15 أبريل، 2024 7:05 م
Search
Close this search box.

“نهاية السيد واي” .. ارتحال عبر زحام أذهان الناس للكشف عن أسرار العالم اللا نهائية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : قراءة – سماح عادل :

في رواية (نهاية السيد واي) للكاتبة البريطانية “سكارليت توماس”، ‏ترجمة “إيمان حرز الله”، إصدار دار التنوير، نواجه عالم من الخيال لكنه يتجاوز روايات الخيال العلمي التقليدية، فالكاتبة تخلق عالماً خيالياً تناقش فيه حقائق علمية وأفكار فلسفية، وتناقش فكرة بداية الكون في قالب سردي ممتع.

الشخصيات..  

آرييل مانتو: البطلة.. فتاة تعمل في مجلة وتحضر لرسالة الدكتوراه في إحدى الجامعات البريطانية، مهتمة بالفيزياء وبالعلوم بشكل عام، كما أنها تحب قراءة الكتب القديمة، تعثر بالمصادفة على رواية نادرة أشيع أنها تجلب لعنة لمن يقرأها، ثم تدخل “آرييل” في عالم خيالي وتتداعى الأحداث.

سول بيرلوم: الأستاذ بقسم الأدب الإنكليزي؛ أستاذ “آرييل” الذي يشرف على رسالة الدكتوراه خاصتها.. قابلته مصادفة في أحد الأيام وهو يحاضر عن روائي من القرن التاسع عشر، وهو “توماس لوماس” صاحب رواية (نهاية السيد واي)، ثم أقنعها بتحضير رسالة دكتوراه، وجلب لها فرصة عمل بالجامعة التي يعمل بها، ثم اختفى بعد التحاقها بالعمل مباشرة.

لورا: متخصصة في أحد فروع العلم.. احتفظ والدها بالنسخة الوحيدة من الرواية الملعونة، (نهاية السيد واي)، داخل خزانة في بنك ألماني، وحين سمعت عن محاضرة “سول بيرلوم” عن الرواية ذهبت إليه وعرضت عليه أن يأخذ الرواية، وبعد حصوله عليها يرتبط مصيرها بمصير “سول بيرلوم” ويعيشا مختفيين داخل بيت في لندن.

آدم: كان يعمل قساً ثم أصبح أستاذاً في الجامعة لعلم اللاهوت.. تقابلت معه “آرييل” بعد أن هدم مبني “نيوتن”، أحد مباني الجامعة، حيث سمحوا له بالعمل في مكتبها بعد فقدانه لمكتبه، ستحبه “آرييل” وسيبادلها نفس المشاعر.

الراوي..

البطلة هي الراوي، حيث تحكي “آرييل” عن نفسها، وعن حكايتها العجيبة مع رواية (نهاية السيد واي)، تحكي ما تعرفه عن باقي الشخصيات من خلال بحثها في أغراضهم، أو دخولها في أذهانهم.

السرد..

على درجة عالية من التشويق، رغم أن إيقاع السرد هادئ، على امتداد 464 صفحة من القطع المتوسط.. إلا أن الرواية تمتلئ بالتشويق، والاكتشاف المستمر لمفاجآت تحول مسار السرد، تتنقل الراوية بحرية بين الماضي والحاضر، وتستخدم وسائل أخرى لكشف الأحداث، مثل نص رواية (نهاية السيد واي)، والحكي من خلال شخصيات تحتل أذهانها وحتى حيوانات.. رغم أن الرواية تمتلئ بمعلومات علمية كثيرة إلا أن ذلك لا يفسد التشويق، فالمعلومات رغم أنها تخص الفيزياء إلا أن الكاتبة تبسطها وتجعلها سهلة الفهم نوعاً ما، البناء السردي محكم والمعلومات موظفة به إلى حد كبير.

التروبوسفير..

تبدأ الرواية بـ”آرييل”، وهي داخل مكتبها في الجامعة، وحدوث انهيار مبنى “نيوتن” المجاور للمبنى الذي تعمل به، ونعرف أن السبب هو أنه مبني على نفق سكة حديد يعود للقرن التاسع عشر، وأن خللاً ما أصاب النفق، ثم تسرح “آرييل” وباقي العاملين من العمل لهذا اليوم وتحتجز سياراتها، فتضطر إلى العودة لمنزلها سيراً على الأقدام، ويتصادف أن ترى محل لبيع الكتب القديمة وبفضول تسأل عن بعض الكتب، لتكتشف أن لدى البائعة رواية نادرة جداً هي (نهاية السيد واي)، هي رواية كتبت في أواخر القرن التاسع عشر وكانت تحكي حكاية خيالية، ثم مات مؤلفها فور الانتهاء منها واختفى كل العاملين على الرواية بما فيهم المحرر والناشر، وبعد ذلك اختفت نسخ الرواية نفسها ولم يتبق منها سوى نسخة واحدة في خزانة بنك ألماني.

تشتريها “آرييل” بجنيهات قليلة وتذهب للمنزل لتقرأها ثم ينتقل القراء إلى نص الرواية القصير نسبياً، لنكتشف أن “السيد واي” تاجر ملابس يقع في شرك سحر أحد أفراد سيرك ما، يدخله هذا الرجل في تجربة غريبة حيث يعطيه مشروب ما يتسبب في نقله إلى رحلة ذهنية، يستطيع فيها أن يتوحد مع أناس آخرين، يدخل أذهانهم ويقرأ ما فيها، ويستطيع الاطلاع على ذكرياتهم وانفعالاتهم، يسمي “السيد واي” أو مؤلف الرواية “توماس لوماس” ذلك الفضاء الذي ذهب إليه بذهنه “التروبوسفير”، ونكتشفه كقراء مع “آرييل” بالتدريج، حيث يكتب “لوماس” وصفة المشروب كما أعطاه له الرجل، ويظل يذهب إلى “التروبوسفير” ويتسبب ذلك في موته.

وصفة سحرية..

الصفحة التي بها الوصفة مقطوعة من الكتاب، تحتار “آرييل” لكنها وبالمصادفة أيضاً تعثر عليها في مكتبها بالجامعة، والذي كان يشاركها فيه أستاذها “سول بيرلوم” قبل اختفاءه، لتعرف أن الرواية التي وجدتها تخص “سول بيرلوم” وأنه هو من أخفى الوصفة، ثم تجهز تلك الوصفة والتي تكتشف أنها بسيطة للغاية، وتذهب هي أيضاً إلى “التروبوسفير” لتكتشف أنه عالم خيالي مكوناته تعتمد على ذهن من ذهب إليه، فأفكار الشخص هي التي تشكل مكونات ذلك العالم، فهي مثلاً ترى الأشخاص عبارة عن متاجر لبيع السلع، وبعد عدة زيارات تصبح خبيرة في هذا العالم، وتكتشف أنها لها القدرة على تغيير أفكار الشخص الذي تزور ذهنه.

فضاء الأذهان والتحكم في البشر..

يطارد “آرييل” رجلان أميركيان في الواقع، وفي “التروبوسفير”، لأنهما يريدان الوصفة، ويريدان قتل كل من يعرف بأمر هذا العالم الذين يسمونه “فضاء الأذهان”، فقد كانا يعملان في وكالة الاستخبارات الأميركية، في برنامج سري يدعى “ستارلايت”، وكانوا يستخدمون هذه الوصفة للوصول إلى أذهان البشر، حتى أنهم طوروا العمل وأصبحوا يستعينوا بالأطفال المتوحدون، واكتشفوا أن للأطفال قدرة على تغيير أفكار الناس وتوجيههم، بل وحتى إفساد تلك الأذهان، ثم قفل البرنامج بسبب موت عدد كبير من الأطفال الذين يعملون به، وتم تسريحهما وهما يريدان الحصول على الوصفة لبيعها والاستفادة منها.

بداية الكون..

تناقش الكاتبة في الرواية نظريات علمية كثيرة، وتناقش فكرة هامة: “هل الكون وجد بفعل خالق واحد ؟.. أم من خلال نظرية الانفجار العظيم ؟”.. لا ترجح الكاتبة أية نظرية منهما، لكنها تناقش فكرة الرب من خلال أكثر من وجهة نظر، وتناقش فكرة تشكل الوعي الأول، “حين تكونت الكائنات البشرية من النبات متى بدأ الوعي يتشكل فيها ؟.. وهل الوعي حالة حدثت بالصدفة ممكن أن تحدث للآلات أيضاً كالإنسان الآلي والحواسيب الذكية ؟”.. وتناقش الكاتبة فكرة هامة أيضاً وهي “هل الوعي هو الذي يخلق العالم ؟.. بمعنى هل أفكارنا لها دور في تكون بعض الظواهر والمواد في العالم أم لا.. هل وعينا بالموجودات له دور في تشكلها وتطورها ؟”.. لا تجيب الكاتبة على شيء وإنما تطرح أفكاراً هامة تشعل ذهن القارئ وتنشطه.

النهاية..

تبحث “آرييل” عن أستاذها “سول بيرلوم”، وتجده في النهاية بصحبة “لورا” داخل منزل في لندن، ويقنعانها أن تذهب إلى “التروبوسفير” وإقناع “توماس لوماس” بعدم كتابة رواية (نهاية السيد واي)، أو إتلافها والتوقف عن نشرها، حتى تقص المشكلة من جذورها وتقضي على إمكانية احتلال أحد أذهان الآخرين، لما قد يسبب ذلك من كوارث، فقد تستخدمه جهة سلطوية ما وتتحكم في أذهان البشر، وبالتالي ماضيهم ومستقبلهم، خاصة وأن “التروبوسفير” يتيح التنقل في الزمن عن طريق التنقل في أذهان الناس وأسلافهم.

لكنها تكتشف أن “آدم” لحقها إلى هناك، وأنه دخل ذهنها ورفض العودة إلى الحياة الواقعية ومات، وأصبح عالقاً في “التروبوسفير” وفي ذهنها، أتمت مهمتها ولم تعد إلى الحياة الواقعية، لأنها خافت أن تعود وتعيش دون “آدم”، أصبحا هما الاثنان، “آرييل” و”آدم”، عالقين في “التروبوسفير” وانتهت الرواية.

الرواية خليط من الإثارة والغموض والنقاشات العلمية والفلسفية، وبها حكاية حب رومانسية.. لا يمكن اعتبارها رواية خيال علمي، كما لا يمكن اعتبارها رواية إثارة وغموض، وإنما هي تفتح في عقل القارئ أبواباً كثيرة للتفكر في الكون والعالم وحياة البشر.

الكاتبة..

“سكارليت توماس” كاتبة إنكليزية، ولدت في 1972 في “هامرسميث”، كتبت تسعة روايات، بما في ذلك (نهاية السيد واي) و(بوبكو)، وخلال سنوات المراهقة، شاركت في مظاهرات ضد الضرائب والأسلحة النووية وحرب الخليج الأولى. درست في كلية “تشلمسفورد” وحصلت على درجة البكالوريوس في الدراسات الثقافية في جامعة شرق لندن من 1992 – 1995.

روايتها (نهاية السيد واي) جلبت لها مستوى جديد من النجاح، وبيعت في 22 بلداً.

تقول “سكارليت” في إحدى اللقاءات الصحافية: “أنا شخص يريد أن يعمل على الإجابات، أريد أن أعرف ما هو خارج الكون، ما هو في نهاية الوقت، وهناك الله، ولكن أعتقد أن الخيال كبيرة لذلك روايتي قريبة جداً من الفلسفة”. وقد درست الكتابة الإبداعية في جامعة “كينت” منذ عام 2004، كما عملت أيضاً عضواً في لجنة تحكيم “مهرجان ادنبره السينمائي الدولي” (2008). وفي عام 2002 فازت بجائزة أفضل كاتب جديد في جوائز “إيلي ستايل”.

رواياتها..

ديد كليفر (1998)

في وجهك (1999)

سيسيد (1999)

برايت يانغ ثينغس (2001)

الخروج (2002)

بوبكو (2004)

نهاية السيد ي (2006)

لدينا الكون المأساوي (2010)

جمع البذور (2015)

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب