13 أبريل، 2024 3:03 ص
Search
Close this search box.

العصاب.. القلق والوساوس والأفكار المتسلطة والمخاوف الشاذة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

العُصَاب (Neurosis) هو نوع من أنواع الخوف الذي يؤدي إلى اضطراب في الشخصية والتوازن النفسي. وهو اضطراب عصبي وظيفي غير مصحوب بتغير بنيوي في الجهاز العصبي. ترافقه في كثير من الأحيان أعراض هستيريا، وحصر نفسي، وهواجس مختلفة.

ومريض العصاب لا يعاني من الهلوسة أو من فقدان الصلة مع الواقع. أما سلوك الأشخاص الذين يعانون من العصاب فهو سلوك عادي وطبيعي (سلوك مقبول ضمن المعايير الاجتماعية السائدة). والعصاب هو مرض كغيره من الأمراض إذ لدى كثير من الناس انطباع ( بأن الإرادة يمكنها التغلب على العصاب) وهذا خطأ بصورة مطلقة.

وثمة اعتقاد (بأن المصاب بالعصاب شخص يفتقر للطاقة لأنه غير قادر أن يشفي نفسه بنفسه) وهذا خطأ لأن العقل أو الإرادة لا تستطيع شفاء شيء ما لا شعوري لا يبلغه هذا العقل أو هذه الإرادة.

فالعصاب اضطراب من تضافر عدة عوامل على رأسها صراعات لا شعورية تبدو في صورة أعراض جسمية ونفسية ومنها القلق والوساوس والأفكار المتسلطة والمخاوف الشاذة، واضطرابات جسمية وحركية وحسية متعددة تعوق الفرد عن ممارسة حياته السوية في المجتمع الذي يعيش فيه وقد يدفع الفرد إلى القتل أو الانتحار.

تاريخيا..

أما الدراسة الطبية للاضطرابات العصابية بدأت في منتصف القرن التاسع عشر للميلاد. ويعتبر “جان مارتن شاركو وسيغموند فرويد” من أبرز الرواد في هذا المضمار.

ابتكر الطبيب الإسكتلندي ويليام كولين مصطلح العصاب في عام 1769، وتبعه سيجموند فرويد الذي استخدم العصاب لوصف جميع الاضطرابات العصبية التي ليست ذهانًا. فمنذ القرن الثامن عشر، ارتبط العصاب بوصف ردود الأفعال العقلية أو العاطفية أو الجسدية التي تكون شديدة وغير منطقية. وفي عام 1980، أزالت جمعية الطب النفسي الأمريكية مرض العصاب من دليلها التشخيصي. فلا يعد العصاب اليوم مرضًا نفسيًا قائمًا بذاته، وغالبًا ما يضع الأطباء أعراضه اليوم في فئة اضطرابات القلق، أو بمعنى آخر ما كان يسمى بالعصاب أصبح يقع تحت مظلة القلق.

الأعراض..

يعاني الشخص الذي يعاني من عصاب غالباً من اكتئاب، خوف، غياب الشعور بالعواطف والأحاسيس، غياب الاتزان النفسي والعاطفي، القلق والوساوس والشكوك التي لا أساس لها؛ أو قد يظهر المرض النفسي في شكل حدوث شلل أو تيبس أو ارتعاش لعضو في الجسم بدون أن يكون لها سبب فسيولوجي أو قد تظهر أعراض داخلية كالشعور بألم في أحد أجزاء الجسم كالمعدة دون سبب فسيولوجي وتتنوع الأعراض الجسمية بشكل كبير حسب استجابات كل شخص.

يدرك المصاب أنه يعاني من وعكة نفسية ويحاول علاجها ومواجهتها. إضافة إلى أنه لا يفقد القدرة على الاتصال بالواقع خلافا للذهان. يعاني مريض العصاب من مشاكل في التكيف مع البيئة، إضافة إلى عدم قدرته على تغيير نمط بعض التصرفات القهرية، عدم القدرة في تطوير شخصية مركبة وعميقة (شخصية قوية ومتكيفة)، أو عدم القدرة على تطوير شخصية مرضية.

كل هذه المشاكل تؤدي في نهاية الأمر إلى شعوره بالمعاناة والضغط النفسي والخوف وبالتالي الاكتئاب. يعتقد أن غالبية البشر واجهوا العصاب بدرجات طفيفة خلال حياتهم؛ إلا أنها عند بعض الأشخاص تتطور وتشدد لتصبح مشكلة تعيق الإنسان وتجعله غير قادر على تنفيذ مهامه ووظائفه.

وفقاً للدكتور George Boeree يمكن أن تتضمّن آثار العصاب: القلق، الحزن، الاكتئاب، الغضب، التشوش الذهني، انخفاض التقييم الذاتي الخ. أعراض سلوكية مثل تجنب رهابي، يقظة، أعمال متهوّرة، خمول وغيرها. مشاكل معرفية مثل أفكار مزعجة، تكرار الأفكار والهوس، تخيلات معتادة، سلبية وسخرية الخ..يؤدي العصاب إلى التبعية، العدوانية، الكمالية، العزلة الاجتماعية والسلوك الغير مناسب بين الأفراد الخ..

الأسباب..

1- جيناتي وراثي

2- تجارب مؤلمة وضغط مزمن

3- عدم توازن في المركبات الكيميائية والهرمونية في المخ وهي من أشهر أنواع الخوف.

4- التنشئة الاجتماعية فاختلاف الوالدين في أنماط رعاية الطفل ونقص ثقتهم في دورهم كآباء والجو الأسري غير المستقر ومشاعر القسوة والنبذ والكره والتدليل الزائد تعتبر محددات أساسية في تكوين ردود الأفعال العصابية.

5- العوامل المرسبة وهي الأسباب والعوامل التي تسبق ظهور المرض النفسي مباشرة وتساعد في ظهوره وتعد الصدمات أو الأزمات التي يواجهها الفرد هي الأسباب المرسبة لحدوث المرض النفسي .

العلاج..

عن طريق أخصائي نفسي الذي يدير محادثات لمعرفة الأسباب الحقيقة للمعاناة ويحاول الاستخراج من المريض أسباب الخوف والضغط ومعا يحاولون تبديدها وفهمها بشكل مختلف وإخراجها من ال لاوعي ويعملان أيضا على تقوية الشخصية وتطوير القدرة على التعبير العاطفي والإحساس. معرفة أسباب الخوف مهم جدا لنجاح العلاج لذلك يتطلب من المتعالج أن يتشارك ويتفاعل مع الأخصائي بشكل كامل ويعلمه بأي شيء يخيفه ويضغطه.

معالجة بواسطة أدوية مضادة للاكتئاب والخوف على سبيل المثال SSRI وفي بعض الأحيان أدوية مضادة للشك والوسواس (عامل مضاد لدوبامين). تعتبر أيضا التمارين الرياضية والاسترخائية مفيدة.

تغيير الاسم..

عندما يشعر الرجل بالخوف ولا يعرف السبب، وعندما تشعر المرأة دائما بأن قلبها على وشك التوقف عن النبض علما بأنه سليم، فإن هذه قد تكون أعراض ما جرت العادة بوصفه أنه داء (العصاب)، وهو اضطراب عصبي وظيفي. رغم ذلك، لم يعد الأطباء النفسيون يستخدمون هذا المصطلح في أساليب التشخيص، بل يستخدمون بدلا منه مصطلح (اضطراب القلق العام) أو (اضطراب الهلع) أو (اضطراب الوسواس القهري)، أو ما شابه ذلك. تقول زابينه هربرتس، عضو اللجنة التنفيذية بالجمعية الألمانية للطب النفسي والعلاج النفسي، إن (مفهوم العصاب ببساطة قد تطور تدريجيا، ولم يعد يستخدم هذا المصطلح في نظام التصنيف الحالي).

صراع نفسي..

ليس هناك تفسير عام لسبب تطور داء (العصاب)، فاضطرابات القلق قد تنجم عن صراع نفسي دفين في اللاوعي بسبب مشكلات في الطفولة أو المرور بتجربة تركت جراحا نفسية ولم يتمكن المريض من تجاوزها. كما أن المرور بصراع، في إطار علاقة شخصية على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالقلق. يقول بيتر فالكاي، رئيس قسم الطب النفسي والعلاج النفسي في جامعة جوتنجن في ألمانيا:(تستمر الصراعات النفسية التي تنشب في مرحلة الطفولة أو المراهقة ولم يتم علاجها في التطور)؛ على سبيل المثال، ذكر فالكاي مشكلات تسبب فيها أب قاس أو أم هستيرية.

فالشخص الذي يواجه مشكلات مماثلة بعد البلوغ، مثل تلك التي واجهها أثناء طفولته، يستجيب لهذه المشكلات مثلما فعل في الصغر، ليصاب بالاكتئاب أو القلق. ونظرا لأن الصراعات النفسية التي لم يتم علاجها تظل في اللاوعي، فإن العلاج النفسي التقليدي يجعل المريض يمر بلحظات مليئة بالمشكلات في حياته، ومن ثم يصبح مدركا لتلك الصراعات، كي يتسنى التغلب عليها في النهاية. وتتوقف فرص الشفاء على طبيعة الاضطراب ومدته. فتقول هيربرتس: (الفرص تكون جيدة للغاية بصورة عامة، لا سيما فيما يتعلق باضطرابات القلق). ورغم ذلك، أضافت هربرتس أن التشخيص يزداد سوءا كلما طالت مدة الاضطراب قبل العلاج.

صفات الشخص العصابي..

العصاب هو أحد السمات الشخصية، ويتصف الجميع بها ولكن بدرجات متفاوتة. يرى الشخص العصابي المواقف اليومية أسوأ بكثير مما هي عليه، ثم يلوم نفسه بسبب تشاؤمه وسلبيته. يشعر دائما مريض العصاب بأنه:

منزعج. غاضب. حزين. مذنب. قلق. عدواني. خجول. ضعيف.

مريض العصاب هو شخص مهووس بمشاعره السلبية وإخفاقاته سواء كانت حقيقية أو من وحي خياله. يعتقد الباحثون أن الجينات تلعب دورًا في الإصابة بمرض العصاب؛ مما مهّد الطريق لعلاجات جديدة للقلق والاكتئاب.

يشكو من بعض الأعراض الجسدية على الرغم من عدم وجودها.

يركز بشدة على التفاصيل الصغيرة.

تستحوذ عليه الأفكار ويتأمل بشكل مفرط.

يصبو إلى الكمال.

يعتمد على الآخرين.

لا يمكنه إدارة احتياجاته الأساسية بفعالية.

يُظهر سلوك (ملكة الدراما).

يحسد الآخرين.

يواجه صعوبة في العلاقات الاجتماعية.

يكون مهووسًا فيما يتعلق بصحة الأطفال وأمانهم.

اضطراب الوسواس القهري..

هو مجموعة من الأفكار غير المنطقية والمخاوف التي تدفع مريض الوسواس القهري إلى القيام بطقوس متكررة بشكل مرضي مثل تكرار غسل الأيدي أو قفل الأبواب. تتداخل هذه الأفكار والسلوكيات المتكررة مع الأنشطة اليومية، ويسبب تجاهلها الشعور بالقلق والضيق.

رهاب اجتماعي..

يطلق عليه أيضًا اضطراب القلق الاجتماعي، ينزعج مريض الرهاب الاجتماعي من التعامل مع الآخرين، كما يشعر بالخوف الشديد والقلق البالغ والشعور بالخجل؛ وذلك بسبب تخوفه من تركيز الآخرين على تصرفاته ومراقبته والحكم عليه.

اضطراب ما بعد الصدمة..

هو اضطراب نفسي يحدث بعد التعرض لحادث مروع أو صادم أو موت شخص مقرب، ويسبب الشعور بالضعف والخوف والقلق والصدمة. يعاني المصاب باضطراب ما بعد الصدمة من الكوابيس وصعوبة النوم والقلق المستمر، كما تراوده الذكريات المؤلمة حول الحدث الجلل الذي مرّ به بشكل مزعج، وتسبب له الضيق والقلق، وتؤثر على قيامه بمهامه اليومية وتواصله مع الآخرين.

اضطراب الهلع..

يطلق عليه أيضًا نوبات الهلع، ويظهر على شكل نوبات متكررة من القلق الشديد، وتشمل أعراضه خفقان القلب وألم في الصدر والشعور بالاختناق والدوار. يتجنب مرضى اضطراب الهلع الأماكن المزدحمة والمواقف التي تثير لديهم نوبات الهلع.

اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع..

يُعرف أيضًا بالاعتلال الاجتماعي، وهو اضطراب نفسي يؤثر في طريقة تفكير المريض وإدراكه ومشاعره، ويتميز بالسلوك الاندفاعي غير المسئول، ويميل المصاب بهذا الاضطراب إلى التعدي على الآخرين وانتهاك حقوقهم، ويتجاهل رغبات المحيطين به ومشاعرهم، ولا يولّي قيمة للصواب أو الخطأ.

علاج ذاتي..

يساعدك التحكم في القلق والتوتر في الحد من السلوك العصابي، قد ينجح العلاج الذاتي في حالات القلق الخفيف، ويوصي الأطباء بالآتي:

واظب على ممارسة الرياضة:

مارس الرياضة لمدة 30 دقيقة يوميًا للحصول على أفضل نتيجة، ولكن يكفيك المشي لمدة ربع ساعة يوميًا لتشعر بالتحسن.

تحدث إلى شخص ما:

أخبر أصدقاءك أو العائلة عما يجول في صدرك، وما يثير قلقك وخوفك، وأخبرهم كيف يمكنهم مساعدتك.

احصل على قسط كاف من النوم:

يساعدك الحصول على 8 ساعات من النوم الهانئ على الشعور بالتحسن. يتفاقم الشعور بالقلق والتوتر بسبب قلة النوم.

أقلع عن الكحول وقلل من استهلاك الكافيين:

يزيد استهلاك الكحول والكافيين الأمر سوء، لذا اشرب الماء بدلًا من ذلك.

تناول الطعام الصحي:

يعزز تناول وجبات متوازنة من طاقة جسدك، وتأكد أيضًا من تناول الوجبات الثلاث.

أعد صياغة أفكارك:

حاول استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، واسأل نفسك: هل ما يثير قلقي هو أمر سيء فعلًا كما أعتقد؟ الأمر ليس سهلا، ولكنه يستحق المحاولة.

اكتب ما يثير قلقك:

راقب ما يقلقك واكتبه وتعرف على النمط الذي يظهر عليه، وتعرف على أفضل طريقة للتعامل معه في المستقبل.

تحدث مع طبيبك إذا لم تساعدك هذه الإرشادات، أو إذا شعرت أن القلق يعيقك عن ممارسة مهامك اليومية.

الفروق بين الذهان والعصاب..

يعرف الذهان Psychosis بأنه عرض لأمراض نفسية وليس مرضا بحد ذاته، فهو يدل على فقدان الاتصال بالواقع، و يمتلك الذهان سمات عدة، منها الهلوسة والأوهام.

أما العصاب Neurosis، فهو يتسم بالقلق والاكتئاب وغيرهما من مشاعر التعاسة والحزن غير المتوافقة مع ظروف حياة الشخص الحالية.

– يرتبط العصاب بأمراض بسيطة مقارنة بأمراض الذهان؛ فمن ضمن ما يسببه العصاب من حالات، فهناك اضطرابات نفسية وجسدية، غير أن المصاب يبقى على اتصال بالواقع، و هذا بعكس مصابي الذهان الذين يفقدون الاتصال بالواقع.

وتالياً بعض الفروقات الأخرى بين الذهان والعصاب:

  1. يسبب الذهان تغيرا في الشخصية كاملة، أما العصاب، فيؤدي إلى تغير في جزء منها. فالعصاب يعد رد فعل جزئي، بينما يعد الذهان رد فعل كامل.
  2. لدى مصابي الذهان، يختفي التواصل مع الواقع أو يتغير تماما. أما التواصل مع الواقع لدى مصابي العصاب، فيبقى سليما، غير أنه قد يحدث له تغير كمي؛ فواقعيتهم وفطنتهم لا تختلف عن غيرهم من أفراد المجتمع.
  3. التغيرات في الواقع لدى مصابي الذهان تحدث جزئيا من خلال الإسقاط. فعلى سبيل المثال، يعتقد المصابون بأن هناك من يتابعهم باستمرار. ويذكر أن الإسقاط من هذا النوع غالبا ما ينجم عن الشعور بالذنب ويكون غير موضوعي، وهو لا يحدث لدى مرضى العصاب.
  4. لا تتأثر اللغة لدى مصابي العصاب، بينما لدى مصابي الذهان غالبا ما تخضع للتشويه الإجمالي.
  5. تنجم بعض حالات الذهان عن أسباب عضوية في المقام الأول، و حتى إن كان الذهان وظيفيا، فإن العوامل العضوية تدخل في مسبباته، غير أنه، من ناحية أخرى، يكون السبب الغالب لدى مصابي العصاب اجتماعيا. ولذلك، فيعرف مصاب العصاب بأنه شخص مصاب بانحراف سلوكي عن المعايير المقبولة في ثقافته بسبب القلق الذي يجعله يشعر بالوحدة ونقصان الشأن.
  6. فيما يتعلق بالسلوك العام، فإن عمليات التعبير والفكر تكون متماسكة ومنطقية لدى مصابي العصاب. كما وأن الأوهام والهلوسة تكون قليلة أو معدومة لديهم. وعلى العكس من ذلك، فمصابو الذهان يكون تفكيرهم غير متماسك وغير منظم وغير منطقي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب