15 نوفمبر، 2024 5:35 ص
Search
Close this search box.

السينما في الوطن العربي (3).. في مصر ما تزال أكبر صناعة وأكثرها تأثيرا

السينما في الوطن العربي (3).. في مصر ما تزال أكبر صناعة وأكثرها تأثيرا

خاص: قراءة- سماح عادل

تعد الكتب التي تؤرخ وتوثق للصناعة السينما من الكتب القيمة والهامة، ومع مرور السنوات عليها تعتبر بمثابة الكنوز حين يتم اكتشافها، لأن تلك الكتب تعد كشفا هاما لحال السينما، وخفاياها وأسرارها، لذا كان من الممتع قراءة كتاب صدر في أوائل ثمانينات القرن العشرين يقوم بالتأريخ والتوثيق لصناعة السينما في المنطقة العربية. هو كتاب (السينما في الوطن العربي) للكاتب “جان إلكسان” والذي صدر في عام 1981. حيث انتقل للحكي عن صناعة السينما في مصر ومراحل تطور تلك الصناعة.

أكبر صناعة..

ينتقل الكتاب إلى التوثيق والحكي عن صناعة السينما في مصر في الفصل الأول المعنون “السينما في مصر”: “السينما المصرية التي وصل إنتاجها خلال الأعوام الأربعة والخمسين، التي انقضت على إنتاج أول فيلم روائي فيها، إلى حوالي ألفي الفيلم، وهو رقم كبير في مسيرة السينما العالمية، يمثل تاريخها تاريخا هاما للسينما العربية في الأرشيف العالمي للفن السابع، من حيث الكم على الأقل.

وفي إعداد هذه الدراسة وجدت بين يدي عشرات الكتب والدراسات والتقارير حول مسيرة السينما في القطر المصري، ومن هنا تأتي صعوبة التنسيق والتلخيص، على أن الأنصاف يوجب علينا أن نشير بالتقدير إلى الجهد الكبير الذي بذله “سعد الدين توفيق” في تأريخ قصة السينما في مصر (كتاب الهلال) الذي صدر في العدد ٢٢١ (آب ١٩٦٩) بمناسبة مرور أربعين عاما على بدء الإنتاج السينمائي في مصر.

كما نشير إلى جهود الناقد السينمائي “سمير فريد” الذي أغنى السينما العربية من خلال سلسلة الدراسات التي كتبها عنها، بالإضافة إلى مشاركته الفعالة في المهرجانات السينمائية،

وقد كانت صناعة السينما في مصر وما تزال أكبر صناعة من نوعها في الوطن العربي وأكثرها تأثيرا. ويرجع ذلك إلى تعاظم الحركة الوطنية منذ بداية القرن، وارتباط هذه الحركة بالدعوة إلى تنمية الصناعات الوطنية من ناحية، والى حجم السوق المصرية الكبيرة، وارتباط مصر المبكر بالحضارة الأوروبية من ناحية أخرى.

مراحل صناعة السينما في مصر..

انتقل الكتاب لتصنيف صناعة السينما في مصر إلى مراحل: “وقد مرت صناعة السينما بعدة مراحل، ففي البداية كانت تعتمد على الفنانين المغامرين من الرواد الشجعان أصحاب الشركات الصغيرة، ومع افتتاح أستوديو مصر عام ١٩٣٥، وهو أحد مشروعات شركة مصر للتمثيل السينما التي أسسها طلعت حرب عام١٩٢٥، كإحدى شركات بنك مصر.

بدأت المرحلة الثانية في تطور هذه الصناعة حيث اعتمدت على أحد أكبر البنوك المصرية في ذلك الوقت. وبوجود أستوديو مصر عرفت صناعة السينما المصرية عصرا من الازدهار، وصل فيه عدد دور العرض إلى أكثر من مائة دار، وارتفع متوسط إنتاج الأفلام من عشرة أفلام في السنة في السنوات الأربع السابقة على افتتاحه إلى عشرين فيلما في السنوات التسع التالية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث في هذه الفترة تم إنتاج ١٤٠ فيلما.

مرحلة ما بعد الحرب..

ويتابع الكتاب عن المرحلة الثالثة: “وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت مرحلة جديدة في تاريخ صناعة السينما في مصر، حيث أصبح إنتاج الأفلام أكثر سهولة وأسرع وسيلة لتحقيق الأرباح، ووصلت أرباح العديد من الأفلام إلى أكثر من مائة ألف جنيه، على الرغم من أن متوسط التكلفة كان يتراوح بين ٢٠ – ٢٥ ألف جنيه، وكان ذلك نتيجة دخول رؤوس الأموال الطفيلية المتمثلة في أغنياء الحرب إلى ميدان صناعة السينما وزيادة القوة الشرائية في نفس الوقت.

ففي الفترة من عام ١٩٤٥ إلى ١٩٥١ مثلا ارتفع متوسط إنتاج الأفلام كل سنة إلى ٥٠ فيلما، وبلغ عدد الأفلام ٣٤١ فيلما، أي نحو ثلاثة أضعاف

الأفلام المصرية منذ عام ١٩٢٧، ووصل عدد دور العرض إلى ٢٤٤ دارا عام ١٩٤٩، وعدد الاستوديوهات إلى خمسة وفيها أحد عشر بلاتوه.

بعد 1952..

ويواصل الكتاب عن ازدهار حال صناعة السينما في مصر بعد 1952: “وبعد ثورة ١٩٥٢ ارتفع متوسط عدد الأفلام كل سنة إلى ٦٠ فيلما، وبلغ عدد الأفلام ٥٨٨ فيلما حتى عام 1962، أي نحو ضعف الأفلام المصرية منذ عام ١٩٢٧ ووصل عدد دور العرض إلى ٣٥٤ عام ١٩٥٤.

وشهد النصف الثاني من الخمسينات بداية اهتمام الدولة بصناعة السينما، وقد ساهم ذلك في إنشاء مصلحة الفنون عام ١9٥٥ التي اقتصر إنتاجها على الأفلام القصيرة، ثم في إنشاء مؤسسة دعم السينما عام ١٩٥٧ التي ساهمت في —تمويل بعض الأفلام، وإنشاء المعهد العالي للسينما عام ١٩٥٩”.

مرحلة القطاع العام..

وعن دخول التمويل الحكومي في صناعة السينما يحكي الكتاب: “ومع إنشاء المؤسسة العامة للسينما عام ١٩٦٢ لإنتاج الأفلام الروائية الطويلة، بدأت المرحلة الأخرى في تاريخ صناعة السينما في مصر، وهي مرحلة القطاع العام. وفي هذه المرحلة اضطربت صناعة السينما في مصر نتيجة عدم وضوح موقف الدولة من السينما، فالاستوديوهات والمعامل ودور العرض بقت علي حالها، وفي نفس الوقت لم تعد في أيدي أصحابها، وكذلك الإنتاج والاستيراد والتوزيع.

وتعددت أشكال ملكية المؤسسة للمنشآت السينمائية، كما تعددت أشكال الهياكل الإدارية وأشكال الإنتاج ولم تستقر لمدة عامين متواليين. ونتيجة لذلك انخفض متوسط عدد الأفلام من ٦٠ إلى ٤٠ فيلما في السنة، وبلغ عدد أفلام هذه المرحلة ٤١٦ فيلما حتى عام ١٩٧١، ٥٠ % منها قطاع عام و٤٠ % قطاع خاص ‚مع القطاع العام S و ١٠ % قطاع خاص مع شركات التوزيع العربية في لبنان.

كما انخفض عدد دور العرض من ٣٥٤ دارا عام ١٩٥٤ إلى ٢٥٥ دارا عام ١٩٦٦، وانخفض عدد الأفلام الأجنبية المستوردة من متوسط ٥٠٠ فيلم في السنة إلى ٢٥٠ فيلما في السنة”.

السبعينات وتوقف القطاع العام..

ومع حلول السبعينات يواصل الكتاب: “ورغم توقف القطاع العام عن الإنتاج منذ عام ١٩٧١، فإن متوسط عدد الأفلام المنتجة ظل ٤٠ فيلما حتى عام ١٩٧٤ ثم ارتفع إلى ٥٠ فيلما في أعوام ١٩٧٥- ١٩٧٦-١٩٧٧ وإن ظل عدد دور العرض في انخفاض حتى وصل إلى ١٩٠ دارا عام ١٩٧٧”.

الاتجاه الواقعي..

وينتقل الكتاب إلى الحديث عن الاتجاهات في صناعة السينما: “وأبرز الاتجاهات الفنية في الفيلم المصري هو الاتجاه الواقعي، الذي بدأه كمال سليم وكامل التلمساني في الأربعينات، ووصل صلاح أبو سيف وتوفيق صالح ويوسف شاهين إلى ذروة النضج في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات. ومن أهم اﻟﻤﺨرجين في تاريخ السينما المصرية أيضا محمد كريم ونيازي مصطفى وأحمد بدر خان وأحمد كامل مرسي وفطين عبد الوهاب وهنري بركات وكمال الشيخ. وقد قدموا العديد من الأفلام الهامة من مختلف الأشكال والاتجاهات.

وفي السينما المصرية المعاصرة بعد ثورة ١٩٥٢ تبرز أسماء اﻟﻤﺨرجين حسن الأمام وعاطف سالم وحسام الدين مصطفى رغم غلبة الإنتاج التجاري على أفلامهم، كما تبرز أسماء حسين كمال وخليل شوقي وسيد عيسى وجلال الشرقاوي في مرحلة القطاع العام.

وبعد حرب ١٩٦٧ ومن خلال الهزيمة القاسية ظهرت الدعوة إلى سينما مصرية جديدة، وبرز من مخرجي هذه الفترة سعيد مرزوق ومحمد راضي وعلي عبد الخالق وأشرف فهمي وممدوح شكري الذي توفي فجأة عام

١٩٧٣ إثر مرض قصير، واعتبر شهيد السينما المصرية الجديدة بسبب منع فيلمه (زائر الفجر) الذي عرض بعد وفاته بحوالي عامين”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة