14 نوفمبر، 2024 9:15 م
Search
Close this search box.

السينما في الوطن العربي (14).. في السبعينات زادت نسبة السينما التجارية

السينما في الوطن العربي (14).. في السبعينات زادت نسبة السينما التجارية

خاص: قراءة- سماح عادل

في فترة السبعينات زادت نسبة السينما التجارية، ورغم إقبال الجمهور، ورغبته الكبيرة في التفاعل مع السينما، جعل ذلك السينما التجارية تنشط أكثر، علي حساب الأفلام الهادفة. هكذا كشف لنا كتاب (السينما في الوطن العربي) للكاتب “جان إلكسان” والذي صدر في عام 1981، والذي يقدم تأريخا ثريا للسينما في المنطقة العربية.
فترة السبعينات..
يحكي الكتاب عن فترة السبعينات ومدي التغييرات في صناعة السينما المصرية: “منذ بداية السبعينات أخذ يعرض وسطيا في مصر حوالي خمسين فيلما جديدا من الأفلام الروائية الطويلة التي تنتج في مصر. وخلال العقد الأخير ١٩٧١ – ١٩٨٠ كانت الغالبية الساحقة من الأفلام المصرية الطويلة من إنتاج القطاع الخاص، وأقلها إنتاجه بضمان القطاع العام لسلفة البنك. وهو النظام الذي اتبعه القطاع العام منذ أن توقف عن الإنتاج في ذلك العام.
وانتعش إنتاج الأفلام المصرية الطويلة في السبعينات لعدة أسباب، أهمها زيادة القوة الشرائية في القاهرة حيث المحك الرئيسي لنجاح الأفلام أو فشلها في العرض الأول، وإقبال الجمهور على الأفلام المصرية، وتحرر السوق من بيروقراطية القطاع العام وارتفاع أسعار الأفلام في دول الخليج والسعودية.
وفي مقابل هذا الازدهار في إنتاج الأفلام الطويلة انكمش إنتاج الأفلام التسجيلية والقصيرة حتى وصل إلى الصفر تقريبا عام ١٩٧٨ بسبب اعتماد هذا النوع من الأفلام على —تمويل القطاع العام وبسبب المشاكل السياسية التي أثارتها الأفلام التسجيلية للمخرجين الشباب العاملين في المركز القومي للأفلام التسجيلية والقصيرة مثل فيلم (وصية رجل حكيم) إخراج داوود عبد السيد.
زادت نسبة السينما التجارية السائدة التي تزيد نسبة أفلامها عن ٨٠ % من الإنتاج والتي تدور في نفس الدوائر المتعلقة للسينما التجارية بعيدا عن الفن وعن الحياة منذ عام ١٩٢٧ . ثم هناك السينما الأخرى التي تحاول الخروج من هذه الدوائر المغلقة وتبلغ نسبتها عادة ١٥ % ثم السينما الفنية التي لا تتجاوز ٥% على أقصى تقدير”.
اتجاهات السينما..
ويضيف عن اتجاهات السينما: “واتجاهات السينما الأخرى في السبعينات تتراوح بين السينما الواشية وما يسمى بالسينما السياسية، وسينما ما بعد الواقعية. أما السينما الواقعية فقد قامت عام ١٩٧٨بصدور فيلم (ابتسامة واحدة تكفي) إخراج محمد بسيوني عن مشاكل الفتاة المصرية المعاصرة. و(ابليس في المدينة) إخراج سمير سيف عن رواية بلزاك (الأب جوريو) و(مع سبق الإصرار) إخراج أشرف فهمي عن رواية دستويفسكي (الزوج الأبدي) ومن السينما الطبيعية عرض (اﻟﻤﺠرم) إخراج صلاح أبو سيف وهو إعادة لفيلم قد أخرجه عن رواية أميل زولا(تريز راكان). وبالطبع فإن الأفلام الثلاثة الأخيرة لا تعبر عن الواقع المصري.
أما ما يسمى بالسينما السياسية، ونقول ما يسمى لأن هذه السينما في الواقع تتناول موضوعات سياسية دون أن تحللها تحليلا سياسيا، فقد قدمت ميلودراما مضطربة هي (أسياد وعبيد) إخراج علي رضا ودراما جيدة هي(وراء الشمس) إخراج محمد راضي.
ومن السينما السياسية أيضا عرض فيلم (العمر لحظة) إخراج محمد راضي أيضا عن حرب ١٩٧٣ . ولكن الفيلم المأخوذ عن رواية يوسف السباعي يعتبر نموذجا للأفلام التي تتناول موضوعا سياسيا دون أدنى قدر من التحليل السياسي.
ومن سينما ما بعد الواقعية عرض فيلم يعتبر تجربة فريدة ومدهشة بالنسبة ﻟﻤﺨرجه، وهو (الاعتراف الأخير) إخراج أنور الشناوي الذي يذكرنا بأفلام التعبيريين الألمان و يأخذ المشاهد بعيدا إلى نقطة الالتقاء بين الحياة والموت. وكاتب السيناريو شاب جديد هو فراج إسماعيل ويعتبر الاكتشاف الثاني في عالم السيناريو عام ١٩٧٨ إلى جانب بشير الديك الذي اشترك في سيناريو (مع سبق الإصرار) مع مصطفى محرم.
فورة..
ويواصل الكتاب عن ما اسماها الفورة: “وهذه (الفورة) التي شهدتها السينما المصرية في السنوات الأخيرة كانت مفاجئة وأدت إلى زيادة الإنتاج بعد أن تزايد الإقبال لدرجة لم تكن في حسبان أكثر السينمائيين تفاؤلا.
وكانت هذه الفورة مبررا لإنتاج العديد من الأفلام الهزيلة، فكريا وفنيا، أدي لجعل السينما المصرية في أزمة حقيقية، ثم أخذ الإنتاج ينحدر فجأة، وأصبحت الأستوديوهات فارغة وتناقص عدد الأفلام، وهرب المنتجون إلى التلفزيون، وأخذ السينمائيون يتبادلون الاتهامات وبدأ النقاد ينعون السينما المصرية. ويعددون الأسباب التي أدت طوال خمسين عاما إلى تدهورها وانحدارها، حيث قالوا أن السينما المصرية تعيش أسوأ سنوات عمرها الفني والتجاري، وقد خرج القطاع العام بفضيحة الخسارة من وسط الإنتاج السينمائي.
حالة الرواج الوهمي التي سادت سوق الفيلم المصري خلال المواسم السابقة جعلتهم لا يستمعون إلى أي تحذير بعد أن تأكد لأي مخرج أن أية بضاعة ستطرح على الجمهور سيلتهمها بلا تردد، وأن نجاح أي فيلم في عصر الانفجار البشري الذي نعيشه مهما كان الفيلم تافها ومبتذلا عملية سهلة”.
نماذج من أفلام السبعينات..
قدم الكتاب نماذج من الأفلام التي عرضت في فترة السبعينات:
– أفواه وأرانب:
قبل سنوات أعلنت في مصر حملة لتحديد النسل وكانت الضجة الإعلامية التي رافقتها أكبر من واقعها. ضمن هذه الحملة ساهم التلفزيون ببعض الأعمال وكذلك السينما .
عادت السينما المصرية من خلال الحملة الظاهرية لمكافحة زيادة النسل، إلى الموضوع القديم المستهلك، موضوع الإقطاعي الذي يحب الفلاحة، والبيه الذي يحب الفتاة الفقيرة العاملة في مزرعته، وتصوير علاقته بها في منتهى الروعة والنبل.
مقابل هذا البيه صور الفيلم أهالي القرية التي تعيش فيها (نعمت) الفتاة الريفية التي يحبها مجموعة من اللصوص والنصابين والمحتالين والسكارى الذين يعيشون في علاقات غير إنسانية. بحيث إن الفيلم لم يظهر نموذجا إيجابيا من أهالي القرية، ولهذا كانت هالة الإعجاب تزداد شيئا فشيئا حول (البيه) الذي أوجد الحل لمشكلة الأسرة الكبيرة التي تنتمي إليها حبيبته، وهي أسرة واحدة فقط من أسر القرية الكثيرة هذا مع الإشارة إلى أن العزبة بحاجة إلى جهد جميع أفرادها.
– بعيدا عن الأرض:
كتب قصة الفيلم إحسان عبد القدوس واشترك في كتابة السيناري وللفيلم رفيق الصبان وحسين كمال ورمسيس نجيب، وقام بالأداء محمود ياسين ونجوى إبراهيم، وأخرجه حسين كمال. الشيء الجديد في هذه القصة أنها ذات نهاية غير سعيدة كما هي عليه الحال في الأفلام المصرية التقليدية. الفيلم عبارة عن بعض العقد والهموم الذاتية جدا ضمن معالجة رديئة لا تحمل أية رؤيا اجتماعية أو فنية هامة.
وفضلا عن الدعوة إلى الهجرة عن الوطن لأتفه الأسباب نرى التهجم على القطاع العام والسخرية منه يحتل فصلا لا بأس به من الفيلم. بالتهجم على النظام الاشتراكي الذي يعتبر القطاع العام القائد الفعلي والحقيقي للاقتصاد الوطني، فهذا البرجوازي الصغير المرتبط بالإمبريالية يردد ألفاظا مثل: وأيه يعني القطاع العام؟ عايزين تأكلوا حقوق الناس؟
إن شهرة حسين كمال جاءت بسبب التشجيع الذي خصته به الكتابات الجادة حول أفلامه الأولى”البوسطجي – المستحيل- شيء من الخوف” وقد انحرف بعد هذه الأفلام وركب موجة التجارة السينمائية، فصنع عددا كبيرا من الأفلام الرديئة ذات الأسلوب الجديد الذي يضلل الجمهور بطريقة جديدة كأفلام “آبي فوق الشجرة – ثرثرة فوق النيل- الرصاصة لا تزال في جيبي” وهو يستمر في فلمه هذا بهذا الأسلوب ولكن عبر شريط أقل ذكاء واستغلال للقضايا المهمة.
-ولا يزال التحقيق مستمرا..
أول فيلم يخرجه وينتجه أشرف فهمي، يعبر عن وجهة نظر في واقع اﻟﻤﺠتمع المصري في نهاية السبعينات «١٩٧٩» متجاوزا السينما التجارية السائدة التي تهرب من الواقع أو تقدمه بصورة مزيفة.
الفيلم مأخوذ عن قصة لإحسان عبد القدوس، ويتناول الفيلم فيها حقيقة الصراع بين النمطين السائدين في أفراد الطبقة الوسطى في مصر المعاصرة نمط الإنسان الذي يرى أن كل شيء مشروع طالما الهدف هو الحصول على المزيد من المال.
ونمط الإنسان الذي يرى أن هناك ما هو مشروع وما هو غير مشروع، في الحصول على المال وأن العمل المنتج هو أساس الحصول على المال، وأن المال ليس كل شيء في الحياة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة