“الحجتية” وطالبان الإيرانية .. تحت عباءة “علم الهدى” (2)

“الحجتية” وطالبان الإيرانية .. تحت عباءة “علم الهدى” (2)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

تكلمنا في الجزء السابق؛ عن مكانة آية الله “أحمد علم الهدى” السياسية، ونشأة تيار (الحجتية)، وهنا سوف نناقش أسباب ودافع الشيخ “الحلبي” لتأسيس (الحجتية)، والهيكل التنظيمي؛ كما يكمل “أمير فرشاد إبراهيمي”؛ الجزء الثاني من دراسته التي نشرها موقع (إيران بريفينغ).

إذ توحي الروايات المختلفة عن (الحجتية)، بقناعة الكثيرين إدعاء الشيخ “محمد الحلبي”؛ رؤية “إمام الزمان” في الحلم يأمره بتشكيل جماعة لمكافحة “البهائية”. وهناك روايات أخرى منها نضج الدعاية لـ”البهائية”؛ بالتوازي مع الخلاف بين آية الله “الكاشاني”، والدكتور “محمد مصدق”؛ وهزيمة الانتفاضة النفطية الوطنية، ونجحت “البهائية” في جذب الكثير من الطلبة؛ بما في ذلك طلبة الشيخ “الحلبي”، الذي أقتنع بأهمية ترك السياسة وممارسة العمل الثقافي.

لكن فشل حركة تأميم “النفط” الوطنية؛ ساهم في شيوع جو من اليأس بين أفراد المجتمع، واكتسب يأس البعض صبغة إيديولوجية وسياسية وانضموا إلى “البهائية”. من ثم فإن نفوذ “البهائية”؛ بين طلبة الشيخ “الحلبي”، أحد أسباب تشكيل جمعية مناوئة لـ”البهائية”.

هيكل حزبي بدون سياسة !

“جمعية الحجتية”؛ تحت قيادة الشيخ “الحلبي”، باعتباره رئيس الهيئة الإدارية التي شملت أربعة أفراد آخرين؛ هم: “الحاج سید رضا رسول، وسید حسین سجادي، ومحمد حسین غلام حسین، والحاج محمد تقي تاجر”.

وسعت (الحجتية)؛ من خلال مكافحة “البهائية”، للاستفادة من شخصيات تتمتع بالخبرة، وكان لابد من تجديد ترخيص نشاط الجمعية من وقت لآخر.

وتكونت (الحجتية) من عدة لجان عبارة عن:

01 – التدريس: من مهام هذه اللجنة جذب القوى الشبابية والناشطة تحت بند التعليم.

وكانت المدارس أهم مراكز تحقيق هذا الغرض. إذ كان يتعين على المدرسين؛ من أعضاء (الحجتية)، القيام بهذه المهمة. وسياسة جذب التلاميذ الأذكياء البسيطة تُثبت تدقيق أفراد (الحجتية)؛ في جودة المختارين.

وفي هذا الصدد؛ يقول الدكتور “عبدالكريم سروش”: “كانت قيادات (الحجتية) من المدرسة العلوية، وبعض رفاقنا في الفصل والمدرسة دخل عالم السياسة في الجمهورية الإيرانية؛ ووصلوا إلى مناصب رفيعة فقط لانضمامهم إلى (الحجتية)”.

02 – البحث: هذه اللجنة في الحقيقة جاسوسية، تعمل على تربية وتنشأة ثلاثة أنواع من الباحثين أو الجواسيس.

تقضي مهمة النوع الأول: النفوذ داخل “البهائية”، والثاني: تقديم تقارير عن اجتماعات “البهائية”، والثالث: الهجوم العلني على “البهائية” مع إطلاع كامل على سلوكيات وأقوال “البهائية”.

03 – الكتابة: كانت هذه اللجنة تضم مجموعة من الكُتًاب الذين كان عليهم انتقاص “البهائية” في أبحاثهم وامتداح “الإمام”.

04 – الإرشاد: تشكلت هذه اللجنة من قسمين، الأول: البحث والمناظرة، والثاني: المراقبة والمطاردة.

وكما يتضح من المسميات؛ كان على أفراد هذه اللجنة مراقبة الأعضاء الجدد في (الحجتية)، وكذلك رصد تحركات المبتدئين في “البهائية”؛ بغرض صرفهم عن “البهائية” وضمهم إلى (الحجتية).

05 – الخارجية: ينشط أعضاء هذه اللجنة خارج البلاد، وتحديدًا في: “الهند وأستراليا وبريطانيا وأميركا والنمسا”؛ حيث تقتضي المهمة إنشاء مكاتب لـ (الحجتية) في هذه الدول.

ولعل أبرز مواقف (الحجتية)؛ تلك المتعلقة بالثورة والأنشطة الساسية. وتعليقًا على موقف (الحجتية) من النضال؛ يقول “علي أكبر هاشمي رفسنجاني”: “قبل انتصار الثورة، لم يكن لـ (الحجتية) دعاة إسلاميين. وكانوا يختلفون معنا في النضال. كانوا يعتقدون أن الحكومة الإسلامية سوف تتشكل مع ظهور الإمام، ولأن الإمام مازال غائبًا فالأفضل عدم النضال”.

ويقول قيادي سابق بـ (الحجتية)؛ نقلًا عن موقف الشيخ “الحلبي”، ضد آية الله “الخميني”؛ مؤسس النضال المذهبي ضد الشاه: “من قتلوا في هذا الطريق أهدروا حياتهم، ومن أقنعوهم بخوض هذا الطريق مسؤولون عن هذه الدماء”.

وكان الشيخ “الحلبي” يرى أن العمل الصحيح هو الأنشطة الثقافية والإيديولوجية وليس القتال.

نشاطها أثناء الثورة على الشاه..

وعن فاعليات (الحجتية) وكيفية تعاطي الحركة مع نظام “الشاه”، يقول “محمد سيف زاده”؛ أول رئيس لـ”محكمة الثورة” في “آراك”: “لا يجب أن نغفل أو نتجاهل نصيب أعضاء (الحجتية)؛ مثيري الفتنة، في فترة الثورة. لقد ساهموا بالنفوذ بين أعضاء الثورة وزرع الفتن بين الثوار في اندلاع معارك غير مطلوبة وإزدياد العنف والقتل”.

وكان نفوذهم بين أركان الثورة مثل (الحرس الثوري) واللجان الثورية والبرلمان والمخابرات ورئاسة الوزراء كبير. والوثائق الحكومية و(السافاك)؛ (إدارة المخابرات والأمن القومي في عصر الشاه)، تكشف عن تعاون قوي بين الكثير من رجال الدين وتُجار السوق مع النظام.

وكان نظام “الشاه” قد شكل إدارة باسم: “المروجون الدينيون” داخل (السافاك)، كنوع من تنظيم شؤون رجال الدين وتحقيق أهداف النظام.

ورغم تأسيس (السافاك)؛ لتلك الإدارة، لكن (الحجتية)، التي كانت تتعاون مع (السافاك)، وقد إزداد هذا التعاون في فترة تصاعد الكفاح المسلح. وهذا الأمر تسبب في حيرة المحققين إذ كيف يدعم النظام الحركة “البهائية”؛ وفي الوقت نفسه يُقدم المال لـ (الحجتية) لقتال “البهائية” ؟!

مع هذا أعلنت (الحجتية)؛ عشية انتصار الثورة، العمل مع الجماهير على تحقيق أهداف الثورة. لكن هذا لم يحدث بحسب مذكرات رئيس محكمة الثورة في محافظة “مركزي”. وسرعان ما أعلنت (الحجتية) تعطيل كل الجلسات والأنشطة والبرامج العلنية، لكنها مستمرة بشكل غير معلن حتى الآن.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة