25 سبتمبر، 2024 4:31 م
Search
Close this search box.

الطباعة.. بدأت بأختام الحجر والطين

الطباعة.. بدأت بأختام الحجر والطين

خاص: إعداد- سماح عادل

كيف بدأت طباعة الكتب ومن الذي بدأها، وكيف كانت البداية؟.

ظهرت الطباعة بطبع الكلمات والصور والتصميمات فوق الورق أو النسيج أو المعادن أو أي مواد أخرى ملائمة للطبع فوقها، وتتم بنسخ صور بطريقة ميكانيكية من خلال الطبع من سطح بارز، فكان يتم قديما الختم بالحجر وهذا يعدّ أقدم طرق الطباعة التي عرفت لدى البابليين والسومريين والإيبلاويين والأوغارتيين والأكاديين والحضارات في سوريا القديمة وبلاد ما بين النهرين، وكان يستعمل للاستغناء عن التوقيع على المستندات والوثائق والمعاهدات أو كرمز ديني، وكانت الوسيلة الأولى أختام يبصم بها فوق الطين أو حجر يخدش أو ينقش سطحه كذلك كان حجرة دائرية تغمس في الصبغة السائلة أو الطين ليطبع بها فوق سطح ناعم ومستو، لطبع ما كتب عليها كصورة متطابقة عكسيا ومقابلة كما في حضارات الجزيرة السورية.

وتم استعمال الأختام الطينية المنقوشة بتصميم بسيط، منذ سنة 5000 ق م، وكانت تطبع على الأبواب المخصصة لحيازة وحفظ السلع، واختلفت أشكالها كتلك التي وجدت مغطاة بنقوش الحيوانات أو بأشكال أو أسماء ملكية.

وبين سنتي 2000 و1800 ق م ازدهرت التجارة بين بلاد الرافدين والهند عبر الخليج، وكان من بين أهم التجارات أختام العلامات الدائرية التي عرفت بالأختام الفارسية الممهرة بالحيوانات، وكانت مصنوعة من الحجر الناعم، وكان لها نتوء مثقوب لتعليقها.

أختام كرمة يرجع تاريخها للأسر المصرية 12-15. ومن بينها أختام محلية الصنع مصنوعة من العاج، أوالعظم أو الصلصال مسطحة أو جعرانية الشكل أو محفورة بأنماط زخارف هندسية شبكية قائمة على المثلثات المحفورة.ووجدت أختام المكاتب الإدارية في القصر وبالقرب من بوابات المدينة. وأختام مصرية الصنع، متماثلة مع تلك التي تمَّ الكشف عنها في المواقع النوبية، والتي ترجع للنصف الثاني من المملكة الوسطى تصاميم زهرية أو لوالبية أو ألقاب أو أسماء لبعض صغار الموظفين أو من ذوى المناصب العليا في الحكومة مثل نائب الحاكم أو المبعوث الملكى. كما وجدت أختام مغطاة بنقوش حيوانات أو بأشكال أو أسماء ملكية يرجع تاريخها للأسرة المصرية الخامسة عشر، وهناك اختام من دلمون في شرق الجزيرة العربية ترجع للقرن 18 قبل الميلاد.

اختراع الطباعة..

الصينيون هم من اخترع الطباعة حيث استطاعوا اكتشاف الطباعة بحلول نهاية القرن الثاني الميلادي، كانوا يمتلكون العناصر الثلاثة اللازمة للطباعة، وهي: الورق وكيفية صناعتها، والحبر، وأسطح لحمل النصوص المنحوتة، والدليل وجود بعض الكتب الكلاسيكية المنحوتة على أقراصٍ رخامية، وهي تخص الفكر البوذي، وكانت الطريقة المتبعة في الطباعة هي طباعة الكتلة، حيث كانوا يغطون قطعة الخشب بالحبر، ثمّ يضغطون بها على الورق، وأول كتابٍ طُبِع بهذه الطريقة هو الماسة سوترا The Diamond Sutra، وذلك عام 868 في عهد أسرة تانغ.

حدث في القرن الحادي عشر تقدم كبير في الطباعة الخشبية، وذلك عندما قام فلاح صيني يُدعى بي شنغ Pi Sheng بتطوير أول طابعةٍ متحركةٍ في العالم، وعلى الرغم من عدم تواجد معلوماتٍ كثيرةٍ عنه، إلّا أنّ أسلوبه البارز في الطباعة، والذي تضمن إنتاج مئات الحروف المنفصلة تمّ توثيقه بشكلٍ جيد من قبل معاصريه، وخاصةً العالم شن كو Shen Kuo، الذي وضح أن الحروف التي اخترعها شنغ كانت من الطين المخبوز، وكان الحبر عبارة عن مزيجٍ من الشمع، ورماد الورق، وصمغ الصنوبر.

غوتينبرغ..

كان هدف غوتنبيرغ هو أن يسرع عملية الطباعة، ولتحقيق هذا الهدف قام بكسر القطع الخشبية إلى مكوّناتها الفردية من حروفٍ كبيرة، وحروفٍ صغيرة، وعلامات الترقيم وغيرها، وصنعها من المعادن، واستخدم زيت بذر الكتان والرماد كحبر، والذي ميّزه عن أسلافه المخترعين هو أنّه استطاع نقل الحبر من الرموز المتحركة إلى الورق، وبالتالي أصبحت الكتب تنتج بكميات كبيرة.

كانت الطباعة باستخدام اختراع غوتينبرغ بطيئةً، حيث كان الكتاب يجمعون الحروف باليد، ويمكن للمهندسين المهرة تجميع ألفي حرف في الساعة الواحدة، ولكن اليوم يستطيع الكمبيوتر ترتيب العدد نفسه من الأحرف في حوالي ثانيتين، وما يتمّ طباعته حول العالم في الثانية الواحدة يزيد عن ما تمّت طباعته خلال القرنين الخامس والسادس عشر.

“غوتنبرج” هو مخترع ألماني اشتهر باختراعه حروف الطباعة وتطويرها وبصفة عامة يعتبر يوهان مطور علم الطباعة. ولد في مدينة مينسي بألمانيا عام 1398م . وهو الذي ابتدع الحروف المصقولة والمنفصل بعضها عن بعض، والتي يمكن ربطها وشدها فتتكون منها جميعاً كتلة واحدة توضع فوقها الصفحات. ولم يكسب من وراء اختراعه هذا شيئاً. بل إنه عندما طبع الكتاب المقدس نسى أن يكتب اسمه على صفحاته. و قد استغرقته المشاكل ثم استغرقه العمل. ومضى فيه دون أن يدري أنه حقق للإنسانية إنجازاً رائعاً .

لدي العرب..

هناك خلاف تاريخي حول من استعمل الطباعة لأول مرة بشكل واسع هل هم العرب أم الصينيين، وترجع بعض الوثائق المطبوعة المكتشفة في “جنيزة القاهرة” إلى القرن الثامن الميلادي نفس القرن الذي ظهرت به الطباعة في الصين، واستمرت الطباعة في الدولة الفاطمية خصوصا لطباعة الأحراز والأذكار، ثم منعت السلطات العثمانية الطباعة بالحروف العربية لاعتبارها حروفا مقدسة، ولكنها في بدايات القرن السابع عشر سمحت بها مرة أخرى.

هذا ويذكر المؤرخون بأن أول مطبعة عربية أنشأت في التاريخ الحديث قد أنشأت على يد الموارنة في لبنان سنة 1610 ميلادية وهي مطبعة دير قزحيا جموب مدينة طرابلس وكانت تستعمل الحروف السريانية والعربية بينما استعملت مطبعة دير مار يوحنا الصايغ التي أنشأت في الشوير في لبنان عام 1733 ميلادية الروف العلابية وكان مؤسسها هو عبد الله زاخر أصله من حماة بسوريا.

وفي  العراق دخلت الطباعة متأخرة بسبب ظروف الحكم العثماني القاسية فيه آنذاك حيث أنشأت أول مطبعة حجرية في الكاظمية عام 1821 م ولكن الطباعة ظهرت بشكل حقيقي عام 1856 م عندما أسس الرهبان الدومينيكان مطبعة لهم في الموصل وأنشأوا فيها قسما خاصا بالتجليد والتذهيب وفي عام 1869 أنشأالوالي العثماني مدحت باشا مطبعة الولاية لطبع جريدة البلاد الرسمية باللغتين العربية والتركية وهي مطبعة تجارية إلا أنها أهملت فيما بعد لفترة من الزمن ولم تطبع سوى الصحيفة الحكومية.

وكان الإغريق والرومان والمصريين وحضارات ما بين النهريين يمارسون النساخة للكتب والوثاق بخط اليد بالريشة أو القلم بعد غمسهما في الحبر السائل ليكتب بها فوق ورق البردي. وظل هذا الأسلوب في النسخ اليدوي متداولا حتي أيام العرب حيث كانوا يكتبون كلماتهم فوق الرق والجلد والعظام.. وعرفت الكتب بالمخطوطات Manuscripts. وفي روما كانت عملية النسخ لعدة طبعات بواسطة العبيد المتعلمين literate slave.

ظهرت أولى طابعة في مصر أثناء الحملة الفرنسية وهي طابعة أحضرها نابليون عام 1798 ميلادي والتي عرفت بطابعة البروبوجاندا أي الدعاية لأن نابليون أراد من خلالها استمالة المصريين إليه عن طريق الدعاية وكانت هذه الطابعة تطبع منشورات ومراسيم الحملة وقد عرفت هذه الطابعة بأسماء مختلفة مثل الطابعة الشرقية أو الطابعة الشرقية الفرنسية، ولما استقرت أصبحت تعرف باسم الطابعة الأهلية وقد خرجت هذه المطبعة من مصر مع خروج الحملة الفرنسية منها عام 1801و بقيت مصر خالية من المطابع حوالي عشرين عاما.

حتى أنشأ محمد علي باشا عام 1821 مطبعة بولاق التي نشر فيها جريدة الحكومة الرسمية الوقائع المصرية كما نشر فيها المنشورات والمراسيم الحكومية والكتب المدرسية والعسكرية إلى جانب الكتب العربية القديمة أو الكتب التي أمر بترجمتها إلى اللغة العربية وقد بلغ عدد الكتب التي طبعتها هذه المطبعة فيما بين عامي 1822- 1830 م نحو خمسين كتابا ارتفع في نهاية عام 1850 إلى ثلاثمئة كتاب في مختلف الموضوعات الأدبية والتاريخية والفنية وفي مصر أنشأت المطبعة الأهلية القبطية عام 1860 م وبعد ذلك بستة أعوام أنشأ عبد الله أبو السعود مطبعة وادي النيل.

وظهرت أولى المطابع في اليمن عام 1877 ميلادي عندماوردها السلطان عبد الحميد الثاني في مارس 1877م. وأمر باصدار صحيفة صنعاء كصحيفة رسمية لولاية اليمن وصدرت صحيفة اسبوعية سنة 1297 هـ الموافق 1878 تصدر كل ثلاثاء وكانت أول صحيفة رسمية في شبه الجزيرة العربية بهدف خدمة المصالح الحكومية، ظهرت في بادئ الأمر في 4 صفحات ثم في 8 صفحات، كما اهتمت بالأخبار العالمية وسياسة الإمبراطورية وأهم الاكتشافات العلمية.

 

في أوروبا..

وفي أوروبا صنعت الحروف البارزة والمتحركة منتصف القرن الـ 15 م، وظهرت آلة الطباعة على يد الألماني يوهانس غوتنبرغ سنة 1436 م، لتحدث ثورة في عالم الاتصال عن طريق توفير المال والجهد، وتتطور الطباعة الحديثة التي تطبع بها الصحف والكتب مما يسمح بانتشار المعرفة بشتى اللغات. شهدت الطباعة مجموعة من التحولات نوجزها كما يلي:

قام أيرل أوف ستانهوب حوالي سنة 1800 م بصنع أول مطبعة كل أجزائها من الحديد.

قام فريدريتش كوينج باختراع مطبعة ذات أسطوانة تدار بالبخار عام 1811 م بألمانيا، وكانت الأسطوانة الدوارة تقوم بضغط الورق على الحروف المصفوفة على سطح الآلة المستوي.

استعملت صحيفة التايمز اللندنية مطبعة ذات أسطوانتين دوارتين تعمل بالبخار لأول مرة عام 1814م وتنتج 1100 نسخة في الساعة.

في عام 1846 م اخترع الأمريكي ريتشارد هو المطبعة الدوارة، فكانت حروف الطباعة تثبت في أسطوانة دوارة بينما تقوم أسطوانة أخرى بإتمام الطبع، واستطاعت النماذج الأولى من المطابع إنتاج 8000 صفحة في الساعة، ثم أنتجت نماذج لاحقة منها 20000 نسخة في الساعة.

وتمكن الأمريكي “وليم بولوك” عام 1865 م من الطباعة على أطوال ورقية متصلة مخترعا بذلك المطبعة الدوارة فائقة السرعة، التي تعمل بنظام الإمداد الورقي المتصل.

تمكن أوتمار مارجنتيلر من تسجيل براءة اختراع مطبعة اللينوتيب بسبك سطر كامل من الحروف المصفوفة في قطعة واحدة من المعدن.

تمكن الأمريكي تولبرت لانستون عام 1887 م من اختراع مطبعة المونوتيب التي تسبك وتصف الحروف في قطع منفصلة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة