8 أبريل، 2024 6:55 ص
Search
Close this search box.

الشائك والمسكوت عنه بين الشريعة وحقوق الإنسان .. المثلية في الفقه الإسلامي !

Facebook
Twitter
LinkedIn

بقلم محمد مختار ( كاتب وباحث )

مع زيادة الضغوط الدولية على أكثر من بلد عربي حول ملف حقوق الإنسان تتذرع دولا عربية معروف عنها الانتهاكات الكارثية لحقوق مواطنيها بأن ما يناسب حالة حقوق الإنسان في الغرب لا يمكن أن يناسب المواطنين العرب المسلمين، وتصدر أجهزة الإعلام في هذه الدول للرأى العام داخلها بأن أى حديث عن حقوق الإنسان يقصد بها إضفاء الشرعية على العلاقات الجنسية الشاذة وتقنين العلاقات الجنسية المثلية.
وهذا تصر وسائل الأذرع الإعلامية للنظم العربية التي تنتهك حقوق الإنسان في الربط بين المطالبات باحترام حقوق الإنسان في بلادها وبين مزاعم رغبة الدول الغربية والمنظمات الحقوقية بالسماح بالعلاقات المثلية الجنسية، في ربط شرطي بين حقوق الإنسان وبين المثلية الجنسية وهو ما يجعل المواطن العادي في كثير من الدول العربية ينظر بعين الريبة والشك للحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بزعم أنهم يدعون في نفس الوقت للمثلية الجنسية.
ولكن مع الأسف فإن كثيرون يغضون البصر عن فكرة أن المجتمعات العربية والاسلامية هى أكثر المجتمعات التي عرفت مبكرا المثلية الجنسية بل وأصلت لهذه الظاهرة ليس في كتب الأدب والتاريخ فقط التي تطفح صفحاته بما لا يمكن حصره عن العلاقات المثلية في بلاد المسلمين وفي بلاط الخلفاء والأمراء بل في كتب الفقه التي لم تخلو صفحاته من نصوص دامغة موثقة لا سبيل لإنكارها حول العلاقات المثلية بين الرجال وهى تتراوح في معالجتها لهذه الظاهرة بين الذهاب لقتل الفاعل والمفعول به وبين إباحة هذا الفعل إباحة كاملة فضلا عن التعامل مع ضمن باب النكاح وفصول الطهارة المرتبطة بالجنس الطبيعي بين الرجل وبين المرأة .
وبأقل جهد ومن خلال مجرد الاطلاع السريع على كتب الفقه الإسلامي سواء عند أهل السنة والجماعة أو عند الشيعة نجد أن علماء اهل السنة والجماعة وعلماء الشعية لم يجدوا حرجا في الحديث عن اللواط والسحاق ونكاح الحيوانات وغيرها من الممارسات الجنسية التي كانت سائدة في مجتمعاتهم. ولم يكن الفقهاء يشعرون بأقل حرج في الحديث عن هذه القضايا الشائكة، وإنّما اعتبروا تلك الممارسات علامة دالة على الحراك الاجتماعي وإفرازا لواقع محكوم بسياقات متعددة.
وحيث وردت أحكام صريحة في كتب الفقه الاسلامي بشقيه عند أهل السنة وعند الشيعة حول العلاقات المثلية ووطء الذكر للذكر في أكثر من مصدر فقهي لا يمكن التشكيك فيه لأن هذه المصادر ببساطة متوفر في أيدينا وكلها يتم تدريسها لطلاب العلم الشرعي حتي الان ، ولم يقتصر الحديث حول المثلية الجنسية على ما ورد في فصوص الأدب والتاريخ في كتب التراث في أبواب أخبار الخنثى المشكل واللوطيين والمخنثين والمساحقات كما أنّها تضمنت إشارات بشأن سلوكهم ووضعهم القانوني والاجتماعي وما أحدثوه من خلخلة في بنية النظام الاجتماعي. والحكايات المروية عن حبّ الأحداث والولع بالمردان معروفة والبراهين الدالة على شيوع هذه الظاهرة لدى الخاصة والعامة، وحتى في صفوف الفقهاء والقضاة وفي أوساط المتزمّتين أنفسهم كفقهاء المالكية وقضاتهم متوفرة، بل إنّ عاشق الغلام المتعفّف عدّ، في نظر بعضهم، شهيد الهوى .
ففي كتاب ثمار القلوب في المضاف والمنسوب الجزء الأول صفحة 156 يكتب عبد الملك بن محمد بن إسماعيل (350 هـ – 429 هـ / 961 1038م) الذي يُعرف بأبي منصور الثعالبي النيسابوري حول القاضي حسين بن محمد بن أحمد أبو علي المرّوذي المرورّوذي (المتوفى سنة 462هـ الموافق 1069 م،)، شيخ الشافعية في زمانه : ( ذكر القاضي الحسين في التعليقة أنه حكي عن الشيخ ابن سهل وهو الأبيوردي كما هو مصرح به في بعض نسخ التعليقة وصرح به ابن الرفعة في الكفاية أن الحد لا يلزم من يلوط مملوك له )
وينقل نفس المؤلف في صفحة 221 من نفس الجزء عن و يحيى بن أكثم بن مُحمّد التميمي، (توفي 22 ذو الحجة 242 هـ)، عالِم وإمام وفقيه وراوٍ للحديث النبوي وقاضي قضاة أهل البصرة ويُعّد من تبع التابعين. كانَ من كِبار الفقهاء وأئمة العلم في زمانه ” ( أصله من مرو فاتصل بالمأمون ايام مقامه بها فاختص به واستولي علي قلبه وصحبه إلي بغداد ومحله منه محل الأقارب أو أقرب .وكان متقدما في الفقه وآداب القضاة حسن العشرة عذب اللسان وافر الحظ من الجد والهزل ولاه المأمون قاضي القضاة وأمر بألا يحجب عنه ليلا ولا نهارا وأفضي إليه بأسراره وشاوره في مهماته وكان يحيي ألوط من ثفر ومن قوم لوط وكان إذا رأي غلاما يفسده وقعت عليه الرعدة وسال لعابه وبرق بصره ، وكان لا يستخدم في داره إلا المرد الملاح ويقول قد اكرم الله تعالي أهل جنته بأن أطاف عليهم الغلمان في حال رضاه عنهم لفضلهم علي الجواري فما بالي لا أطلب هذه الزلفي والكرامة في دار الدنيا معهم ، ويقال إنه هو الذي زين للمأمون اللواط وحبب إليه الولدان وغرس في قلبه محاسنهم وفضائلهم وخصائصهم وقال إنهم بالليل عرائس وبالنهار فوارس وهم للفراش والهراش وللسفر والحضر فصدر المأمون عن رأيه وجري في طريقه واقتدي به المعتصم حتي اشتهر بهم وملك ثمانية آلاف منهم وما كان بنو العباس يحومون حولهم اللهم إلا ما كان يؤثر عن محمد الأمين من استخدام الخصيان والعبث بهم دون فحول الولدان . )
وفي كتاب الفقه على المذاهب ألاربعة للجزري الجزء الخامس ص141 يرد هذا النص : ( قال الأوزاعي: إذا لاط بغلام وولد للمفجور به بنت لم يجز للفاجر أن يتزوجها ؛ لأنها بنت من قد دخل به وهو قول أحمد بن حنبل : إنّ الرجل إذا لاط بغلام فأوقب لم يجب عليه الحد، ولكن يُردع بالكلام الغليظ وألادب بالخفقة بالنعل والخفقتين وما أشبه ذلك ) و و أن مالك‌ بن‌ أنس‌ عند ذهب لتفسير ‌: الآية‌ القرآنيّة‌ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُروجِهِمْ. حَـ’فِظُونَ * إِلاَّ علی’´ أَْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـ’نُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ تدلّ علی الجواز، لانّ قوله‌ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـ’نُهُمْ عامّ يشمل‌ الغلام‌ والجارية‌.
وفي كتاب وكتاب: المحلى لابن قدامى الجزء الحادي عشر ص 382
( وقال ابن عقيل في فصوله فإن كان الوطء في الدبر في حق اجنبية وجب الحد الذي أوجبناه في اللوط وعلي هذا فحده القتل بكل حال وإن كان في مملوكه فذهب بعض اصحابنا أنه يعتق عليه وأجراه مجري المثلة الظاهرة وهو قول بعض السلف ) ووقد عبر ابن حزم عن هذا الرأي فقال: “إنّ حسن الرجال أصدق صدقا وأثبت أصلا وأعتق جودة”. وفسّر ابن قيم الجوزية علّة كلف الرجال بالمردان بقوله: “وقد آل الأمر بكثير من هؤلاء إلى ترجيح وطء المردان على نكاح النسوان. وقالوا: هو أسلم من الحبل والولادة ومؤنة النكاح والشكوى إلى القاضي وفرض النفقة والحبس على الحقوق فلِم يتجشّم الرجل هذه المصاعب والحال أنّ الغلام “لا يحيض ولا يبيض،” ويمكن أن” يصلح للضدين، يفعل ويفعل به ) .
و في كتاب ليالي بيشاور – موضوع شبهات وردود ص 565- طبعة دار العلوم بيروت لمؤلفه العلامة سلطان الواعظين السيد محمد الموسوي الشيرازي يذكر المؤلف نظما بالشعر : (وجايزٌ فيك غلامُ امردِ ـــ لا سيّما الرجل المجردِ
هذا إذا كان وحيدا في السفر ــ ولم تكن أنثى تفي عن الذكر )
أما في صفحة 448 من الجزء الثالث من كتاب الحدائق الناضرة للشيخ يوسف بن أحمد البحراني، فذهب البحراني لأبعد من ذلك وهو التأصيل للمثلية بين الرجال وتنظيم الغسل منها على اعتبار أنها عمل دائم يقول في هذه الصفحة : (اما دبر الغلام فالأكثر ايضا على وجوب الغسل على الفاعل والمفعول استنادا إلى الإجماع المركب الذي ادعاه المرتضى (رضي‌الله‌عنه) فإنه ادعى ان كل من أوجب الغسل بالغيبوبة في دبر المرأة أوجبه في دبر الذكر وكل من نفاه هناك نفاه هنا ، ولما كان الأول ثابتا بالأدلة علمنا ان الامام (عليه‌السلام) قائل به ، فيكون قائلا بالوجوب في الثاني ، هكذا ذكره جملة من الأصحاب. )

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب