خاص: إعداد- سماح عادل
“السيد إمام” مترجم مصري من جيل السبعينات.
حياته..
ولد في 19 مارس 1945، في محافظة البحيرة، تخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة الإسكندرية، يعد أحد رموز الترجمة وحركة الثقافة المعاصرة في مصر، استمر في عمله الثقافي حوالي نصف قرن، نشر خلالها عشرات الكتب والترجمات.
كان صاحب مشروع ثقافي مميز، وقد كان يعمل بعيدا مؤسسات الدولة في معظم الوقت، وكانت رؤيته واختياراته في الترجمة توضح جهده في إضافة شيء مميز إلى الثقافة المصرية.
ترأس نادى الأدب بمحافظة البحيرة لعدة دورات متتالية، وعمل مستشارا أدبيا لمجلة “الثقافة الجديدة” لسنوات عديدة، تم تكريمه في فرع ثقافة البحيرة في أكتوبر من عام 2017 تقديرا على لدوره الهام في مجال الأدب وفى تطوير المنظومة الثقافية في مصر وفى المحافظة، وتسلم حينها درع المحافظة ودرع وزارة الثقافة.
الترجمة..
ترجم عشرات الكتب النقدية في النظرية الأدبية، وأمثال على كتبه المترجمة: “الميتافكشن باتريشيا ووه، وألف ليلة وليلة أو الليالي العربية ل”أورليش مارزوف” و”ريتشارد فان ليفن”، وأقنعة بارت لجوناثان كلر، والشعرية البنيوية لنفس الكاتب، وتعليم ما بعد الحداثة – المتخيَّل والنظرية لبرندا مارشال، والعولمة – نص أساس ل”جورج ريتزر”، وقاموس السرديات ل”جيرالد برنس”، ومن كتب الكاتب والفيلسوف المصري الأمريكي إيهاب حسن، كتاب تحولات الخطاب النقدي لما بعد الحداثة، وترجم له: الخروج من مصر- مشاهد ومجادلات من سيرة ذاتية، النقد النظير- سبعة تأملات في العصر، أوديب أو تطور ما بعد الحداثة – حوارات ودراسات (قام بالإعداد مع الترجمة)، كما أن الرجل له مئات المقالات والدراسات المنشورة في أماكنها المتخصصة المعتبرة.
جسر الثقافة..
في أحد الحوارات للقسم الثقافي لوكالة أنباء الشرق الأوسط قال “السيد إمام”، أن: “الترجمة كانت دوما وعلى مدار التاريخ هي الجسر الذي تعبر عليه الثقافات والمعارف والخبرات والأفكار من بلد إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى، وهكذا تراكمت الخبرة الإنسانية في شتى مجالات الآداب والفنون والعلوم من جيل إلى جيل ومن حقبة زمنية إلى حقبة أخرى وغذت البلدان والحضارات بعضها بعضا.
وأضاف: “أن الترجمة لعبت دورا مهما ومؤثرا في كسر حاجز العزلة المضروبة حول الإنسان بفعل التاريخ أو الجغرافيا أو الثقافة وأتاحت له فرصة الحوار مع الآخر والتفاعل معه والاستفادة من تجاربه وإمكاناته”.
اختيار النص..
وحول معايير اختياره للنص الأدبي لترجمته قال: “أضع نصب عيني عند اختيار الأعمال التي أتوخى ترجمتها جدة الفكرة التي يقوم عليها العمل الذي يقع عليه اختياري، وأن يكون متسقاً مع المشروع الذي استهللته بترجمة كتاب الشعرية البنيوية لجوناثان كلر، وهو ترجمة الأعمال التي تنضوي تحت النظرية الأدبية الحديثة والأفكار التي تدور في مدارها عموما”.
من هنا كانت ترجمتي لقاموس السرديات لجيرالد برنس، وكتاب السرديات من البنيوية إلى ما بعد البنيوية وهو من إعداد اثنين من المشتغلين بعلم السرد هما الباحثة سوزانا أونيجا وجارثيا خوسيه لاندا، ونظرية السرد ما بعد الحداثية لمارك كوري، وأقنعة بارت لجوناثان كلر، وتعليم ما بعد الحداثة لبرندا مارشال، ومؤلفات رائد تيار ما بعد الحداثة إيهاب حسن الذي أهملته الثقافة العربية طويلاً رغم أهميته الفائقة ورغم الدور الرائد الذي لعبه في تحديد مصطلح ما بعد الحداثة وبلورته والمساعدة في ترويجه وإعطائه معنى محددا”.
وأكمل: “قراءة سريعة لهذه العناوين تشي بالمدار الذى تدور في فلكه ترجماتي، والهدف دائماً هو تقديم أحدث الصيحات في مجال النظرية الأدبية والنقد الأدبي وإطلاع الباحثين والأكاديميين والنقاد على ما يستجد من أفكار ومناهج تتعلق بهذا الفرع من فروع المعرفة، ما يساعدهم على تناول موروثنا الحكائي والأدبي بأدوات مستحدثة وعلى ضوء التطورات التي طرأت في هذا المجال”.
تحديات الترجمة..
نظم ملتقى الشارقة الثقافي بالتنسيق مع محافظة البحيرة، ووزارة الثقافة، احتفالية بدار أوبرا دمنهور لتكريم “السيد إمام” ضمن مبادرة حاكم الشارقة. وسلط الملتقى الضوء على المثقفين والكتاب والأدباء العرب الذين أسهموا في خدمة الثقافة العربية في العصر الحديث من خلال برنامج تكريمي تشرف عليه دائرة الثقافة في الشارقة.
وفي إطار ذلك قال “السيد إمام” عن التحديات التي يواجهها المترجم العربي: “أنها تتمثل في ضعف المكافآت التي يحصل عليها لقاء جهده في الترجمة والتي لا توازي المجهود الذي يبذل في هذا الخصوص، ما يدعو الكثير من المترجمين إلى العزوف عن هذا النشاط والانصراف إلى أنشطة أخرى أكثر منفعة من الناحية المادية هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى عزوف بعض دور النشر التي يقوم نشاطها على الربح عن قبول بعض ترجمات الكتب الفكرية حديثة الصدور في لغتها الأصلية، تجنباً لتحمل تكاليف حقوق الملكية الفكرية ويؤثرون على ذلك الكتب القديمة التي لا تخضع لهذه القاعدة”.
خيانة النص..
وعن طرق الحفاظ على جمالية النص وتجنب الوقوع في فخ ما يطلق عليه “خيانة النص” كما يقول البعض أكد أن: “خيانة النص أمر نسبي تتفاوت من مترجم إلى مترجم. هناك ترجمة أقرب ما تكون إلى النص الأصلي وهناك ترجمة أبعد ما تكون عن هذا النص. المسألة تتعلق ببراعة المترجم ومدى إتقانه للغتين، لغة النص الأصلي ولغة النص المنقول إليه، مدى تمكنه من أجرومياتهما وظلال المعاني التي تتعلق بمفرداتهما، أيضاً مدى اطلاعه وتمكنه من الحقل الدلالي للغة النص الأصلي.
إن معرفة المترجم بالحقول المعرفية المحيطة به والتي ترفده بمصطلحاتها، حساسيته التي تتجلى في اختيار الألفاظ الموازية والتركيبات المناسبة، الفروق الدقيقة بين المصطلحات الواردة في النص المترجم وتاريخ تطورها في الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه، فمصطلح واحد قد لا يعنى نفس الشيء عند مفكِّرَين اثنين مختلفين أو في حقلين معرفيين متباعدين، فكثيراً ما نقرأ نصين مترجمين لنفس النص الأصلي أبعد ما يكونا عن بعضهما البعض وكأنهما ترجمتين لنصين مغايرين ويتجلى هذا بالذات في النصوص الفكرية”.
وقال: “اقرأ على سبيل المثال ترجمة نص “الاستشراق” لإدوار سعيد عند كمال أبو ديب ومحمد عناني لتدرك الفرق، وفي بعض الأحيان تكون الفروق دقيقة بين الترجمتين، وفي أحيان أخرى تكون الترجمة أقرب إلى التآلف وأبعد ما تكون عن نص المؤلف الأصلي. وفي هذه الحالة نقدم معرفة مشوهة للنص المترجم ينبني عليها رؤية مشوهة لدى الباحثين يتم تداولها بين طلاب المعرفة ممن لا تتاح لهم الفرصة لقراءة النص بلغته الأصلية وهكذا. الخيانة من ثم خيانات وليست خيانة واحدة.
هناك خيانات مقبولة، خيانات معقولة تنتج عن اختلافات الثقافات وطبيعة اللغات، وهناك خيانات غير مشروعة تحرف النص عن مساره الطبيعي، وسوق الكتب يمتلئ بهذا النوع وذاك، وهو أمر لا مفر منه سيما أن نشاط الترجمة أصبح نشاطا مستباحاً يمارسه كل من هب ودب، كلُّ من يملك قاموس المورد الإنجليزي أو قاموس المنهل الفرنسي”.
النصوص العربية..
وعن ترجمة النصوص العربية قال: “النصوص العربية لا سيما الروائية لا تحكمها في كثير من الأحيان معايير الجودة بقدر ما تحكمها معايير تتعلق بمدى اتساقها مع الصورة الذهنية النمطية التي كونها الغرب عن الشرق.
بعض النصوص الروائية يتوسط في ترجمتها الخرتيون المحترفون. هناك في الوسط الثقافي سماسرة بعينهم يقترحون على المترجمين الأجانب نصوصاً بعينها للترجمة وأسماء بعينها من المؤلفين. ومن ثم تقدم للقارئ الأوروبي صورة مشوهة عن الأدب العربي. وتنأى دور النشر الأوروبية الكبرى عن هذا الهراء بالطبع فهناك ترجمات نجيب محفوظ وبهاء طاهر والغيطاني وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وغسان كنفاني”.