14 نوفمبر، 2024 1:18 م
Search
Close this search box.

السينما في الوطن العربي (9).. دخول الطفيليين إلي السينما جعلها تنحدر

السينما في الوطن العربي (9).. دخول الطفيليين إلي السينما جعلها تنحدر

خاص: قراءة سماح عادل

أثرت الحرب العالمية الثانية علي صناعة السينما في مصر، حيث دخلت فئة الطفيليين الذين اغتنوا من الحرب في مجال الصناعة، وانتجوا مجموعة كبيرة من الأفلام دون المستوي، لكن مع ذلك لم تخل الساحة من أفلام قيمة وهادفة. هكذا كشف لنا كتاب (السينما في الوطن العربي) للكاتب “جان إلكسان” والذي صدر في عام 1981، والذي يقدم تأريخا ثريا للسينما في المنطقة العربية.
مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية..
انتقل الكتاب إلي مرحلة أخرى من مراحل صناعة السينما المصرية: “في سنة ١٩٤٥ بدأت مرحلة جديدة في تاريخ السينما المصرية وهي أفلام ما بعد الحرب، حيث زاد الإنتاج السينمائي بشكل هائل، إذ دخل ميدان الإنتاج عدد كبير من الذين أثروا ثراء سريعا بسبب الحرب، ولم يكن معظمهم يهتم بالفن قليلا أو كثيرا إنما كان هدفهم الربح التجاري.
– في موسم ١٩٤٣ – ١٩٤٤ أنتجت مصر ١٦ فيلما.
– في موسم ١٩٤٤ – ١٩٤٥ ارتفع العدد إلى ٢٨ فيلما.
– في موسم ١٩٤٥ – ١٩٤٦ قفز العدد إلى ٦٧ فيلما.
ظهرت موجة الأفلام الهابطة التي تعتمد على القصص الساذجة، ويتم تصويرها في أقصر وقت مم‚كن لتعرض بسرعة وتحقق الأرباح الخيالية”.
الأفلام الهابطة..
ويصف الأفلام التي أنتجت في تلك الفترة: “فكاهية رخيصة تعتمد على النكتة اللفظية والرقص ومشاهد الإغراء. كانت هذه المرحلة هي بداية السقوط في صناعة السينما المصرية، ونعني بالسقوط هنا هبوط المستوى الفني بشكل واضح، ولكن هذا السقوط لم يكن يعني مع الأسف هبوطا في إيرادات شباك التذاكر، وهذا هو السبب في كثرة عدد الأفلام التي ظهرت في هذه المرحلة.
وعندما تعرف أن فيلما اسمه (طاقية الإخفاء) بلغت تكاليفه أربعة آلاف وخمسمائة جنيه وصلت أرباحه إلى اثنين وتسعين ألفا من الجنيهات، ستفهم لماذا تحول كثيرون من أغنياء الحرب إلى منتجين سينمائيين”.
صلاح أبو سيف..
وعن المخرج العبقري “صلاح أبو سيف” يواصل الكتاب: “ولكن إلى جانب هذه الموجة من الأفلام التافهة ظهرت حفنة من الأفلام المعقولة مثل أفلام أستوديو مصر وأفلام محمد كريم وأفلام آسيا وأحمد جلال. ومن تلاميذ مدرسة أستوديو مصر برز اسم مخرج جديد هو “صلاح أبو سيف” الذي قدم في سنة ١٩٤٦ أول أفلامه (دايما في قلبي)، الذي اقتبست قصته من الفيلم الإنجليزي (جسر واترلو).
وفيه قامت عقيلة راتب بالدور الذي مثلته فيفيان لي، وقام الوجه الجديد عماد حمدي بالدور الذي مثله روبرت تايلور”.
السوق السوداء..
وعن فيلم مميز يتابع: “وقدم كامل التلمساني في الموسم نفسه فيلمه الأول (السوق السوداء). الذي يعتبر استمرارا لمدرسة كمال سليم الواقعية. وكان هذا الفيلم يعالج مشكلة خطيرة موضوع الساعة في ذلك الحين، وهي مشكلة الاتجار بقوت الشعب، وعلى الرغم من إن المستوى الفني للفيلم كان جيدا، فإنه لم يحقق إيرادات طيبة وفشل فشلا ذريعا.
وأصيب مخرجه الفنان الشاب بصدمة شديدة أفقدته الثقة بنفسه، واختفى بعد ذلك من الميدان فترة طويلة، ثم عاد إليه فأخرج أفلاما تجارية هزيلة، بعد أن اقتنع بأن الظروف لم تكن تسمح وقتذاك بإخراج أفلام واقعية أو أفلام تعالج مشكلات الشعب الحقيقية. وفي أواخر الخمسينات سافر كامل التلمساني إلى بيروت حيث هجر ميدان الإخراج نهائيا”.
أحمد كامل مرسي..
ومخرج أخر يظهر: “لمع اسم مخرج ثالث من تلاميذ مدرسة أستوديو مصر وهو أحمد كامل مرسي، وأقوى الأفلام التي أخرجها هو فيلم (النائب العام)، الذي قام ببطولته حسين رياض وعباس فارس وسراج منير وزوزو حمدي الحكيم. وقصة الفيلم مأخوذة من مسرحية حققت نجاحا هائلا علي خشبة المسرح القومي.
قام ببطولتها نجوم هذا المسرح الذين قاموا بعد ذلك بأداء أدوارهم نفسها في الفيلم، والمسرحية ليست مؤلفة وإنما اقتبسها احمد شكري عن مسرحية ألمانية وقام بتمصيرها. كما كانت العادة وقتئذ في المسرح المصري.
وعلى الرغم من أن هذا الفيلم جاء خاليا من الأغاني والرقص والمشاهد الفكاهية، فقد أقبل عليه الجمهور إقبالا طيبا، حطم الخرافة التي كانت شائعة، وهي (الجمهور عاوز كده) التي كان كثيرون من السينمائيين يبررون بها المستوى الهابط الذي يبدو في أفلامهم”.
عز الدين ذو الفقار..
وعن ثلاثة مخرجين ناجحين: “وفي هذه المرحلة أيضا ظهر ثلاثة من اﻟﻤﺨرجين الجدد، أولهم عز الدين ذو الفقار الذي قدم فيلم (أسير الظلام)، وقامت ببطولته مديحة يسري ومحمود المليجي ونجمة إبراهيم. وامتازت أفلام عز الدين العاطفية بالشاعرية والرقة. وقد وصفه أحد النقاد بأنه شاعر وراء الكاميرا.
وأنجح أفلامه هي (بين الأطلال) المأخوذة عن قصة يوسف السباعي و(رد قلبي) للمؤلف نفسه، و(نهر الحب) المقتبس عن قصة (آنا كارنينا) للأديب الروسي تولستوى”.
أنور وجدي..
وعن إضافة أنور وجدي للأفلام الاستعراضية: “واﻟﻤﺨرج الثاني هو أنور وجدي الذي قدم سلسلة من الأفلام الاستعراضية الناجحة مثل (ليلى بنت الفقراء) و(عنبر) و(غزل البنات). وكان أنور وجدي يجمع بين التأليف والإخراج والإنتاج والتمثيل، وقد حقق فيها جميعا نجاحا طيبا، ولم يأت هذا النجاح بالصدفة، وإنما جاء ثمرة خبرة طويلة.
فقد عمل أنور وجدي بالمسرح مع فرقة رمسيس ثم الفرقة القومية، المسرح القومي الآن، وظهر في السينما وقام ببطولة عدد كبير جدا من الأفلام وظل طوال الأربعينات نجم الشاشة الأول.
وأحس بعد زواجه من المطربة ليلى مراد التي كانت من ألمع كواكب الشاشة أنه يستطيع أن يسد النقص الموجود في السينما المصرية، وذلك بتقديم أفلام استعراضية جيدة. فألف شركة للإنتاج كان هو الذي يؤلف قصص أفلامها ويخرجها ويقوم ببطولتها، و—تمتاز هذه الأفلام بجودة قصصها. وهكذا عالج أنور وجدي العيب الجوهري الذي كانت معظم أفلامنا الاستعراضية تشكو منه، وهو تفاهة القصة.
وحقق أنور وجدي أيضا نجاحا طيبا في تقديم الأغنية السينمائية. وأحسن نموذج على هذا النجاح الأغنية الفكاهية التي غناها نجيب الريحاني في فيلم (غزل البنات) ومطلعها:
(علشانك أنني انكوي بالنار والقح جتتي.. وادخل جهنم وانشوي واصرخ
وأقول يا دهوتي).
وعلاوة على هذا فقد كان أنور وجدي كمنتج في غاية البراعة والذكاء
والدليل على ذلك فيلمه الشهير “غزل البنات””.
أحمد سالم..
وعن أحمد سالم يضيف: “وشهدت هذه الفترة مخرجا آخر كان يجمع كأنور وجدي بين التمثيل والتأليف والإخراج والإنتاج، وهو أحمد سالم الذي قدم للشاشة أفلاما مقتبسة عن الأفلام الأمريكية مثل (الماضي اﻟﻤﺠهول) المأخوذ عن الفيلم الأمريكي (عودة الأسير)، ولم يكن أحمد سالم وحده الذي قام باقتباس قصص أجنبية لتقديم على الشاشة بل انتشرت موجة الاقتباس لدرجة كبيرة بسبب كثرة عدد الأفلام وقلة عدد المؤلفين وكتاب السيناريو.
وكان بعض الأفلام يذكر صراحة اسم المصدر المأخوذ عنه، بينما كان معظمها يتجاهل هذا المصدر نهائيا، فقد جاءت عبارة (قصة مقتبسة) فقط في بداية فيلم (ملاك الرحمة) الذي أخرجه وقام ببطولته يوسف وهبي سنة ١٩٤٧”.
انحدار السينما..
وعن تشجيع السينما يوضح الكتاب: “وعندما بدا واضحا أن صناعة السينما بدأت تنحدر بسرعة مخيفة، واشتد هجوم الصحافة على ما يسمى (أفلام ما بعد الحرب)، وأصبح المتفرج المصري المتعلم يخجل من دخول فيلم مصري، قامت الحكومة بمحاولة لتشجيع السينمائيين على الارتفاع ˆبمستوى أفلامهم، فأقامت مسابقة للسينما بين الأفلام التي عرضت في موسم ١٩٥٠- ١٩٥١.
وكانت لجنة التحكيم تتألف من توفيق الحكيم وعزيز أباظة ومحمد زكي عبد القادر ومحمد حسن ومحمود الشريف.
وفاز أحمد بدرخان بجائزة الإخراج عن فيلمه (ليلة غرام)، ونالت فاتن حمامة جائزة أحسن ‚ممثلة عن دورها في فيلم (أنا الماضي) ونال حسين رياض جائزة أحسن ‚ممثل عن دوره في (ليلة غرام)، أما جائزة أحسن دور ثانوي فقد فاز بها عباس فارس عن دوره في فيلم (وداعا يا غرامي)، وماجدة عن دورها في (ليلة غرام).
وجاء في تقرير لجنة التحكيم: (تشير اللجنة إلى أن إنتاج الفيلم يستلزم معالجة الفكرة والحوار معالجة سينمائية خاصة يعبرون عنها بالسيناريو، وهو ما يستلزم وجود فنانين يعرفون في الخارج (بالسيناريست)، وهؤلاء لا يكاد يكون لهم وجود في مصر.
وتغاضت اللجنة عن منح جائزة للموسيقا التصويرية لأن كل الموسيقا التي قدمت في الأفلام كانت مأخوذة عن اسطوانات لموسيقيين عالميين”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة