تتسم الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة بأمرين: تشظي القوى السياسية والتدخل المؤثر للقوى الخارجية، وستكون نتيجتها حكومة مشكلة من
بعد الجدل الذي احتدم طويلا حول موعدها، بات من الواضح أن الانتخابات البرلمانية العراقية ستُعقد في 12 مايو/أيار 2018. وبغض النظر عن حجج الداعين إلى تأجيلها أو الراغبين في إجرائها في موعدها الدستوري، فإن هناك
مشاكل أكبر تتجاهلها دوائر النفوذ السياسي العراقي، أو تتعمد غضَّ النظر عنها، مثل التشظي البالغ في الساحة السياسية، والتدخلات الأجنبية السافرة في رسم خارطة القوى والتحالفات السياسية، بالرغم من أن هاتين الظاهرتين تمسَّان جوهر العملية الديمقراطية في البلاد وحقيقة استقلال قرارها السياسي.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أعلنت في منتصف يناير/كانون الثاني 2018 إغلاق باب تسجيل الائتلافات الانتخابية، على أن يستمر تسجيل الأحزاب والأفراد حتى 10 فبراير/شباط 2018. وبالنظر إلى أن فرص الأحزاب والأفراد هي عادة أقل من فرص الائتلافات، يمكن القول: إن الصورة الأولية للخارطة السياسية الانتخابية قد اتضحت. هذا، مع العلم بأن خارطة التحالفات الانتخابية لا تعني حظر بروز تحالفات من نوع آخر بعد ظهور نتائج الانتخابات، وهو الأمر الذي كانت المحكمة الدستورية العليا قد أقرته في فتوى 2010 الشهيرة، التي مهَّدت الطريق لبناء تحالف شيعي برلماني، وعودة نوري المالكي إلى رئاسة الحكومة، بدلًا من إياد علاوي، الذي ترأس القائمة العراقية، صاحبة الكتلة البرلمانية الأكبر آنذاك.
فأية خارطة انتخابية يرسمها التشظي غير المسبوق في الساحة السياسية العراقية؟ وأي دور تلعبه التدخلات الخارجية في السياسة العراقية، بعد مرور عقد ونصف العقد على بناء الدولة العراقية الجديدة؟
التشظي السياسي
طبقًا للمفوضية العليا للانتخابات، تم تسجيل 205 أحزاب سياسية حتى منتصف يناير/كانون الثاني 2018، انضوى 143 منها في ائتلافات أو تحالفات انتخابية. وقد بلغ عدد الائتلافات المسجلة لدى المفوضية 54 كيانًا انتخابيًّا. ليس كل هذه الأحزاب ذا وزن شعبي أو انتخابي ملموس، وبعضها لا تاريخ له أصلًا، وربما لم يتشكل إلا بمناسبة عقد الانتخابات البرلمانية المقبلة. كما أن العدد الأكبر من الائتلافات يمثل مجموعة من الأحزاب أو الكيانات التي لم يسمع بها سوى عدد قليل من المحيطين بمؤسسيها، ولا يُتوقَّع له الحصول على أي مقعد برلماني. ولكن هذا العدد الكبير من الأحزاب والائتلافات ليس هو من صنع ظاهرة التشظي السياسي، الملاحَظة في هذا المنعطف الانتخابي. تتعلق الظاهرة، في الحقيقة، بالقوى والكيانات المستقرة، التي أسست لنفسها موقعًا معتبرًا في الساحة السياسية، خلال العقد ونصف العقد الماضيين، والتي يُنظَر إليها باعتبارها الأطراف الرئيسة للعملية السياسية في البلاد.
انقسمت الساحة السياسية العراقية منذ تشكيل مجلس الحكم، بعد شهور قليلة من الاحتلال الأميركي في 2003، على أساسين: طائفي-مذهبي، وإثني-قومي. وقد جرت محاولات جادة لتجاوز الخطوط الطائفية والإثنية، وبناء أطر سياسية وطنية، عابرة للطوائف والإثنيات. ولكن تلك المحاولات لم يكن لها تأثير كبير، أو أنها أخفقت في الاستمرار طويلًا. وتكشف الائتلافات التي تشكَّلت لخوض انتخابات مايو/أيار 2018 عن تداعٍ مستمر في التماسك الطائفي والإثني على السواء، ليس بالضرورة لصالح كيانات سياسية وطنية، ولكن نحو مزيد من التشظي داخل المكونات الطائفية والإثنية الرئيسة.
يدخل الشيعة الانتخابات ليس بائتلاف أو ائتلافين سياسيين رئيسيين، كما حدث في الانتخابات البرلمانية الثلاث السابقة، بل بأربعة ائتلافات، يضم كل منها عدَّة أحزاب وجماعات سياسية.
أدى انقسام حزب الدعوة بين طموحي رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، ورئيس الحكومة الحالي، حيدر العبادي، إلى أن يشكِّل كل منهما قائمته الانتخابية الخاصة. يخوض المالكي الانتخابات على رأس ائتلاف “دولة القانون”، الذي يضم هذه المرة القسم الموالي له في حزب الدعوة، إضافة إلى مجموعات شيعية أصغر. ويخوض العبادي الانتخابات بائتلاف آخر، تحت اسم “النصر”، يضم من انحازوا له في الدعوة، إضافة إلى تيار الحكمة الذي يقوده الحكيم، الذي كان انشق سابقًا عن المجلس الأعلى، وعدة مجموعات شيعية أصغر وبعض العناصر السنية غير ذات الأهمية في مناطقها. وفي محاولة لاحتواء حالة الانقسام، أعلن حزب الدعوة أنه سيسمح لأعضائه بالانضواء في أي ائتلاف أرادوا، على أساس أن الحزب لن يخوض الانتخابات باسمه.
ونظرًا لاستبعاده من كافة القوى ذات الصلة بإيران، يخوض التيار الصدري، الذي ينضوي في حزب الاستقامة، الانتخابات بائتلاف “سائرون”، بمشاركة الحزب الشيوعي، وبعض المجموعات المدنية التي نظَّمت احتجاجات 2016، وعدد من المجموعات الشيعية الصغيرة الأخرى.
أما المجموعات المسلحة التي أسست ميليشيا الحشد الشعبي في بداية المعركة مع تنظيم الدولة (داعش) في صيف 2015، واختارت دفع بعض عناصرها، بعد الاستقالة الصورية من قوات الحشد، لخوض الانتخابات، وتعتبر قوات بدر وعصائب أهل الحق أهمها، فدفعت بقائمة مختلفة. يقف هادي العامري، زعيم قوات بدر، والقيادي النافذ في الحشد الشعبي، على رأس ائتلاف “الفتح المبين”، الذي يضم 8 فصائل من الحشد، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، و13 حزبًا، وكيانات سياسية أخرى، والذي سيخوض الانتخابات على أساس أنه وريث الدور الذي لعبه الحشد في المعركة ضد داعش.
وكما القوى الشيعية، أخفقت الأحزاب السنية في الاتفاق على قائمة ائتلافية واحدة، بعد أكثر من عام عن اللقاءات التي جمعت معظم الأحزاب والشخصيات السياسية السنية البارزة.
وتعتبر قائمة “القرار العراقي”، التي يقودها السياسي السني البارز، أسامة النجيفي، رئيس البرلمان ونائب رئيس الوزراء السابق، الائتلاف الأهم في المعسكر السني. تضم القائمة، إلى جانب عدد من الشخصيات والكيانات السياسية الصغيرة، كلًّا من حزب “متحدون للعراق”، الذي أسسه النجيفي، وحزب “التيار العربي”، الذي أسسه رجل الأعمال خميس الخنجر. في الجانب الآخر، اتفق رئيس البرلمان الحالي، سليم الجبوري، الذي يمثِّل الحزب الإسلامي، القريب من الإخوان المسلمين العراقيين، ود. إياد علاوي، على تشكيل ائتلاف واحد باسم “الوطنية”. كما شكَّل سياسي غير معروف، وضاح الصديد، ائتلافًا من عدد من الشخصيات والكيانات السياسية غير ذات الأثر الملموس في مناطق الأغلبية السنية.
الأكراد، الذين خاضوا الانتخابات السابقة في ائتلاف واحد، فشلوا هم أيضًا في الاتفاق هذه المرة. ولذا، فالمتوقع أن يخوض كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني (الموالي للبارزانيين)، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني (الطالبانيين)، الانتخابات منفرديْن. أما الكيانات المعروفة بتمردها على هيمنة الحزبين على السياسة الكردية، مثل الجماعة الإسلامية، وحركة الديمقراطية والعدالة، التي أسسها برهم صالح، في انشقاق على الاتحاد الوطني، وحركة التغيير، التي تمثل انشقاقًا أقدم عن الاتحاد الوطني، فستخوض الانتخابات في ائتلاف واحد.
في أحد وجوهه، يعكس التشظي البالغ في الساحة السياسية العراقية مناخًا من الحرية والاهتمام المتزايد بالعمل السياسي. ولكن الواقع أن تفاقم الانقسامات السياسية والحزبية، الذي يحدث على خلفية من الانقسام السياسي الطائفي والإثني، يجعل بناء الاستقرار في البلاد أكثر صعوبة وتعقيدًا، ويُخضِع عملية الحكم لابتزاز المصالح الشخصية والكيانات السياسية مختلفة الأحجام، ما يؤدي في النهاية إلى انحسار ثقة العراقيين في العملية السياسية برمتها.
التدخلات الأجنبية
وصل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس والمسؤول عن السياسة الإيرانية في الجوار العربي، في زيارة مفاجئة إلى بغداد، مساء يوم السبت، 13 يناير/كانون الثاني 2018. أمضى سليماني في العاصمة العراقية ساعات قليلة، عمل خلالها على إقناع المالكي بالبقاء خارج الحكومة المقبلة، وعلى إقناع أغلبية القوى الشيعية الأخرى، بما في ذلك مجموعات الحشد، بقيادة هادي العامري، وتيار الحكمة، بقيادة الحكيم، والمجلس الأعلى، بقيادة همام حمودي، بالانضواء في ائتلاف النصر، الذي شكَّله رئيس الحكومة، حيدر العبادي. أما التيار الصدري، المتهم بتلقي أموال من السعودية، فلم يكن من بين القوى التي كان يُفترض أن تشكّل هذا التحالف الشيعي الكبير. وترجح مصادر إيرانية أن التيار الصدري يرفض الدخول في ائتلاف واحد مع الحشد الشعبي، مخالفا بذلك السياسة الإيرانية الحريصة على “وحدة الصف الشيعي”.
ليس صحيحًا ما أُشيع خلال الشهور القليلة الماضية، من أن إيران تقف خلف المالكي، وأنها تعارض العبادي وعودته إلى رئاسة الحكومة، على أساس أن رئيس الحكومة أصبح قريبًا من الأميركيين، وأنه يتبع سياسة أكثر استقلالًا عن إيران، ويعمل على حل قوات الحشد، التي تعتبر قلعة للنفوذ الإيراني في العراق، أو تحجيمها. من الواضح أن الإيرانيين توصلوا إلى قناعة بأن العبادي سيخوض الانتخابات من موقع قوة، وأن المالكي، من ناحية أخرى، يواجه معارضة واسعة النطاق في البلاد، ولا أمل له في تحقيق نتائج كبيرة في الانتخابات. فوجهة النظر الإيرانية، التي نُقِلت للعبادي، ترى أن هذا التحالف الكبير سيؤمِّن له ما يقارب ثمانين أو تسعين مقعدًا، وأن تحقيق أغلبية برلمانية تعيده إلى رئاسة الحكومة لن يكون صعبًا بعد ذلك. ومعروف أن الأكراد في حزبي الطالباني والتغيير “يستجيبون لنصائح الإيرانيين”، وأن ما تبقى من أصوات لتحقيق الأغلبية البرلمانية يمكن الحصول عليه من بعض المجموعات السنية، القابلة للمساومة. أما جماعات الحشد فقد أُقنِعت بأن انضمامها لتحالف يُتوقَّع له أن يحكم سيكون الضمانة الوحيدة لوجودهم في المستقبل.
ولكن هذه الترتيبات لم تصمد طويلا، فخلال أقل من يومين فقط من التوصل إلى الاتفاق الذي رعاه المسؤول الإيراني بالغ التأثير في المشرق، انهار مشروع الاصطفاف الشيعي الحكومي، وأعلن كل من المجلس الأعلى وقائمة الحشد الشعبي الخروج من ائتلاف العبادي. ما قاله هادي العامري: إن فشل الاتفاق مع العبادي لم يكن لأسباب سياسية، بل لحسابات انتخابية وحسب، نظرًا لأن نظام الانتخابات يميل لصالح الائتلافات الصغيرة وليس الكبيرة. ولكن هذا المسوِّغ لم يكن صحيحًا، نظرًا لأن قانون الانتخابات لم يُقرَّ بعد في البرلمان، وليس هناك ما هو يقيني بعدُ حول نظام حساب الأصوات الذي سيتبع. الحقيقة، أن عداء مستحكمًا يفصل جماعات الحشد والمجلس الأعلى عن الحكيم وتياره، وأن وجود الحكيم في ائتلاف النصر كان أحد أهم أسباب فشل الاتفاق. أما السبب الآخر فيرجع، على الأرجح، إلى ضغوط أميركية على العبادي، أدت إلى خلافات حادة مع جماعات الحشد حول ترتيب المرشحين في القائمة الانتخابية.
مهما كان الأمر، فقد ترك الاتفاق قصير العمر برعاية إيرانية خدوشًا في صورة الزعيم الوطني المستقل، التي حرص العبادي على رسمها طوال الأشهر القليلة الماضية، وأظهر أن خضوع العبادي للضغوط الإيرانية لا يقل عن السياسيين الشيعة الآخرين من أمثال المالكي والعامري. كما كشف استعداد العبادي للتحالف مع الحشد عن توجهات سياسية انتهازية، سيما وهو الذي عبَّر مرارًا عن معارضته لخوض الحشد، بصفته قوة عسكرية رسمية، غِمار العمل السياسي.
بيد أن الأهم من ذلك كله كان بروز سليماني، من جديد، باعتباره عرَّاب المشاريع السياسية الكبرى في العراق، مؤكدًا على أن الدور الإيراني في الدولة العربية الجارة لم يتراجع، وعلى أن ليس في نية إيران، بأية صورة من الصور، التخلي عن نفوذها في العراق. يتزامن ذلك مع ورود أخبار من إيران عن زيارة مرتقبة للعبادي إلى طهران لمزيد التشاور قبل الانتخابات. والحقيقة أن ليس إيران وحسب من سمح لنفسه بممارسة نشاط سياسي، بهذه الدرجة أو تلك، في العراق. يُوصَف برت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون التحالف الدولي ضد داعش، في العراق بأنه “سليماني الأميركي.” ويمارس ماكغورك تأثيرًا ملموسًا على العبادي، كما على الأكراد البارزانيين، وعدد من الشخصيات السنية السياسية.
تؤكد مصادر عراقية أن الائتلاف الذي يقوده السني، وضاح الصديد، الذي ينتمي لفرع من قبيلة شمر في محافظة الأنبار، أُسِّس بدعم وتشجيع سعوديين؛ وأنه يكشف عن ضعف النفوذ السعودي في مناطق الأغلبية السنية، على أية حال. كما حاول السعوديون، وإن بنجاح محدود، بناء صلات وثيقة مع التيار الصدري، بعد أن استقبل ولي العهد السعودي مقتدى الصدر في جدة، وقدَّم السعوديون مساعدات مالية للتيار. وبينما يقول مقربون من ائتلاف الوطنية، الذي وُلِد من تحالف سليم الجبوري وإياد علاوي، إن الإمارات هي مصدر دعمهم الرئيس، يقول آخرون إن الأردن هو من يقف خلف هذا الائتلاف. ولا يخفى أن كلًّا من أسامة النجيفي وخميس الخنجر، اللذين أنشآ ائتلاف القرار العراقي، يتمتعان بعلاقات وثيقة مع تركيا، كما مع عدد من الدول العربية الأخرى.
بمعنى، أن السياسة، والقوى السياسية العراقية، لم تزل، بعد أكثر من عقد ونصف العقد على بناء الدولة الجديدة، أسيرة علاقاتها الخارجية، وتأثير القوى الأجنبية، الإقليمية والدولية، والعربية وغير العربية، في الشأن العراقي. في انتخابات 2010، نجحت القائمة العراقية، ذات التوجه الوطني، المدعومة من تركيا وعدد من الدول العربية، في أن تكون الكتلة الأكبر في البرلمان، ولكن الضغوط الإيرانية، والموافقة الأميركية المستبطنة، عصفت بنتائج الصناديق، وصنعت تحالفًا شيعيًّا برلمانيًّا، بعد الانتخابات، أعاد المالكي رئيسًا للحكومة. والواضح أن الأمور لم تختلف كثيرًا في 2018، وأن استمرار النفوذ الأجنبي الفعَّال في الشأن العراقي يشير بوضوح إلى أن نتائج الانتخابات المقبلة ليست وحدها ما يُعوَّل عليه في تحديد من سيحكم.
مصير الانتخابات ونتائجها المحتملة
فشل البرلمان العراقي في إقرار الميزانية الجديدة خلال جلسته الطويلة يوم 17 يناير/كانون الثاني 2018. وفي جلسة أخرى في اليوم التالي، فشل في إقرار قانون الانتخابات القادمة أو الاتفاق على موعدها. بمعنى، أنه وحتى الأسبوع الأخير من يناير/كانون الثاني 2018، لم تزل البلاد بلا ميزانية، ولم يزل الجدل محتدمًا حول الطريقة التي ستُعقد بها الانتخابات وتوزيع المقاعد وحساب الأصوات. أما الجدل حول الموعد فقد تراجع بعد قرار المحكمة الاتحادية رفض التأجيل وإصدار الرئيس العراقي فؤاد معصوم مرسوما بإجراء الانتخابات في 12 مايو/أيار 2018.
في كل الأحوال، لن تبتعد النتائج كثيرًا عن خارطة التشظي السياسي الراهنة. فما حققه المالكي وائتلاف دولة القانون في انتخابات 2014، عندما حصل على 94 من مقاعد البرلمان البالغة 328 مقعدًا، لن يستطيع لا المالكي، ولا أي ائتلاف تحقيقه في انتخابات 2018.
المتوقع، بصورة عامة، وبالرغم من الضرر الذي أصاب صورة العبادي، أن الائتلاف الذي يقوده سيكون الكتلة الأكبر في البرلمان المقبل، خاصة بعد نجاحه في قيادة الحكومة خلال العامين الماضيين لوضع نهاية لسيطرة داعش على أكثر من ثلث البلاد، وفي مواجهة تحدي استفتاء الاستقلال الكردي. ولكن هذه الكتلة لن تتجاوز الخمسين مقعدًا في أفضل الأحوال. ولذا، فإن أراد العبادي العودة إلى رئاسة الحكومة، فعليه البحث عن عدد من التحالفات مع كتل أخرى، تكون كفيلة بتحقيق الأغلبية البرلمانية. السؤال الذي لابد أن يبرز عندها يتعلق باتجاه أي من الخيارات سيقرر العبادي الذهاب: إلى الكتل وثيقة الصلة بإيران، شيعية أم كردية أم سنية كانت، أم تلك المستقلة عن النفوذ الإيراني أو المعادية له؟ وهنا سيكشف بصورة أوضح عن أحجام النفوذ الأميركي والعربي والإيراني في العراق، وعن مدى استقلال العبادي وتحرره من الضغوط والارتباطات الإيرانية.
المصدر/ الجزيرة للدراسات