21 سبتمبر، 2024 10:39 م
Search
Close this search box.

السينما في الوطن العربي (12)..  ابتعدت الأفلام المصرية عن تصوير حياة الشعب في الستينات

السينما في الوطن العربي (12)..  ابتعدت الأفلام المصرية عن تصوير حياة الشعب في الستينات

خاص: قراءة- سماح عادل

تأثير دخول القطاع العام في مجال صناعة السينما في مصر كان له ايجابيات وسلبيات، من الايجابيات إنتاج أفلام لها رسالة وهادفة، ومن السلبيات إنتاج أفلام مشتركة لم تحقق نجاحا. هكذا كشف لنا كتاب (السينما في الوطن العربي) للكاتب “جان إلكسان” والذي صدر في عام 1981، والذي يقدم تأريخا ثريا للسينما في المنطقة العربية.

مرحلة القطاع العام..

انتقل الكتاب إلي مرحلة القطاع العام في تاريخ صناعة السينما في مصر: “هذه المرحلة التي بدأت عام ١٩٦٣ وانتهت عام ١٩٦٩ وامتدت ذيولها إلى عام ١٩٧١ ممكن أن نسميها مرحلة القطاع العام، إذ ظهرت فيها الأفلام التي أنتجتها مؤسسة السينما وكانت تجربة جديدة من نوعها كما ظهرت فيها جماعة السينما الجديدة.

وعندما أعلن أن المؤسسة ستدخل الإنتاج ظهرت موجة من الخوف في القطاع الخاص وتوقفت عجلة الإنتاج في عدة شركات بانتظار أبعاد الخطوة الجديدة. وبدلا من أن تقضي المؤسسة فترة من الزمن تقوم خلالها بالبحث والدراسة وإعداد قصص وسيناريوهات للفيلم النموذجي الذي أنشئت من أجله، اضطرت أن تنزل بسرعة إلى ميدان الإنتاج بلا تخطيط وبلا دراسة.

إذ كان عليها أن تواجه أزمة التعطل، فتعاقدت مع عدد كبير من السينمائيين للعمل في أفلام أطلقت عليها اسم (أفلام حرف ب) ومعنى حرف ب أنها أفلام من الدرجة الثانية قليلة التكاليف. وكانت هذه الأفلام كارثة بكل معنى الكلمة، فقد ظهرت هزيلة ضعيفة، لا تختلف في شيء عن الأفلام الهابطة الرديئة التي أساءت إلى سمعة الفيلم المصري.

وهكذا وقعت المؤسسة في الغلطة التي نزلت إلى الميدان لكي تعالجها، ومهما كان العذر الذي تبرر به المؤسسة هذا الخطأ الشنيع، حتى ولو كان هذا العذر هو أنها تهيئ عملا لبعض المتعطلين، فلن يغفر لها التاريخ أنها لم تستطع أن تحقق رسالتها، وهي رفع مستوى الفيلم المصري.

القطاع الخاص..

وعن رد فعل القطاع الخاص يكمل الكتاب: “وأسوأ من هذا كله أن القطاع الخاص الذي كان يقف متهيبا وجلا أمام المولود الجديد المنتظر وجد أن مخاوفه لم يكن لها مبرر، فقد اكتشف أن فيلم المؤسسة ليس أجود ولا أرفع من الفيلم التجاري الخاص الذي أغرق السوق في فترة ما بعد الحرب.

وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن فترة التردد انتهت، وعاد القطاع الخاص إلى الإنتاج بنفس الطريقة القديمة، دون أن يقيم وزنا لمنافسة المؤسسة”.

أفلام حرف ب..

ويحكي الكتاب عن أفلام حرب ب: “فمن أمثلة أفلام (حرف ب) عرضت المؤسسة الأفلام التالية:

– (الرجال لا يتزوجون الجميلات) – إخراج أحمد فاروق —تمثيل شويكار

وأحمد خميس.

– (الرجل اﻟﻤﺠهول)- إخراج محمد عبد الجواد —تمثيل زيزي البدراوي

وصلاح قابيل.

– (العلمين) إخراج عبد العليم خطاب —تمثيل مديحة سالم وصلاح قابيل.

– (نهر الحياة) إخراج حسن رضا تمثيل صلاح قابيل ومنى مراد.

– (أيام ضائعة) إخراج بهاء الدين شرف —تمثيل ليلى طاهر وعماد حمدي.

– (الابن المفقود) إخراج محمد كامل حسن تمثيل أحمد رمزي وآمال فريد.

– (الرسالة) إخراج محمد كامل حسن تمثيل مديحة سالم وتوفيق الدقن.

– (زوج في إجازة) إخراج محمد عبد الجواد —تمثيل صلاح ذو الفقار

وليلى طاهر.

– (المراهقان) إخراج سيف الدين شركت —تمثيل يحيى شاهين وعماد

حمدي وليلى طاهر وسعاد حسنى.

– (باب من الزواج) إخراج حسن الصيفي —تمثيل شويكار وفؤاد المهندس

ومحمود المليجي.

– (من أجل حنفي)، إخراج حسن الصيفي وتمثيل نعيمة عاكف وزهرة

العلا وأحمد رمزي.

وقد أثارت هذه الأفلام ضجة كبيرة وانهال عليها النقاد بأقسى الكلمات، خاصة أن كثيرين من النقاد والصحفيين الفنيين في مصر مرتبطون بشكل أو بآخر مع سينما القطاع الخاص.

نوعية أخرى من الأفلام..

وعن تقديم المؤسسة لنوعية أخرى من الأفلام: “وقد حاولت المؤسسة أن تقدم نوعية أخرى من الأفلام فقدمت:

– (العقل والمال) إخراج عباس كامل و—تمثيل إسماعيل ياسين وطروب.

– (هي والرجال) إخراج حسن الإمام و—تمثيل لبنى عبد العزيز وصلاح قابيل.

– (الثلاثة يحبونها) إخراج محمود ذو الفقار وتمثيل سعاد حسني وحسن يوسف و(صغيرة على الحب) إخراج نيازي مصطفى تمثيل سعاد حسني ورشدي أباظة. وقصته مقتبسة من فيلم أمريكي، وبطلته فتاة تريد أن تصبح نجمة تلفزيونية وتتقدم للاشتراك في المسابقة ولكنها تفاجأ بأن المطلوبة هي طفلة صغيرة، فترتدي ثياب طفلة وتنجح في المسابقة ويقع اﻟﻤﺨرج التلفزيوني في حبها.

– (القبلة الأخيرة) إخراج محمود ذو الفقار و—تمثيل ماجدة ورشدي أباظة. وبطل الفيلم مخرج سينمائي سكير يهمل زوجته فتقع هذه الزوجة في حب ‚ممثل شاب وسيم.

– (الخائنة) إخراج كمال الشيخ تمثيل نادية لطفي ومحمود مرسي. وبطل هذا الفيلم محام يهتم بعمله ويقضي نهاره في المحاكم وليله في إعداد قضاياه، ولكن زوجته تحب السهرات والرقص والرحلات.

– (عندما نحب) إخراج فطين عبد الوهاب تمثيل رشدي أباظة ونادية لطفي، وبطل هذا الفيلم شاب رياضي من أبطال السباحة تتنافس على حبه الفتيات، يصاب ˆبمرض القلب من شدة الإجهاد، ويموت بين ذراعي حبيبته بعد أن يفوز ببطولة العالم.

– (الخروج من الجنة) إخراج محمود ذو الفقار —تمثيل فريد الأطرش وهند رستم. وبطلة هذا الفيلم صحفية تحب عاطلا بالوراثة هوايته الموسيقا، وبعد أن تصبح زوجته تكتشف أن حياته فارغة فتنفصل عنه لكي تدفعه إلى العمل فيلحن أغنية”.

نماذج سيئة..

ونصرف الكتاب لتحليل هذه الأفلام: “كانت هذه الأفلام نماذج سيئة لما يجب أن تكون عليه السينما في مجتمع اشتراكي. إذ أنها بعيدة جدا عن مشكلات حقيقية أو عن تصوير حياة الشعب في الستينات. وإنما كانت تقليدا للأفلام الرديئة التي ظهرت في أعقاب الحرب العالمية الأخيرة. أفلام الصالونات، وحفلات الرقص، والمشاهد الجنسية الصارخة”.

الناصر صلاح الدين..

وعن فيلم “الناصر صلاح الدين يتابع الكتاب: “وكان أبرز فيلم ظهر في هذه المرحلة فهو فيلم (الناصر صلاح الدين)، الذي أنتجته آسيا، وساهمت المؤسسة في —تمويله، وأخرجه يوسف شاهين، واشترك في —تمثيله أحمد مظهر وصلاح ذو الفقار ونادي لطفي وليلى فوزي وحمدي غيث وليلى طاهر وعمر الحريري.

وقد صور الفيلم بالألوان وبلغ طوله ١٧٥ دقيقة، أي ثلاث ساعات تقريبا. قد سار هذا الفيلم بصناعة السينما شوطا بعيدا إلى الإمام، إنه محطة جديدة، نقلة واسعة من أفلام الصالونات إلى الإنتاج الضخم.

فيلم كبير مشرف يقف جنبا إلى جنب مع أضخم الأفلام العالمية، واستطاع مخرجه يوسف شاهين بإمكانيات بسيطة أن يقدم لنا عملا فنيا رائعا، ولا شك أنها جرأة منه أن يخرج بهذه الإمكانيات فيلما نصفه معارك حربية”.

المخرجين الجدد..

وعن إعطاء الفرصة للمخرجين الجدد يواصل الكتاب: “كما أفسحت المؤسسة اﻟﻤﺠال أمام عدد من اﻟﻤﺨرجين المثقفين الجدد، لكي يخرجوا أفلامهم الأولى لحسابها وهؤلاء هم:

– حسين كمال: الذي أخرج فيلم (المستحيل).

– خليل شوقي: الذي أخرج فيلم (الجبل) المأخوذ عن قصة فتحي غانم، وقام ببطولته عمر الحريري وصلاح قابيل وعبد الوارث عسر وليلى فوزي وزوزو ماضي وماجدة الخطيب.

– فاروق عجرمة: الذي أخرج فيلم (العنب المر) وقامت ببطولته لبنى عبد العزيز مع أحمد مظهر ومحمود مرسي وأحمد رمزي.

– نور الدمرداش: الذي أخرج فيلم (ثمن الحرية) وقام ببطولته محمود مرسي وصلاح منصور ومحمد توفيق وكريمة مختار وفايزة فؤاد وعبد الله غيث.

– جلال الشرقاوي: الذي أخرج فيلم (أرملة وثلاث بنات) المأخوذ عن مسرحية (الغربان) لهنري بيك وقامت ببطولته زيزي البدراوي وأمينة رزق وصلاح منصور وزين العشماوي ونوال أبو الفتوح.

– عبد الرحمن الخميسي: الذي أخرج فيلم (الجزاء) عن قصة من تأليفه، وأعد بنفسه السيناريو، وتجري حوادث القصة في سنة ١٩١٩ وقام ببطولة الفيلم عدد كبير من الوجوه الجديدة مثل رشوان توفيق وحسين الشربيني

وأبو بكر عزت وأبو الفتوح عمارة وشمس البارودي.

وليس من شك في أن انتهاج المؤسسة لمثل هذه السياسة دفع دما جديدا حارا في شرايين السينما المصرية ليجدد شبابها ويثريها”.

أفلام ذات رسالة..

وغن إنتاج المؤسسة لأفلام ذات رسالة يتابع الكتاب: “وإذا كانت المؤسسة قد تورطت في بداية حياتها في إنتاج (حرف ب) إلا أنها استطاعت في السنة الثالثة من عمرها، أي في سنة ١٩٦٦ أن تنتج أفلاما من النوع الذي يحقق رسالتها مثل (ثورة اليمن) الذي أخرجه عاطف سالم وصورت مشاهده في اليمن.

وفيلم (القاهرة ٣٠ ) لصلاح أبو سيف، وفيلم (السمان والخريف) من إخراج حسام الدين مصطفى. ونستطيع أن نقول أن هذه الأفلام جاءت نتيجة للمنافسة التي نشأت داخل القطاع العام نفسه بعد أن أصبحت هناك شركتان للإنتاج هما (شركة القاهرة للسينما) التي رأسها جمال الليثي، وشركة (فيلمنتاج) التي رأسها سعد الدين وهبه”.

الإنتاج المشترك..

وعن تجربة الإنتاج المشترك: “كما تحققت في هذه المرحلة فكرة الإنتاج المشترك وقامت شركة كوبروفيلم، الشركة المصرية العامة لإنتاج وتوزيع الأفلام العالمية، بإنتاج عدد من الأفلام مع شركات أجنبية للسينما معظمها إيطالية. ولكن هذه الأفلام التي عرض بعضها مثل (ابتسامة أبو الهول) و(ابن كليوبترا) كانت من أردأ التجارب التي تورطت فيها مؤسسة السينما، إذ أنها كلها أفلام من النوع المعروف باسم أفلام رعاة البقر، وهي أفلام تعتمد على المعارك والمطاردات.

وعلى الرغم من أن هذه الأفلام تكلف إنتاجها مبالغ طائلة فقد فشلت عند عرضها فشلا ذريعا في الداخل والخارج، فمثلا (ابن كليوبترا) الذي أخرجه فرناندو استمر عرضه أربعة أسابيع، ولكن إيرادات شباك التذاكر في هذه الأسابيع الأربعة كلها لم تزد عن ٦٢٢٠ جنيها، أي أقل من ألفي جنيه في الأسبوع. قارن هنا الرقم بإيرادات العرض الأول لفيلم مصري غير مشترك ظهر في نفس الوقت، وهو فيلم “مراتي مدير عام” المأخوذ عن قصة عبد الحميد جوده السحار وأخرجه فطين عبد الوهاب، وقامت ببطولته شادية مع صلاح ذو الفقار، وقد بلغ إيراد عرضه الأول ١٧ ألف جنيه، هنا الفارق، مع ملاحظة أن (مراتي مدير عام) فيلم محلي، في حين أن (ابن كليوبترا) كان كما وصفته الإعلانات (فيلما عالميا).

وكان فيلم (ابن كليوبترا) هو أنجح فيلم مشترك من ناحية شباك التذاكر، إذ أن إيراد (ابتسامة أبو الهول) كان ٣٤٠٠ جنيه، و(قاهر الاطلانطس) كان ٣٦٠٠ جنيه و(فارس الصحراء) كان ٧٢٠ جنيها فقط.

وعلاوة على هذه الإيرادات الهزيلة فقد جاء مستوى الأفلام المشتركة هابطا إلى أقصى حد ممكن تصوره. وأساءت شركة نايرو فيلم اختيار القصص، وأسندت إخراجها إلى مخرجين إيطاليين مغمورين مثل دوتشو تياري وفرناندو بالدي وسيرج ليوني، وأسندت بطولتها إلى ممثلين أجانب من الدرجة الثالثة.

وجعلت نجوم الشاشة المصرية مثل شكري سرحان وحسن يوسف وصلاح ذو الفقار ويحيى شاهين وصلاح منصور وسميرة احمد وليلى فوزي يقومون بأدوار ثانوية، وهكذا فشلت الشركة في أن تحقق انطلاقة السينما العربية في اﻟﻤﺠال العالمي فتقدم أضخم إنتاج عربي دولي مشترك.. كما جاء في إعلاناتها”.

إعادة النظر..

وعن محاولة تتغير سياسة القطاع العام: “وبعد هذا كان لا بد من إعادة النظر في سياسة القطاع العام وإعادة تشكيل شركات المؤسسة، وذلك في أوائل عام ١٩٦٨ حيث أعيد تنظيم المؤسسة ووضعت سياسة جديدة لإنتاج أفلامها، ولكن جميع المحاولات ذهبت سدى، الآن تجار القطاع الخاص السينمائي استطاعوا أن يضغطوا على السلطة لإنهاء دور القطاع العام مستغلين الأخطاء الإدارية والتنظيمية، وضخامة النفقات المادية، وعاد القطاع الخاص للإنتاج وأصبحت المؤسسة مجرد مصدر تمويل وكفالة لمنتجي هذا القطاع. وفي العام نفسه ١٩٦٨ظهرت جماعة السينما الجديدة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة