19 ديسمبر، 2024 12:38 ص

الشخصية النرجسية.. تشعر بالفرح عندما تري الناس تتألم

الشخصية النرجسية.. تشعر بالفرح عندما تري الناس تتألم

خاص: إعداد- سماح عادل

اضطراباتُ الشخصية هي حالات صحة نفسية تنطوي على أنماط مستمرة ومزمنة من التفكير والإدراك والتفاعل والاستدلال التي تسبّب ضائقة ملحوظة لدى الشخص و/أو اضطرابًا في قدرته على الأداء. أما “اضطراب الشخصية النرجسية” هو حالة صحة نفسية تتميز بنمط مستمر من الشعور بالعَظَمة، والحاجة إلى الإعجاب، والافتقار إلى التعاطف. حيث يبالغ المصابون به في تقدير قدراتهم، ويبالغون في مُنْجَزاتهم، ويميلون إلى التقليل من شأن قدرات الآخرين.

يقوم الأطباء بتشخيص اضطراب الشخصية النرجسية اعتمادا على أعراض، مثل الشعور المبالغ فيه لدى الشخص لأهميته الذاتية ومواهبه، والحاجة إلى الإعجاب غير المشروط، والشعور بالاستحقاق.        قد يكون العلاجُ النفسي الذي يعتمد على الصراعات الكامنة مفيدًا.

هذا النوع من اضطرابات الشخصية يتسم بنظرة مبالغ فيها لقيمة الذات تسمى هوس العظمة  grandiosityومواجهة مشاكل في احترام الذات أيضا. ولتدعيم شعورهم بالتفوق وفرط احترام الذات، يقومون بما يلي:

التواصل مع أشخاص خاصين. ويصبحون جزءا من المؤسسات العليا. ويقللون من شأن الآخرين. ويرغبون في الثناء أيضا.

تكشف الدراسات أن هذا الاضطراب يحدث عند حوالي 2% من الأشخاص.وهو أكثر شُيُوعًا بين الرجال. ويترافق مع اضطرابات أخرى قد تشتمل على واحد أو أكثر ممّا يلي:

  • الاكتئاب.
  • فقدان الشهية العصبي.
  • اضطراب تعاطي المواد المخدرة.
  • اضطراب آخر في الشخصية (هستيري، أو حدي، أو معادي للمجتمع.

الأسباب..

قد تساعد الجينات والبيئة في الإصابة باضطرابات الشخصية النرجسية. تقول إحدى النظريات أن مقدمي الرعاية قد يكونون قد تفاعلوا مع الطفل بطريقة لم تساعده على تطوير شعور مستقر بالذات مثلا، قد ينتقد مقدمو الرعاية أو يكثروا من الإعجاب أو بذل الإغراء على الطفل كثيرا.

لدى المصابين بهذا الاضطراب مواهب خاصة، ويصبحون معتادين على ربط صورتهم الذاتية وشعورهم بالذات بإعجاب الآخرين وتقديرهم.

الأعراض..

هوس العظمة:

المبالغة لدي المصابون في تقدير قدراتهم، وتقدير منجزاتهم. والاعتقاد أنهم أفضل من غيرهم، وأنهم مميزون. مع تقليل من قيمة ومنجزات الآخرين.

تخيلات الخصوصيّة أو التفرد:

ينشغل المصابون بأوهام المنجزات العظيمة، أو الإعجاب بذكائهم أو جمالهم الكبير، أو امتلاكهم الهيبة والتأثير، أو تجربة حب كبير. ويشعرون بأنهم يجب أن يرتبطوا فقط مع الآخرين المميزين والموهوبين مثل أنفسهم، وليس مع الأشخاص العاديين. ويستخدمون هذا الارتباطَ مع أشخاص استثنائيين لدعم وتعزيز احترام الذات أو الاعتداد بها.

الحاجة للإعجاب:

الاحتياج إلى أن يعجب بهم بشكل مفرط، فإن تقديرهم لذاتهم يعتمد على أن يفهمهم الآخرون جيدا، فإن فرط احترامهم لذاتهم يكون هشا جدا عادة. وهم غالبًا ما يراقبون لمعرفة ما يفكر به الآخرون تجاههم وتقييم طريقة أدائهم.

الحساسية تجاه نقد الآخرين وتجاه الفشل، مما يجعلهم يشعرون بالإهانة والهزيمة. وقد يستجيبون بغضب أو ازدراء، أو يقومون بهجوم مضاد بشراسة؛ أو قد ينسحبون أو يقبلون الوضع ظاهريًا في محاولة لحماية شعورهم بأهميَّة الذات.وقد يتجنّبون المواقف التي قد يخفقون فيها.

التشخيص..

التشخيص يعتمد علي تقييم الطَّبيب، اعتمادا على معايير التشخيص النفسية القياسية، ف عادة ما يقوم الأطباء بتشخيص اضطرابات الشخصية بناء على المعايير المعمول بها في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، النسخة الخامسة المراجع نصيًا(DSM-5-TR) ، والذي يُعد المرجع في التشخيص النفسي من قبل الرابطة الأمريكية للطبّ النفسي.

يشخص الأطباء الاضطراب حين يكون لدي الشخص 5 على الأقل مما يلي:

  • شعور مبالغ فيه لا أساس له بأهميتهم ومواهبهم “هوس العظمة”.
  • الانشغال بأوهام المنجزات غير المحدودة، أو التأثير، أو القوّة، أو الذكاء، أو الجمال، أو الحب المثالي.
  • الاعتقاد بأنهم مميزون، واقتصار ارتباطهم على الأشخاص من أعلى المستويات.
  • الحاجة إلى أن يُعجب بهم بشكل غير مشروط.
  • الشعور بالتفوّق.
  • استغلال الآخرين لتحقيق أهدافهم الخاصّة.
  • الافتقار إلى التعاطف.
  • حسد الآخرين، ويعتقدون أنّ الآخرين يحسدونهم.
  • يكونون متعجرفين ومتغطرسين.

يجب أن تكونَ الأَعرَاض قد بدأت في وقت مبكر من مرحلة ما بعد البلوغ أيضا.

العلاج..

المُعالجة النفسيَّة:

المبادئ العامة لمعالجة اضطراب الشخصية النرجسية تشبه المبادئ المطبقة في علاج جميع اضطرابات الشخصية. يمكن أن يكون العلاج الديناميكي النفسي فعالًا.يركّز هذا النوع من العلاج النفسي على الصراعات الكامنة.

قد يجري تكييفُ بعض المقاربات التي جرى تطويرها لعلاج اضطراب الشخصية الحديّ واستخدامها في معالجة الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسي.وهي تشتمل على

  • المعالجة المستندة إلى التعقّل، التي تساعد الأشخاص على التفكير وفهم الحالة الذهنية الخاصّة بهم (ما الذي يشعرون به ولماذا) والحالة الذهنية للآخرين.
  • العلاجُ النفسي المعتمد على التحويل الذي يركّز على العلاقة المتبادلة بين الشخص والمعالِج؛ تركّز هذه المقارباتُ على اضطرابات الطريقة التي يعيش بها الأشخاص أنفسهم والآخرين من الناحية العاطفية.

قد يناسب العلاج المعرفي السُّلُوكي الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسي.وقد تساعد حاجتهم إلى الثناء المُعالجَ على تشكيل سلوكهم.

النرجسيون المتطرفون..

في كتاب بعنوان “الدفاع عن نفسك ضد النرجسيين المتطرفين” يذكر الكاتب “بورغو” أن النرجسية “اضطراب في الشخصية، يتميز (صاحبها) بإحساس متضخم ومستمر بأهمية الذات، ويفتقر للتعاطف” ويجب التعرف على أنواعها جيدا، من أجل هدف واحد هو “الابتعاد عنها جميعا، بأي ثمن”.

رغم صعوبة استبعاد جميع أنواع النرجسيين من حياتك، تؤكد المُعالجة الأسرية “ليزلي دواريس”، أنه “لا مفر من تجنبهم بأي شكل، إذا أردت الحفاظ على نفسك”. وتحذر من “جدية النرجسيين الزائفة، وتصرفهم بطرق تبدو لطيفة، لكنها تكون من قبيل التلاعب غالبا، بل مجرد حيلة لإبقائك على صلة بهم، أو للحصول على شيء محدد منك في المقابل”.

صعوبة العلاج..

يقول المستشار البريطاني المتخصص باضطراب الشخصية النرجسية الدكتور “تينيسون لي” أن علاج النرجسية “ليس بالأمر السهل على الإطلاق” ، موضحا أن النرجسيين لا يعترفون بأنهم على خطأ، فهم يرون أنفسهم الأفضل دائما، وبالتالي فإن “إقناع أحدهم بوجود مشكلة لديه أمر صعب جدا، فهو يعتقد أن الآخرين هم من يتحمل مسؤولية أفعاله”. وهو ما يجعل الهروب من قبضة الشخص النرجسي أمرا أساسيا.

ورغم أن معظم النرجسيين يتسببون في الأذى، فإن بعضهم لا يفكرون في الإيذاء، لأنهم يكونون مهووسين بأنفسهم أكثر. لكن يبقى أن “النرجسي السام هو شخص يجب تجنبه، لأن وجوده في حياتك يُعد أمرا خطيرا، ونفس الشيء ينطبق على النرجسي السيكوباتي” وفق المعالِجة النفسية “أليسا روبي باش”.

8 أنواع من النرجسية الشائعة..

المُنغلق:

نوع يصعب تمييزه غالبا من بين أنواع النرجسيين الأخرى، فاضطرابه “لا يكون واضحا، في كثير من الأحيان”. فهو لا يفرض شخصيته، ولكنه يمارس النرجسية عمليا في الواقع “من خلال شعوره بأنه الأفضل دائما، وحرصه على إثارة الإعجاب، وهوسه بالنجاح، وغيرته المرضية، وافتقاره للتعاطف مع الآخرين”. تقول “روبي باش”: “إنهم يحاولون التظاهر بأنهم غير أنانيين، لكنهم في الحقيقة أكثر اعتمادا على الآخرين، ويسعون لربط أنفسهم بشخص يثق بهم لكي يستغلونه”.

السّام:

“إذا كان لديك صديق يشغل كل وقتك واهتمامك باستمرار، ويُظهر ضيقا أو غضبا إذا لم تحقق مطالبه، فأنت تتعامل مع شخص نرجسي سام”. كذلك “إذا تسبب شخص في طردك من وظيفتك، أو إيذائك جسديا، أو إنهاء علاقتك بأحدهم، فقد يكون نرجسيا ساما أيضا” وفقا لعالم النفس الإكلينيكي الدكتور “جون ماير” الذي يخبرنا بأنه “لا شيء في النرجسية السامة جيدا” ويضيف محذرا أن النرجسي السام “يجعل من حياة الآخرين دراما مستمرة، ويسبب الألم والدمار طوال الوقت”.

المُتسلط:

نوع “يجمع بين سمتين رهيبتين: التنمر والانتصار للذات” كما يقول الدكتور “ماير”، موضحا أن المتنمرين “يبنون أنفسهم عن طريق توجيه أذاهم إلى الآخرين، ويشعرون بالفرح عندما يرون الناس يتألمون. ولا يشغلهم إلا الفوز، بل لا يترددون في التهديد للوصول إلى أهدافهم”. لذا، يحذر الدكتور “بورغو” من أن النرجسي المتسلط “في أشد حالاته سُميّة، يمكنه أن يجعلك تشك في نفسك وقيمتك كإنسان”.

الانتقامي:

في حين أنه يمكنك التعايش مع المتسلط، ما دمت لا تشكل تهديدا واضحا لتطلعاته، لكن الأمر يختلف تماما عندما تصبح هدفا للنرجسي الانتقامي. فهو لن يتوقف عن محاولة تدميرك، لأنك قد تكون تحديت مكانته المتفوقة دون أن تشعر، وسوف يتحدث عنك بسوء مع الأصدقاء والعائلة، أو يحاول طردك من عملك، أو يفسد علاقتك الزوجية ويقلب أبناءك ضدك وربما يقضي سنوات بهذه الحرب، حتى يتأكد من تدميرك، حسب الدكتور “بورغو”.

السيكوباتي:

وهو من أخطر الأنواع “ويوجدون بكثرة ضمن القتلة المتسلسلين” بحسب الدكتور “ماير”. ويسميه علماء النفس “المختل عقليا” أو “المختل اجتماعيا” فهو يجمع بين “اضطراب الشخصية النرجسية” (NPD) و”اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع” (ASPD) فيجعل المصابين به عدوانيين يشعرون بجنون العظمة، ساديين وغير إنسانيين تجاه الآخرين. وعلى حد وصف المُعالجة العائلية الدكتورة “جين مان”، التي تنصح بالابتعاد عن هذا النوع الخبيث من النرجسيين “قبل أن يؤذيك جسديا وعاطفيا وماليا، دون أي شعور بالندم”.

السري:

بحسب الدكتورة “مان” يميل إلى أن يكون عدوانيا ولكن بشكل سلبي، فيُظهر المسكنة والعجز، ويُفضل تقديم نفسه كضحية، ويبرع في استخدام البكاء لجذب الانتباه، والتصرف وكأنه يعاني من القلق أو الاكتئاب.

الاستعراضي:

ويصفه الدكتور “ماير” بأنه “النرجسي المتغطرس المتعجرف، المتمركز حول ذاته بشكل واضح وصارخ في كل سلوكياته، والذي يستغل الآخرين، ويحرص على أن يجعل كل من حوله يعرفون أنه نرجسي”. وهو ما تؤكده “روبي باش”، بحديثها عن شعور النرجسي الاستعراضي “بعدم الارتياح، عندما لا يكون في دائرة الضوء”.

المُغري:

وهو نوع صعب من النرجسيين، يقول عنه الدكتور “ماير” إنه يستمتع بشن غزوات عاطفية “يُبدي فيها إعجابه بأحدهم أو يُظهر حبه له، حتى يجعله يشعر بالرضا عن نفسه” ثم يشطبه من اهتماماته بمجرد شعوره بالفوز.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة