خاص: قراءة- سماح عادل
كتاب “المريخ والزهرة عود على بدء.. دليل علمي لإيجاد الحب مرة أخرى” لجون جراي، ترجمة “نافع سليمان السبع”، وهو كتاب ثاني ناجح لنفس المؤلف، “جون جراي” أمريكي حاصل على دكتوراه فلسفة وعلم نفس، وهو مؤلف كتاب “الرجال من المريخ النساء من الزهرة” الذي حقق الرقم القياسي في المبيعات في أمريكا، حيث باع أكثر من ستة ملايين نسخة، و”جون جراي” هو محاضر معروف في عدة مدن وجامعات ومعاهد وجمعيات متخصصة في الطب النفسي، وصاحب أكبر مؤسسة علاج نفسي في شمال كاليفورنيا.
هذا الكتاب الذي بين أيدينا يقدم الحلول للمشاكل النفسية والاجتماعية التي تنشأ عن فقدان علاقة حب، يقول الكاتب في المقدمة أن الرؤى الإرشادية التي يحتويها الكتاب نتاج لاستشارات ومقابلات أجراها مع رجال ونساء طوال 28 عاما.
شفاء الألم..
يكمن جزء كبير من حزننا في عدم قدرتنا على إنقاذ أو استعادة من نحب، يواصل ملايين من البشر معاناتهم من فقدن الحب وبدلا من إيجاد الحب يتأقلمون مع الحياة ويعيشون حياتهم يوما بيوم، لكن هناك طريقة لشفاء الألم والبدء من جديد في علاقة حب.
أسس شفاء القلب..
عندما تنكسر قلوبنا فلن يكفينا أن نفترض وببساطة أننا سوف نتجاوز المحنة، وعلى الرغم من أن الشفاء يأتي أوتوماتيكيا فمن المحتمل بل من المعتاد أن نتدخل، ونتيجة لهذا التدخل قد نقوض عملية الشفاء دون أن ندرك طبيعة عملها، فعلينا معرفة أن هناك خطوات ثلاث لشفاء القلوب هي: 1- الحصول على المساعدة،2- الحزن على الخسارة،3- جمع شتات النفس قبل الدخول في علاقة ثانية.
يستطيع الرجال تسريع عملية شفاءهم بإصغائهم للآخرين الذين يمرون بمرحلة الألم، بينما تستفيد النساء من كونهن يسمع لهن بشكل خاص، وفي المرحلة الثانية يجب أن نأخذ وقتا للحزن على الخسارة بتذكر الشخص المفقود، وما آلت إليه العلاقة، فسوف يبعث ذلك فيك المشاعر المؤلمة إلا أنه أيضا سيوقظ فيك الحب الذي تقاسمته مع حبيبك يوما ما، وهذا بالذات ما سيساعدك على الشفاء حيث أن الحب يشفي ألم الخسارة، لدى شعورك بالعرفان للأوقات الجميلة والتسامح عن الأخطاء سوف يمتلئ قلبك بالحب الذي يحتاجه لشفاء نفسه.
قد يكون من الصعب في البداية أن تستوعب الخسارة أو تشعر بالحب إذا ما كنت تمر بمرحلة الشفاء من انفصال مؤلم أو طلاق، مع شعورك بأنك مرفوض، أو إنك قد تعرضت لخيانة فقد تكون غاضبا، وبذا يكون تحدي إعادة ترتيب القلب هو في التسامح، وبعدها يكون بإمكانك الشعور بالحزن بشكل كامل حتى عندما تكون مرتاحا لانتهاء علاقتك المؤذية بالطرف الآخر، فإن التحدي الذي ستواجهه هو تذكرك لآمالك وأحلامك العريضة التي بنيتها على تلك العلاقة، عندها ستحس بالأسى لخيبة آمالك بعد الافتراق، ولكي تعيد ترتيب أوضاع قلبك يجب عليك أن تضع كل ما كان طيبا محل التقدير والاحترام، وأن تسامح الأخطاء وهذا ما سوف يحررك لتتمكن من التقدم إلى الإمام، بقلب متفتح لتجد الحب الحقيقي الدائم.
لذا لابد من شفاء القلب حتى نكون قادرين على الشعور بالحنان والبراءة والرغبة اللطيفة في قلوبنا للاهتمام بالآخر، وبدون هذا الشفاء قد نشعر بالإجهاد الشديد لدرجة أننا لن نهتم أو نثق بالآخرين مرة أخرى، يميل الرجال إلى عدم الاهتمام كثيرا حتى انتهاء عملية الشفاء بينما تواجه النساء مشاكل تتعلق بالثقة، ونتيجة لذلك يتورط الرجال بعلاقات حالا دون انتظار لكنهم يواجهون مشاكل بالارتباط، في حين تميل النساء إلى تجنب التعرض للأذى مرة أخرى فلا ينخرطن بعلاقات.
وفي المرحلة الثالثة يجب علينا جمع شتات النفس قبل الدخول في علاقة حميمة مرة ثانية، قبل أن نستطيع مشاركة طرف آخر بشكل ناجح يجب علينا أن نشفي إحساسنا وأن يكون لدينا إحساس قوي بالذات.
الحب، التبعية، الارتباط..
عندما يتواجد شخص ما ليحيينا في نهاية يوم عمل شاق، شخص ما يقدر ما نقوم به من عمل، شخص يعترف بقدرنا وقيمتنا وفوائد وجودنا، فإن ذلك يعطي حياتنا معنى وهدف، كما أننا نشعر بسعادة أكبر عندما نجد من يهتم بأمرنا ويشعرنا أننا شيء خاص مهم بالنسبة له، سوف نكون أكثر اعتمادا على شريكنا الذي يمنحنا حبه، حتى عندما لا نحصل على ما نريد فإن أملنا في الحصول عليه يزال قائما، وحتى عندما لا يكون الحب الذي نتقاسمه نموذجيا فإن الأمل في أن نكون موضع حب سيستمر في حجز برد الحياة عنا.
عندما نكون مرتبطين تصبح كل الأشياء التي نتبادلها مع الشريك ذات قيمة كبيرة، وعندما نفقد من نحب سنكون مقتنعين عاطفيا أننا سوف لا نحب ثانية سواه، وبنفس الدرجة التي كنا مرتبطين بها به، ونشعر أننا بدون حب شريك حياتنا لن نتمكن من الحصول على ما نحتاج لنكون سعداء، كما لن تكون حياتنا ذات معنى، وهذا الإحساس من فقد الأمل يضاعف ألم خسارتنا مئات المرات، تقاس درجة تجاوز الشريك ونسيانه بمدى ودرجة اعتمادنا عليه، وتقل هذه الحاجة إذا ما استطعنا الحصول على أفراد عائلتنا وأصدقاءنا، عندما يغادرنا الشريك نكون مضطرين للشعور بحبنا له بعد غيابه، فلا نستطيع لمسه ولا نشعر بذراعيه يحيطان بنا، إلا أننا نستطيع أن نتذكر كم كانت الحياة ممتعة بوجوده، نتذكر حبه ودعمه وبهذا نستمر بحبنا له.
مقاومة مشاعر الألم لن تجنبنا الإحباط، فعندما نقاوم موجات الغضب والألم والفراغ والوحدة قد نصل إلى عزاء مؤقت، ولكننا لن ننسى هذه المشاعر، ورغم محاولتنا للسمو فوقها فإنها سوف تبقى تتشبث بنا، تجرنا للأسفل، عندما يكون العقل قد أخذ الوقت الذي يحتاجه ليعدل نفسه ويكيفها حسب الوضع الجديد، ويصبح الناس غير صبورين على مشاعر القلب ويريدون التحرك بسرعة كبيرة، وهذا الميل إلى تسريع العملية ينطبق على الرجال والنساء، مع أنهم ينفذونه بطريقة مختلفة، فالنساء لتتجنب ألم الخسارة يلجأن إلى إنكار حاجتهن للحب، والرجل يتجنب ألم الخسارة عن طريق محاولة التخلص من الألم، إما أن يغرق نفسه في العمل أو يعجل بالدخول في علاقة أخرى لتلتئم جراحه.
من الأخطاء العامة التحرك بسرعة كبيرة، وعدم إعطاء أنفسنا الوقت الكافي لنحزن، والخطأ الثاني هو عدم السماح لأنفسنا بالتعبير عن شعورنا، فعند فك روابطنا أو علاقتنا مع شخص ما هناك مشاعر تحتاج لأن نمر بها ونطلقها لتتحرر.
عواطف الشفاء الأربعة..
لتحرير ارتباطنا نحتاج لأن نشعر بأربعة عواطف شفاء وهي (الحزن، الغضب، الخوف، الأسف) هذه العواطف تلعب دورا رئيسيا في عملية تحرير الارتباط وإعادة تنظيم قلوبنا، هذه العواطف الأربعة تشبه عملية الفرملة قبل التمكن من الاستدارة والسير في طريق جديد، يجب المرور بمعاناة كل من عواطف الشفاء الأربعة بالكامل حتى نتمكن من إكمال عملية الأسى.
التحرر..
بكبت انفعالاتنا وعدم مبالاتنا بعواطفنا السلبية فإننا نفقد القدرة بالتدريج على الشعور بعواطفنا الإيجابية، بالنسبة للنساء يجب أن يكن قادرات على التغلب على تحديد التعبير عن مشاعرهن وأن يفهمن أن السماح بالغضب أمر هام جدا إذا ما أردن الثقة بالحب ثانية، ودون الشعور بالقوة والوضوح اللذان ينشآن عن الغضب فلن يكون هناك حدود لخوف المرأة وأساها وحزنها، عندما نكبت غضبنا يتحول حزننا إلى شفقة على أنفسنا، بأخذنا الوقت الكافي للشعور بحزننا يمكننا في النهاية التخلص من غضبنا والتسامح.
أحد أفضل الطرق لتدريب قدرتنا وتقويتها على الشفاء هو تدريبها على الشعور بشكل أفضل، وعلينا أن نعرف أننا بإلقاء اللوم على شريكنا بسبب الطريقة التي نشعر بها لن نتمكن من التخلص من آلامنا أبدا أو نسيانها، والتسامح معناه الاقتناع بأن الآخر لا يتحمل مسؤولية الطريقة التي نشعر بها، وعندما نشرك غيرنا ممن لا نلقي عليهم باللوم في مشاعرنا نستطيع أن نصل إلى التسامح بسهولة أكبر، لأنه ما لم يعرف الآخرون بماذا نشعر فلن يستطيعوا تصحيح سلوكنا معينا أو معرفة نوع المساندة التي نحتاجها، وعلينا أن نعلم أننا عندما نسامح شريك حياتنا السابق لا يعني هذا أننا سنعيد العلاقة معه، بتسامحنا مع أولئك الذين آذونا وسببوا لنا الألم نستطيع حينها أن نتسامح مع أنفسنا على إيلام غيرنا.
بإمكاننا استخدام معتقداتنا وأفكارنا السلبية كنور لكشف أحاسيسنا المعلقة المخبأة داخل خزانة اللاوعي، لشفاء حرجنا علينا أن نشعر به ولكن أيضا علينا التمييز أنه ينتمي إلى ماضينا، ولطرح الآلام علينا أن نتعلم كيف نحافظ على موقف غير الضحية، وفي نفس الوقت نعبر عن مشاعر الضحية فينا.
غالبا ما يكون الألم الذي نشعر به مرتبطا بآلام ماضينا، عندما يؤلمنا شيء ما الآن تقفز آلام ماضينا المشابهة أمامنا ونستحضرها، من شأن مشاعر طفولتنا المكبوتة والمشاعر الناشئة عن علاقات ماضية لازالت معلقة أن تضاعف مشاعر الأسى التي نعانيها من خسارتنا الحالية، وأحد أسهل الطرق وأقواها لشفاء القلب والتخلص من الألم، إضافة إلى تعلم كيفية التعامل مع أحاسيس الشفاء الأربعة، هي ربط الم الماضي بألم الحاضر، علينا التعامل مع نقاط ماضينا الساخنة لنتحرر من الألم الذي نحس به حاليا.
خطوات الشفاء..
خطوات الشفاء ثلاث هي: الأولى: نحن بحاجة إلى ربط مشاعر حاضرنا بمشاعر ماضينا، فإذا كان لدي شعور بأني اليوم مرفوض عندها علي أن أتذكر متى كنت مرفوضا بالماضي، الثانية: إحياء الحادثة، بعد تذكر الحادثة الأولى تخيل أنك عدت بفكرك للماضي، متصورا كيف حدثت، والثالثة: تعزيز الحادثة، أثناء إحياء الحادثة امنح نفسك فرصة الاستفادة من المصادر المتاحة لك الآن، ولم تكن متاحة بالماضي، تخيل أنك تستطيع مشاركة والديك وأصدقاءك مشاعرك، وعامل ألمك من خلال التعامل مع تمرين الشعور بالأفضل، كلما زادت قدرتك على كشف الذكريات السلبية كلما أصبحت الذكريات الايجابية اقوي وأوضح.
الشيء النموذجي هو أن لا يأتي إحساس المرأة بقيمتها من اهتمام الرجل بها أو حبه لها، فعندما تتوق المرأة إلى لطف الرجل فإنها في الحقيقة تسعى لإيجاد اللطف فيها، وبالنسبة للرجل فإنه بعد الانفصال سيشعر الرجل بحاجته إلى الجنس ثم يعود إلى المواعدة، ولدى شعوره بالانجذاب الجنسي إلى امرأة ما يبدأ بفتح قلبه ويشعر بحاجته للحب، والنساء من جهة أخرى لا يشعرن بالانجذاب الجنسي عامة ما لم تفتح قلوبهن أولا، والانجذاب إلى الجنس لا يفتح قلوبهن رأسا لأن من المهم بالنسبة للمرأة هو الاتصال مع مشاعرها ليبقيها على اتصال مع قابليتها.
شركاء دائمين..
هناك آلاف الأشخاص الذين نستطيع حبهم، إلا أن القليل منهم يصلحوا لأن يكونوا شركاء دائمين في حياتنا، وعلينا أن نبحث جيدا في أرواحنا لنكتشف الشخص المناسب لنا، وعلينا أن نعلن أنه عندما نحاول إصلاح بعضنا البعض ننتهي بخلق مشاكل، فإما أن نغير أنفسنا كثيرا لنفي بحاجة شركائنا أو يحاولوا هم كثيرا، لإنجاح زواج نحتاج أن نشعر بكينونتنا أكثر وليس اقل.
يكمن جزء من قدرتك على إيجاد الشريك المناسب في المستقبل في تعلمك من أخطائك خلال العلاقات السابقة، عندما نتعلم من ماضينا نكون أكثر قدرة على إيجاد ما نريده في المستقبل، علينا إدراك أن الشريك ليس كاملا وإن كان بنظرنا كذلك، يتم إدراك الرجل أن شريكته توأم روحه بعد أخذه وقت ليعرفها تماما، ومن غير الواقعي أن يتوقع هذا الإدراك حالا، تأخذ قلوبنا وقتا لكي تتفتح لغيرنا على مصراعيها، وعندما يكون الشريك مناسبا ينمو الحب وهذا الإدراك لا يأتي من جهة العقل أو تقديره، أنه معرفة طبيعية، أرواحنا وليست عقولنا هي التي تتعرف على الشخص المناسب لنا، الروح لا تحسب الأشياء أنها تعرف حسب.
يدمر الإنسان فرصة إيجاد الحب بتوقعه خلو العلاقة من المشاكل، لاشك أن كلا من الرجل والمرأة يجب أن يحبوا لما هم عليه، وليس لما يقدموه إلى العلاقة، إلا أن للرجال أيضا حاجة خاصة، فهم يحتاجون أولا أن يحبوا لما عملوه، فإذا كان الرجل محبوبا لأنه رجل فقط فلن يكون ذلك كاف أبدا له ، فهناك شيء ما ناقص، فهو لكي يتلقى الحب بشكل كامل يحتاج إلى الشعور بأن الحب الذي تلقاه هو نتيجة لجهوده وانجازاته، لكن إذا أخذ الرجل على عاتقه الكثير من المسئولية فإنه سيشعر أنه ضرب على رأسه بعصا غليظة، في حين أن المرأة ترحب بالأشياء الصغيرة التي يعملها الرجل، لأنها لا تعتمد على الأشياء الكبيرة، ويفترض الرجل أن المرأة إذا تذمرت من الأشياء الصغيرة فإنها لا تقدر الأشياء الكبيرة.
وفي النهاية الكتاب مفيد جدا كدليل للتعافي من أزمة الانفصال أو فقدان الشريك ويقدم نصائح عملية لتخطى تلك الأزمة.