خاص: قراءة – سماح عادل
يقول المخرج الفرنسي “جاك دومي” أنه يفضل ترك الحرية للممثلين ليعبروا عن أفكارهم، وأن هدفه تقديم مشاعر إنسانية كريمة تمثل عالماً قابلاً للعيش في مجتمع ممكن. ويقول “ميشال دوفيل” أن مهنة الإخراج مهنة صعبة لكنها ممتعة، ويوجد الكثير من جنون العظمة في هذه المهنة، وأنه يحرص على التعامل مع الممثلين بحب ومودة.
نواصل قراءة الكتاب المميز (قرن من السينما الفرنسية.. من خلال اعترافات مخرجيها)، تأليف “إيريك لوغيب”، ترجمة “محمد علي اليوسفي”، حيث يحتوي على عرض حوارات أبرز المخرجين في السينما الفرنسية. لنتعرف من خلال تلك الحوارات على السينما الفرنسية ورموزها واتجاهاتها.
جاك دومي Jacques DEMY
“جاك دومي” مخرج فرنسي، ولد في بون شاتو سنة 1913. توفي سنة 1990.
الأفلام التي أخرجها: (لُولا (1960)؛ خليج الملائكة (1962)؛ مظلات شربورغ (1964)؛ آنسات روشفور (1966)؛ موديل شوب (1969)؛ إهاب الحمار (1970)؛ عازف الناي (1971)؛ أهم حدث منذ أن سار الإنسان على سطح القمر (1973)؛ أنوشكا (1978)؛ غرفة في المدينة (1983)؛ باركنغ (1984). خصصت “آنياس فاردا” فيلما لمرحلة شباب جاك دومي بعنوان “جاكو الذي من نانت” (1991).
إهاب الحمار..
يجيب “جاك دومي” في بداية الحوار عن سؤال “يتزامن لقاؤنا مع ظهور فيلمك “إهاب الحمار” في القاعات. هل بوسعي أن أسألك أين تحدد موقعه ضمن أعمالك؟: “هذا الفيلم يحقق لي أمنية قديمة. كنت أرغب في إنجازه منذ زمن بعيد، لكنني لم أتمكن من جمع الممثلين. والأموال والمنتجين، أي الجميع.
أين أضعه بالنسبة إلى أفلامي الأخرى؟ إنه تتمة منطقية. هل يعني هذا الكلام شيئاً؟ ذلك أن أفلامي مختلفة عن بعضها البعض، مع انتظامها في خط الأفلام الموسيقية باعتبارها تتضمن بعض الأغاني. لكن الأهم في كل لك أنه تذكر أو نداء لطفولتي. ويتضمن الفيلم ذكريات كثيرة تعود إلى تلك المرحلة وإلى قراءاتي للحكايات السحرية التي وضعها بيرو، وغريم، وأندرسون.
وعن كيف يختار مواضيع أفلامه بشكل عام ومتى يقرر إخراجها يقول: “كما تعرف، ليست السينما عملاً سهلاً. وخاصة من الزاوية الاقتصادية. ولو كانت مجرد فن إبداعي آخر مثل الرسم والموسيقى والنحت، لكانت أسهل. في السينما كثيراً ما تحكمنا الأفلام الرائجة، الأفلام البوليسية مثلاً. فإذا تقدمت بفيلم كوميدي تجد نفسك في مأزق. وبالنسبة لاختيار المواضيع فهو يتداخل مع توفير جميع شروط الإخراج، من المنتج إلى الممثل إلى الأموال اللازمة، حتى إن ذلك الموضوع قد يفقد من قيمته مع مرور زمن الانتظار. فيما يخص “إهاب الحمار” كنت أفكر في إنجازه منذ زمن طويل. لكنه فيلم مرتفع التكاليف. تحدثت عنه كثيراً ولم أجد استجابة عند المنتجين. يضاف إلى ذلك أنني لم أكتب شيئاً حوله. وذات يوم أطلعتني ماغ بودار على رغبتها في إنجاز الفيلم. وكنت قد حدثتها عنه. وهكذا شرعت في كتابته ومن ثم إخراجه بتمثيل كاترين دونوف وجان ماريه وجاك بيران. وكان فريقاً جميلاً”.
عن كيفية اختيار ممثليه بشكل عام، ثم العلاقات التي يقيمها معهم يقول: “الاختيار سهل لأنني أعرف كل الممثلين تقريباً. وأميز الذين يمكن التفاهم معهم. إنها عائلة تجمع بينها المحبة والأفكار. وثمة تبادل وحوار. أتحدث معهم عن المشروع، حتى قبل كتابته، أحياناً، كي أتأكد من موافقتهم. وهذا ييسر مهمتي في وضع الحوار لأنني أعرف عندئذ من سيؤديه. ولقد وضعت الحوار في “إهاب الحمار” مع التفكير في الممثلين بدقة، لأنني كنت أعرف أن ميشلين بريسل سوف تؤدي دور الملكة الأم، وأن جاك بيران سوف يكون الأمير الوسيم”…
وعن عندما يكون الممثلون على “البلاتوه” يقول: “نبدأ بتجربة عامة مع ترك الحرية كاملة للممثلين. فلكل ممثل أفكار دقيقة حول شخصيته في السيناريو. أتركهم يأتون بأفكارهم ثم أعمد إلى الاختيار، وتوجيه البعض منهم”.
مسرح العرائس..
وعن كيف جاء إلى السينما وكيف تولدت موهبته يقول: “هذا يعود إلى الطفولة وإلى “إهاب الحمار”. بدأت باكتشاف مسرح العرائس واكتشفت من خلاله عرض الحكايات. وبعد بضعة أعوام اكتشفت السينما وكنت في سن السابعة آنذاك. ثم كان التطور منطقياً. إذ بدأت بتقليد مسرح العرائس. وفي الثالثة عشرة اشتريت أول كاميرا. وهكذا لم تواجهني مشكلة الاختيار منذ تلك السن المبكرة”.
وعن الإعجاب بسينمائيين آخرين يقول: “بالتأكيد. كل الأفلام الجيدة أثارت إعجابي وولدت لدي الرغبة في ممارسة السينما. وأفضل مثال على ذلك شريط “النهر” لرينوار فقد كنت ألاحق عرضه من قاعة إلى أخرى عندما كنت طالباً. وهناك أفلام أخرى شاهدتها بين خمس وعشرين وثلاثين مرة.
ففي فرنسا، على سبيل المثال، أحب أفلام بريسون، وفي الولايات المتحدة الأميركية تعجبني أفلام ويلز، وهناك فيسكونني وفليني في إيطاليا. أما الآن فالخبرة تجعلني أكثر تطلباً”.
وعن كيف كانت مسيرته يقول: “عملت مساعداً في أحد الأفلام كي أتعلم كل شيء. لكن، يمكن القول إن بدايتي كانت من خلال الكتابة مباشرة لجورج روكييه. فقد كتبت سيناريو فيلم قصير بعنوان “صانع القباقيب في فالديلوار” وكنت أعتقد أن روكييه الذي أخرج “صانع البراميل” و”نجار العربات”… هو الوحيد القادر على إخراجه. لكنه فاجأني بالقول: “كلا. لقد أخرجت أفلاماً مثل ما تقدمه لي. لكن ما أنجزته أنت مختلف تماماً، مهما كان رأيك. سأبحث لك عن منتج” وهذا ما شكل أول فرصة أمامي، وصداقة عميقة مع جورج روكييه. وهكذا بدأت الأبواب تفتح أمامي…”.
وعن اعطاءه أهمية كبيرة للتقنية يقول: “ينبغي معرفة التقنية وعدم التفكير فيها. فهي ليست موجودة. وتشبه عملية الكتابة أو الرسم إذ تنتفي التقنية آنذاك. ويصير الأهم ما تريد قوله والتعبير عنه وطريقة قوله. حتى في مجال السينما هناك تقنيون كثيرون يستطيعون مدك بما تريد إذا كنت مخرجاً”.
وعن الاهتمام بالجمهور أثناء الإخراج يقول: “هناك طموح دائم في إخراج فيلم يشاهده مليون شخص في باريس، ويحقق نجاحاً عالمياً. لكن، لا أحد يعرف الوصفة السحرية. فهناك من أنجزوا أفلاماً ناجحة من دون التفكير في الجمهور، وثمة من يفكر في الجمهور بلا انقطاع ويكون مصيره الفشل. عندما أخرجت “إهاب الحمار” مثلاً، لم أكن أنوي إنجاز شريط حميم نظراً لكونه شريطاً يخاطب الأطفال والراشدين. لكن الحكاية، في الأصل، ذات وجهين، وقابلة للتأويل، فهي طفولية ومربكة في آن. وذلك ما أثار افتتاني بها”.
وعن ما يريد تبليغه للجمهور يقول: “لست ممن يدعون إبلاغ رسالة. لقد بدأت متفرجاً وقدمت لي السينما متعة فائقة. وعندما أنجز أفلاماً وأجد أنها جيدة، أواصل الهدف ذاته. أمقت الابتذال والعنف. وكان شغلي الشاغل دائماً هو تقديم مشاعر إنسانية كريمة تمثل عالماً قابلاً للعيش في مجتمع ممكن. في شريط “مظلات شربورغ” قصة حب مثالية، عن حب أول تحطمه حرب الجزائر. وكان يمكن أن تكون أي حرب أخرى، لكنني أردت وضع القصة في سياق اجتماعي واقعي ودقيق، وذلك عندما أخرجته بين 1962 و 1963. أما بالنسبة لـ “إهاب الحمار” فالأمر يختلف. إذ كان من الصعب تحديد سياق له لأن الفيلم يلامس طفولتي ولم أشأ الوقوع في عمليات نبش على طريقة التحليل النفسي. وقد يجد فيه البعض تأويلات ممكنة تماماً مثلما يمكن تأويل الحكاية الأصلية تحليلاً سيكولوجياً”.
وعن سعيه إلى التعبير عن نوع من الرمزية انطلاقاً من الصور والألوان: “أبداً. فأنا أكره الرموز. أحب البساطة والواقع والحقيقة. أحياناً عندماً أعود إلى مشاهدة أفلامي أشعر أنني ذهبت بعيداً، في اتجاه ما، فأسعى إلى تفادي ذلك في الأعمال اللاحقة، خصوصاً وأنني لست راضياً عما أنجزت حتى الآن”.
وعن فيلم يفضله على بقية أفلامه: “كلا. وحتى إعادة رؤية أفلامي تجعلني أنتقدها. لأنها انفصلت عني فصرت أشاهدها كما لو كانت من إنجاز آخرين. أحياناً تعود العيوب إلى الظروف المصاحبة للإخراج. فالحياة اليومية ذات تأثير في ما تقدم به، بعيداً عن شخصيتك وعن إرادتك في التعبير عن شيء في اتجاه معين”.
وعن أهم ميزة يتحلى بها السينمائي في نظره يقول: “العناد. لأنها مهنة ملآى بالفخاخ. فلابد من العناد والعافية الصحية. الإخراج معركة حقيقية ودائمة”.
وعن اهتمامه بالتلفزيون يقول: “نعم، أحبه كثيراً. ولا أرى مانعاً في التعامل معه. لكن، ضمن أي صنف من الأعمال؟ فالتلفزيون وسيلة تعبير أجدّ من السينما. ولو أتيحت لي الفرصة لعبّرت من خلاله بطريقتي الواضحة والناجحة”.
وعن دور الموسيقى يقول: “كل شيء مهم في نظري. أنجز أفلاماً موسيقية. وأحب التعامل مع الألوان. وفي طفولتي كنت أعزف الكمنجة. كما أنني التحقت بمعهد الفنون الجميلة لتعلقي بالرسم. زد على ذلك أنني أتعاطى القراءة والكتابة. لذلك أعتبر أن كل شيء مهم في الفيلم من اختيار اللون إلى اختيار الممثل، وصولاً إلى اختيار الإضاءة”.
لهذا أحب العمل مع أناس أعرفهم جيداً مثل ميشال لوغران الذي يمكنني إزعاجه طيلة النهار. ونتوصل إلى التعديل والتحوير وفق ما أجده مناسباً للصور”.
وعن العمل وفق الطلب يقول: “أستطيع إنجاز أي شيء. أرفض وضع الحدود. فإذا عرض علي شريط يتضمن شيئاً جديداً ومثيراً لن أترك الفرصة تفوت. لكن المؤسف أن أكثر الاتصالات التي تمت معي كانت بحثاً عن مخرج يجيد مهنته كي يرتّق ما فسد. أي أنهم ينادونني لأن السفينة بدأت تغرق”.
وعن إيقاعه الإبداعي يقول: “لدي، دائماً، مشاريع كثيرة. وفي رأسي أفكار كثيرة تتصارع. لكنني لا أستطيع الشروع في فيلم إذا لم أنته من الفيلم السابق. وهذا عيب أعترف به. لأنني، بهذه الطريقة لا أتوصل إلا إلى إنجاز فيلم واحد كل سنتين. وهذا غير كاف”.
ولعي الأول..
وعن الفيلم القصير يقول: “أخرجت بعض الأشرطة القصيرة. لكنني أرتاح أكثر للأفلام الطويلة. وما دامت لدي أفكار وقدرة على إخراج الأفلام الطويلة لا أجد سبباً لإنجاز أشرطة قصيرة للتلفزيون. كانت السينما انطلاقتي الأولى، والفيلم الطويل ولعي الأول. إنها مسألة منطقية”.
وعن وجود أنواع لا تثير اهتمامه يقول: “لا. لا أعتقد. لكنني أعتبر أن هناك من هم أقدر مني في أصناف معينة، مثل الوسترن، فلِمَ أحشر نفسي فيه؟ إنه اختصاص أميركي. وسرجيو ليوني لقد أدهش بعض الأميركيين. لكن ماذا يعني ذلك؟ إنه موهوب في إخراج أفلام الوسترن”.
وعن إمكانية العودة إلى التصوير بالأسود والأبيض يقول: “آه! نعم. لِمَ لا؟ يمكننا ذلك حقاً، ألم يصور فرنسوا تروفو “الطفل المتوحش” بالأسود والأبيض؟ أنا شخصياً لا أرغب في ذلك. أحب الألوان وأرى العالم بالألوان. ما أنتظره هو ظهور الصورة التي تظهر لك ظهر الممثل إذا استدرت. إنها الفرجة الشاملة، المسرح المكعّب! تلك منظورات خارقة وأنا أحب العلم والاختراع”.
ميشال دوفيل Michel DEVILLE
“ميشال دوفيل” مخرج فرنسي، ولد في بولونيي سورسين سنة 1931. عمل مساعداً لهنري دوكوان. ومستشاراً لجان ماير في عرضين مصورين داخل مسرح الكوميدي فرنسيز: البرجوازي النبيل، زواج فيغارو.
أفلامه : (إما الليلة أو لا (1961)؛ الكذابة الفاتنة (1961)؛ لاكي جو (1964)؛ لقد سُرقت الجوكندا (1965)؛ الجندي مارتن (1966)؛ بنجامان (1967)؛ رافائيل الداعر (1970)؛ المرأة ذات الثياب الزرقاء (1972)؛ المتدرب الدنيء (1977)؛ الملف رقم 51 (1978)؛ الرحلة السرية (1979)؛ مياه عميقة (1981)؛ العصابة الصغيرة (1983)؛ مخاطر التأخير (1985)؛ الرجل الفظّ (1986)؛ القارئة (1988).
السينما طريقي..
يقول “ميشال دوفيل” عن كيف بدأت موهبته كمخرج: “بدأت كسيناريست. ولم يكن ذلك عن موهبة بل بالمصادفة وبنوع من الوراثة. فقد كان والدي مؤلف سيناريو. أما بالنسبة للإخراج فقد بدأته مثل غيري، أي انطلاقاً من الشريط القصير والمونتاج.
ومنذ فرصتي الأولى “إما الليلة أو لا” أدركت أن السينما هي طريقي. ولم يكن مثل هذا الاختيار سهلاً لأنه يعني تقديم الحياة المهنية على الحياة الخاصة. غير أنه كان اختياراً مريحاً في حالتي لأنني أمضيت سبعة أعوام كمساعد مخرج”.
وعن كيف يفهم مهنته يقول: “من أجل ممارستها لابد أولاً من القوة الجسدية. لأن إخراج فيلم هو معركة مستمرة. وينبغي الصراع من أجل إقناع الآخرين بإنتاجه وتمثيله وتوزيعه. ويتواصل هذا الصراع لدى عرض الفيلم. وقبل الانطلاق في هذه المغامرة يتوجب على المرء أن يكون واثقاً من التغلب على قلقه وإرهاقه العصبي، وكذلك الخوف والشك. إنها مهنة ممتعة لكنها قاسية.
كنت ما أزال في المدرسة الثانوية عندما حصلت على كاميرا 16 مم. وذات يوم حصلت على عنوان هنري دوكوان. وقررت التدرب على حسابي الخاص. ودام ذلك سبع سنوات. وكم كانت رائعة تلك المدرسة!
في الفيلم الثالث عشر، تملكتني الرغبة في التحليق بجناحي. وآنذاك التقيت نينا كومبانيز التي كانت بدورها تعمل في المونتاج ضمن فريق دوكوان. هي ملت المونتاج وأنا مللت من العمل كمساعد مخرج.
لم يكن سهلاً إخراج “إما هذه الليلة أو لا” فقد اضطررت إلى طرق أبواب المنتجين، وإلى الاقتراض لجمع الأموال اللازمة. واستغرق مني ذلك سنة كاملة”.
عن الأهمية التي يعطيها للتقنية يقول: “مهمة وثانوية في آن. فهي تخدم السيناريو، خصوصاً في مجال دعم الأحداث أو مساعدة الممثلين. أنا شخصياً ألجأ إلى تقنية احترافية وأكره ادّعاء الهواية. وأتعب كثيراً في ضبط الألوان أيضاً. وكذلك الأمر على مستوى الحوار إذ لا أثق بالصياغة الأولى، وأحاول البحث عن إيقاع جماعي، وانسجام بين مختلف العناصر التي تشكل الفيلم، لأنني أحب العمل المتقن”.
وعن كيف ينظر إلى مهنته يقول: “أشعر بالخوف مع كل بداية. إن الإخراج عملية عجيبة. لقد عرفت الخوف من الصفحة البيضاء قبل التعرف على وسواس الصورة البيضاء. السينما ليست مهنة رتيبة”.
وعن كيف يختار الممثلين وما هي طريقته في إدارتهم يقول: “أحب تجديد الممثلين الذين أعمل معهم، وصولاً إلى التعامل معهم حتى وإن تم نسيانهم. بادئ ذي بدء لابد من اختيار الممثلين الأكثر تلاؤماً مع الشخصيات. اختياره يعتبر نصف إدارة له. أما البقية فتتمثل في توجيهه ودياً، ورفض أو تقبّل ما يقترحه. ليس ثمة أكثر هشاشة لإيقاظه، أو تشجيعه، أو تنشيطه، أو الحد من اندفاعه. فكل ممثل يحتاج إلى أن يكون محاطاً بالكثير من الحب والمودة”.
وعن إيقاعه الإبداعي يقول: “كل أفلامي تقريباً تم تصويرها في فصل الصيف. ذلك هو فصلي السينمائي. فأنا أحب التصوير الخارجي، في الريف، حيث يمكنني اللعب مع الشمس والطبيعة. زد على ذلك أن النهار يكون أطول. والكاميرا تتنفس في الطبيعة المشمسة، النابضة. أما في الديكور الثابت، أو داخل الأستوديو، فأشعر بالضيق وتختنق الكاميرا. وهذا ما يعبّر عن شغفي بالحياة. لا وجود للصفاء إلا تحت السماء، والضوء هو الذي ينير بكثافة شاشات القاعات المعتمة”.
وعن إعجابه بالسينمائيين الآخرين، وهل هناك من أثّر فيه يقول: “لاشك أنني خضعت للتأثير، لكن بطريقة لا واعية. أما حالات الإعجاب فهي واضحة. فهناك السينما الأميركية كلها في عصرها الذهبي، من إرنست لوبيتش إلى إيليا كازان. ولابد من ذكر آرثر بين. السينما الأميركية هي الأولى في العالم. ومن بين الذين أكنّ لهم الإعجاب أيضاً هناك انغمار برغمان وكين راسل…
ينبغي التأكيد بأننا كمخرجين لا نحاول تقليد الكبار أبداً، كما أننا لا نسعى إلى إنجاز سينما تشبه ما نعجب به. إذ يستحيل فعل ذلك سواء على المستوى الثقافي أو الممارسة التقنية. وحتى لو حاولنا لما استطعنا”.
النزاهة تجاه الجمهور..
وعن اهتمامه بالجمهور يقول: “غريزياً نحرص على النزاهة إزاء الجمهور. وهذا سبب اهتمامنا بإتقان عملنا. أما اهتمامي الشخصي بالجمهور فهو ملازم لما أقوم به. ولا أسعى إلى ذلك من أجل أن يُعجب بي الجمهور، بل من أجله أساساً. وهذا الاهتمام موجود في فرنسا منذ أيام موليير”.
وعن معاييره في اختيار الموضوع الذي سينقله إلى الشاشة يقول: “أبدأ بالبحث والتعثّر حتى تنطلق شرارة الفكرة. أعتقد أن السينمائي يبدأ بالنضج عندما يشعر بأن حماسته تستجيب لأفق انتظار جمهوره، أي تبادل الصدق بين الطرفين.
لقد انتقلت من الكوميديا إلى الأفلام البوليسية، ثم عدت من جديد إلى الأفلام الكوميدية. وذلك لمقاومة الرتابة. من جهة أخرى لابد من الانتباه إلى تقدّمنا في العمر. فالمرء في الثلاثين لا يرغب في سرد الأشياء نفسها التي يمكن أن يرويها في العشرين، وهكذا…”.
وعن الذي تغيّر في السينما يقول: “آه! في الماضي كانت تعرض علينا أفلام من أجل إخراجها. أما الآن فلابد من الصراع لإخراج فيلم واحد. ومن أجل إخراج أفلام كثيرة ينبغي اقتراح جملة من الأفكار دفعة واحدة. وأنا شخصياً لا يمكن أن تكون لدي سوى فكرة واحدة في كل مرة. وتظل تلازمني ما دمت لم أخرجها بأفضل طريقة ممكنة من أجلي، ومن أجل الجمهور”.
لوي مال Louis MALLE
“لوي مال” مخرج فرنسي، ولد في تومري سنة 1932. توفي في لوس أنجلس سنة 1995. عمل مساعداً لدى القبطان كوستو، ومستشاراً تقنياً مع روبير بريسون.
أفلامه : (مصعد إلى المشنقة (1957)؛ العاشقان (1958)؛ زازي في المترو (1960)؛ حياة خاصة (1962)؛ وهج المستنقع (1963)؛ عاشت مارية (1965)؛ اللص (1966)؛ كلكوتا (1968)؛ نفَس في الصدر (1970)؛ لاكومب لوسيان (1973)؛ الصبيّة الجميلة (1978)؛ الصغيرة (1979)؛ أطلنطيك سيتي (1980)؛ عشائي مع أندريه (1981)؛ خليج آلامو (1985)؛ وداعاً أيها الأطفال (1987)؛ فانيا الشارع 42 (1994).
نفس في الصدر..
يقول “لوي مال” عن موضع فيلمه “نفس في الصدر” بالنسبة لأفلامه السابقة: “أعتقد أنه أفضل أفلامي. ومن المؤكد أنه أكثرها اكتمالاً. وأعتبره في الوقت نفسه نقطة انطلاق بالنسبة لي. بعد شريط “اللص” شعرت بنوع من الثورة العارمة ضد سينما التخييل الروائي، أي السينما التقليدية. وفي الواقع لم تكن ثورة على شكل سينمائي بقدر ما كانت تعبر عن حاجتي إلى نفس جديد. فقد أمضيت عشر سنوات من عمري من دون الانقطاع عن إخراج الفيلم تلو الفيلم. ووصلت بذلك إلى نقطة إنهاك قصوى.
والمشكلة في مهنتنا أن الاقتصار على إنجاز أفلام يجعلك لا تعيش حياتك حقاً وتنقطع عن الواقع. في هذه المرحلة تحديداً يتوصل المخرجون إلى إخراج أفلام كثيرة لأن ذلك هو الشيء الوحيد الذي يعرفونه في العالم الحقيقي. إذن قررت التوقف، وإنجاز تجارب أخرى للتلفزيون على غرار “كلكوتا” وغيره مما اعتبرته نوعاً من العودة إلى نقطة الانطلاق. وهكذا تسلحت بالكاميرا وبدأت من جديد تماماً كما كنت أعمل مع القبطان كوستو في سن العشرين. كانت تلك طريقة من أجل العودة إلى ولوج الحياة، واكتساب أنفاس جديدة، ونسيان أنني مخرج، والعيش حقاً.
دامت تلك الحال من فيلم “اللص” إلى فيلم “نفس في الصدر” أي مدة ثلاثة أعوام. فاكتسبت اندفاعة حيوية جديدة. وعند تصوير “نفس في الصدر” أحسست بأشياء كثيرة تخرج من داخلي، بقوة وحيوية، لتؤكد لي أنني كنت محقاً عندما قررت التوقف. ولم يخل الفيلم من تقاطعات مع الأفلام السابقة مثل “زازي في المترو” و”العاشقان” و”وهج المستنقع”. أعني أن المرء لا يستطيع إحداث قطيعة كاملة دفعة واحدة. ولقد عدت إلى الحديث عن طفولتي والوسط الذي أعيش فيه والأشياء التي أعرفها جيداً. لكن، ربما بنوع من البهجة والقوة اللتين فقدتهما قليلاً في السابق”.
وعن مشكلة اختيار مواضيع يقول: “لم يسبق لي التعرض إلى أية مشكلة في هذا المستوى. كل ما أعرفه هو أن موضوعاً يأتي دائماً ليلغي غيره”.
وعن كيفية أختيار ممثليه وكيف يديرهم يقول: “لي مبدأ يخص اختيار الممثلين وإدارتهم: ألا تكون هناك مبادئ. أعتقد أن كل النظريات المتعلقة بإدارة الممثلين هي نظريات حديثة العهد، وأن كل التقنيات مهمة وقابلة للاستخدام عند الاقتضاء، بشرط الانسجام مع الموقف. ثمة بعض الممثلين يحتاجون إلى عمل على طريقة ستانيسلافسكي، أي يحتاجون إلى التركيز والتحضير السيكولوجي للشخصية. وبالمقابل يوجد ممثلون لا يحتاجون إلى ذلك ولابد من الاستفادة من تلقائيتهم الطبيعية. إن إدارة الممثلين هي عملياً سلسلة من الحالات الخاصة وفق كل ممثل.
في ما يخص الاختيار، بالنسبة لي، هناك ممثلون أحبهم أكثر من غيرهم. وأحاول دائماً أن يكونوا حاضرين في أفلامي. وهذا أمر ليس ممكناً دائماً. وثمة من أقدّرهم ولم أتمكن بعد من العمل معهم.
إن واحداً من أهم همومي هو أن يتماهى الممثل مع الشخصية التي تؤديها إلى أقصى حد ممكن، لكن مع إغنائها من قبله بشيء ما مختلف. وأحياناً ألجأ إلى اختيار ممثل لا يبدو عليه القرب من الشخصية المطلوبة فتحدث مفاجأة إيجابية. ذلك أن أفضل ما يحدث لي أثناء الإخراج هو اكتشاف أشياء مختلفة عما كنت أتصوره، بشرط ألا تتعارض والخط الرئيسي للفيلم.
بعد العمل التحضيري يصير الثقل كله على كاهل الممثلين المواجهين للكاميرا. ولاشك أنه بالإمكان مساعدتهم قليلاً. لكن في مرحلة معينة يجري كل شيء بينهم وبين الكاميرا. أعتقد أن هناك نزعة في الأيام الأخيرة إلى تقزيم دور الممثلين مع ميل إلى القول: إنهم آلات، بينما المخرجون هم الذين يمسكون بالخيوط. هذا ليس صحيحاً. والذين يقولون مثل هذا الكلام يعبّرون عن جنون العظمة. إنهم مخطئون، ويوجد الكثير من جنون العظمة في هذه المهنة”.
وعن كيف تجلّت موهبته السينمائية يقول: “بطريقة معتادة تقريباً. فمنذ سن الثالثة عشرة قلت لوالديّ: سوف أصير مخرجاً. فكان رد فعلهم أقرب إلى الذهول منه إلى التحمس. ومع إلحاحي المستمر نصحاني بالالتحاق بإحدى مدارس السينما، حتى تصير الأمور أكثر جدية. وهذا أدى إلى التحاقي بمعهد الدراسات العليا السينمائية. والحقيقة أن الشهادات في هذه المهنة لا تنفع لشيء.
الدبلوم حصلت عليه. وبعد ذلك تمثلت فرصتي الأكبر في الذهاب مع كوستو منذ سن العشرين. كان ضربة حظ لأن كوستو كان يحتاج إلى شخص ما، فاتّصل بالمعهد. شخصياً، في ذلك الوقت، كانت تتملكني الرغبة في التعامل مع الأشرطة، والتقاط الصور، والمونتاج، من أجل تعلم الأفلام الوثائقية، أفلام الواقع. وهكذا عملت مع القبطان كوستو أربع سنوات. وفي سن الرابعة والعشرين صرت تقنياً فعلاً”.
الارتجال..
وعن الأهمية التي يوليها للتقنية يقول: “التقنية لا تُرى في أفلامي. عندما بدأت، وهذا أمر طبيعي، كنت أكثر اهتماماً بمسألة الشكل ومحاولات البراعة. وسرعان ما تخليت عن كل ذلك. وانحلّت المشاكل الشكلية تلقائياً. إذ صارت تندمج مع الحكاية. فالشكل والمضمون، في نظري، تنحلّ مشكلتهما معاً. ومنذ زمن لم أعد أطرح مشاكل تقنية قبل التصوير. طبعاً أفكر بخصوص الطريقة التي سأصور بها المشاهد، أما على مستوى التقنية فأنا ألجأ إلى الارتجال كثيراً. والتقنية في نظري ينبغي أن تكون في خدمة الممثلين، كي تسهل عملهم. لكنها لا تعنيني في حد ذاتها، لأنها لا تطرح علي أي نوع من المشاكل. وربما يصفونني بالسينمائي الكلاسيكي لهذا السبب”.
وعن من يعجبه من السينمائيين يقول: “هناك من أضعه في مقدمة الجميع: بونويل، له عالمه المتميز. ويصعب علي تقليده أو القول إنني أنتمي إلى مدرسته. وكلما سمعت عن فيلم بأنه ذو نزعة “بونويلية” أبدي حذري المسبق لأن تقليد بونويل لا يأتي إلا بالمسخ. كذلك بقيت معجباً، لمدة أعوام، بجان لوك غودار. وكلما ذهبت لمشاهدة أحد أفلامه عشت مفاجأة جديدة. أما الآن فتستهويني أفلام مدرسة آندي وارول وبول موريسي، وهي أفلام على النقيض من أفلامي، لكن أسلوبها السينمائي في غاية الأهمية”.
كنت وما أزال أكن إعجاباً وشغفاً بمورنو وكذلك رينوار. إنه والِدُنا جميعاً. ومن الصعب ذكر الأسماء على هذا المنوال. فالسينما تتطور باستمرار. ولو طرحت علي هذا السؤال قبل عشر سنوات لأجبتك بأن الأفضل هو بريسون. وما زلت أعتقد أن مسيرته في غاية الأهمية… ففي زمنه توغل وحيداً في اتجاه لم يشاركه فيه أحد.
أما اليوم فأنا مهتم بسينمائيين آخرين مع عدم الانقطاع عن رؤية أفلامه. والأمر ينطبق على برغمان. فقد شُغفت بما أضافه إلى السينما ودفع بي إلى التفكير، وصولاً إلى “الصمت” الذي يعتبر آخر المطاف بالنسبة لسينمائي مكتمل وناجح في تصوراته الجمالية.
هناك من يذهب وهناك من يأتي. إذ يوجد أشخاص يثيرون إعجابك في هذه المرحلة أو تلك. فقد افتتنت بأنطونيوني أيضاً في مرحلة معينة. وخفّ ذلك الآن. فمثل هذه الأسماء تصير بمثابة إحالات أكثر مما تعبر عن ولع متقد”.
وعن التفكير في الجمهور يقول: “نعم ولا. فهذا يتوقف على نوعية الأفلام أولاً. أي أن هناك أفلاماً أُخرجها من دون التفكير في الجمهور: مثل الريبورتاجات التي أجريتها في الهند والتي كانت مجرد تجربة شخصية. وكذلك بالنسبة لـ “وهج المستنقع” فهو فيلم مخصص للجمهور طبعاً. لكنني لم أفكر فيه. إذ لم أكن على اقتناع بتقديم هذا الفيلم للمتفرجين. وربما يعود ذلك إلى مبالغة في الخجل. وهذا يتناقض في الحقيقة مع إنسان يدعي الفن. بالمقابل عندما أخرجت “عاشت مارية” أردت خوض تجربة الفيلم الجماهيري الواسع. وفي مثال “نَفَس في الصدر” انطلقت من أشياء حميمة وشخصية، ومع ذلك فكرت كثيراً في الجمهور. ذلك أن ما يهمني هو الجمع بين ما هو شخصي وما هو جماهيري، من دون السقوط في سينما المنتج الذي يريد جمع النجوم الكبار في حكاية تتضمن “البهارات” المعتادة. تلك سينما أخرى. أما أنا فأسعى شخصياً إلى التوغّل في أقصى حدود أفكاري.
ممارسة هذه المهنة تتطلب التفكير في الجمهور. لكن من دون التنازل أو خيانة الذات”.
وعن الذهاب لإعادة مشاهدة أفلامه في القاعات يقول: “نعم. في البداية كنت أخاف. وربما يعود السبب إلى مبالغة في الخجل أيضاً. كنت أشعر بأن شيئاً مني قد سُلم إلى أناس كثيرين. أما الآن فلم أعد أنزعج من ذلك، بل صرت أتسلّى به. لكن من دون أن تصل بي الحال إلى ما يفعله بعض المخرجين – مثل جان بيار ملفيل – الذين يقضون حياتهم في القاعات مسجلين كل ردود الفعل. فأنا أعتبر أن الفيلم المعروض لم يعد ملكي. وأبدأ بالتفكير في شيء آخر. غير أن هذه الملاحظة لا تمنع القول إن مراقبة ردود فعل الجمهور تقدم الكثير. فلا يمكن العمل في برج عاجي وإهمال رأي الجمهور.
لا أرتاد السينما كثيراً لأنني أعمل كثيراً. غير أنني أحاول مشاهدة أكبر عدد ممكن من دون تمييز. كما تعنيني مشاهدة الجديد، المختلف. وأهتم كثيراً بسينما المخرجين الأقدم مني. فأنا أذهب واثقاً من عدم الشعور بالخيبة إذا تعلق الأمر بمشاهدة فيلم لفتّوريو دي سيكا، مع صوفيا لورين ومارشيلو ماستروياني.
بالمقابل أندفع بسهولة لرؤية أفلام أولى، أو أعمال سينمائية من بلدان تعبير حديثة العهد بالسينما. ففي هذا المجال أهتم بمعرفة الطريقة التي يتعامل بها هؤلاء الناس مع الأداة السينمائية والنتيجة الناجمة عن ذلك. إنه أمر في غاية الأهمية من وجهة نظري”.
الفرنسوجة..
وعن أين يضع نفسه يقول: “كثيرون يقولون لي إنني سينمائي فرنسي جداً. وهذا أمر غريب لأنني لا أشعر بأنني فرنسي البتة. بل أجده مفهوماً لا يدخل رأسي مطلقاً. فأنا أشعر بالقرب أكثر، ومن جوانب معينة، من بعض الأصدقاء الانجليز والأميركيين. “الفرنسوجة” كما نقول “الزنوجة” مفهوم لا أدرك له كنهاً. فأنا شديد الولع باكتشاف ما هو بعيد. أما الآن فأعود إلى موضوعات حميمة وقريبة من الحياة التي جئت منها. وربما كان في الهروب، والذهاب بعيداً، للبحث عن قيم أخرى مختلفة، وجود للذات في مكان ما، مهما اختلفت المعطيات”.
وعن إيقاعه الإبداعي الأمثل يقول: “هناك نفاية كثيرة. فمقابل كل فيلم أنجزه توجد جثة فيلم لم أتمكن من تحقيقه. وأحياناً أقضي وقتاً في السيناريو أطول من وقت الإخراج. لقد بت أميل إلى التباطؤ وإيجاد فسحة بين أفلامي، بعد نجاح “نفس في الصدر” الذي أعده شريطاً سعيداً، لا يخلو من كآبة والتباس، لكنه ينتصر للحياة. بينما كان “وهج المستنقع” و”اللص” شريطين مقيمين في دائرة الموت. أفضّل الحياة على صناعة الأفلام. وربما أدت بي هذه القناعة إلى تقديم أفلام أفضل.
ليس من المستحسن أن يعيش المرء سجينًا لعُصاب الإبداع. لابد أن يحقق توازنه كإنسان أولاً، ومن هناك ينطلق. ينبغي أن يكون السينمائي متأتياً من الإنسان، وليس العكس. وإلا فإنه الجحيم، على طريقة بعض الكتّاب المنغلقين في عوالمهم والذين يعيشون البؤس والعزلة.
أما نحن السينمائيين فلا نعرف العزلة لأن عملنا يتم ضمن فريق. ولهذا لن أصير كاتباً أبداً. إن مجرد الجلوس وحيداً، أمام طاولة، من دون أمل في الخروج من تلك العزلة، أمر يناقض طبيعتي”.