15 نوفمبر، 2024 8:29 ص
Search
Close this search box.

الشخصية الانطوائية.. تتصف بالقدرة على التحليل الدقيق والتركيز بالتفاصيل

الشخصية الانطوائية.. تتصف بالقدرة على التحليل الدقيق والتركيز بالتفاصيل

خاص: إعداد- سماح عادل

عرف “كارل يونج” عالم النفس الشهير الشخصية الانطوائية في عشرينيات القرن الفائت على أنها شخصية تستمد طاقتها من الانعزال عن البشر، بل إن انخراطها مع المجتمع الخارجي يحد من هذه الطاقة، ويجعلها أكثر عرضة للقلق والتوتر، ويعتقد أن معظم عظماء التاريخ البشري قد تشاركوا مثل هذه المشاعر التي تميل إلى الانشغال بعالمهم الخاص، الذي يدور حولهم وحسب.

ماهي..

الشخصية الانطوائية في علم النفس هي شخصية تفضل الهدوء عن التواجد في تجمعات، لكن على عكس الشائع فالشخص الانطوائي لا يمكن أن يتم وصفه بالخجول، حيث إنه قد يكون شخصا متفتحا على الحياة، محبا للمغامرة، لكنه يفضل أن تسير حياته بعيدا عن أعين الناس.

وضع “كارل يونج” تصورا عن أنماط الشخصيات، حيث صنف البشر نوعان: الأول أصحاب الشخصية المنفتحة، والنوع الآخر أصحاب الشخصية الانطوائية، وكل منهما يستمد طاقته التي تعينه على الحياة من البيئة التي يفضلها.

وأكد على أن البشر يمتلكون بداخلهم كلتا الشخصيتين، لكن إحدى النزعتين تتفوق على الأخرى داخل كل إنسان، فيظهر أحدهما متيما بالحياة الصاخبة، وآخر يبدع كلما اختلى بذاته.

صفات الشخصية الانطوائية..

أبرز الصفات التي يشترك بها المصابون بما يعرف باضطراب الشخصية الانطوائية، خاصةً وأن هنالك خلطا كبيرا ما بين الانطواء، الخجل والانعزال. ولنتجنب ذلك الخلط، اتفق علماء النفس على عدد من الصفات التي إن توافرت لدى شخص ما يمكننا وصفه بالانطوائي.

– الرغبة في البقاء بمفرده..

يعشق الشخص المنطوي البقاء وحيدا، ولا يشعر بضيق جراء ذلك، بل إن الانعزال عن البشر بالنسبة له هو أحد الأساسيات التي يستند عليها للاستمرار في حياته، ويلجأ في عزلته لممارسة بعض الأنشطة التي تساعده على اجتياز الوقت مثل القراءة، الكتابة، أو أي نشاط آخر، وعادة ما يفضل العمل بشكل منفرد.

– لا يحبذ المواجهة..

بما أن صاحب الشخصية الانطوائية يفضل البقاء معظم الأوقات وحيدا، فقد يبدو من المنطقي عدم تفضيله للمحادثات المباشرة مع الآخرين، ويتحايل على ذلك بإرسال الرسائل، أو تدوين الأفكار التي يريد التحدُّث عنها حتى يستعد لقولها بالوقت الذي يشعر أنه يناسبه.

– شحن الطاقة..

تعد أبرز نقطة خلافية في مسألة فهم الشخصية الانطوائية هي المُعتقد السائد أن الشخص المنطوي لا يحب الحياة، ولا يكن أي امتنان للبشر، وهذا معتقد خاطئ تماما، حيث إنه قد يكون راغبا في حضور المناسبات الاجتماعية التي تتسم بالازدحام والصخب، لكنها تستنفذ طاقته التي يحاول إعادة شحنها مجددا بالبقاء منعزلًا لفترة.

– تصوّر السعادة..

لعل ثاني أهم النقاط الخلافية حول الشخصية الانطوائية هي التصور العام المتخذ عنه كشخص تعيس أو بائس ولا يضحك إلا نادرا، لكنه أيضا تصور خاطئ، لكن الفكرة تكمُن في رؤيته لمفهوم السعادة، الذي يمثله النجاح في الحياة العملية والأسرية في هدوء، على عكس الشخصية المنفتحة التي قد يتلخص مفهوم السعادة عندها في نشر البهجة.

– عدم المبادرة..

لا يبادر الانطوائي بعرض تقديم المساعدة إن لم يُطلب منه ذلك، كذلك لا يُقدم على فتح أي مناقشة مهما كانت قصيرة، كرسالة تهنئة أو حتى مجرّد سؤال عابر.

– الحكمة..

الانطوائي مرتب ومنظم للغاية، بالتالي هو ملاذ المقربين منه لطلب النصائح خاصة المهمة والمصيرية، وقد يرجع ذلك لثقة المحيطين به في تحليله للأمور بشكل أعمق من الطبيعي بسبب طبيعة شخصيته.

– دائرة أصدقاء ضيقة..

لا يدخُل دائرة الشخص الانطوائي المقربة كثير من البشر، إما لعدم رغبته في الاحتكاك بأعداد قد تستنفد طاقته التي يرغب في الحفاظ عليها، أو لأنهم قد يرون فيه شخصا كئيبا لا يساعد على نشر الطاقة الإيجابية.

أعراض الإصابة باضطراب الشخصية الانطوائية..

هناك بعض الأعراض التي تتوافق مع الصفات تظهر على الشخص الانطوائي، وهي:

العزلة.

الابتعاد عن الغرباء.

التصرّف بحرية أمام المُقربين منه فقط.

الهدوء وعدم التصريح بما يُكن بداخله.

الاكتفاء بعدد قليل من الأصدقاء.

عدم السعي لإنشاء روابط اجتماعية جديدة.

التردد قبل اتخاذ أي قرار.

الثقة في النفس بمجرد اتخاذ القرار.

الدقة الشديدة وتحليل التفاصيل.

أنواع الشخصيات الانطوائية..

مفهوم الانطوائية في علم النفس فضفاض، الشخصية الانطوائية تنقسم لأنواع:

الانطوائيون الاجتماعيون..

قد يبدو هذا المصطلح فارغًا من معناه، لكن المقصود منه هو أن هذه الفئة لا تعاني من رهاب التجمُّعات أو الخجل، ولا يشعرون بضيق أو قلق إذا فُرض عليهم التواجد بالأماكن الممتلئة بالناس، ويتميز هؤلاء برغبتهم في البقاء ضمن دائرة صغيرة، ويتسمون بالولاء الشديد لهذه الدائرة، حيث إنهم يبحثون دائمًا وأبدًا على بناء علاقات عميقة ذات معنى حقيقي.

الانطوائيون المفكرون..

لا يفضلون الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم، لكنهم أكثر تقبلًا للانخراط بالأغراب نظرًا لأنهم عادة ما يشغلون مناصب تفرض عليهم عرض عملهم على الآخرين دون سابق معرفة بينهم، ويتسم هؤلاء بالإبداع والتفكير خارج الصندوق، ويساعدهم على ذلك استمتاعهم بالتفكير العميق، كما أنهم يتقبلون فكرة مشاركة الآراء.

الانطوائيون القلقون..

يمثلون الشريحة الأكثر شيوعا، فهم من تنطبق عليهم الصورة الذهنية المكونة عن الشخص الانطوائي الذي يفضل العزلة الدائمة، ويقلق من رأي الآخرين، ويخشى المستقبل لهذا، فالمنطلق الذي ينعزل لأجله الانطوائيون القلقون هو الخوف والخجل، وليس الرغبة في تقديم الأفضل.

عيوب الشخصية الانطوائية..

صعوبة تكوين صداقات نظرا لبحثهم الدائم عن شخص يمكنهم الثقة به.

التعرض الدائم لإساءة فهمهم، حيث ينظر للمنطوي كشخص مغرور أو خجول أو فاقد الثقة في نفسه.

عدم الرغبة في التحدّث علانية، ليس لعدم المقدرة على فعل ذلك، بل لكون الأمر مرهقا لهم.

مميزات الشخصية الانطوائية..

احترام الغير، نظرا لتفهمهم أهمية حصول كل إنسان على مساحته الخاصة.

السعي للتفرد النابع من بعدهم عن تشكيل وجهات نظرهم أو أفكارهم عبر التأثر بالبيئة المحيطة.

الذكاء الشديد الناتج عن طبيعة شخصيتهم التي تعتمد على التحليل الدقيق والتركيز بالتفاصيل.

أسباب تكون الشخصية الانطوائية..

توجد بعض العوامل التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في تكوين الشخصية الانطوائية عند الأفراد، والتي يمكن تقسيمها لأربعة أسباب رئيسية وهي:

أسباب أسرية..

قد يكون عامل الوراثة حاسما في كون الإنسان انطوائيا، إلا أن الربط ما بين الأسرة وبين هذا الاضطراب عادة ما يتم اختزاله في نشأة الطفل داخل أسرة تعاني من الانطواء، ما يولد بداخله رغبة في البقاء وحيدا كما اعتاد.

التربية الخاطئة..

تنشئة الإنسان منذ سن صغير على عدم الاختلاط بالآخرين، ومعاقبته إن حدث ذلك بشكل قاسٍ وعنيف، بالتالي يتحول الانعزال إلى حل للهروب من عقاب الاحتكاك بالغرباء.

التعرض للصدمات..

عند التعرض لصدمات نفسية قوية كفقدان عزيز، أو الانفصال عن شريك الحياة، يعاني الفرد من انهيار نفسي ملحوظ، قد ينتج عنه رغبة في الابتعاد عن الآخرين بشكل متطرف.

الفرق بين الانطوائية والخجل..

“سوزان كين”، مؤلفة كتاب قوة الانطوائيين، توضح أن الشخصية الخجولة تفضل البقاء وحيدة لأنها تعاني من الخوف الناتج عن احتمالية تعرضها للرفض الاجتماعي، بينما الشخصية الانطوائية تنعزل لأنها تفضل ذلك، والفارق بين هذا وذاك كبير جدا.

التعامل مع الشخصية الانطوائية..

بعد أن اتفقنا أن الشخص الانطوائي لا يمثل تهديدًا على المجتمع، ولا يمكن تصنيفه كصاحب شخصية سيئة في العموم، يجب الإشارة إلى وضع علماء النفس تعليمات يمكن من خلالها التعامل بشكل مثالي معه، وهي:

ضرورة تقبله واحترام رغبته في العزلة وعدم انتقاده على ذلك.

ضرورة التعامل معه بصدق، لأن هدفه من أي علاقة هو الوضوح والأمانة.

تجنُّب التقليل من شأنه لأنه يثق بقدراته التي بنيت على أساس قوي.

العلاج..

من الممكن أن يتخلص أي فرد من انطوائيته بمجرد اتباع الخطوات التالية بمساعدة الطبيب النفسي.

العلاج النفسي: عبر تعزيز قدرة الفرد على التكيُّف مع الآخرين عن طريق جلسات العلاج النفسي الجماعية.

العلاج السلوكي: حيث يتم التركيز على زيادة الثقة بالنفس خاصة أمام مجموعات من البشر.

العلاج المعرفي: الذي يهدف إلى تهدئة وطأة الشعور بالانزعاج عند الاحتكاك بالبشر لفترات طويلة.

العلاج الدوائي: عبر استخدام بعض الأقراص الدوائية التي تعالج مرضى الاكتئاب والقلق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة