6 أبريل، 2024 9:33 م
Search
Close this search box.

السينما الهندية.. بدأت مبكرا ووصلت إلى المراكز العليا في الإنتاج السينمائي

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

السينما الهندية لها شعبية كبيرة في الهند، حيث يُنتَج حوالي 2000 فيلم بلغات مختلفة كل عام. ويمكن القول أن السينما الهندية تنتج أفلاما يشاهدها أكبر عدد من الأشخاص مقارنةً بأي بلد أخرى. وقد بيع أكثر من 3.5 مليار تذكرة في الهند سنة 2011، أكثر من هوليوود نفسها بـ900 ألف.

المراكز الرئيسية لإنتاج الأفلام في الهند هي (مومباي وكلكاتا وبنغالور وحيدر أباد وتشيناي وكوتشي وتريفاندروم). منذ عام 2013، صعدت الهند إلى المرتبة الأولى في إنتاج الأفلام سنويا، بعدها “نوليوود” في نيجيريا، ثم هوليوود ثم الصين. فقد أنتجت الهند 1602 فيلما في 2012. وبلغت الإيرادات الإجمالية لصناعة الأفلام الهندية 1.86 مليار دولار (93 مليار روبية) سنة 2011. وبلغ إجمالي إيرادات شباك التذاكر سنة 2015 في الهند 2.1 مليار دولار أمريكي، أي الثالثة عالميا. بلغ إجمالي إيرادات السينما الهندية 1.3 مليار دولار أمريكي سنة 2000، وتنقسم السينما الهندية على أساس اللغة.

يطلق اسم “بوليوود” على صناعة الأفلام باللغة الهندية وهي القطاع الأكبر، إذ تمثل 43٪ من إيرادات شباك التذاكر. تمثل الإيرادات المجمعة لصناعات الأفلام التاميلية والتيلوجو 36٪. تشمل صناعة السينما في جنوب الهند خمس ثقافات سينمائية: (التيلوجو والتاميلية والمالايالامية والكانادا وتولو). والسينما البنغالية هي ثقافة سينمائية بارزة أخرى معروفة باسم “توليوود”، ارتبطت إلى حد بعيد بحركة السينما الموازية، على النقيض من أفلام المسالا الأشهر بين أفلام “بوليوود” و”التاميلية”.

تعد السينما الهندية مؤسسة عالمية، تتم متابعة أفلامها في جنوب آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط وشرق إفريقيا والصين، وأماكن أخرى تصل إلى أكثر من 90 دولة. أصبحت الأفلام البيوغرافية بانضمام دانغال أفلاما عابرة للحدود تجاوزت 300 مليون دولار في جميع أنحاء العالم. يشاهد ملايين الهنود في الخارج الأفلام الهندية ويمثلون نحو 12٪ من الإيرادات. وتمثل حقوق الموسيقى وحدها 4-5٪ من الإيرادات.

تستثمر الشركات العالمية مثل “يونيفرسال وفوكس وورنر” في صناعة السينما إلى جانب المؤسسات الهندية مثل “آيه في إم برودكشنز وبراساد جروب وصن بيكتشرز وبي في بي سينيماز وزي ويو تي في”. وفي عام 2003، انضم نحو 30 شركة لإنتاج الأفلام إلى بورصة الهند الوطنية (NSE).

بداية السينما الهندية..

جاءت بداية السينما في الهند متزامنة مع بداية عصر السينما. بعد عرض الصور المتحركة ل”لوميير وروبرت بول” في لندن في 1896، أصبح التصوير السينمائي التجاري اتجاها عالميا، وبحلول 1896، عُرض كل من أفلام “لوميير وروبرت بول” في بومباي العاصمة الهندية.

الأفلام الصامتة (1890-1920)..

في 1897، قدم عرض فيلم للبروفيسور “ستيفنسون” وكان عرضا مسرحيا في مسرح “ستار كالكوتا”. مع تشجيع وكاميرا “ستيفنسون”، صنع “هيرال سين”، المصور “هالندي”، فيلما من مشاهد مأخوذة من ذلك العرض أُطلق عليه زهرة بلاد فارس (1898). يظهر فيلم المصارعون (1899) من تأليف “إتش إس باتافديكار”، مباراة مصارعة في الحدائق المعلقة في بومباي، ويُعد أول فيلم يصوره شخص هندي وأول فيلم وثائقي هندي.

وأول فيلم هندي صدر في الهند كان “شري بنداليك”، وهو فيلم صامت في “ماراثي” أخرجه “داداساهيب تورن” في 18 مايو 1912 في “كورونيشن سينيماتوجراف” في بومباي. جادل البعض بأن “بنداليك” لم يكن أول فيلم هندي، لأنه كان تسجيلا فوتوغرافيا لمسرحية ولأن المصور كان بريطانيا يُدعى “جونسون” وطُبع الفيلم في لندن.

أنتج أول صور متحركة كاملة الطول في الهند “داداساهيب بالكي”، ويُعد “بالكي” رائد صناعة الأفلام الهندية وباحثا في اللغات والثقافة الهندية. وظف عناصر من الملاحم السنسكريتية لإنتاج فيلمه “راجا هاريشندرا” سنة 1913، فيلم صامت عن المهارية. لعب الممثلون الذكور الشخصيات النسائية في الفيلم. أُنتجت طبعة واحدة فقط من الفيلم لعرضها في “كورونيشن سينيماتوجراف” في 3 مايو 1913، ونجحت تجاريًا. كان “كيشاكا فادهام” أول فيلم صامت في “التاميل” من صنع “آر. ناتاراجا موداليار” عام 1916.

كان مسرح “مادان” أول سلسلة لدور السينما الهندية، وكان مملوكا لرجل الأعمال “بارسي جامشيدجي فرامجي مادان”، الذي أشرف على إنتاج 10 أفلام سنويا ووزعها في جميع أنحاء الهند بدء من عام 1902. أسس شركة “الفينستون بيوسكوب كومباني في كالكوتا”. واندمجت “الفينستون” مع شركة “مادان ثييترز” ليمتد سنة 1919، التي جلبت العديد من الأعمال الأدبية الشعبية في البنغال إلى المسرح. وأنتج “ساتياوادي راجا هاريشندرا” عام 1917 وهو طبعة جديدة من “راجا هاريشندرا” (1913).

كان “راغوباثي فينكاياه نايدو” من “ماشيليبتنام” فنانا هنديا ورائدا في الأفلام. شارك في العديد من أعمال السينما الهندية منذ 1909 وسافر عبر آسيا. كان أول من بنى وامتلك دور سينما في “مادراس”. أُطلق عليه أب سينما تيلوجو. صدر أول كالوي تيلجو وتاميل ثنائية اللغة في 31 أكتوبر 1931 في جنوب الهند. أسس “ناتاراجا موداليار” أول أستوديو أفلام في جنوب الهند في “مادراس”. اكتسب الفيلم شعبيةً في الهند، وكانت أسعار التذاكر في متناول الجماهير في بومباي، مع وسائل راحة إضافية مُتاحة بسعر أعلى.

بدأ المنتجون الشباب بدمج عناصر الحياة الاجتماعية والثقافية الهندية في السينما. وجلب آخرون أفكارا من جميع أنحاء العالم، وسرعان ما أدركت الجماهير والأسواق العالمية صناعة السينما الهندية. شكلت الحكومة البريطانية سنة 1927 لجنة التحقيق السينمائية الهندية للترويج لسوق الأفلام البريطانية على حساب الأفلام الأمريكية في الهند. تألفت المحكمة الجنائية الدولية من ثلاثة بريطانيين وثلاثة هنود بقيادة “ت. رانجاشاري”، محامي “مادراس”. فشلت هذه اللجنة في دعم التوصيات المطلوبة لدعم الأفلام البريطانية، وأوصت بدلا من ذلك بدعم صناعة السينما الهندية الناشئة، وتأجلت اقتراحاتهم.

الأفلام الناطقة (1930– 1940)..

أطلق “أرديشار إيراني” (آلام آرا)، أول فيلم متكلم هندي في 14 مارس 1931. أنتج “إيراني” لاحقا أول فيلم ناطق في جنوب الهند اسمه “كاليداس”، إخراج “إتش. إم. ريدي”، صدر في 31 أكتوبر 1931. كان “جوماي ساستي” أول من يتحدث البنغالية. كان “شيتور” في “ناجايا” واحدا من أوائل الممثلين/ المطربين/ الملحنين/ المنتجين/ المخرجين في الهند، وعرف باسم “بول موني” الهندي.

في 1932، صنع اسم “توليوود” لصناعة الأفلام البنغالية لأن “توليليغونج” تتناسب مع هوليوود. كانت “توليلغونج” آنذاك مركز صناعة السينما الهندية. تفوقت بومباي لاحقا على “توليلغونج” مركزا للصناعة، وولدت “بوليوود” والعديد من الأسماء الأخرى المستوحاة من هوليوود.

في 1933، أنتجت شركة أفلام الهند الشرقية أول فيلم “تيلوجو” يدعى “سافيتري”. بناء على مسرحية من تأليف “ميلافارام بالا بهاراتي ساماجام”، أخرج الفيلم “سي. بولاياه” مع الممثلين المسرحيين “فيموري جاجاياه وداساري رامثايلاكام”. كرم الفيلم في مهرجان البندقية السينمائي الدولي الثاني.

في 10 مارس 1935، أنتج صانع أفلام رائد آخر هو “جيوتي براساد أغاروالا” أول فيلم له: “جويموتي في أساميس”. ذهب “جيوتي براساد” إلى برلين لمعرفة المزيد عن الأفلام. “إندرامالاتي” هو فيلم آخر أنتجه وأخرجه بعد “جويموتي”. كان “دورجا سينتون” أول أستوديو للأفلام في جنوب الهند، أُنشأه سنة 1936 “نيدامارثي سورايا” في “راجاموندري” في “أندرا براديش”.

شهدت ثلاثينيات القرن الماضي ظهور الموسيقى في السينما الهندية، بموسيقى مثل “إندرا سابها وديفي ديفياني” ما يعد بداية الغناء والرقص في الأفلام الهندية. ظهرت الاستوديوهات بحلول 1935 في المدن الكبرى مثل “مادراس وكلكتا وبومباي”، إذ أصبحت صناعة الأفلام حرفة راسخة تتجسد في نجاح (ديفداس) من إخراج صانع أفلام أسامي يُدعى “براماثيش بارواه”. عام 1937، صدر “كيسان كانياه” الذي أخرجه “موتي بي”، وهو أول فيلم ملون صنع في الهند. فيلم “فيشوا موهيني” (1940)، هو أول فيلم هندي يصور عالم السينما الهندية. أخرج الفيلم “واي. في. راي” وكتبه “باليجبالي كافي”.

سينما الخيام..

قدم “سواميكامي فنسنت”، الذي بنى أول سينما في جنوب الهند في كويمباتور، مفهوم سينما الخيام، إذ أقيمت خيمة على مساحة من الأرض المفتوحة لعرض الأفلام. كان الأول من نوعه في “مادراس”، وأطلق عليه سينما “جراند أديسون”. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الكربونات الكهربية استُخدمت لأجهزة عرض الصور المتحركة. افتتحت “بومباي توكيز” عام 1934 وبدأت أستوديوهات برابهات في بيون إنتاج الأفلام المهارية.

أنتج “أر. إس. دي. شودري” فيلم الغضب (1930)، الذي حظره الراج البريطاني لتصويره الممثلين الهنود قادةً خلال حركة الاستقلال الهندية. أصبح فيلم “سانت توكارام” (1936) الذي يستند إلى حياة “توكارام” (1608–1650) قديس “فاركاري” وشاعر روحي، أول فيلم هندي يُعرض في مهرجان دولي للأفلام في نسخة 1937 من مهرجان البندقية السينمائي. عُد الفيلم أحد أفضل ثلاثة أفلام ذلك العام. عام 1938، شارك “جودفالي رامبرامان” في إنتاج وإخراج الفيلم الاجتماعي “رايثو بادي”، الذي حظرته أيضا الإدارة البريطانية لتصوير انتفاضة الفلاحين بين الزمندار خلال فترة حكم الراج البريطاني.

أفلام ماسالا..

نشأت أفلام ماسالا الهندية، وهو مصطلح يستخدم للأفلام مختلطة الأنواع التي تجمع بين الأغنية والرقص والرومانسية وما إلى ذلك، وظهرت بعد الحرب العالمية الثانية. خلال أربعينيات القرن الماضي، شكلت السينما في جنوب الهند نحو نصف قاعات السينما في الهند وعدت السينما أداة لإحياء الثقافة. أدى تقسيم الهند بعد الاستقلال إلى تقسيم أصول الدولة وانتقل عدد من الاستوديوهات إلى باكستان، وأصبح التقسيم موضوعا سينمائيا بعد ذلك.

بعد الاستقلال الهندي، حققت لجنة “إس. كي. باتيل” في صناعة السينما. أوصى “باتيل” بإنشاء مؤسسة تمويل الأفلام (FFC) التابعة لوزارة المالية. اعتُمدت هذه النصيحة عام 1960 ووفرت المؤسسة الدعم المالي لصناع الأفلام. أنشأت الحكومة الهندية قسمًا للأفلام بحلول عام 1948، الذي أصبح فيما بعد أحد أكبر منتجي الأفلام الوثائقية في العالم، ينتج سنويا أكثر من 200 فيلم وثائقي قصير بـ18  لغة، مع 9000 مطبوعة لمسارح الأفلام الدائمة في جميع أنحاء البلاد.

المسرح الشعبي الهندي..

بدأت جمعية المسرح الشعبي الهندي (IPTA)، وهي حركة فنية ذات ميل شيوعي، تتبلور خلال أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. أعدت مسرحيات الجمعية الواقعية، مثل “نابانا بيجون باتشاريا” (1944) أساس الواقعية في السينما الهندية، التي مثلها “خواجة أحمد عباس” في (أطفال الأرض) عام 1946. واصلت حركة الجمعية تأكيد الواقعية وواصلت إنتاج الهند الأم وبياسا، من بين المنتجات السينمائية الأشهر في الهند.

بحلول سبعينيات القرن العشرين، كانت الهند قد تجاوزت كل الدول الأخرى في عدد الأفلام المُنتَجة؛ حيث كانت تُصدِر في المتوسِّط فيلمين يوميًّا؛ أي خُمس كل الأفلام المنتجَة حول العالم. تُحافظ صناعة السينما في الهند على إنتاج سنوي ما بين ٨٠٠ إلى ١٠٠٠ فيلم يُغذِّي ما يقرُب من ١٣ ألف دار عرض محلية وأحدَ عشر مليون مُشاهد يوميًّا. كما تحتفظ الهند كذلك بالرقم القياسي في توزيع الأفلام خارجها في الأسواق الناشئة؛ حيث تُصدِّر أفلامًا أكثر مما تستورِد، وفي أغلب الأحيان تتجاوز الولايات المتحدة في مناطق مثل شمال أفريقيا والشرق الأوسط والشرق الأقصى.  بحلول عام ٢٠٠٢، كانت الأفلام الهندية قد باعت ما يقرُب من ٣٫٦ مليارات تذكرة حول العالم، وهو ما يزيد عن الأفلام الهوليوودية بحوالَي مليار تذكرة، ومع ذلك، فإن الدخل الذي حقَّقته الأخيرة أكبر بكثير من ذلك الذي حقَّقته الأولى.

الخلفية السياسية..

تعرَّضت الأرض التي نَعرفها اليوم بالهند وباكستان وبنجلاديش، على مدار بضعة الآلاف من السنين الأولى من تاريخها، للاحتلال على يد سلسلة من الغزاة، وهم الآريُّون والفُرس والإغريق والمسلمون، أو التوحيد بواسطة حكام وطنيين مثل “تشاندراجوبتا وأشوكا” اللذين أسَّس كلٌّ منهما إمبراطورية قوية. في الأزمنة الأحدث، سيطرت بريطانيا على هذه الأرض عن طريق التحكُّم في التجارة من خلال شركة الهند الشرقية في القرن الثامن عشر، وتلا ذلك تعزيز السلطة السياسية من خلال نظام الراج البريطاني في القرن التاسع عشر.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حصَدت حملة موهانداس «المهاتما» غاندي السلمية للوصول إلى الاستقلال زخمًا شعبيًّا، مما أدَّى في النهاية إلى خروج بريطانيا من الهند في عام ١٩٤٧، وأصبح “جواهر لال نهرو”، رئيس المؤتمر الوطني الهندي، أول رئيس وزراء للهند. لكن الخلافات الطويلة الأمد بين الهندوس والمسلمين، والتي تفجَّرت في عنف مروِّع أفسدت استقلال الهند. وبينما نادى غاندي بالتسامح بين كل الأديان، فإن قائد العصبة الإسلامية، “محمد علي جناح”، نادى بتقسيم الهند إلى دولتَين مُنفصلتَين على أساس الدين. أدَّى التقسيم الذي أخرج للنور باكستان عام ١٩٤٧ إلى ترك الملايين من الأقليات الهندوسية والمسلمة محاصَرين في أرضٍ مُعادية. وأثناء فرار هذه الجماعات الكبرى، كلٍّ إلى البلد الذي تنتمي إليها من حيث الدِّين؛ حيث لجأ الهندوس إلى الهند والمسلمون إلى باكستان، حدثت صدامات عنيفة بينهما أدَّت إلى سقوط نصف مليون قتيل.

كما أدى اغتيال غاندي عام ١٩٤٨ إلى تأجيج الوضع بشكلٍ أكبر. وبعد موت نهرو عام ١٩٦٤، خلَفه لفترة قصيرة لال بهادور شاستري الذي انخرَط في حرب مع باكستان بسبب منطقة كشمير المتنازَع عليها، ثم تلاه ابنة نهرو، إنديرا غاندي التي تولَّت منصب رئيسة الوزراء عام ١٩٦٦. وبعد سلسلة من الأزمات الاقتصادية، ووسط اتهامات بالفساد، أعلَنَت غاندي حالة الطوارئ في البلاد عام ١٩٧٥، مُعلِّقةً الحقوق المدنية لمدة غير مسبوقة وصلت إلى ١٨ شهرًا. ثم اغتيلت غاندي بيَدِ أحد أفراد طائفة السيخ عام ١٩٨٤ بعد أن شنَّ جنودُها هجومًا دمويًّا ضد مُتطرِّفي السيخ في المعبد الذهبي الذي يُعتبَر أقدس مقامٍ ديني لديهم. اتَّسمت الأعوام الخمسة والعشرون التالية بالعداوات المستمرَّة مع باكستان (في الأغلب بسبب النزاع على كشمير)، والمزيد من النزاعات العرقية (والتي ضمَّت نمور التاميل في سريلانكا)، واغتيال آخر (راجيف، ابن إنديرا غاندي، بيدِ المتعاطِفين مع التاميل)، وكوارِث طبيعية (مَوجات تسونامي العاتية عام ٢٠٠٤ وزلزال عام ٢٠٠٥)، وهجمات إرهابية على مومباي (بواسطة مُسلَّحين من باكستان) في عام ٢٠٠٨. لكن في نفس الوقت، وبينما سيطرت الأخبار السلبية على عناوين الأخبار، بدأت الهند تتمتَّع بنموٍّ اقتصادي ثابت منذ عام ١٩٩٠ تسبَّب فيه جزئيًّا تدفُّق رأس المال الأجنبي وتعهيد الخدمات التقنية من دول أخرى، وزيادة مثيرة في الطبقة الوسطى في الهند.

بوجهٍ عام، تطوَّرت صناعة السينما الرئيسية في الهند بشكلٍ مُستقلٍّ عن سيطرة الحكومة. وبوليوود، مثل هوليوود، في الأساس مشروع تجاري وكيان مُربح ربحًا هائلًا يُديره رُوَّاد أعمال يستغلُّون موجات العرض والطلب. لكن في بعض الأوقات، سعت الحكومة لإدارة دفَّة السينما في اتجاه محدَّد، وحاول العديد من المُخرجين إتباع الأجندات السياسية الخاصة بهم. في الهند؛ حيث كانت تُعتبَر الوطنية أمرًا ذا شأن كبير خلال سنوات تطوُّر السينما.

الهوية الهندية..

عكسَت شاشات دُور العرض في الهند السياسة الهندية بطُرُق عديدة. وأحيانًا كانت غائبة بشكل واضح. وخلال السنوات التي سبَقَت الاستقلال، انتقل معجم الصور في تعريفِه لمُصطلَح «الهوية الهندية» من الأسطورة والخرافة إلى رُؤى أكثر واقعية للقرويين والعمَّال. أصبحت صور النساء وخاصة الأم التي تُعاني في صبر في إشارة إلى الهند، تُمثِّل الأمة ككل. واندمَجَت أشهَر ثلاثة أنواعٍ سينمائية — الأساطير والتاريخ والحركة — لتكوِّن نوعًا سينمائيًّا واحدًا وهو الأفلام الاجتماعية والتي تتركَّز حول العائلة الهندية. وخلال سنوات حكم جواهر لال نهرو، انهارت الآمال العظيمة للأمة الهندية، وتحوَّلت في النهاية إلى رماد مرير. انعكس في البداية إيمان نهرو بأن العلم الحديث والتخطيط الحضري سيبنيان اقتصادًا قويًّا للأمة الجديدة في شكل نوع سينمائي فرعي جديد مُتمثِّل في أفلام المدينة، والتي من أمثلَتِها «سائق التاكسي» («تاكسي درايفر»، ١٩٥٤) و«السوق السوداء» («بلاك ماركت»، ١٩٥٦).

أقام راج كابور، والذي كان صديقًا شخصيًّا لنهرو، أحداثَ فيلمه «شري ٤٢٠» في بومباي، حيث يصِل بطل الفيلم، راج، إلى المدينة الكبيرة الصاخبة من مدينة الله آباد التقليدية (محل ميلاد نهرو) بآمالٍ عالية في الحصول على وظيفة لائقة. لكن لا يمرُّ وقتٌ طويل قبل أن يصطدم تفاؤل راج بالتشاؤم المنتشر بين سكان بومباي. ينصحُه أحد الغرباء بأن الأشخاص الصادقين دائمًا ما يكونون عاطلِين عن العمل، وأن صغار المُجرِمين جميعهم في السجن، وأن كِبار المُحتالين هم فقط من يعيشُون في أحسن حال؛ فهم من يُدير المدينة. وبعد فشل راج في العثور على عمل، يُحاول الانضمام إلى مجموعة من المشرَّدين الذين ينامون على الأرصفة، لكن حتى هؤلاء يُريدونه أن يدفع إيجارًا للعيش معهم. في النهاية، يتبع راج نصيحة الغريب حيث يُقايض أسماله البالية بالثروة الآتية بطُرُق غير شرعية ويهجُر أثناء ذلك فتاةً طيبة تُسمَّى فيديا (وهي كلمة تعني «الحكمة») من أجل فتاة لَعوب تُسمى «مايا» (وهي كلمة تعني «الوهم»). رغم ذلك، ما يُدركه في النهاية هو أن الرُّوح البسيطة للفقراء أفضل من الغُرور والخيانة لصَفوة المجتمع في بومباي. يعود في النهاية إلى فيديا وينتهي الفيلم برؤية «نهروية» متعلِّقة بالحصول على إسكان شعبي ميسور التَّكلِفة. لم يكن من المفاجئ أن «شري ٤٢٠» حقَّق نجاحًا كبيرًا في الاتحاد السوفييتي بينما أصبح فيلم «المتشرد» لراج كابور الفيلم المفضَّل للزعيم الصيني “ماو تسي تونج”.

إنَّ الوفرة الكبيرة في أفلام “بوليوود” وحيوية نجومها غير الاعتياديِّين وانغماسها في المُتَع العاطفية والطاقة الشديدة التي تُميِّز موسيقاها، كل هذه هي السِّمات المُميزة لجماليات السينما الهندية الجماهيرية. إن انتقاد “بوليوود” لكونها سطحية أو غير واقعية أو تجارية، كما يقول البعض، لهو تطبيق للمعايير الجمالية الخاطئة، إذ يجب أن يحكم على “بوليوود” من خلال شروطها الخاصة، أي على أساس جمالياتها المحلية.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب