5 مارس، 2024 8:02 ص
Search
Close this search box.

السينما الإيرانية.. ما بين القيود والانطلاق إلى العالمية

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

بدأت السينما في إيران في 1900، حيث أحضر الشاه الإيراني “مظفر الدين شاه”، من إحدى الدول الأوروبية أول آلة تصوير، وفي 1904، أنشئت أول صالة عرض للسينما في إيران، ثم أنشئت عدة صالات للعرض السينمائي بحلول 1912 ولم يتم صنع أي فيلم سينمائي في إيران حينها حتى عام 1929، واكتفوا فقط بعرض الأفلام الغربية المدبلجة في الصالات الصغيرة.

فرغم تعرف الناس على السينما مبكرا، أخرج أول فيلم إيراني في 1930، وكان اسمه “آبي ورابي”، أخرجه “أفانيس أوهانيان” وصوره  المصوّر “خان بابا معتضدي”، وكان أول إيراني يعمل في مجال التصوير السينمائي وذلك مابين 1925 إلى  1931، وعمل “خان بابا معتضدي” في  تصوير الأفلام الصامتة الخبرية، وأشهرها فيلم “مجلس المؤسسين” كان يتناول مجلس المؤسسين وأنتج 1925، واختير “رضاخان” للقيام بدور السلطان، وثم كرم “رضاخان”  الفيلم بعد توليه السلطة.

سينما ناطقة..

استعانت صالة (بالاك) في إيران بالجهاز الناطق، وكانت أول صالة سينمائية تستخدمه، وتقع الصالة بالقرب من تقاطع فردوسي في مركز العاصمة الإيرانية طهران، في نهاية شارع إسطنبول،حيث كانت  تقع تحت فندق “بالاس”،وبعد فترة أطلق عليها اسم “سينما القصر” ثم اسم “سينما طهران” وفي الوقت الحالي أصبح ذلك المكان سوقا يسمى “سوق الكويتيين”.

معاهد السينما..

هناك عدة معاهد تدرس الفن السينمائي وصناعة السينما، منها الحكومية والخاصة ومن أشهر تلك المعاهد: (مركز الأفلام الوثائقية والتجريبية،  شركة هداية للسينما، مؤسسة الفارابي للسينما).

أول فيلم..

يعد فيلم “دخترلر” باسم “الفتاة اللرية” في 1940 أول فيلم ناطق إيراني، صوره “عبد الحسين سبنتا”، اقتبست حكاية الفيلم من رواية شعبية شهيرة اسمها “جعفر وجلنار”، “جلنار” تعمل في مقهى وتقابل الضابط “جعفر” وتتطور علاقتهما إلى علاقة عشق. لاقى الفيلم رواجا كبيرا من الجمهور وكان بمثابة البداية لصنع أفلام سينمائية إيرانية أخرى. ويعد فيلم (الفتاة اللريه) أيضا أحد الأفلام الناطقة باللغة الفارسية في تاريخ السينما في إيران، ثم بعد هذا الفيلم أنتج أول فيلم عرض في إيران باسم “جراغ هاي نيوورك” ومعناه “أضوية نيوورك”. وتسبب هذا الفيلم في إحداث تغيير في الرقابة الشديدة و الأجواء السياسية بشكل عام في ذلك الوقت.

ثم تلى ذلك فترة ركود في السينما الإيرانية كانت ما بين عامي 1936 وحتى 1948 حيث ركز صناع السينما على اقتباس الموضوعات من الأفلام الأجنبية. حيث تدخل أصحاب المال في صناعة السينما بعد عام 1943 وتأسست العديد من الشركات السينمائية، وأصبح ما يهم أصحاب تلك الشركات هو جني الربح السريع، بالإضافة إلى الوضع السياسي الذي شجع على ذلك، حيث أصدرت الحكومة قانون تحديد الحريات في 28 تموز  وأثر ذلك بشكل كبير على السينما الإيرانية التي اتجهت للترفيه على حساب الموضوعات ذات التوجه الفكري.

لكن مع ذلك وجد بعض صناع السينما، سواء منتجين أو مخرجين، الذين حاولوا الارتقاء بالسينما الإيرانية أمثال: (ساموئيل خاشيكيان وهوشنك كاووسي وفرّخ غفاري وإبراهيم كلستان وسهراب شهيد ثالث ومسعود كيميايي وداريوش مهرجوئي وفريدون رهنما وعلي حاتمي) حيث سعوا إلى صناعة سينما غير تقليدية تعتمد على مسيرة ثقافية جديدة.

تأُثرت السينما الإيرانية في البدايات بالسينما الهندية، ثم أصبحت تتخذ مسارا مستقلاً يعبر عن خصوصية المجتمع، رغم وجود سعي من السلطة لدفع السينما نحو العصرنة، لكي تظهر إيران دولة عصرية متفتحة ومتقبلة لثقافة الغرب. وكان ذلك في فترة الستينات، حيث ظهرت موجة جديدة من المخرجين الإيرانيين الذين ابتكروا تقنيات سينمائية جديدة ولم يعبئوا بالنقد الاجتماعي. ومن أبرز أفلام تلك الفترة، فيلم “البقرة” 1969، للمخرج “داريوش مهرجوئي”.

صور الفيلم كاملا في قرية إيرانية واعتمد على منهج الواقعية الجديدة الذي كانت تنشره السينما الإيطالية، وهي المدرسة التي سيقع تحت تأثيرها أبرز المخرجين الإيرانيين بعد ذلك، وبدأت المدرسة الواقعية الجديدة في إيطاليا في 1943، وانتهت في 1961، وتتصف بأن أفلامها ترصد الطبقة العاملة و حياة الكادحين، وعلى مستوى التقنية السينمائية تتصف باللقطات الطويلة واختيار مواقع تصوير الحية، وفي معظم الأحيان تقوم في الأدوار المساعدة على ممثلين غير محترفين، وأحياناً تعطيهم الأدوار الرئيسية. وأفلام هذه المدرسة تهتم بالتغيرات النفسية وتفاصيل الحياة اليومية لهؤلاء الكادحين. وأيام الشاه منع فيلم “البقرة” من العرض، وصرحت الرقابة وقتها أنه يخالف صورة إيران العصرية، وقد هرب الفيلم إلى الخارج، وعرض في 1971في مهرجان البندقية، وقوبل باحتفاء كبير من قبل نقاد السينما.

سنوات السبعينات والثمانينات..

كان تأسيس مركز التربية الفكرية في 1969 خطوة هامة على طريق تأسيس السينما الثقافية في إيران، وقد دعمت اليونسكو هذا المركز باعتباره موزّع لأفلام الأطفال في إيران.

منذ السبعينيات نما اتجاهان منفصلان في السينما الإيرانية، الاتجاه الأول سمي بموجة الحداثة، أما الاتجاه الثاني عرف ب”فلمفارسي ” بسبب سعيه للربح. إن التحولات الاجتماعية وتوسع الإنتاج الرأسمالي وتوسع المدن والتغيرات السياسية الإيرانية وظهور حركات الأنصار أدت إلى بروز عدة اتجاهات متفاوتة في السينما الإيرانية . فمن ناحية كان كل من مسعود كيميائي و أمير نادري يوليان أهمية للمردود المالي لإنتاجهم السينمائي. وفي الوسط يمكن الإشارة إلى داريوش مهرجوئي وخسرو هريتاش، ومقابل هؤلاء وجد سينمائيون آخرون مثل برويز كيمياوي وبهرام بيضائي الذي أنتج في أواخر السبعينيات فيلم “سهراب الشهيد الثالث” وهو فن سينمائي مختلف كليا عن الأفلام السابقة، وينطوي على مضامين اجتماعية. وقام آخرون من الذين نشطوا ضمن إدارة تربية الأطفال والفتيان بإنتاج أفلام لهذا المركز ومن بينهم “عباس كيا رستمي” الذي لم يكن معروفا قبل الثورة.

الثورة الإسلامية..

بعد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران وفيما بين عامي 1979وحتي 1983 كان وضع السينما في إيران مترديا، خاصة مع عدم وجود قواعد لصناعة السينما. وبعد 1987 ومع إعادة تنظيم مونتاج الأفلام لتتوافق مع الثورة الإسلامية ظهرت مجموعة من صناع السينما الشباب مثل: (محسن مخملباف وإبراهيم حاتم كيا ومجيد مجيدي وأبو الفضل جليلي) بالإضافة  إلى كبار صناع السينما السابقين مثل: (عباس كيارستمي وبهرام بيضايي وداريوش مهرجويي) وقد ساهموا في صنع أفلام سينمائية تروج وتتوافق مع التوجهات السياسية لتلك الفترة والتي تزامنت مع الحرب التي انخرطت فيها إيران.

وفي السنوات التي تلت اندلاع الثورة الإسلامية في إيران لوحظ وجود حضور نسائي في مجال صناعة السينما وبرز اسم مخرجات وممثلات واللاتي كان أدائهن متفوق وتنافسن مع الرجال، مثل: (المخرجة السينمائية رخشان بني اعتماد وبوران درخشنده وتهمينة ميلاني و….).

المهرجانات السنوية..

كما عقدت المهرجانات السينمائية بشكل سنوي في إيران مثل “مهرجان أفلام فجر” والذي كان له تأثير كبير في جذب اهتمام الشباب إلى السينما كما ساعد علي تطور السينما في إيران.

وقد حصدت السينما الإيرانية  معظم الجوائز الوطنية والعالمية، مثل جائزة أوسكار التي فاز بها المخرج “مجيد مجيدي” في 1998، وأهدي مهرجان “كان” السينمائي في فرنسا جائزته ل”عباس كيارستمي” على فيلمه “”طعم الكرز”.

ونالت عدة أفلام إيرانية جوائز دولية منها:

– جائزة النمر الذهبي في مهرجان لوكارنو في سويسرا في عام 1997، ل”جعفر بناهي” عن فيلم “آيينه” أو المرآة.

– جائزة أفضل فيلم في مهرجان فيلم القارات الثلاث في نانت بفرنسا في عام 1996 للمخرج “أبو الفضل جليلي” عن فيلم “يك داستان واقعي” أو قصة واقعية.

– جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي الفرنسي في عام 1995 للمخرج “جعفر بناهي” لفيلمه “باد كنك سفيد” أو البالون الأبيض.

– جائزة روبرتو روسوليني في مهرجان كان السينمائي الفرنسي، وأيضا جائزة فرانسوا تروفو في مهرجان فيلم جيفوني الإيطالي في عام 1992 للمخرج “عباس كيارستمي” تكريما له على مجمل أعماله السينمائية.

– جائزة أفضل فيلم في مهرجان القارات الثلاث في نانت بفرنسا في عام 1989 للمخرج “أميرنادري” لفيلمه “آب باد خاك” أو الماء الرياح التراب.

– جائزة أفضل فيلم في مهرجان القارات الثلاث في نانت بفرنسا في عام 1985 للمخرج “أميرنادري” لفيلمه “دونده” الراكض.

السينما العالمية..

في مقال بعنوان (لماذا تنتج إيران بعض أفضل أفلام السينما العالمية؟) يكتب المحاضر في الأدب والسينما الإيرانية بجامعة كولومبيا “حميد دباشي”: ” جاء فيلم “انفصال” للمخرج أصغر فرهادي ليكون أفضل فيلم إيراني في استطلاع “بي بي سي كالتشر” بين أفضل مائة فيلم بلغة أجنبية، هناك أربعة أفلام إيرانية في قائمة أفضل مائة فيلم في استطلاع أجراه مؤخرا موقع “بي بي سي كالتشر” لانتقاء أعظم الأفلام بلغات أجنبية.

ثلاثة منها للمخرج “عباس كيارستمي” وهي: “عن قرب” و”أين دار الصديق؟” و”مذاق الكرز”، وجاء ترتيبها التاسع والثلاثين، والرابع والتسعين، والسابع والتسعين على التوالي؛ والرابع للمخرج “أصغر فرهادي” بعنوان “انفصال” وجاء في الترتيب الحادي والعشرين ليدخل ضمن الأفلام الخمسة والعشرين الأولى بالقائمة”.

ويؤكد: “السينما الإيرانية على مدار المائة عام ونيف الماضية مرت بعلامات فارقة جعلت أهم المخرجين الإيرانيين محط أنظار العالم. وفي الأغلب استقى النقاد المشاركون في وضع قائمة بي بي سي كالتشر معرفتهم بالسينما الإيرانية والسينما العالمية من المهرجانات الدولية الكبرى مثل كان والبندقية وبرلين ولوكارنو والتي تتفوق على مهرجانات أخرى في الولايات المتحدة واليابان وكوريا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وقد ألفت الأفلام الإيرانية سبيلها إلى تلك المهرجانات الكبرى منذ وقت طويل انطلاقا من الإرث الثقافي والاجتماعي لإيران بينما اتسع النطاق الزمني والجغرافي للسينما الإيرانية بدء من طلائع الأفلام الإيرانية التي صورت في استوديوهات شركة الهند الشرقية بالهند وحتى تلك المهرجانات الأوروبية”.

ويحكي عن تطور السينما الإيرانية: “دائما ما تخطت السينما الإيرانية حدودها المحلية منذ فيلم “فتاة لُر” عام 1932- وهو أول فيلم إيراني ناطق- والذي حمل أيضا اسم “إيران الأمس وإيران اليوم”، وأنتجه اردشير ايراني وعبد الحسين سبنتا بشركة الأفلام الإمبراطورية في بومباي، وامتدت إلى أوروبا والإمبراطوريتين العثمانية والروسية ومصر والهند في بقاع سبق إليها الشعر والنثر الفارسيان، والفنون البصرية، وفنون المسرح والتمثيل الإيرانية.

وتطل شخصية الشاعرة المعروفة فروغ فرخزاد (1935-1967) في تاريخ السينما الإيرانية، إذ استطاعت بوثائقي واحد قصير وهو “البيت أسود” (1962) أن تضع السينما الإيرانية على درب من الإبداع لم ينقطع، وقد صورته بمستعمرة للجزام ومزجت فيه بين الواقع والخيال مزجا فريدا جديدا.

وقبل أن ينقضي ذاك العقد المشهود تم تهريب فيلم “البقرة” (1969) للمخرج “داريوش مهرجويى” خارج إيران ليعرض بمهرجان البندقية السينمائي عام 1971 حيث حاز على جائزة النقاد، كما عرض في برلين ليتأكد كلحظة فارقة في تاريخ السينما الإيرانية البازغة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب