24 سبتمبر، 2024 9:27 ص
Search
Close this search box.

“الزوجة المفقودة” .. تطور مدمر وتطبيق مجنون للعلوم يخلف معركة الزواج الدامية !

“الزوجة المفقودة” .. تطور مدمر وتطبيق مجنون للعلوم يخلف معركة الزواج الدامية !

خاص : عرض – سماح عادل :

رواية (الزوجة المفقودة)؛ للكاتبة الأميركية، “غيليان فلين”، إصدار ناشرون.. هي عبارة عن رواية طويلة تتناول الصراع الذي يدور في علاقة زواج امتدت لخمس سنوات، هذا الصراع الذي تأثر بظروف المجتمع الاقتصادية، كما أنه كان صراع معبراً عن المجتمع الأميركي وخصوصيته بإمتياز.

الشخصيات..

“لانس نيكولاس دون”: البطل.. ويدعى طوال الرواية بـ”نك”؛ شاب في الرابعة والثلاثين من عمره، ينتمي للطبقة العاملة، تزوج من فتاة ثرية جداً، وكان واقعاً في غرامها بالفعل؛ إلا أن حدث له تحول كبير في حياته وفصل من عمله ككاتب في مجلة، وتحولت حياته، حيث ظهرت عيوبه على حقيقتها مع وقوعه في أزمة حياتية بهذا الحجم، كما ظهرت زوجته هي أيضاً على حقيقتها ثم تعقدت الأمور، وهو أناني وجبان يخاف من المواجهة، مثل له والده عقدة حياته ويعتبر الابن المدلل لأمه.

“آمي إليوت”: البطلة.. الزوجة، فتاة ثرية، والداها عالما من علماء النفس، كانا يكتبان قصصاً للأطفال تعليمية وإرشادية اعتماداً على صورتها، فقد استخدماها كبطلة لتلك القصص وحولاها إلى بطلة نموذجية، مما أثر على صحتها النفسية وأصبحت مريضة نفسياً بعدة أمراض، منها “جنون العظمة”.

“مارغو دون”: شقيقة “نك” التوأم.. وهي تسانده على الدوام وتدعمه وتحبه؛ رغم أنها في بعض الأوقات فقدت الثقة فيه.

“راند إليوت”: والد “آمي”.. زوج لطيف ومحب، يعامل زوجته بلطف ويحضر لها الزهور مرة أسبوعياً طوال سنوات طويلة من الزواج، عاش زواج ناجح، كما أنه نجح مع زوجته في كتابة قصص للأطفال استمرت عقوداً من الزمن.

“ماريبيت إليوت”: والدة “آمي”.. عالمة من علماء النفس هي الأخرى، وشريكة للوالد في كل شيء.

“بيل دون”: والد “نك” وسر شقائه.. فقد كان ماثلاً دوماً أمامه كنموذج لا يحب أن يكون مثله، كان يعامل زوجته بطريقة سيئة ويحتقر النساء بشكل عام وينعتهن دوماً بـ”الساقطة”، أصيب بالزهايمر حين وصل إلى الستين وأودعه “نك” و”مارغو” في بيت مسنين، وكانوا يكرهون تحمل عبء رعايته.

“مورين دون”: والدة “نك”.. تطلقت من زوجها حين كانت في سن الأربعين، لأنها لم تعد تحتمل معاملته السيئة لها، ثم عملت في محل أحذية وربت طفليها التوأم، ثم ماتت نتيجة إصابتها بمرض السرطان، وكانت أماً حنوناً مراعية لأولادها.

“نويل”: جارة لـ”آمي”.. لها ثلاثة أطفال، استخدمتها “آمي” للإيقاع بزوجها وتنفيذ خطتها للانتقام منه.

وهناك شخصيات أخرى.

الراوي..

الراوي إثنان.. الأول هو، “نك”، الذي يحكي بضمير المتكلم، والذي بدأت الرواية بحكيه، والراوي الثاني هو، “آمي”، التي استخدمت اليوميات في بداية الرواية كتعبير عن صوتها؛ ثم تحولت بعد ذلك إلى الحكي بصوتها هي.

السرد..

السرد ممتع.. به نسبة تشويق عالية، فقد استخدمت الكاتبة تقنيات كثيرة لإثارة تشويق دائم في الراوية، حيث عرضت الأحداث بطريقة تظهر أن “نك” مداناً ثم إنقلبت الأحداث لنكتشف أن “آمي” هي الشريرة وأنها هي من خططت لكل الأمر، ثم ظلت الكاتبة تفاجئ القراء بأحداث جديدة واكتشافات حتى النهاية. تقع الرواية في حوالي 480 صفحة من القطع المتوسط الرواية، وهي مقسمة إلى ثلاثة أجزاء كل جزء له عنوان خاص.

التطور قد يكون مهلكاً..

منذ البداية يحكي “نك” عن صرفه من عمله ككاتب في مجلة؛ بسبب أن الإنترنت، والتطور المصاحب له، قد أضر بكل تلك المجلات الورقية، التي كانت في يوم من الأيام الوسيلة النافعة للقراء، لمعرفة الحقائق وللتسلية، أثر ظهور الإنترنت وتطوره على هذه المجلات الورقية وأعلنت إغلاقها وإفلاسها، وتم تسريح عدد كبير من الموظفين واضطر إلى ترك عمله، كما تركت زوجته عملها، وكان عبارة عن تصميم اختبارات نفسية لإحدى المجلات، كما أشار “نك” إلى تأثير ذلك التطور والحراك الاقتصادي على بلدته، “قرطاغة”، التي تقع في ولاية “ميسوري”؛ مما أدى إلى غلق محال كثيرة ومجمع تجاري كبير، كان مصدر رزق معظم سكان البلدة في العقود السابقة، حتى أنه تم تسريحهم دون تعويضات، مما أدى إلى سوء حالة البلدة وانتشار المفلسين والمتسولين والمجرمين وبائعي المخدرات.

وتحول “نك” من كاتب مجلات، ذا مكانة اجتماعية، إلى صاحب حانة متواضعة، مشيراً بذلك إلى التقلبات الاقتصادية التي يتعرض لها الأميركيون من الطبقة المتوسطة والطبقة العاملة، والتي قد تؤدي إلى كوارث وإلى خراب بلدات بأكملها.

الحب دون شروط..

تناولت الرواية بشكل رئيس؛ علاقة “آمي” و”نك”، حكي كل منهما وجهة نظره تجاه تلك العلاقة التي بدأت متوهجة ثم انطفأت، أولاً بسبب أن كلا الطرفين كانا في بداية العلاقة يتقمصان شخصيات زائفة غير شخصياتهم الحقيقية.. “آمي” كانت تتقمص شخصية الفتاة الهادئة المثيرة التي يريدها كل رجل أميركي، تلك التي توافق على كل ما يفعله زوجها ولا تزعجه بالقيود والمطالبات، وتبين إعجاباً بكل ما يفعله من أمور ذكورية؛ مثل مشاهدة مباريات الكرة ومثل الذهاب مع أصدقائه في نزهات وحده دونها، لكنها في النهاية استطاعت أن تتخلص من تلك الشخصية الزائفة لأنها، بحسب رأيها، ليست شخصية ممكنة الحدوث في الواقع، فليس هناك امرأة هادئة مثيرة مثلما رسمها بعض الرجال في الأفلام الأميركية المكررة.

و”نك” بدوره كان متقمصاً شخصية البطل المحب لزوجته والمراعي لمشاعرها والمتفهم دوماً والمشارك لها في كل شيء، لكن أزمة صرفه من العمل جعلته يعود إلى شخصيته الحقيقية، وهي الرجل الأناني الذي لا يهتم سوى بنفسه، ومدلل أمه الذي لا يعبأ بتحمل المسؤولية، والذي يخاف المواجهة كثيراً فيلجأ إلى الكذب، ذلك الرجل الذي لا يستطيع مواجهة امرأة غاضبة ولا يستطيع التعامل معها، وإنما ينفر منها أكثر؛ وذلك تأثراً بوالده.

بعد سنتان من زواج هادئ تحول زواج “آمي” و”نك” إلى زواج مليء بالمشاكل، خاصة عندما أجبرها على ترك نيويورك، التي كانا يعيشان فيها في بيت فخم اشتراه والدا “آمي” لها، وعادا إلى بلدته في “ميسوري” بسبب مرض والدته ورغبته في عمل حياة في بلدته القديمة، تزامن ذلك مع تحول “آمي” إلى امرأة معدمة بعد أن أخذ والداها الأموال التي خصصوها لها؛ بعد أن تعرضا بدورهما لأزمة مالية وأصبحت “آمي” عالقة في بلدة فقيرة، بعد أن كانت تعيش حياة الثراء.

التشويق المستمر..

تستمر الرواية في تشويق القارئ صعوداً وهبوطاً.. في البداية يتعاطف القارئ مع، “نك”، الذي يحكي عن نفسه ويبدو شخصاً مأزوماً اضطر إلى العودة إلى بلدته مع زوجة غاضبة ومتسلطة، ثم يتعاطف مع، “آمي”، بعد قراءة يومياتها التي تتابع مع حكي “نك”، ونكتشف أنها فتاة طيبة تحملت أنانية زوجها وعبثه وإنعزاله عنها، لنكتشف، بعد حوالي 140 صفحة، وبعد إختفاء “آمي”، المريب، أن لـ”نك” عشيقة، وأنها فتاة شابة على عكس “آمي”، التي وصلت إلى عمر 38، ويبدأ القارئ يشك في “نك” ككقاتل وحشي ضرب زوجته حتى الموت مع احتمال كونها حاملاً، ثم تنقلب الأحداث مرة أخرى ليكتشف القارئ أن يوميات “آمي” زائفة وأنها كتبتها خصيصاً وهي متقمصة شخصية المرأة الهادئة لكي توقع بزوجها عقاباً له على خيانتها، وأنها ظلت لمدة عام كامل تخطط لذلك، أن يبدو إختفاءها “جريمة قتل” قام بها زوجها واختارت أن تختفي يوم عيد زواجها الخامس.

وقد ذهبت هي إلى مكان بعيد لتراقب إنهيار زوجها وتورطه وأنتوت أن تقتل نفسها في النهر، حتى تحكم التهمة عليه ويتم إعدامه، لكن الأمور لا تقف عن هذا الحد؛ فـ”نك” يستمر بالتغير ويصبح أكثر انفتاحاً ويحاول التخلص من ورطته، بعد أن اكتشف تلاعب “آمي” به، ويخاطبها عبر الإنترنت والوسائل الحديثة لتعود، وهي تتعرض لمشاكل نتيجة إحتكاكها بالحياة الحقيقية، وعيشها وسط المشردين والمجرمين لتجد نفسها في ورطة وتستعين بأحد أصدقائها القدامي من أيام المرحلة الثانوية، وهو غني ويحتجزها هذا الرجل لكن بطريقة غير عنيفة، ويطلب منها أن تكون عشيقته ويسافرا سوياً إلى اليونان ليبدءا حياة جديدة، لكنها تنتقم منه هو أيضاً وتغير مجرى الأحداث، وتقتل هذا الرجل وتعود لزوجها، ونكتشف أثناء ذلك أنها دوماً كانت فتاة انتقامية غير متوازنة نفسياً، كانت توقع بمن يقترب منها وتعاقبه عقاباً قاسياً؛ بسبب أنه لم يكن خاضعاً تماماً لها.

عودة الزوجة..

بعد أن تعود “آمي”، وتبين الأمر على أنها اختطفت من قبل صديقها القديم، وأنه اغتصبها، وتصبح عودتها تبرئه لـ”نك”، الذي تم اتهامه بالفعل بقتلها، وتستطيع بنفس ذكائها وتخطيطها المحكم أن تظهر بمظهر الضحية وتعود إلى بيت زوجها، يصبح من الصعب على “نك” التعامل معها بعد أن عرف أنها أصبحت قاتلة، ويظل في قلق وتوتر دائم محاولاً كشف جريمتها، لكنها لا تترك له الفرصة وتسارع بتدبير حمل منه لتلهيه بحلم الطفل، الذي كان يريده طوال فترة زواجهما، ويستسلم “نك” في النهاية ويتوقف عن محاولة الإيقاع بها، ويبدأ في تدليلها ومحاولة التقرب منها، لكن أبداً لا يحبها، وتنتهي الرواية بصوت “آمي” المسيطرة المغرورة، التي تحب أن تخضع الآخرين لها والتي تحب أن تكون الكلمة الأخيرة لها.

خصوصية المجتمع..

الرواية استطاعت أن تنقل المجتمع الأميركي بخصوصيته.. نقلت ضجر الأبطال من تحويلهم إلى أنماط شائعة قتلت تناولاً في الأفلام والمسلسلات، (الزوج القاتل الوحشي، المرأة المستكينة الضحية، المرأة الحامل المحبوبة، الشرطي المغفل الذي يهمل عمله)، حيث عبر “نك”، أكثر من مرة، عن ضجره من أنه حين يستجيب للأحداث في حياته يشعر أنه ممثل في فيلم شاهده مراراً، ويشعر أن إستجابته الإنفعالية إنما هو تدرب عليها ورآها كثيراً في الأفلام والمسلسلات، وكأنه عرف كيف يعيش الحياة من الأفلام قبل أن يعيشها بالفعل، والمسؤول عن ذلك التليفزيون والسينما وباقي وسائل التطور.

كما انتقدت الرواية تأثير الإعلام القوي والكبير على حياة الأميركيين، حتى أن البرامج التليفزيونية من شأنها أن تحول تعاطف الجماهير من بطل إلى آخر بحسب ظهوره في تلك البرامج، وكيفية أدائه ومدى تماسكه واستطاعته أن يبين شخصية متماسكة أمام الكاميرا؛ حتى لو كانت زائفة وغير حقيقته.

رواية (الزوجة المفقودة) – بالإنكليزية: (Gone Girl) – هي رواية إثارة، من تأليف الكاتبة الأميركية، “غيليان فلين”، نشرت في 2012، وسرعان ما دخلت قائمة الـ (نيويورك تايمز) لأفضل الكتب مبيعاً. النقاد في الدول الناطقة بالإنكليزية، وخصوصاً الولايات المتحدة، استقبلوا الرواية بإيجابية. أشاد المراجعين باستخدام الرواية السرد المشكوك والتقلبات في الحبكة والتشويق.

في تشرين أول/أكتوبر 2014، صدر فيلم سينمائي مقتبس عن الرواية، من إخراج، “ديفيد فينشر”، وبطولة: “بن أفليك” و”روزاموند بايك”.

الكاتبة..

“غيليان فلين”؛ هي كاتبة أميركية وناقدة.. قد نشرت ثلاث روايات: (أدوات حادة) 2006، و(أماكن مظلمة) 2009، و(الزوجة المفقودة) 2012.

نشأت “غيليان فلين” في كانزاس سيتي، “ميسوري”، وإرتادت “جامعة كانساس”. وحصلت على شهادة ماجستير من “جامعة نورث وسترن”، وقد عملت لدى مجلة (إنترتينمنت ويكلي). وهي متزوجة من “بريت نولان”، ولديهما ابن واحد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة