8 أبريل، 2024 3:34 م
Search
Close this search box.

الدكتور “محمّد سعدون” المفكّر والنّاقد والمترجم !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : بقلم – عدة بن عطية الحاج (ابن الريف) :

يُعتبر الدكتور “محمّد سعدون” من العلامات الفارقة في ساحة الفكر والنّقد والتّرجمة، وهو من مواليد سنة 1954؛ بمدينة “بسكرة”، ويدرّس في قسم اللّغة العربية وآدابها بجامعة “المسيلة”، وهو من أهمّ المفكّرين الذين دعوا إلى الحداثة والتّنوير في “الجزائر”، وهذا من خلال مساهماته الفعّالة في النّقاشات الفكرية التي كانت تدور حول تراثنا العربي الإسلامي، فهو يملك حسًّا نقديًّا وملكة فكرية تجعله يغوص في أعماق النّصوص ويُحاول قراءتها بروح عصريّة حداثيّة تنويريّة، يجمع بين الثّقافتين العربية والغربية ومُطلّع على الأديان والمذاهب الفكريّة، وله فكر نقديّ بنّاء يُساهم في إماطة اللّثام عن أهمّ القضايا الفكرية والنّقدية التي تشغل السّاحة الثّقافية في “الجزائر”، له مؤلفات عديدة في التّرجمة وفي النّقد وفي الرّواية وفي السّيرة الذّاتيّة.

وهو في كتابه: (المختصر في منهجية البحث الأدبي)، الصّادر عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2019، حاول أن يُقدّم خلاصة تجربته العلمية والمنهجية في البحث الأدبي إلى طلاّبه في حلّة قشيبة وسهلة الوضوح وعباراتها بسيطة، يقول الدكتور “محمّد سعدون” في هذا الكتاب ما يلي: “حاولت أن أجمع المحاضرات التي قدّمتها لطلاّبي في الماستر في مادة منهجية البحث الأدبي لتكون مرجعًا أساسيًّا مختصرًا وشاملاً لإنجاز بحث أدبيّ أكاديمي ناجح أو رسالة تخرّج تقوم على أسس علميّة محكمة.” (ص: 05)، هذا الكتاب هامّ ومختصر يُساعد الطّلبة على إعداد بحوثهم ورسائلهم العلميّة بطريقة سهلة وأكاديميّة تُتيح للباحث المبتديء الإلمام بالمنهجيّة العلميّة التي تُساعده في كتابة بحث أصيل وجاد من النّاحية المنهجية والأكاديميّة.

وفي كتابه: (طقوس الشّعرية المعاصرة أصولها وأبعادها المعرفية، دراسة نقدية مقارنة)، الصّادر عن دار خيال للنشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريرج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2020، يُحاول أن يُقارب مفهوم الشّعريّة من عهد اليونان إلى العصر الحديث، كمفهوم الشّعرية عند “أرسطو” وعند “جاكبسون” وعند “تدوروف”، يقول الدكتور “محمّد سعدون”؛ في هذا الكتاب ما يلي: “والغاية من هذا الكتاب تحديدًا هي الدّراسة المقارنة بين شعرية العرب وشعرية الغرب بهدف إثراء الشّعريّة العربيّة لتلائم الذّوق الحضاري المعاصر، وإخراجها من طقوس الذّوق الإقليمي المتكرّر عبر العصور.” (ص: 07)، حاول الدكتور “محمّد سعدون”؛ في هذا الكتاب، أن يجد الأصول اليونانيّة للشّعريّة العربيّة وللشّعريّة الغربيّة، وهذا الكتاب هو بحث أكاديمي قيّم يُساعد الطلاّب والباحثين على الإلمام بطقوس الشّعريّة واعتمادها كمنهج علميّ في قراءة النّصوص الأدبيّة.

وفي كتابه: (جمالية التّلقي واختلاف قراءات النّقّاد في شعر بدر شاكر السّيّاب)، الصّادر عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2019، حاول أن يقرأ التّجربة الشّعريّة بعيون النّقّاد العرب في ضوء نظرية التّلقي، يقول الدكتور “محمّد سعدون”؛ في هذا الكتاب، ما يلي: “يتضمن هذا الكتاب تحليلاً تطبيقيًا لنصوص؛ بدر شاكر السّيّاب، على ضوء نظرية جمالية التّلقي، وهو البداية أو اللّبنة الأولى لإنجاز مشروع نقدي كامل، يهدف إلى دراسة أشعار السّيّاب دراسة حداثيّة إنطلاقًا من (نظرية التّلقي) أو (جمالية التّلقي) كمّا سمّاها؛ هانز روبرت ياوس Hans Robert Yauss.” (ص: 05)، وهذا كتاب هام يُساهم في تقديم (نطرية التّلقي) لـ”ياوس” إلى المتلقي بطريقة سهلة وواضحة؛ وهي مفتاح استطاع النّقّاد من خلاله قراءة التّجربة الشّعريّة لـ”السّيّاب” قراءة حداثيّة معاصرة.

وفي كتابه: (الإستراتيجية الشّعريّة عند بدر شاكر السّيّاب، دراسة نقدية)، الصّادر عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريرج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2020، حاول أن يقرأ التّجربة الشّعريّة لـ”بدر شاكر السّيّاب” قراءة شعرية إنطلاقًا من اللّغة، يقول الدكتور “محمّد سعدون”؛ في هذا الكتاب، ما يلي: “أمّا اللّغة بصفتها إستراتيجية هامّة يقوم عليها شعره، فقد كان ينسج من خلالها كلّ أساليبه التّي تُغري المتلقي ليغوص في عوالم الشّاعر بحسّه وروحه ووجدانه، ومن هذه الإستراتيجيّة للغة كان يُبدع ويبتكر كلّ ما يروق لقارئه ليصنع جمهورًا مغرمًا بأفانين لغته وشعره.” (ص: 05)، هذا الكتاب يُقدّم لنا مفتاح الشّعريّة لكي نقرأ به شعر “السّيّاب”؛ الذي يعتمد في شعره على الغموض وعلى الأسطورة وعلى الإنزياح.

وله رواية ماتعة عنوانها: (سيرابا)، الصّادرة عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، وسأقدّم عنها دراسة مستقلّة في الأيّام القادمة.

وقد قام بترجمة كتاب: (ظلّ حارس ديوان محمّد ديب)، تقديم: “لويس أرغون”، عن الفرنسيّة، وهذه التّرجمة صدرت عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2019، حاول في هذا الكتاب أن يُقدّم “محمّد ديب” الشّاعر إلى القاريء العربي بعد أن عرفه النّاس كروائي متميّز، يقول الدكتور “محمّد سعدون” في هذا الكتاب ما يلي: “على الرّغم من كون معظم قصائد الدّيوان قد كتبت في الأربعينيات وفي فترة استعمارية ظلامية، إلاّ أنّه كان إرهاصًا لعبقرية محمّد ديب الأدبية في تحدّيها للوضع السّائد المثقل بالهموم. إنّه ديوان نُعدّه تجربة رائدة في شعرنا الجزائريّ المعاصر، بل يمكن اعتباره الإنطلاقة الأولى النّاضجة في هذا الفنّ عندنا.” (ص: 11)، إنّه كتاب ماتع وجدير بالقراءة يُقدّم لنا التّجربة الصّوفية الرّائدة في شعر “محمّد ديب”.

وقد قام أيضًا بترجمة مختارات من الشّعر الفرنسي، وهذه التّرجمة صدرت عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2020، حاول من خلال ترجمته لهذه النّصوص أن يُقدّم لنا عيون الشّعر الفرنسي مثل: شعر “بيار دو رونسار” وشعر “جون لافونتين” وغيرهم من رواد شعر المدرسة الرّومانسية والرّمزية في “فرنسا”، يقول الدكتور “محمّد سعدون”؛ في كتابه هذا، مبيّنًا الهدف والغاية من ترجمته لنبذ من الشّعر الفرنسي ما يلي: “وهذا الكتاب هو نافذة صغيرة نطلّ منها على إبداعات مجموعة من شعراء فرنسا ابتداء من القرن الرابع عشر إلى بدايات القرن العشرين الميلاديين، وقد اخترت على التّدرج شاعرًا أو أكثر من كلّ قرن تماشيًا مع التّطور الأدبي والفنّي عبر العصور التّاريخية؛ حيث تتبدّل رؤى الشّعر وتتغيّر صوره وتختلف أساليبه من فترة إلى أخرى.” (ص:07)، إنّه كتاب جدير بالقراءة يجعلنا نكتشف عوالم الشّعر الفرنسي السّاحرة والآخذة بالعقول والألباب.

وفي كتابه: (فضاءات الشّعرية في نصوص بدر شاكر السّيّاب، دراسة نقدية)، الجزء الثّالث، الصّادر عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2021، يُحاول أن يُقدّم لنا الشّاعر “بدر شاكر السّيّاب”؛ كرائد من روّاد الحداثة في الوطن العربي، يقول الدكتور “محمّد سعدون”؛ في هذا الكتاب، ما يلي: “فالسّيّاب هو المدرسة الأولى لحداثة الشّعر أو هو الجسر الذي يعبر بنا نحو فهم الأبجديات الأولى للشّعر المعاصر ويختصر لنا مسافات الرّكض، ومن خلال شعره الجديد نشقّ ستار قدس الأقداس ونبحر في طقوس الحرف الذي يتلظى ويتشظى بسحر المعاني العصيّة الآبدة. إنّ تجربة السّيّاب مخزون حافل ومعين غمر لا ينضب يروي غلتنا وصدانا اللاّهف المتعطّش.” (ص: 05 – 06)، هذا الكتاب يُحاول أن يرسم ملامح التّجربة الحداثية للشّاعر العراقي؛ “بدر شاكر السّيّاب”، وهذا الكتاب جدير بالقراءة لأنّه يكشف عن الجوانب الغامضة في شعر “السّيّاب”.

كتب الدكتور “محمّد سعدون” سيرة ذاتية حول الشّاعر؛ “عثمان لوصيف”؛ “رامبو الجزائر”، في كتاب عنوانه: (مع الشّاعر عثمان لوصيف أيّام وأصداء..)، الصّادر عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2021، كان الدكتور “محمّد سعدون” صديقًا حميمًا للشّاعر الرّاحل الدكتور “عثمان لوصيف”؛ وكانت لهما دفاتر أيّام وذكريات لا تُنسى خاصة أيّام الجامعة، يقول الدكتور “محمّد سعدون” متحدّثًا عن صديقه الرّاحل الشّاعر الدكتور “عثمان لوصيف”؛ في هذا الكتاب ما يلي: “ومنحتنا أيّام الدّراسة معًا نوعًا من التّمازج الفكري والرّوحي، جعلني أدرك نسيجه الشّعري من منطلقاته الأولى وتركيبة قصائده العميقة التّي تزخر بالفنّ الطّافح بالرّمز والرّؤى الفنيّة والفلسفية والصّوفية… حقيقة عشنا دهرًا معًا فصهرتنا الحياة في بوتقة واحدة، وكانت أيّامنا شعرًا وفكرًا، يخامرها شيء من اللّهو وشيء من الباطل أيضًا…” (ص: 07)، هذا الكتاب القيّم يجعلنا نلج إلى عوالم الشّاعر “عثمان لوصيف” الممكنة ويُدخلنا إلى حديقته الشّعريّة اليانعة التّي أزهرت دررًا لا تملّها الأعين ولا تمجّها الأسماع، وتجعل صوت الشّاعر ينادينا من أعماق التّاريخ ومن أدغال الإنسانيّة، إنّه شاعر متأثّر بالشّاعر الفرنسي؛ “آرثر رامبو”، في طريقة رؤيته للعالم من حوله ومتأثّر كذلك بالتّراث الصّوفي العربي الإسلامي الذي جعله ينحت لغته الشّعريّة من صخر العرفان ويمتح من معين الفلسفة الوجودية.

وفي كتابه: (الأسس الفنيّة لنظرية الإستقبال، دراسة تطبيقية في شعر السّيّاب، دراسة نقدية)، الجزء الرّابع، الصّادر عن دار خيال للنّشر والتّرجمة؛ بـ”برج بوعريريج”، “الجزائر”، الطّبعة الأولى، سنة 2021، حاول الدكتور “محمّد سعدون” أن يرسم أفق الإنتظار لدى القاريء من خلال هذه النّظرية (نظرية الإستقبال)، وبالتّالي يتسنى للقاريء الحفر في أعماق النّصوص والولوج إلى عوالمها الممكنة، وحاول تطبيق هذه النّظرية على نصوص “بدر شاكر السّيّاب” الشّعريّة، يقول الدكتور “محمّد سعدون”؛ في هذا الكتاب موضّحًا خلاصة هذه النّظرية (نظرية الإستقبال) ما يلي: “فلا شكّ أنّ أفق الإنتظار مبدأ يرسمه القاريء من تلقاء هذه النّظرية لدراسة النّصّ والغوص في أغواره والإبحار من أجل الوصول إلى أبعاده القصيّة ويدفعه للمغامرة الأدبية إلى أن يخيّب المؤلّف هذا الأفق الطّموح ببعد آخر يختلف تمامًا، ولعلّ الرّغبة في الكشف الذي لا يتأتى للقاريء مهما أدلج في أفاق المعنى هو الحافز الرّئيس نحو البحث عن الأفق المرتجى الذي لا يتحقّق أبدًا.” (ص: 05)، في ضوء هذه النّظرية (نظرية الإستقبال) نظلّ نُطارد المعنى إلى ما لا نهاية، لأنّ المعنى يكمن في اللاّمعنى الكامن فيه.

وخلاصة القول يمكننا اعتبار الدكتور “محمّد سعدون” من أهمّ الفاعلين والمساهمين في حقل التّرجمة وفي حقل الرّواية وفي حقل النّقد الأدبي، وهو يُعتبر من أهمّ المفكّرين العرب المعاصرين الذين حاولوا قراءة تراثنا العربيّ الإسلاميّ قراءة حداثية تنويرية تُساهم في ميلاد عقول جديدة تُحاول ركوب موجة الحداثة والتّنوير في “الجزائر” وفي الوطن العربي؛ لكي تقرأ تراثنا العربيّ الإسلاميّ قراءة عصريّة وتُعيد له لحمته الحداثيّة التّي أكلتها القراءات الكلاسيكية الصّادرة عن سدنة المعبد التّي لا تريد سماع الأصوات التّي هي دائمًا تغرّد خارج السّرب.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب