16 نوفمبر، 2024 3:35 م
Search
Close this search box.

التوحد (1).. يعاني المصابون به من الوحدة ونوبات الغضب وممارسة العنف

التوحد (1).. يعاني المصابون به من الوحدة ونوبات الغضب وممارسة العنف

خاص: إعداد- سماح عادل

التوحد يُعرف باسم الذاتوية أو اضطراب التوحد الكلاسيكي. ويَستخدم بعض الكتّاب كلمة «توحد أو ذاتوية» عند الإشارة إلى مجموعة من اضطرابات طيف التوحد أو مختلف اضطرابات النمو المتفشية.

تعريفه..

هو اضطراب النمو العصبي الذي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي وأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. وتتطلب معايير التشخيص ضرورة أن تصبح الأعراض واضحة قبل بلوغ الطفل ثلاث سنوات من العمر. ويؤثر التوحد على عملية معالجة البيانات في المخ وذلك بتغييره لكيفية ارتباط وانتظام الخلايا العصبية ونقاط اشتباكها، إلا أن كيفية حدوث ذلك غير مفهوم تماما حتى الآن. ويعتبر التوحد واحدا من بين ثلاثة اضطرابات تندرج تحت طيف التوحد (ASDs)، ويكوّن الاضطرابان الثاني والثالث معا متلازمة أسبيرجر، التي تتميز بتأخر النمو المعرفي واللغوي لدى الطفل، أو ما يعرف باضطراب النمو المتفشي ويتم تشخيصه في حالة عدم توفر معايير تشخيص مرض التوحد أو متلازمة أسبرجر.

الأسباب..

وللتوحد أسس وراثية قوية، على الرغم من أن جينات التوحد معقدة، ومن غير الواضح ما إذا كان يمكن تفسير سبب التوحد من خلال الطفرات النادرة وحدها، أم من خلال تضافر مجموعات نادرة من المتغيرات الجينية المشتركة. وفي بعض الحالات النادرة، يرتبط التوحد ارتباطاً وثيقاً مع العوامل المسببة للتشوهات الخلقية. وتحيط الخلافات بالمسببات البيئية الأخرى، مثل المعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية أو لقاحات الطفولة، ولا يمكن تصديق افتراض اللقاح بيولوجيا؛ لقلة الأدلة العلمية المُقنعة.

ويصاب بمرض التوحد حوالي 1-2 من كل 1000 شخص في جميع أنحاء العالم، وهو يحدث بمعدل أربعة إلى خمسة أضعاف في الذكور عنه في الإناث. وأفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أنه تم إصابة 1.5% من أطفال الأمم المتحدة واحد من كل 68 بالتوحد، وذلك اعتبارا من عام 2014، بزيادة بلغت نسبتها 30% عن عام 2012، حيث كان يصاب فرد من كل 88. وقد ازداد عدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم زيادة كبيرة منذ الستينيات، وهو ما قد يكون جزئيا بسبب التغيرات في الممارسة التشخيصية وإلى الحوافز المالية التي خصصتها الدول لتحديد أسبابه. ومسألة ما إذا كانت المعدلات الفعلية قد ازدادت أم لا، ما تزال دون حل إلى الآن.

مؤشرات..

يُلاحظ الآباء مؤشرات التوحد في العامين الأولين من حياة الطفل. وتتطور هذه المؤشرات تطورا تدريجيا، ولكن بعض الأطفال المصابين بهذا المرض يتطورون في النمو بشكل أكثر من الطبيعي ثم يبدأون في التراجع أو التدهور. وتساعد التدخلات السلوكية والمعرفية والتخاطبية الأطفال المصابين بالتوحد على اكتساب مهارات الرعاية الذاتية والمهارات الاجتماعية ومهارات التواصل. وعلى الرغم من عدم وجود علاج معروف، إلا أن هناك تقارير عن حالات تم شفاؤها. ولا يستطيع الكثير من الأطفال الذين يعانون من هذا المرض العيش بشكل مستقل بعد بلوغ سن الرشد، لكن بعضهم استطاع ذلك فعلا. وقد تطورت ثقافة التوحد، فأصبح هناك بعض الأفراد الذين يسعون إلى تلقي العلاج، وغيرهم الذين يؤمنون بأنه ينبغي قبول المصابين بالمرض واعتبارهم مختلفين وعدم التعامل معهم على أنهم يعانون من اضطرابات.

على المستوى العالمي، تفيد التقديرات أن مرض التوحد يؤثر على 24.8 مليون شخص اعتبارا من عام 2015. في العِقد الأول من القرن العشرين، قدرت نسبة الأشخاص المتأثرين عالميا بـ 1-2 لكل 1000 شخص في جميع أنحاء العالم. في البلدان المتقدمة، يتم تشخيص نحو 1.5% من الأطفال الذين يعانون من طيف التوحد اعتبارا من عام 2017. وذلك بزيادة من نسبة 0.7% في عام 2000 في الولايات المتحدة.

الأعراض..

التوحد هو اضطراب متغير بدرجة ملحوظة في النمو العصبي، يظهر للمرة الأولى في مرحلة الطفولة، ويتبع عامة مسارا ثابتا دون سكون. تبدأ الأعراض الصريحة تدريجيا بعد عمر ستة أشهر، وتثبت في عمر عامين أو ثلاثة أعوام، وتميل إلى الاستمرار خلال مرحلة البلوغ، على الرغم من أنها في كثير من الأحيان تظهر في شكل أكثر فتورا أو ضآلة. ويتميز المرض بوجود ثلاثة أعراض محددة: ضعف في التفاعل الاجتماعي وضعف في التواصل واهتمامات وأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. وهناك جوانب أخرى شائعة مثل وجود نمط معين في تناول الطعام ولكن هذا لا يعتبر عاملا في تشخيص المرض. وتحدث أعراض التوحد بين عموم السكان، ويبدو أنها ليست مقترنة بهم بشكل كبير، ولا يوجد خط فاصل يميز بين المصابين بالمرض بشدة وبين من توجد لديهم الأعراض الشائعة.

العجز الاجتماعي..

ويميز العجز الاجتماعي التوحد وطيف التوحد عن اضطرابات النمو الأخرى. ويعاني المصابون بالتوحد من مشكلات اجتماعية، وغالبا ما ينقصهم الحدس الذي يعتبره الكثير أمرا مفروغا منه. وصفت “تمبل جراندين” التي أصيبت بالتوحد، عدم قدرتها على فهم طرق التواصل الاجتماعي الخاص بالأشخاص الذين لديهم نفس المرض، أو الأشخاص ذوي النمو العصبي المعتاد. وجعلها ذلك تشعر أنها «عالمة أنثروبولوجيا على سطح المريخ».

وتظهر التنمية الاجتماعية غير العادية بوضوح في مرحلة الطفولة المبكرة. ويظهر الرضع المصابون بالتوحد اهتماما أقل تجاه المؤثرات الاجتماعية، ويبتسمون وينظرون إلى الآخرين بشكل قليل في كثير من الأحيان، وقليًا ما يستجيبون عند سماع أسمائهم. ويختلف الأطفال الصغار الذين يعانون من التوحد بشكل ملفت للنظر عن غيرهم، مثلا، يقل عندهم التواصل عن طريق العين ولا ينتبهون لأخذ دورهم أثناء الكلام للتفاعل مع الآخرين. وليست لديهم القدرة على استخدام الحركات البسيطة للتعبير عن أنفسهم، مثل، عدم استطاعتهم الإشارة إلى الأشياء.

وقليلا ما يظهر الأطفال المصابون الذين يتراوح عمرهم بين 3 إلى 5 سنوات القدرة على الفهم الاجتماعي، والاقتراب من الآخرين من تلقاء أنفسهم، وتقليد الرد على الانفعالات، والتواصل بشكل لا شفهي، والتناوب مع الآخرين. ومع ذلك، فإنهم بالفعل يكونون روابط مع من يقدم لهم الرعاية الأساسية. وتعتبر إمكانية حفاظ هؤلاء الأطفال على المرفقات أقل من غيرهم، ولكن هذا الاختلاف يختفي في حالة الأطفال الأعلى في التطور العقلي أو الأقل في حدة الإصابة بالمرض. ويكون أداء الأطفال الأكبر سنًا والبالغين المصابين بالتوحد أسوأ في الاختبارات التي تعتمد على الوجه والانتباه للانفعالات والمشاعر.

شعور بالوحدة..

ويعاني الأطفال المصابون بالتوحد بشعور قوي ومتكرر بالوحدة، وذلك مقارنة مع أقرانهم غير المصابين، على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن الأطفال المصابين بالتوحد يفضلون أن يكونوا بمفردهم. وأثبت أن تكوين الصداقات والحفاظ عليها يصعب على هؤلاء. فبالنسبة لهم عدد الأصدقاء، وليس نوعية الصداقة، يجعلهم يشعرون بالوحدة. فالصداقات الفعالة، مثل التي تتكون عن طريق الحفلات، ربما تؤثر في حياتهم بشكل أعمق.

وهناك العديد من التقارير القصصية – ولكن القليل من الدراسات المنهجية – المتعلقة بأعمال العنف والعدوانية التي يرتكبها الأفراد المصابون بالتوحد. وتشير البيانات المحدودة إلى أنه في حالة الأطفال الذين يعانون من الإعاقة الذهنية، يرتبط التوحد بالعدوانية وتدمير الممتلكات، ونوبات الغضب.

وأجرت الدراسة التي تمت في عام 2007 مقابلات مع آباء 67 طفلا مصابين بالمرض، وأوضحت أن نحو ثلثي الأطفال مرت عليهم فترات أصيبوا خلالها بنوبات غضب شديدة، وأن حوالي ثلث هؤلاء الأطفال لهم تاريخ مع العدوانية، وكان مصحوبا بنوبات غضب ملحوظة، وذلك بشكل أكثر شيوعا عن الأطفال غير المصابين. كما أنهم يعانون من ضعف في اللغة. وأفادت دراسة سويدية أجريت عام 2008، أن الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام فأكثر، وخرجوا من المستشفى بتشخيص التوحد، وأن أولئك الذين ارتكبوا الجرائم العنيفة، أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض نفسية أخرى مثل الذهان.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة