14 نوفمبر، 2024 9:21 م
Search
Close this search box.

الرواية والمعاناة (22).. ليس هناك أصدق من مشاعرنا الحقيقية إن جسدت في رواية

الرواية والمعاناة (22).. ليس هناك أصدق من مشاعرنا الحقيقية إن جسدت في رواية

خاص: إعداد- سماح عادل

حين تكون المعاناة تخص الكاتب، تلمسه من الداخل، تخصه وتخص مشاعره وأحاسيسه، يكون التعبير عنها في رواية صادقا، وهذا الصدق يصل إلي قلب القاريء وعقله بشكل مباشر.

هذا الملف تجيب عنه مجموعة من الكاتبات والكتاب من مختلف البلدان العربية، وقد طرحنا عليهم الأسئلة التالية:

.1 هل الرواية العربية في الوقت الحالي تصدر من المعاناة، سواء من الحروب والصراعات، أو من ظروف المجتمعات التي أصبحت مأزومة، أو من معاناة الكاتب التي يصورها علي الورق كمعاناة فردية؟

. 2 هل الشخصيات والأبطال في الروايات العربية أبطال اشكاليون يعانون من الاغتراب عن المجتمع، او الاستلاب، أو من عدم التحقق وغيرها من مشكلات تجعلهم يعانون؟

. 3 كيف يتم تصوير تلك المعاناة التي يحب الكاتب تجسيدها في مسار الأحداث ورسم الشخصيات، وهل هناك بعض المبالغة في تصوير تلك المعاناة؟

. ٤ هل تكتفي بعض الروايات برصد المعاناة سواء فردية أو جماعية دون تقديم حلول إيجابية للتخلص منها أو مخارج؟

جمالية الأسلوب..

تقول الكاتبة “شيماء نجم عبدالله”. من العراق: “بالإجمال كلها تعتبر معاناة، فالكاتب يتأثر بكل الظروف التي تعصف به سواء على صعيد العالم أو الوطن أو البيت، والرواية العربية من أكثر الروايات تأثرا بالظروف فاغلب كتابها يصيرون مادتها ومفرداتها للحديث عن معاناتهم ويستغلون قدرة الرواية على إيصال هذه المعاناة للعالم أجمع، فمن خلالها يوصل الكاتب أحداث الحرب بكل تفاصيلها، حتى لو كانت من نسج خياله المهم أنه جعل منها كطير الزاجل يوصل رسائله لأبعد مكان.

وعن هل الشخصيات والأبطال في الروايات العربية أبطال إشكاليون يعانون من الاغتراب عن المجتمع، أو الاستلاب، أو من عدم التحقق وغيرها من مشكلات تجعلهم يعانون تقول:تقول “بما أن أساس وجود الرواية هو لطرح معاناة معينة، وهذه بالتالي تأثر على شخصية البطل في الرواية وتجعل منه يعاني من الاغتراب أو الاستلاب وغيرها ويضل في صراع مستمر عبر أحداثها حتى يصل مرحلة الحل وفك اللغز، وإعادة هذه الشخصية لوضعها الطبيعي كمعالجة معاناتها أو نقلها إلى مكان آخر يخلصها من المشكلة التي وقعت فيها هي وباقي الشخصيات، وهذا ليس فقط في الرواية العربية بل حتى في الروايات العالمية”.

وعن كيف يتم تصوير تلك المعاناة التي يحب الكاتب تجسيدها في مسار الأحداث ورسم الشخصيات، وهل هناك بعض المبالغة في تصوير تلك المعاناة تقول: “أغلب الكتاب يجعلون من شخصيات أبطالهم شخصيات إما ضعيفة جدا وتعاني الأمرين أو شخصيات قوية تواجه الصعاب، أو شخصيات متسلطة تحاول الحصول على كل شيء بالقوة، أو متذمرة ترفض كل شيء أو ضاحكة تحاول قلب كل شيء للهزل، وهذه قلة جدا حيث نجدها في الكتب التي تعالج مواضيع الكوميديا، وأما الشخصيات المحاربة قد نجد فيها شيئا من الأساطير المبالغ فيها، حيث يكون عبارة عن بطل لا يخاف ولا يخشي شيء يمتلك قوة عضلية هائلة، يقوم بأفعال غير متوقعة، في هذه الروايات قد نجد شيء من المبالغة، لا يمكن للعقل أن يستوعبها وأيضا في قصص الخيال قد نجد أشياء مبالغ بها كوجود الديناصورات وحربها مع الإنسان ولو كانت موجودة في الحقيقة لكان الإنسان لقمة سهلة في فمها”.

وعن هل تكتفي بعض الروايات برصد المعاناة سواء فردية أو جماعية دون تقديم حلول إيجابية للتخلص منها أو مخارج: “في الماضي تعودنا على قراءة روايات نجد في نهايتها حلول لكل مشكلة أو معاناة أما في الوقت الحالي وبعد التطور الذي شهدته الرواية أصبح الكاتب يترك النهاية مفتوحة للقارئ، لكي يحلل ويفكر ويضع هو الحل لمعاناة البطل في الرواية، ولكن هذا لا يلغي وجود بعض الروايات المستمرة على نفس السياق حيث البداية ثم العقدة ثم الحل أو العكس، الحل ثم العقدة وتعود للماضي كاستذكار ما حدث قبل المشكلة.

فالرواية لاتقف على أسلوب معين ولايقيدها قانون معين هي حرة كالطائر كيفما كتبتها كانت مؤثرة في القارئ، المهم هو جمالية الأسلوب وندرت الموضوع وشد القارئ والنهاية التي تجعل من المتلقي في حالة الأعجاب المستمر للكتاب”.

المسكوت عنه..

وتقول الكاتبة “حواء القمودي”: “صدف أن كانت أول رواية أقرؤها هي ترجمة لرواية “الزنبقة السوداء” لالكسندر ديماس، ولا أتذكر لمن كانت الترجمة، ربما لأني كنت بنتا في الحادية عشرة عصف بها الضجر في العطلة الصيفية، وبحثث في كتب أخيها الطالب في المرحلة الثانوية، لتجد كتابا صغيرا وعنوانا جذابا “الزنبقة السوداء” وستجلس تلك البنت وتلتهم السطور وترحل مع القصة والأحداث.

مع روزا وكرنيليوس، وستتفتح عوالم جديدة في وعيها وتنغرس قيم هامة، العلم، الحب، الحرية. أظنني كنت محظوظة حين انفتح عالم الرواية أمام عشقي للقراءة، وكانت البداية مع رواية ظلت أيقونة بالنسبة لي.

وها أنت صديقتي تسألينني:

هل تصدر الرواية العربية في الوقت الحالي من المعاناة؟ إلى آخر سؤالك، وباقي أسئلتك التي تحاول رصد حالة الرواية والعوالم التي تنبثق منها ومسار الأحداث ورسم الشخصيات.

وها أنا أحاول لملمة شتاتي وتذكر قراءاتي الأخيرة، وخاصة الروايات الليبية التي قاربت الأحداث التي تميزت بها العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين، ولكن أيضا لا أنسى أن ثمة روايات نبشت ماقبل هذه العشرية، وكتبت عن المسكوت عنه خلال أربعين عاما، ظللت حياتنا وعيشنا، وهيمنت على بلادنا.

وقد تكون رواية (العلكة) للروائي منصور بوشناف والتي صدرت عام2008م عن دار ليبيا/ في القاهرة،ومنعت أو صودرت ولم تدخل ليبيا.

رواية رصدت عشرية من العبث الذي عشناه، وكانت العلكة/ التدوير، هي ماعشناه واكتوينا بهرائه، إذا هذه رواية صدرت من معاناة، وهي وإن كانت ترصد حكاية عاشقين، ولكنها في مسار الأحداث، أضاءت أو كشفت مايهيمن على شخوصها ويجعل من لقاءهم مستحيلا، ورغم الانتظار، انتظار العاشق لعودة حبيبته وتحجره على مقعد في حديقة عامة، الذي غدا رمزا لتعطل حركة النمو والتطور لمجتمعنا، فإن لحظة اللقاء كانت هي لحظة الغياب.

وكأن في المضمر من قراءة لهذه الرواية، هو الغياب، حيث غياب الرؤية، وغياب معنى الوجود، لأن الموت طال الروح وسكن القلب.

وتقول الكاتبة السورية “فاطمة البقاعي”: “المعاناة في الرواية ورادة فهي بالغالب تتحدث عن مشاعر كاتبها وإن كانت خيالية في أكثر الأحيان فكل منا يضع بعض من روحه في كتاباته وخصوصا في الرواية.

بالنسبة لي أنسى كوني فاطمة حين أكتب الرواية وأتقمص دور البطلة بطريقة عجيبة، تسرقني إليها، أجدني أعيش الحياة التي أتمناها، أحب على طريقتي، أعوض النقص الموجود لدي، أتحرر من آثامي الماضية، من أسقامي، من آلامي، أهرب من واقعي إلى خيالي البحت، أغوص في معالم النص وأتوه في فصوله ومشاهده الكثيرة، أكون هكذا حرة، حرة بكل شيء حتى في تعبيري”.

وعن هل الشخصيات والأبطال في الروايات العربية أبطال اشكاليون يعانون من الاغتراب عن المجتمع، او الاستلاب، أو من عدم التحقق وغيرها من مشكلات تجعلهم يعانون تقول: “في فترة البداية بكتابة الرواية نهرب حتى من أنفسنا وننسى معاناتنا، المعاناة التي زادت من همومنا وسكنت أرواحنا، المعاناة التي نعيشها في الوقت الحالي وخاصة في ظروف الحرب والتهجير والدمار وسفر من نحبهم كل هذا بتصوري، وإن كان قمة المعاناة يكون السبب بنجاح الرواية، هذا رأيي على الأقل عن تجارب شخصية أتكلم.

فليس هناك أصدق من مشاعرنا الحقيقية إن جسدت في رواية، هي تلك التي تصل إلى قلوب القراء بسرعة، فمن منا خلال السنوات الاخيرة لم يعش ألم الحب. الحرب. الحرمان. والاندلاع الهائل لأسعار أهم المواد الغذائية التي لا نستطيع الاستغناء عنها.

المعاناة في الرواية سر نجاحها بالنسبة لي على الأقل.

وتضيف: “ليس هناك أجمل من تجسيد الواقع على الورق بكل ما فيه من معاناة، في أكثر الأحيان نعم لهذا تنجح هذه المواضيع لأنها تشبهنا إلى حد ما، الكاتب لديه عالمه الخاص لا شك لهذا يجسد هذا العالم في حلوه ومرة، أفراحه اتراحه من خلال الغوص في أعماق نصوصه هي حقيقة تعيش فينا لا يستطيع فهمها أحد إلا نحن”.

وعن هل تكتفي بعض الروايات برصد المعاناة سواء فردية أو جماعية دون تقديم حلول إيجابية للتخلص منها أو مخارج: “الحلول الإيجابية هي إنجاح العمل واقبال القراء عليه لأن العمل الكامل هو من يجذب القارئ.

كل ما سلف وارد نعم، ربما لا يصل إلى حد الاكتفاء في كل مرة نحتاج إلى المزيد، لا نتكفي دائما نحرض أنفسنا إلى المزيد والمزيد كي يستمر النجاح، ليس دائما يكون نجاحاً ولكن لابدّ من المحاولات كي لا تموت بداخلنا تلك الهبة التي منحنا الله إياها”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة