16 نوفمبر، 2024 12:34 م
Search
Close this search box.

التوحد (3).. ينشأ في وقت مبكر جدا في النمو

التوحد (3).. ينشأ في وقت مبكر جدا في النمو

خاص: إعداد- سماح عادل

نواصل البحث عن مرض التوحد الذي يصيب الأطفال، والذي أصبح ظاهرة في العقود الأخيرة.

آلية التوحد..

أعراض التوحد تنتج عن تغييرات في النضج مرتبطة بأنظمة مختلفة في الدماغ. ولم يفهم بشكل دقيق كيف يحدث التوحد. ويمكن تقسيم آلية التوحد إلى قسمين: فيزيولوجيا هياكل الدماغ والعمليات المرتبطة بالتوحد، والروابط العصبية بين هياكل الدماغ والسلوكيات. ويتضح أن السلوكيات ترتبط بعوامل فيزيولوجية متعددة. هناك أدلة قوية على أن التوحد ينشأ في وقت مبكر جدا في النمو.

الفيزيولوجيا المرضية..

وخلافا للعديد من اضطرابات الدماغ الأخرى، مثل “الشلل الرعاش”، لا توجد آلية واضحة للتوحد سواء في الجزيئية، الخلية، أو على مستوى النظم: وغير معروف إذا كان التوحد عبارة عن اضطرابات قليلة ناشئة من الطفرات المتقاربة على عدد قليل من المسارات الجزيئية المشتركة، أو أنه مثل الإعاقة الذهنية عبارة عن مجموعة كبيرة من الاضطرابات لها آليات متنوعة. ويبدو أن التوحد ينتج عن عوامل النمو التي تؤثر على العديد أو جميع أنظمة الدماغ الوظيفية، وتشوش على توقيت نمو الدماغ أكثر من الإنتاج النهائي. وتشير دراسات التشريح العصبي والروابط بالماسخات، إلى أن آلية التوحد تشمل تغير نمو الدماغ بعد الحمل بوقت قصير. ويبدو أن هذا الوضع الشاذ يبدأ في تكوين سلسلة من أمراض الدماغ تتأثر بشكل كبير بالعوامل البيئية. وبعد الولادة فقط، تنمو أدمغة الأطفال المصابين بالتوحد بشكل أسرع من المعتاد، ثم تنمو بشكل عادي أو بطيء نسبيا في مرحلة الطفولة. وليس معروفًا ما إذا كان النمو الزائد يحدث في جميع حالات الأطفال المصابين بالتوحد أم لا. ومن الواضح أنه في مناطق الدماغ ينمو الجانب العصبي المعرفي بشكل ملحوظ ومرتفع. وتشمل فرضيات الأسس الخلوية والجزيئية الخاصة بزيادة نمو التوحد المبكر ما يلي:

وجود فائض من الخلايا العصبية التي تسبب اتصال موضوعي مفرط في مناطق الدماغ الرئيسة.

ارتحال الأيونات العصبية المضطربة أثناء الحمل المبكر.

الشبكات غير الموازنة – الاستثارية المثبطة.

التشكيل الشاذ لنقاط الاشتباك العصبي والعمود الفقري الشجيري عن طريق تعديل نظام التصاق خلايا النيروكسين والنيرولوجين أو عن طريق العمليات التركيبية الضعيفة للبروتينات المتشابكة. وقد يؤدي النمو المتشابك المعطل إلى الصرع، وهو ما قد يفسر ارتباط الحالتين.

وتبدأ التفاعلات بين الجهاز المناعي والجهاز العصبي في وقت مبكر خلال المرحلة الجينية من الحياة، ويعتمد النمو العصبي الناجح على استجابة مناعية متوازنة. وربما يكون النشاط المناعي الشاذ خلال الفترات الحرجة من النمو العصبي جزء من آلية بعض أنواع التوحد، وبالرغم من إيجاد بعض التشوهات بالجهاز المناعي في مجموعات فرعية بالأفراد المصابين بالتوحد، فليس معروفاً ما إذا كانت هذه التشوهات ذات صلة أولية أو ثانوية بالتوحد. وبسبب العثور على أجسام مضادة في غير حالات التوحد، ولعدم وجود هذه الأجسام بشكل دائم في حالة التوحد، فإن العلاقة بين اضطرابات المناعة ومرض التوحد لا تزال غير واضحة ومثيرة للجدل.

المهام الاجتماعية..

في التوحد، يوجد دليل يثبت انخفاض الربط الوظيفي للشبكة الافتراضية، وهي شبكة الدماغ واسعة النطاق التي تشارك في المعالجة الاجتماعية والعاطفية، باتصال سليم لمهام الشبكة الإيجابية، التي تستخدم في الاهتمام المتواصل والتفكير الموجه الهدف. وفي حالة المصابين بالتوحد، لا ترتبط الشبكتان سلبا في الوقت المناسب، مما يشير إلى خلل في تبديل الوظائف بين الشبكتين، وربما يعكس ذلك اضطراب الفكر المرجعي الذاتي. ووجدت دراسة تصوير الدماغ التي أجريت عام 2008، نمطا محددا من الإشارات في القشرة الحزمية، يختلف في حالة الأفراد المصابين بالتوحد.

نظرية “عدم التواصل”..

وتفترض نظرية عدم التواصل الخاصة بالتوحد، أنه يتميز بوجود روابط عصبية عالية المستوى بالتزامن جنبا إلى جنب مع وجود روابط عصبية منخفضة المستوى. وقد وجدت الأدلة الخاصة بهذه النظرية أنه عند تصوير الأعصاب الوظيفية عند شخص مصاب بالتوحد، ومن خلال الدراسة ذات الفكرة الرائعة أن البالغين المصابين بالتوحد لديهم زيادة اتصال في القشرة المخية وروابط وظيفية ضعيفة بين الفص الجبهي وروابط القشرة الدماغية. وأشارت أدلة أخرى إلى أن قلة التواصل موجودة في قشرة دماغ نصف سكان الكرة الأرضية وإلى أن التوحد هو اضطراب في ترابط القشرة.

وتشير الدراسات إلى أن التغيرات العابرة في النشاط الكهربائي في الدماغ استجابة للمؤثرات، تعتبر أدلة قوية على الاختلافات الموجودة بالمصابين بالتوحد فيما يتعلق بالانتباه، والتوجه نحو المؤثرات السمعية والبصرية، وكشف الحداثة، ومعالجة اللغة والوجه، وتخزين المعلومات، وقد وجدت دراسات عديدة أن هناك تفضيلا للمؤثرات غير الاجتماعية. مثلا وجدت دراسات أن التحفيز المغناطيسي للدماغ دليلًا على أن الأطفال المصابين بالتوحد تتأخر استجاباتهم بسبب تأخر معالجة الدماغ للإشارات السمعية.

علم النفس العصبي..

هناك نوعان من النظريات المعرفية لدراسة الروابط بين الأدمغة المصابة بالتوحد والسلوكيات.

النوع الأول يركز على العجز في الإدراك الاجتماعي. حيث تفترض نظرية “سيمون بارون كوهين” عن عقل الأنثى التعاطفي وعقل الذكر التنظيمي، أن الأفراد المصابين بالتوحد يمكنهم تحقيق التنظيمية، وهذا يعني أنهم يستطيعون تطوير لوائح الأنظمة الداخلية لمعالجة الأحداث داخل المخ، ولكن ذلك يكون أقل فعالية في حالة التعاطف الناتج عن التعامل مع أحداث فعلها الآخرون. وبناء عليه، تفترض نظرية تطرف دماغ الذكور، أن التوحد هو حالة متطرفة في دماغ الذكور، ويعرف من خلال القياسات النفسية بأنه حالة يكون فيها التنظيم أفضل من التعاطف.

وترتبط هذه النظريات إلى حد ما بنظرية بارون كوهين السابقة عن العقل، والتي تفترض أن السلوك التوحدي ينشأ عن عدم القدرة على وصف الحالات الذهنية للنفس وللآخرين. وتدعم فرضية نظرية العقل عن طريق استجابات الأطفال المصابين غير النمطية لاختبار التفكير في دوافع الآخرين، الذي قامت سالي آن بإجرائه، ومن خلال نظام مرآة الخلايا العصبية للتوحد، التي تم وصفها في الخرائط الفيزيولوجية بشكل جيد ومناسب للفرضية. ومع ذلك، لم تجد معظم الدراسات دليلا على ضعف قدرة الأفراد المصابين بالتوحد على فهم نوايا الآخرين أو أهدافهم الأساسية؛ وبدلا من ذلك، تشير البيانات إلى أن الإعاقات توجد في فهم العواطف الاجتماعية الأكثر تعقيدا أو في النظر إلى آراء الآخرين.

والنوع الثاني من النظريات يركز على المعالجة الاجتماعية أو المعالجة العامة: الوظائف التنفيذية مثل عمل الذاكرة، التخطيط، والتثبيط. وصرح كنوورثي في استعراضه بأن «ادعاء اختلال الوظائف التنفيذية باعتباره عاملا مسببا لمرض التوحد، هو أمر مثير للجدل»، ولكن «من الواضح أن اختلال الوظائف التنفيذية له دور في العجز الاجتماعي والمعرفي الملحوظ في حالات المصابين بالتوحد.» وتشير الاختبارات الخاصة بالوظائف التنفيذية الأساسية مثل مهام حركة العين، إلى وجود تحسن يبدأ في وقت متأخر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، ولكن الأداء لا يصل أبدا إلى المستويات التقليدية التي يصل إليها البالغين. وتتوقع إحدى نقاط النظرية الهامة إلى وجود سلوك نمطي واهتمامات ضيقة؛ وهناك نقطتا ضعف لهذه النظرية هما أن الوظيفة التنفيذية يصعب قياسها، وأن العجز في الوظيفة التنفيذية لم يتواجد في حالة الأطفال الصغار المصابين بالتوحد.

وتفترض نظرية ضعف التماسك المركزي، وجود قدرة محدودة على رؤية الصورة الكبيرة، ويكمن ذلك وراء الاضطراب المركزي في التوحد. وتتوقع إحدى النقاط القوية في هذه النظرية وجود مواهب خاصة وذروات في أداء المصابين بالتوحد. وتركز نظرية ذات صلة وهي نظرية تعزيز الإدراك الحسي بشكل كبير على تفوق الإدراك الحسي الموجه جزئيًا في حالة الأشخاص المصابين. وتتضح هذه النظريات جيدًا من خلال نظرية ضعف الاستجابة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة