كتب / د- رسول عدنان
أمريكا- أريزونا
سأخذ ثلاثة مداخل الى موضوعة قصيدة النثر وهي :
1- مصطلح قصيدة النثر
2- تأريخ قصيدة النثر العربية و تطورها
3- روادها أو كتابها و أنطلاقتها
أولا: مصطلح قصيدة النثر
تعتبر قصيدة النثر أكثر أنواع الشعر جدلا في الأدب العربي بعد شعر التفعلية والمعروف أن هذه التسمية ولدت أصلا” ( قلقة ) جمعت بين ( مضادين ) الشعر و النثر و من هنا تبدأ المشكلة أو الأشكال — و مما يغذي هذا الأشكال هو ترجمة المصطلح من قبل ( شوقي أبي شقرا ) عام 1959 ب ( قصيدة النثر ) هكذا – – مصطدما بالذائقة العربية الكلاسيكية التي أعتادت على ( قصيدة الشعر ) و لم يكن هنالك على مر العصور الأدبية العربية ( قصيدة للنثر ) و من هنا بدأ الأشكال أي من التسمية أولا و محاولة الجمع بين شكلين مختلفين حسب الذائقة العربية الكلاسيكية –والحقيقة أن هذا المصطلح ظل مهيمنا والى الآن على هذا النوع من الشعر — و بأعتقادي أن الأمر قد قضي فيما يخص التسمية — وأنه أصبح من المستحيل نحت مصطلح أخر يلاقي قبولا لدى القارئ او المبدع على حد سواء — و لم تعد هناك جدوى من أستعراض او أعادة التسميات البدائية مثل ( الشعر المنثور ) او ( النثر المركز ) حسب حسين مردان مثلا
قام شوقي أبي شقرا بترجم المصطلح (قصيدة النثر) لأول مرة في (جريدة النهار البيروتية، 28/4/1959) (Le poe’men prose) إلى (قصيدة النثر) نقلاً عن كتاب سوزان برنارلكن ما حدث انّه بعد 9 أشهر تقريبا قام أدونيس بأقتباس هذه الترجمة و أدّعى أنّه هو
من قام بترجمتها (Le poe’m en prose) إلى (قصيدة النثر) نقلاً عن كتاب سوزان برنار و بالمقارنة بين التأريخين يتبين لنا انّ أدونيس قام بسرقة الترجمة من شوقي أبي شقرا خصوصا و كلاهما نشر الترجمة في بيروت (شوقي أبي شقرا في النهار البيروتية عام 1959 ) و ( أدونيس في مجلة شعر اللبنانية عام 1960 ) و بما أنّ كل من الفريقين يتألف من شاهدين أثنين الأوّل رواه كل من شوقي أبي شقرا و عزالدين المناصرة ينظر مقاله ( قصيدة النثر… (كما هيَ):نصٌّ تهجينيٌّ شعريٌّ، مفتوح عابرٌ للأنواع، ومُستقل للمناصرة) و أمّا الفريق الثاني فيتألف من أدونيس و أنسي الحاج – – لكن بالنظر الى التأريخين ومن خلال معرفتنا بشخصية أدونيس فأننا نميل وبشكل قاطع و بعد الرجوع الى كلا الدليلين ( جريدة النهار 28 -4- 1959 ) او كما روَّجت (جماعة مجلة شعر) لنفسها جيداً، حيث اخترعت لها تاريخاً خاصاً بقصيدة النثر( شعر 1960) تأريخ ترجمة أدونيس للمصطلح حسب المجلة
نتأكد أن من قام بالترجمة هو شوقي أبي شقرا و ليس أدونيس
ثانيا: تأريخ قصيدة النثر العربية و تطورها
ايّ حديث عن تأريخ قصيدة النثر لا يبدأ من ( الشعر المنثور ) حتى أعتقد بعضهم أنّ قصيدة النثر تطوّر طبيعي من الشعر المنثور و لذلك يحاولون أن يعطوا ريادة قصيدة النثر الى كل من بدأ بكتابة ( الشعر المنثور أمثال :
1-
هتاف الأودية، 1910) لأمين الريحاني هو البداية الحقيقية لما أطلق عليه الريحاني صفة (الشعر المنثور)، بسبب وضوح خصائصه، المطابقة لشعر الأمريكي (والت ويتمان).
2-
رؤفائيل بطي في العراق له مجموعة «الربيعيات» التي نشرتْها مجلة الحرية عام ١٩٢٥م، وهي تتضمَّن أربع عشرة قصيدةً من الشعر المنثور
.
هذان الأثنان أهمّ من كتب الشعر المنثور عربيا و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أسقاط مفهوم قصيدة النثر على كتاباتهم و بالتالي يصبح أيّ حديث عن أيّ نوع من أنواع الريادة لقصيدة النثر تعزى لهم او محاولة ألصاقها بهم ضرب من اللامنطق بل كمن يستجدي العطف
حتى نكون منصفين و بلا تحيّز او قطريّة ضيّقة تكون بديلا عن الطرح العلمي الأكاديمي المهني يجب ان نحصر الريادة الحقيقية لقصيدة النثر بين أسمين فقط ( حسين مردان – العراق ) و ( توفيق الصائغ– سوري ) هذان الشاعران فقط من ينافسان على ريادة قصيدة النثر عربيا – – و حتى نعطي الريادة لواحد منهما يجب علينا ان نكون منصفين و دقيقين لأنّها مسؤولية تأريخية و أخلاقية و أدبية في المقام الأوّل و ليس لنا أيّة و سيلة لتحقيق هذا الغاية الا الرجوع الى تواريخ أصداراتهما و ترك الجواب النهائي للقارئ هو من يحدد لمن يعطي الريادة لسبب واحد هو ذلك السجال الطويل بيني أنا ( رسول عدنان – شاعر عراقي ) و بين صديقي العزيز جدا جدا ( عزّ الدين المناصرة- شاعر فلسطيني) ولأنّ كلّ منّا شاعر و أستاذ أكاديمي سيحاول كل منا ان يسحب النقاش الى منطقتة و هذا ما لا أريده مطلقا و قد سبق لنا السجال الطويل في صحيفة ( رأي اليوم الللندنية بتأريخ ديسمبر17 2015 ) و كان سجالا طويلا جدا – – لذلك لا أريد ان أكرر ما حصل بل أترك النهايات مفتوحة على غرار مفهوم ( التفكيك ) و أترك القارئ هو من يحدد رائد قصيدة النثر عربيا
1- الشاعر العراقي الكبير ( حسين مردان ) الذي أصدر عدة مؤلفات أسماها ب «نثر مركز» – تحمل عناوين مختلفة:
«صور مرعبة» – بغداد 1951،
«عزيزتي فلانة» – بغداد 1952
«الربيع والجوع» – بغداد 1953
« هلاهل نحو الشمس» – شركة التجارة والطباعة – بغداد 1959
وأصدر عدة دراسات نقدية: «مقالات في النقد الأدبي» – المطبعة العربية – بغداد 1955
هذه المقالات أوّل تمهيد تنظيري لمفهوم قصيدة النثر في كل مرّة يستخدم حسين مردان مصطلح ( النثر المركز ) و السبب ان مصطلح ( قصيدة النثر ) لم يترجم او ينقل من الفرنسية عن سوزان برنار الآ عام 1959-4-28 في جريدة النهار على يد شوقي أبي شقرا لاحقا أخذ أدونيس هذا المصطلح وأعادة ترجمته و نشره في مجلة شعر عام 1960 بعد تقريبا 9 أشهر من نشره في جريدة النهار اللبنانية – – أذن عدم تسمية حسين مردان لمجاميعه الشعريّة من عام 1951 – 1959 بقصيدة النثر هو عدم ترجمة المصطلح في ذلك الوقت لذلك أختار مردان مصطلح أقرب و هو ( النثر المرّكز) – –
2-الشاعرالكبير ( توفيق الصائغ – سوريا ) أصدر مجموعة (ثلاثون قصيدة) عام 1954
و كما قلت انّ الوسيلة الوحيدة للحكم هي تواريخ الأصدارات لكل من الشاعرين و أترك هذا للقارئ
3- عام 1960 أدّعى و روّج كل من ( أدونيس و أنسي الحاج ) في مجلة شعر اللبنانية بداية قصيدة النثر العربية بينما الحقيقة المثبّة بالأدلة انّه ليس لأدونيس ريادة في ترجمة المصطلح أوفي في كتابة قصيدة النثر مطلقا لكن هي مجموعة من الأدعاءات أطلقها مستغلا منبر ( مجلة شعر اللبنانية ) لكنّ الزمن كان وحده كفيلا بكشف كل هذه الأدعاءات التي ملأت الدنيا و شغلت الناس من قبل ( أدونيس و أنسي الحاج )
الشكل البدائي لقصيدة النثر العربية
بشهادة ( سرجون بولص و صلاح فائق )
يعتبر الشكل البدائي لقصيدة النثر العربية كما أكّد لي شخصيا الشاعر العراقي الكبير سرجون بولص أحد فرسان ( جماعة كركوك ) لقصيدة النثر و هو شاعر ستيني عراقي – – أرسل لي رسالة غاية في الأهمية بل أعتبرها وثيقة مهمة جدا حيث يعيش سرجون بولص رحمه الله في أحدى القرى القريبة من سان فرانسسكو في ولاية كاليفورنيا بينما أعيش أنا في فينكس عاصمة ولاية أريزونا المجاورة – – حيث أكّد انّ قصيدة النثر أتخذت شكل المقال وليس الأشطر و قال انّ حسين مردان هو من أوّل من كتبها بهذا الشكل يقصد شكل المقال ثم تلاه توفيق الصائغ و قال لي لا علاقة لأودنيس او أنسي الحاج بأيّة ريادة في قصيدة النثر بالمطلق بل أكّد انّ فترة بداية الستينات شهدت تطورا شكليا وفنيّا لهذا النوع من الشعر على يد الستينين ( أدونيس أنسي الحاج سرجون بولص فاضل العزاوي و صلاح فائق – – الخ) و المستنبط من كلام بولص ان هنالك نقلة نوعية في كتابة قصيدة النثر حدثت في الستينات لا تعني بأي شكل من الأشكال الريادة – – و قال في العراق بدأت جماعة كركوك بمشروع شعري موحد يعتبر أنطلاقة حقيقية و قوية لقصيدة النثر من حيث اللفظ والمعنى حتى أستقرشكل ( الشطر) كشكل نهائي لهذا النوع من الشعر – – و قد سألت أحد أعضاء جماعة كركوك وهو الشاعر العراقي الكبير صلاح فائق أطال الله عمره و كانت أجابته مطابقة تقريبا الى أجابة سرجون بولص – – فلا أعرف عن ريادة يتحدث أدونيس سواءا في ترجمة المصطلح او في كتابة القصيدة ؟
الخلاصة: لقد وضعت بيد القارئ ثلاثة مداخل لقراءة لتقصيّ الريادة في قصيدة النثر العربية واترك الحكم للقارئ النبيه و للمختصين من نقاد و أدباء و أكادميين سواءا من حيث مفهوم الريادة او من حيث ترجمة المصطلح بل عمدت بتقصد الى تتبع التواريخ المثبة رسميا في غالبية الكتب سواءا شعرية ام نثرية حول قصيدة النثر و بداياتها الأولى أنطلاقا من النثر المركز حسب حسين مردان الى الأستقرار على التسمية النهائية ( قصيدة النثر ) كما ترجمها أولا شوقي أبي شقرا و كيف رأينا كيف نقل أدونيس هذه الترجمة بعد ثمانية أشهر وعشرين يوم ليدّعي أنّه هو من ترجمة المصطلح عن سوزان برنار بل وصل به الأمر الى أن يضع مع أنسي الحاج تأريخا لأنطلاق او لبداية قصيدة النثر عربّيا وكأنّ الأمر عائد اليهما و هما من يحددان التواريخ !!