24 نوفمبر، 2024 8:56 ص
Search
Close this search box.

التنويم المغناطيسي.. حالة بين اليقظة والنوم تعتمد على الإيحاء

التنويم المغناطيسي.. حالة بين اليقظة والنوم تعتمد على الإيحاء

 

خاص: قراءة- سماح عادل

التنويم المغناطيسي موضوع مثير يجذب الناس، لكنه في عالمنا العربي غير معروف، وقليلة هي الكتب المترجمة إلى العربية التي تهتم بعرض هذا الموضوع على القراء، ولقد صدر كتاب “التنويم المغناطيسي” للكاتب “نبيل إبراهيم غالي” وهو مترجم متخصص في الفرنسية، ومهتم بالبحث في التنويم المغناطيسي، وقد أصدر كتابه في التسعينات لتعريف القراء العرب بهذا الموضوع الطريف وسوف نقوم بعرضه هنا.

تاريخيا..

في النصف الأخير من القرن الثامن عشر اكتشف القس الفرنسي “لينوبل” طريقة لعلاج بعض الأمراض، وذلك بتدليك الأجزاء المصابة بقطعة معدنية ممغنطة، وتم بذلك شفاء أمراض عديدة، وأعقبه الطبيب الألماني “فرانس مسمر” والذي استبدل المعدن المغناطيسي بأصابعه، التي كان يمر بها فوق مواضع الألم، حيث تعرف عن طريق أحد الرهبان على طريقة العلاج بالمغناطيس، ومارسها جماعيا بنجاح بمصاحبة آلة موسيقية، ولاحظ أثناء العلاج أن المرضى يغلب عليهم النوم، وأرجع ذلك إلى انتقال قوة مغناطيسية من جسمه إليهم عن طريق أصابعه، وهذا خطأ لكنه أدى إلى اكتشاف حقائق علمية أساسية لعلم التنويم المغناطيسي، وقد يكون “مسمر” هو أول من وضع هذه التسمية الخاطئة، والتي مازالت شائعة حتى الآن وتبعه الطبيب الانجليزي “بريد” والعالم “شاركوت”.

كان التنويم المغناطيسي في الماضي مرفوضا خاصة في فرنسا، ولكنه عاد للظهور في المستشفيات والعيادات الطبية وعيادات التحليل النفسي. وبعد أبحاث كثيرة خاصة في أمريكا، وبعد أن قضى “ليون شيرتوك” الطبيب النفسي والمحلل ثلاثون عاما في هذا الموضوع يقول: “النوم المغناطيسي هو الحالة الرابعة بعد الحالات الثلاثة المعروفة في حياة الإنسان ( اليقظة- النوم- الحلم) ، نوع من الإمكانات الطبيعية الكامنة، نوع من الفطرة الغريزية”، أما الطبيب النفسي “جون جودان” والدكتور في العلوم الإنسانية ومؤسس معهد “اريكسون”، فلا يتفق تماما مع هذا الرأي يقول: “النوم المغناطيسي عبارة عن طريقة سيكولوجية خاصة، فيها يكون الشخص في حالة سهو عن الواقع الخارجي المحيط به، ولا يكون لإرادته سيادة على الموقف، وتبدأ تظهر قدرات جديدة من تأثير الروح على الجسد، أو العلم على مستوى اللاشعور” باختصار يكون النوم المغناطيسي، كما يطلق عليه علماء النفس انفصال عن حالة اليقظة العادية، تتميز أحيانا بمنع جزئي للإرادة، وتقبل زائد للإيحاء، والعجيب أن الحالة الفسيولويجة للوسيط تبقى كما هي، التنفس، النبض، اختبار الطرق على أسفل صابونة الركبة لاختبار الأعصاب، كما هي في حالة اليقظة.

يشرح “ديدييه ميشو” مدير المعهد الفرنسي للنوم المغناطيسي، وباحث في معهد الطب النفسي، أن مؤشرات كهربية الدماغ هي هي، لا تتغير أثناء النوم المغناطيسي عنها في حالة اليقظة. بالنسبة للعلم يظل النوم المغناطيسي سرا، حالة غامضة، تحدث إثر إشارات وكلمات ذات قيمة، كلمات مسيطرة متكررة بنبرة رتيبة، ومع ذلك فحالات الشفاء تحت تأثير النوم المغناطيسي لا تعد ولا تحصى.

التنويم التجريبي..

يقدم الكتاب نصائح عملية لإتقان عملية التنويم المغناطيسي للقارئ، ويؤكد أنه بلا أي تدريب يمكنك الحصول على جميع مراحل التنويم، ما دمت وفقت في اختيار أشخاص التجربة، ممن لديهم حساسية طبيعية للتأثر، لابد من ممارسة بعض التدريبات اليومية لتطوير بعض عناصر التأثير.

المنوم ..

يمكن للجميع استخدام التنويم بتطبيقاته المتعددة، وهذا لا يتطلب أية مواهب فائقة للطبيعة، لكن يتطلب تطويع قوى طبيعية كامنة يجهلها الكثيرون، ولكن يمتلكها الكل.

تدريب المنوم..

عناصر التأثير المغناطيسي أربعة عناصر يجب التدريب عليها (النظر- الكلمة- الحركة- الفكر) ، للتغلب على مقاومة الأشخاص ذوي المقاومة للتنويم، ولتنويع التدريب وللإسراع بنجاح التجارب بلا تعب، يتم اللجوء إلى أجهزة خاصة أو آلات ميكانيكية، وهذه العناصر الخاصة بالتأثير المغناطيسي يمكن اللجوء إلى استخدامها منفردة أو مجتمعة، بطرق مختلفة تبعا للحالة.

النظر: عندما نحدق النظر في عيون الشخص القابل للتنويم بسهولة، وعندما نطيل النظر ينتهي بنا الأمر إلى شل إرادة هذا الشخص، نحدث لديه حالة خاصة تعرف باسم الافتتان، في هذه الحالة ندفع الوسيط إلى تصديق كل ما نقوله له، وتنفيذ الأوامر الصادرة له. نصل إلى هذه الحالة بطريقة أسهل إذا تفرس المنوم محدقا بين العينان أعلى الأنف، ولكي يحدث النظر أقوى تأثير له يجب ألا يرمش للمنوم جفن، أو يغمز بالعين أثناء التحديق، ودون تحويل النظر ولو للحظة عن نقطة التركيز، وكي نصل إلى هذه المرحلة يكفى أن نتدرب لمدة حوالي ربع ساعة يوميا، على تثبيت النظر إلى نقطة معينة، أما إذا أصيبت عيننا بالحرقان أو امتلأت بالدموع يمكننا إغلاق العينان وفتحهما واستكمال التدريب، ومع تكرار التدريب يصبح من السهل إبقاء العينان مفتوحتان. والتدريب على تثبيت النظر على نقطة في ورقة معلقة على الحائط أو في المرآة بين العينان أعلى الأنف.

الكلمة: عن طريق الكلام يمكن للمنوم أن يتسلل إلى عقل الوسيط، ويزرع الفكرة المطلوبة، وتمثل الكلمة العنصر العملي القوي للإيحاء، والتكرار والإلحاح في الإيحاء الشفاهي هو قوة حقيقية في التنويم المغناطيسي، فإن عرض المنوم للفكرة أمام الوسيط عدة مرات فسيكون من النتائج ليس فقط اعتناق الفكرة ولكن تنفيذها أيضا. وسلطان الكلمة يمكن تنميته عن طريق استخدام (اختيار الكلمات- طريقة الكلام) يكفى أن نختار من الكلمات ما يناسب ذكاء وثقافة الوسيط بحيث يفهمها جيدا، أما طريقة الكلام فمهم التعبير عن الفكرة بثقة وإقناع، وفن الإيحاء يكتسب بالمران والخبرة، يمكنك أن تتدرب على الإيحاء يوميا.

الحركة: على غراغر الحرارة المشعة من جسم الإنسان تشع قوة أخرى هي القوة المغناطيسية، وهي قوة أنكر وجودها بعض العلماء، وأيد وجودها كثير منهم، وهي تشع من اليدين اللتين يمكن مقارنتهما بقطبي المغناطيس، الذي يحدث جاذبية وتنافر للأشخاص الخاضعين للاختبار، وعن طريق تمرير اليد في اتجاه معين، أو وضع اليد فوق رأس الوسيط، تحدث لدينا حالة خاصة وظواهر خاصة لا تتأتى بتثبيت النظر ولا بالإيحاء الشفاهي.

إذا وضعنا  راحتي الكفين على عظمتي اللوح في ظهر الوسيط وتركناهما متلامسين معهما لمدة دقيقتين أو ثلاثة، فإن الوسيط ذو الحساسية يشعر بحرارة تسري في جسده، وثقلا في رأسه، وإن كان عالي الحساسية تثقل أجفانه ويداعبه النعاس، والكثيرون يشعرون بقشعريرة وشد عضلي في الساقين، وإحساس بالبرودة واهتزازات عصبية، ورجفة في العضلات شبيهة بالمس الكهربائي، وعندما نسحب اليدين للخلف أفقيا ببطء ينسحب الوسيط للخلف متقهقرا، متابعا يد المنوم، ولا يستطيع أن يكف عن ذلك إن كان من ذوي الحساسية العالية.

يمكن بعد ذلك تكرار التجربة بوضع اليدين على بعد 10 سنتمتر، وسيشعر الوسيط بالانجذاب للخلف، وممكن محاولة إجراء هذه التجارب على الأطفال، لأن التأثير عليهم سريع وحساسيتهم عالية، ومع تكرار المحاولات تتضاعف قدرة المتدرب ويمكنه التأثير بعد ذلك على من هم أقل تأثرا. في كل التجارب ينصح باستعمال التمرير للحصول على التأثير، يكون التمرير من أعلى إلى أسفل، ولمحو التأثير يكون التمرير من أسفل إلى أعلى، أما التمرير التلامس فيتم بملامسة يد المنوم للوسيط.

الفكر:

ثبت علميا أنه يمكن الإيحاء الذهني بالأفكار عن بعد ( التليباثي) ، هذا وارد أيضا في علم التنويم المغناطيسي، يكفي أن يملي المنوم إراديا، بدون كلام، الفكرة على الوسيط، ويتم ذلك بتركيز المنوم المستمر على الفكرة، بل وحتى على الحركة ذهنيا وإراديا .

والتركيز الذهني هو أيضا الأساس للتنويم الذاتي، الذي يسمح للشخص الاستفادة من الإيحاء المغناطيسي. أثبتت التجارب أن الأفكار لها تأثير شديد على الجسم الإنساني، فبالتركيز على هذه الفكرة يمكنك الاستفادة عمليا، أما الأشخاص قليلي التركيز وذوي الفكر المشتت فيمكنهم تكرار كلمات، أية فكرة يريدون تصديقها، بصوت مرتفع في موضوع الإيحاء الذاتي لمنع تجوال الأفكار أو تشتتها، ثم يتدربون بصوت منخفض حتى الوصول إلى التركيز الذهني بدون كلام.

اختيار الوسيط..

لا يتساوى جميع الوسطاء في سرعة التأثر، البعض يبدو مستعصيا والبعض لا يبد أية مقاومة، والبعض يصل سريعا إلى مرحلة النوم العميق جدا، وهؤلاء هم الذين يجب على المبتدئ في التنويم إجراء محاولاته عليهم، وإذا قام بالعديد من المحاولات الناجحة يصبح شخصية منومة فعالة، فكل الأطفال من سن الإدراك يمكن تنويمهم بسهولة من 8- 15 سنة، يليهم من 15 – 30 سنة يرتفع العدد قليلا، ما يلي ذلك السن تقل لديهم القابلية لكن يزداد بعد سن الستين.

سريعو التأثر..

بالملاحظة يمكن التعرف على الأشخاص سريعي التأثر، فهم ذوي الميل الطبيعي للنوم، من يحلمون بصوت مرتفع، ولديهم اضطرابات أثناء النوم دون أن يستيقظوا، من يعرقون كثيرا، من يرمشون بالجفون، المصابون بالحول، المصابون برعشة، العصبيون، المصابون بالأنيميا، والأشخاص الذين يحولون أنظارهم إلى جهة أخرى حينما نحدق في أعينهم، والخجولين وسريعي الاضطراب.

التنويم المغناطيسي في حالة اليقظة ..

ليس النوم هو المظهر الوحيد للتنويم المغناطيسي، فيمكن للشخص في حالة اليقظة أن يتأثر أيضا دون أن ينام، بواسطة بعض الإيحاءات يمكن لمنوم أن يجعل الوسيط يتثاءب، أو يمنع من الكلام أو من فتح فمه، يجعله يتلعثم  يجبره على السجود على ركبتيه، يجعله يرتجف، يضحك، يغني.

إبطال حالة النوم..

يقول المنوم له بصيغة آمرة أن عليه أن يستيقظ ويفيق من نومه.

طرق مختلفة للتنويم..

كل ذوي الحساسية ينامون بوضع مغناطيس قوي حول المعصم، الكثير من الأشخاص ينامون بالتأثير الشفاهي فقط، الذين سبق لهم النوم يعطون نتائج إيجابية يكفى أن توحي لهم بالنوم قائلا “نم بعمق.. أنت تنام” لكي تحدث لديهم حالة النوم.

الكتاب خفيف يتناول حالة التنويم المغناطيسي ويقدم تعريف مقبول لها اعتمادا على آراء العلماء والمتخصصين.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة