:

في بعض الحالات، يمكن أن تكون صدمة واحدة أو تجارب مؤلمة متكررة سببا في ظهور العقد النفسية. إذا تعرض الطفل لحادث مفاجئ مع كلب أو حيوان آخر، فقد تتطور لديه عقدة نفسية من الحيوانات، ويمكن أن يستمر هذا الخوف طوال حياته.

الحرمان العاطفي والقسوة في التربية:

تعد الطريقة التي يتم بها تربية الأطفال عاملا مهما في نشوء العقد النفسية. إذا نشأ الطفل في بيئة قاسية أو تم حرمانه من الحب والعطف، فقد يعاني من مشاعر سلبية مثل النقص، الذنب، والقلق، مما يساهم في تكون عقد نفسية يمكن أن تؤثر على صحته النفسية.

العقد النفسية لا تؤثر فقط على صحتنا النفسية، بل تؤثر أيضا على جوانب أخرى من حياتنا، مثل صحتنا الجسدية وعلاقاتنا الاجتماعية. الشخص الذي يعاني من عقد نفسية قد يعاني من اضطرابات جسدية مثل الصداع، مشاكل في النوم، أو اضطرابات في الجهاز الهضمي. قد يعاني من صعوبة في التفاعل مع الآخرين أو اتخاذ قرارات هامة في حياته، وهو ما يؤدي إلى تأثر جودة الحياة.

آثار الطفولة المؤلمة..

ربما لا نستطيع كأطفال التمييز بين مشاعرنا و”ذواتنا”، فنعتقد أننا نحن مشاعرنا، فإذا لم يتم التعامل مع مشاعرنا على أنها مقبولة في موقف ما، فقد نقرر أننا نحن كأشخاص غير مقبولين.

للشفاء من صدمات الطفولة، علينا إكمال العملية التي كان من المفترض أن تبدأ منذ عقود، أي عندما وقع الحدث الصادم. في البداية، قد تبدو الآثار التي خلفتها تجربة قاسية في الطفولة وكأنها لا يمكن علاجها، ولكن من خلال النهج الصحيح، يمكنك التغلب عليها وتعلم كيفية التعامل معها.

نصائح..

لتحديد التجربة المؤلمة التي حدثت في مرحلة ما من الطفولة حتى تتمكن من المباشرة في عملية الشفاء منها:

  1. التعرف على الحدث الصادم وتحديده..

يجب على البالغ أن يقرَ بأن التجربة القاسية، والتي حدثت في مرحلة الطفولة، هي صدمة، هذه هي الخطوة الأولى للتصالح مع الذات ومع كيفية تأثير هذا الحدث عليك، وتقبل أن الأمر سيكون على ما يرام. هذا الأمر يساعد الشخص على إعطاء معنى لصعوباته الحالية وفهمها.

  1. كن صبورا مع نفسك..

يمكن للنقد الذاتي و الشعور بالذنب أن يكونا شائعين للغاية عندما يتعلق الأمر بالبالغين الذين عاشوا طفولة صادمة. قد يسأل بعض الناس: لماذا أتصرف بهذه الطريقة؟ ما خطبي؟ كان بإمكاني التعامل مع هذا الأمر بطريقة أفضل. يمكن أن تقود أنماط التفكير السابقة إلى اليأس والإحباط.

المفتاح هنا هو التوقف والتفكير:

إنك لم تكن مسئولا عما حدث. لقد خلفت تلك التجربة القاسية في طفولتك ندبة فيك، وأنت تبذل قصارى جهدك للشفاء، ولكن كما في كل الجروح، من المهم أن تأخذ الوقت الكافي للشفاء بشكل صحيح. كن صبورا ومحبا لنفسك، وعاملها كما لو كنت أفضل صديق لها.

  1. اطلب المساعدة..

اعتمد على أحبائك للحصول على الدعم العاطفي والتفهم. في هذه الحالات، من الضروري أن تشعر بأنه يتم سماعك وفهمك. خاصة مع وجود الأحداث الأليمة في الطفولة، يمكن أن تشعر بالوحدة والعزلة في كثير من الأحيان. من الشائع أن يتملكك الإحساس بأنه لا أحد سيفهمك أو يتعاطف معك. لكن في الواقع، هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، فإذا أعطينا الناس الفرصة، يمكن لهم أن يشكلوا نظام دعم رائع لنا.

أهمية طلب المساعدة من الأطباء النفسيين المتدربين على علاج الصدمات النفسية. يمكن للطبيب المساعدة في شفاء هذه الجروح العميقة بهدف تحسين العلاقات مع المحيط، وتقديم الإرشاد لكيفية تحديد أنماط وآليات التكيف غير الصحية مع الحدث الأليم، بالإضافة لتحسين صحتك النفسية.

طرق العلاج النفسي..

  1. العلاج السلوكي المعرفي..

تحديد العلاقة بين سلوكياتنا وأفكارنا ومشاعرنا، والتركيز على المشاكل والأعراض الحالية التي يعاني منها الشخص.

أفكارنا ومشاعرنا مرتبطة بسلوكنا. لهذا السبب، يمكن أن تقودنا لتطوير أنماط سلوكية مضطربة في روتين حياتنا اليومي، وبمرور الوقت، تؤثر تلك السلوكيات على تطور علاقاتنا. إذ أن دماغنا يخلق أنماطًا من التفكير والتصرفات بهدف مساعدتنا على النجاة والتخفيف من آلامنا، ومع ذلك، فإن هذه الأنماط نادرا ما تشكل أفضل إستراتيجية على المدى البعيد. سيساعدك العلاج السلوكي المعرفي على تكوين نمط تفكير أكثر صحة وتوازنا.

  1. العلاج النفسي الديناميكي..

يختلف هذا العلاج عن النهج السلوكي المعرفي، ويركز على العقل الباطن أو اللاوعي، لكنه يهدف إلى تغيير السلوكيات أيضا، إذ يحاول فهم معنى الصدمة النفسية وإيجاد المكان الذي قد يكون عقل الشخص عالقا فيه. لتحقيق ذلك، يركز المعالج على تأثير تلك الأحداث الأليمة على الشخص وعلى علاقاته مع محيطه. من خلال هذه العلاج، يمكن للشخص فهم آليات التأقلم التي تلعب دورا أساسيا في حياته.

  1. المعالجة المعرفية..

المعالجة المعرفية هي نمط نوعي من العلاج السلوكي المعرفي. يمكن لها أن تزيد من فهم العلاقة التي تربط بين الأفكار والعواطف، كما أنها تساعد على التعرف على الأفكار التلقائية. سيساعدك هذا العلاج على تحديد أنماط التفكير غير المفيدة لك، وعلى تقييم وتعديل تلك الأفكار والمعتقدات التي ولدتها ظروف التجربة الأليمة. الفكرة الأساسية لهذا العلاج هي كالتالي: إذا كان بإمكانك تغيير ما تعتقده، يمكنك تغيير شعورك أيضا.

  1. العلاج بالتعرض..

ينظر بشكل أساسي إلى القصة الشخصية للمريض من خلال التركيز على الأحداث التي أدت لتلك الصدمة النفسية الأليمة. بمساعدة الأخصائي النفسي، سيقوم الشخص بإعادة بناء تلك الأحداث إضافة للأحداث الإيجابية. هذا يسمح بالتفكير العميق بالصورة العامة لحياة الشخص، الأمر الذي يمكن أن يساعد في تنمية الشعور بالهوية وتقليل الألم المصاحب لتلك الذكريات.

  1. العلاج بالتعرض المطول..

يعد نمطًا شائع الاستخدام، وهو من أنماط العلاج السلوكي المعرفي الفعالة والمثالية للغاية في علاج اضطراب ما بعد الصدمة. يمكن أن يشمل إما التعرض الواقعي أو التعرض التخيلي أو حتى مزيج من الاثنين معا.

التعرض التخيلي: يتضمن تعريض الشخص بشكل تدريجي لذكريات الأحداث الأليمة بهدف التقليل من تأثيرها السلبي عليه، مما يساعد في التخفيف من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

التعرض الواقعي: وهو تعريض الشخص بشكل تدريجي للمنبهات التي قد تذكره بالتجربة الأليمة. وهذا يساعد على تنشيط أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

في كلا النمطين من التمارين، يكون الهدف النهائي هو التقليل من الأعراض السلبية والتعامل مع الألم بطريقة صحية وغير مؤذية للنفس.الطفولة هي فترة حساسة للغاية في حياتنا. من المهم ألا نقلل من قوة ماضينا وتأثيره على حاضرنا. يبدأ فهمنا لحقيقتنا بالنظر إلى الأحداث التي جعلت منا الإنسان الذي نحن عليه اليوم. من خلال هذه العملية، سنجد الكثير من المعلومات الهامة التي يجب العمل عليها. في النهاية، التجارب القاسية هي كالجرح الذي لم يلتئم بشكل صحيح. يستغرق هذا الأمر وقتا وعناية واهتماما. بغض النظر عن أحداث الحياة المؤلمة التي قد تكون مررت بها، عليك أن تعلم أنه من الممكن جدا أن يلتئم ذلك الجرح.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة