خاص : عرض – سماح عادل :
رواية (السباحة إلى المنزل)؛ للكاتبة الإنكليزية، “ديبورا ليفي”، ترجمة، “نوره البلوشي”، إصدار إبداعات عالمية.. تتناول فكرة إتخاذ قرار الموت وإنهاء الحياة نتيجة الشعور بأن الحياة ضاغطة، كما تناولت هموم أسرة من الطبقة الوسطى، ومشاعر أخرى مختلفة.
الشخصيات..
“جو غاكوبس”: شاعر بولندي يهودي.. هربه أهله إلى إنكلترا في الأربعينيات بسبب غزو النازي الألماني لبولندا، سافر إلى إنكلترا باسم مزور، وهو في الخامسة من عمره، ولا يتذكر أي شيء عن والده ووالدته اللذان ماتا في معسكر للموت، أصبح شاعراً إنكليزياً شهيراً، وفي الرواية ذهب ليقضي إجازة مع أسرته في جنوب فرنسا.
“إيزابيل”: زوجة “جو”.. عملت كمراسلة حربية سنوات طويلة من حياتها، حتى أنها كانت بعيدة عن ابنتها الوحيدة وزوجها.
“نينا”: ابنة “جو” و”إيزابيل”.. تبلغ من العمر 14 عاماً، كانت متعلقة بأبيها أكثر؛ نظراً لكونها عاشت معه أكثر من عيشها مع أمها.
“ميتشيل”: صديق لأسرة “جو”.. ذهب معهم في رحلة إلى جنوب فرنسا، يمتلك محلاً تجارياً لبيع الأسلحة الأثرية والتحف من إفريقيا.
“لورا”: زوجة “ميتشيل”.. وصديقة “إيزابيل” من سنوات الشباب، تعاني من ضائقة مالية هي وزوجها وتشاهد صديقتها وهي تعاني في زواجها.
“كيتي فينش”: شابة في العشرينات من عمرها.. جميلة ونحيفة، تعاني من إكتئاب مزمن، تقوم بأفعال غريبة وسط الناس مما أودى بها إلى مستشفى للأمراض النفسية، كانت مهووسة بـ”جو”؛ ولاحقته في الفيلا التي يقضي فيها إجازته.
“ماديلين شريدان”: إمرأة عجوز.. كانت تعمل طبيبة في السابق، متقاعدة وتعيش في فرنسا بعد هروبها من زوجها في إنكلترا، تسكن بالقرب من الفيلا التي تنزل فيها أسرة “جو”، وتتلصص دوماً على ما يدور بينهم.
الراوي..
الراوي عليم.. لكنه غير متدخل كثيراً، ينقل الأحداث بحياد تام، لا يهتم بكشف دواخل الشخصيات أو مشاعرهم أو أفكارهم، وإنما يحكي عنهم من الخارج ويفهم القارئ الشخصيات من خلال تصرفاتهم وحركاتهم أمامه ومن خلال مظهرهم الخارجي.
السرد..
يعتمد السرد على التقطيع لفصول، والرواية قصيرة تقع في حوالي 200 صفحة من القطع المتوسط، يسير السرد ببطء ويحكي أحداث أيام قليلة تتعدى الأسبوع، وتضع الكاتبة عنوان عند كل فصل يعبر عنه، وتعتمد على التشويق حين تقدم سرد أحداث عن أخرى أو تضع تنبؤات بمجرى الأحداث في أحلام الأشخاص، لكن مع ذلك تأتي النهاية مفاجئة لكل التوقعات التي تنبئ بها الأحداث.
أسرة مفككة..
تدور الرواية في إطار زمني؛ عبارة عن أيام معدودة تتجاوز الأسبوع، في فيلا تقع جنوب فرنسا سافر ت إليها أسرة إنكليزية، وهي أسرة شاعر شهير يدعى، “جو غاكوبس”، وزوجته “إيزابيل” وابنته “نينا”، وزوجان هما “لورا” و”ميتشيل” يرافقان الأسرة، وحين دخولهم للفيلا يجدون جسم غريب في المسبح ليكتشفوا بعد ذلك أنها “كيتي فينش”؛ شابة تسبح عارية في مسبحهم وتدعي أنها استأجرت الفيلا، لكن المواعيد تضاربت، وتدعوها “إيزابيل” إلى البقاء معهم لعدة أيام، ثم نكتشف أن أسرة “جو” ليست سعيدة؛ فـ”إيزابيل” تذهب بمفردها إلى مدينة “نيس” حتى تفكر بصفاء ذهن وهي تشعر بالحزن الشديد، وتتذكر أنها لم تكن متواجدة دوماً مع أسرتها بسبب أنها عملت لسنوات طويلة مراسلة حربية وتنقلت بين البلدان، ويتضح من الحكي أن “جو” وابنته “نينا” أقرب إلى بعضهما البعض نتيجة لأنهما عاشا سوياً سنوات طويلة بدون الأم؛ حتى تعودت “نينا” أن ترعى والدها وتعود هو أن يرعى ابنته، ونشأت بينهما علاقة قوية بين أب وابنته، ونرى “إيزابيل” وهي تتخبط ما بين إحساسها بالألم نتيجة لكون زوجها زير نساء ولديه معجبات كثيرات، بسبب كونه شاعر شهير، في حين تعتقد “كيتي” أنها طلبت منها البقاء لتتيح لزوجها عمل مغامرة أخيرة تكون ذريعة لانفصالهما و”جو” نفسه لا يشعر بالسعادة.
الاكتئاب ورفض الحياة..
“كيتي فينش” لديها اكتئاب مزمن.. عرف “جو” ذلك من أول لقاء بينهما، حين طلبت منه مرافقتها لتريه بعض النباتات بوصفها خبيرة في النباتات، ثم يكتشف بعد ذلك أنها إحدى قرائه ومن المعجبات به وتطلب منه قراءة قصيدة كتبتها ليقول رأيه فيها، وبعد أن يقرأها يرفض التصريح بذلك ويكذب عليها مدعياً أنه لم يقرأها، وبعد أن يستسلم لإقترابها منه؛ ويدخل معها في علاقة حميمة، يصرح لها أنه قرأ القصيدة وأنه لا يستطيع تحمل ما فيها، حيث تعبر هي فيها عن رفضها للحياة وأن الحياة عبء كبير بالنسبة لها قد تعيشه ولكن مرغمة، ويكتشف أن بينهما تشابهات كثيرة، طفولة بائسة، وأم تعمل خادمة منزل وتوقظ فيه سخطه على الحياة وإحساسه بكراهيتها.
وتقول له أثناء العودة أن الموت ليس مهماً وإنما إتخاذ القرار بالموت هم الأهم، وتأتي النهاية مفاجئة لما توقعه القارئ، حيث ينتحر “جو” في حين أن كل المؤشرات كانت تنبئ بأن “كيتي” هي من تنتوي الانتحار غرقاً. وتحزن “إيزابيل” حزناً شديداً عليه وتصرخ فيه وهو يحتضر، في حين أن ابنته “نينا” تنهار ثم تتذكره بعد حوالي 18 سنة وتقول أنها تكلمه وكأنه موجود وتخاطبه دوماً.
الرواية تعتمد في السرد على مشاهد حية؛ فيشعر القارئ أنه يرى الأشخاص وهم يتحركون، حيث تصف الكاتبة بدقه شكل الشخصيات الخارجي وتحركاتهم في المكان، لكنها أبداً لا تقترب من دواخلهم، لكن القارئ يستنتجها من طريقة تحركهم، حتى أن موت “جو” في النهاية كان مفاجئاً، لأنه لم يكن يبدو ساخطاً على الحياة.
الكاتبة..
“ديبورا ليفي”، روائية وشاعرة وكاتبة مسرحية إنكليزية، من مواليد عام 1959، ولدت في غوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، كان والدها عضواً في المؤتمر الوطني الإفريقي وأكاديمي ومؤرخ، هاجرت العائلة إلى “ويمبلي بارك”، في عام 1968، انفصل والداها في عام 1974.
تدربت “ديبورا ليفي” في كلية “دارتينغتون للفنون”، كتبت في عام 1981 عدد من المسرحيات، كانت مديرة وكاتبة لشركة “Manact Theatre”.
كتبت “ديبورا” ونشرت روايتها الأولى في عام 1986. ونشرت روايتها الثانية في عام 1993 من قبل “غوناثان كيب”، في حين أن كتابها الثالث نشر في عام 1996.
يوصف أسلوب “ديبورا ليفي” بالصرامة الفكرية والإنضباط مع الخيال الجامح واللغة الشعرية والمشهدية البصرية التي تجعل كتابتها أصلح للنقل للدراما المرئية.
تم نشر (السباحة إلى المنزل) في عام 2011، بعد خمسة عشر عاماً من الإنقطاع عن كتابة الروايات، وتم ترشيحها لجائزة “مان بوكر” 2012، ضمن جوائز أخرى.
نشرت “ليفي” مجموعة قصص قصيرة بعنوان (الفودكا السوداء) في عام 2013، مما عزز سمعتها بأنها “واحدة من أكثر الأصوات إثارة في الخيال البريطاني المعاصر”، نشرت روايتها (حليب ساخن) في عام 2016، وتم إدراجها في القائمة المختصرة لجائزة “مان بوكر” 2016.