14 مارس، 2024 1:00 ص
Search
Close this search box.

الشعور بالإحباط والقمع ليست الأسباب الوحيدة .. سر انتحار الكُتاب والأدباء الإيرانيين !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – د. محمد بناية : 

لطالما كانت الأعمال الأدبية تموج بالموت؛ بل وانتحار شخصيات العمل.. من منا نحن القراء؛ لم نشهد بين صفحات رواياتنا خروج البطل قهريًا بدءً من مسرحيات “شكسبير” وروايات “دوستويفسكي” و”غوته”، وحتى (شاتوبريان) و(مدام بوفاري) و(آنا كارنينا) وغيرهم.

لكن هل يمكن فقط العثور على مثل هذه الوفيات في الأعمال القصصية فقط ؟.. أم كانت هذه الوفيات، التي تأخذ شكل الانتحار، من وحي الكتاب بالأساس ؟

الحقيقة أن الأمر ليس كذلك للأسف، إذ اكتشف الكتاب علاقة قوية بين سوابق الكتابة والانتحار.. لكن لماذا أهل الفن الأكثر عرضة للانتحار ؟.. قد تكون أسباب الانتحار مختلفة أو على الأقل غير معروفة بالنسبة لنا.

ربما لا يمكن تحديد ما إذا كان انتحار الكاتب الياباني، “يوكيو ميشيما”؛ أو الكاتب النمساوي، “شتيفان تشافيغ”، سببه الاحتجاج السياسي أو ملاحظات شخصية. لكن ما يهمنا هو وجود ظاهرة الانتحار في “الأدب الإيراني” المعاصر، (لاسيما شخوص الكتاب)، والتكهنات في الخصوصيات الإيرانية لتلكم الظاهرة؛ أو بعبارة أخرى اختلاف دوافع الانتحار في “الأدب الإيراني”، مقارنة بنماذج غير إيرانية. بحسب “رضا نجفي”، في دورية (خط صلح) التي تصدرها مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان في “إيران”.

انتحار الكُتاب الإيرانيين المعاصرين..

وفق ما قيل؛ فـ”الأدب الإيراني” لا يخرج عن نطاق الممارسات العالمية العادية.. بدءًا بقصص “صادق هدايت”، الأب الروحي للقصة الإيرانية الحديثة، وحتى أعمال شباب الكُتاب الإيرانيين؛ والكثير من الشخصيات التي أقدمت على الانتحار أمثال: “عباس نعلبندیان” و”إسلام کاظمیه” و”کاظم تینا” و”حسن هنرمندي” و”منصور خاکسار” و”غزاله علي زاده” و”مرتضی کلانتریان” و”کوروش أسدي”؛ وغيرهم ممن أظهروا ميلًا للانتحار.

وهذه الظاهرة لا تنحصر بالطبع، في عالم الكتابة.. لكن دوافع الكُتاب الإيرانيين تختلف عن رفاقهم، لاسيما في الغرب.

يقول المرحوم “هوشنگ گلشیري”، في كلمته الشهير: “موت الشباب في النثر الفارسي المعاصر”، والتي أُلقيت عام 1977م، في احتفالية “الليالي العشر”، بمعهد “غوته”: “مع الأخذ في الاعتبار للثورة الدستورية ومسألة الدستور الإيراني، فإننا ما نزال في نفس مرحلة ميرزا، (آقاخان كرماني)، والشيخ (أحمد روحي)، والسيد (جمال الدين آسد آبادي)، أي أننا نبحث عن نفس المُثل والقيم منذ ثمانين عامًا، بمعنى أننا نقف في نفس المكان منذ مئة عام”.

ومن هذا؛ نستخلص أن السبب في وفيات شباب الكتاب الإيرانيين، هو فشل أهداف الثورة الدستورية، (الحرية وسيادة القانون وغيرها)، وإنقطاع الاستمرار الثقافي، والقمع، ومشكلات الكتاب المالية والاقتصادية، والهجرات الإجبارية وغيرها.

والواقع أن كلمات “گلشیري”، من قبيل الكوميديا السوداء، لأننا ما نزال نعيش نفس المرحلة، وإذا كنا نريد تصحيح العبارة؛ يمكن القول: “نقف في نفس المكان، منذ مئة وخمسين عامًا”، وما تزال نفس مشكلة “گلشیري” قائمة حتى اليوم.

صحيح أنه تحدث عن هذه الظاهرة أثناء حياة الكثير من رفقاه؛ مثل: “صادق چوبک” و”إبراهیم گلستان” و”جمال زاده” وغيرهم، لكن كان من الواضح أنه يتحدث عن الموت المعنوي للكتاب، وهو ما يعتبره القاريء الفارسي عين الوفاة الجسدية.

ولعل تأثير هذه التصريحات برز، في خريف العام 1984م، بعد وفاة “بهرام صادقي”، إثر تعاطي جرعة كبيرة من أدويته المخدرة، أو “غلام حسين ساعدي”، الذي توفي بعد ذلك بعام واحد، في “باريس”، نتيجة الإسراف في تعاطي الكحوليات، ونحن نعتبر هذه الوفيات بلا شك نوعًا من الانتحار.

اختلاف دوافع الانتحار !

وهنا يتضح تدريجيًا اختلاف انتحار الكُتاب والمفكرين والمثقفين الإيرانيين عن غيرهم من الدول الأخرى. فإذا كان الكُتاب والفنانون يقتلون أنفسهم ببساطة، فإننا نواجه في “إيران” ظاهرة وفاة الشباب، وخسارة النفس، والتدمير الذاتي، والموت وغيرها.

فإذا كان الكاتب الغربي ينهي حياته لأسباب شخصية، فإن الكاتب الإيراني يعاني، بخلاف القمع، إنعدام قوانين حماية الحقوق المعنوية، والمشكلات المالية المضاعفة، والصعوبات السياسية، والفقر الثقافي المجتمع… إلخ، ولذلك تزداد فرص الانتحار.

وحاليًا قلما تجد كاتب إيراني يقدم على الانتحار الرومانتيكي لأسباب فلسفية، فإن عين الكاتب أو الفنان الإيراني لا تُبصر داخله فقط؛ وإنما تعتبر، شاء أم أبى، نوعًا من الاحتجاج الاجتماعي يمتزج بالواقع العالمي المؤلم الخارجي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب