23 ديسمبر، 2024 7:48 ص

التراث المشترك للإنسانية في ضوء اتفاقية 1982 لقانون البحار: المنطلق الفكرى وإشكاليات التطبيق والتكريس

التراث المشترك للإنسانية في ضوء اتفاقية 1982 لقانون البحار: المنطلق الفكرى وإشكاليات التطبيق والتكريس

إعداد/ ياسمين حمدي
إن مبدأ التراث المشترك للإنسانية إحدي أهم الأفكار الإنسانية الحيوية، حيث يعد من أهم المبادئ وفقا لإتفاقية 1982 لقانون البحار، لا سيما وأن هذا المبدأ يتعلق بكيفية توزيع واستغلال الثروات في قيعان البحار في مناطق البحر التي لا ولاية لأحد عليها “المنطقة ” كما أطلقت عليها الإتفاقية، فقد طالبت معظم الدول خاصة منها الدول النامية بضرورة إعلان المنطقة الدولية لقاع البحار والمحيطات تراثا مشتركا، ولقد تطور النظام القانوني لتطبيق مبدأ التراث المشترك على قاع البحار خارج حدود الولاية الوطنية خاصة في ظل هيئة الأمم المتحدة، كما أنه قد اصطدم تكريس هذا المبدأ ببعض العقبات سواء في ظل اتفاقية قانون البحار لسنة 1982 أو خارجها.
ومن ثم فإنه يمكن تناول دراسة هذا الموضوع من خلال العناصر التالية :
1. أهم التعريفات التي تتضمنها الدراسة وفقا لإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982.
2. منطلق فكرة التراث المشترك للإنسانية.
3. تطور النظام القانوني لمنطقة قاع البحار والمحيطات خارج حدود الولاية الوطنية لتطبيق مبدأ التراث المشترك للإنسانية.
4. مدي تكريس مبدأ التراث المشترك للإنسانية.
أولاً- أهم التعريفات التي تتضمنها الدراسة وفقاً لإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982:
في إطار الحديث عن أهم التعريفات التي تتضمنها الدراسة فإنه يمكن تناولها علي النحو التالي:
1. المنطقة: قاع البحار والمحيطات وباطن الأرض خارج حدود الولاية الوطنية(1).
2. الموارد: جميع الموارد المعدنية الصلبة أو السائلة أو الغازية في موقعها الأصلي في المنطقة والموجودة في قاع البحر أو تحته بما في ذلك العقيدات المؤلفة من عدة معادن(2).
3. التراث المشترك للإنسانية: أحد أهم المبادئ التي تحكم المنطقة، حيث أن جميع الحقوق في الموارد للمنطقة تعد ثابتة للبشرية جمعاء، ولصالح الإنسانية جمعاء، وليس لأي دولة أن يكون لها سلطة عليها أو الاستغلال الفردي لموارد المنطقة(3).
ثانياً- منطلق فكرة التراث المشترك للإنسانية(4):
في إطار الحديث عن التراث المشترك للإنسانية فإنه يمكن القول بأن الحديث عنها لم يكن للمرة الأولي فيما يتعلق بثروات قيعان البحار والمحيطات، حيث كان الحديث عنها لأول مرة فيما يتعلق بالفضاء الخارجي، حيث أنه يمتاز بعدم وجود جاذبية ومن ثم فإن ذلك يصعب من السيطرة عليه والتحكم فيه من قبل أية دولة، ومن ثم فقد كان الفضاء الخارجي تراثا مشتركا للإنسانية، ومن ثم فقد استعار مندوب مالطا للأمم المتحدة السفير “باردو” تلك الفكرة، وكذلك محاولة تطبيقها فيما يتعلق بثروات وقيعان البحار والمحيطات، وذلك انطلاقاً من فكرة ضخامة تلك الثروات في قيعان البحار والمحيطات، وكذلك صعوبة الوصول إليها، ومن ثم سيقتصر الاستفادة منها علي عدد محدود من الدول التي يمكنها الوصول للقيعان، حيث أنها تمتلك القدرات المالية والتكنولوجية والتي تؤهلها بدورها لاستخراج الثروات من قيعان البحار والمحيطات.
ثالثاً- تطور النظام القانوني لمنطقة قاع البحار والمحيطات خارج حدود الولاية الوطنية لتطبيق مبدأ التراث المشترك للإنسانية:
بداية يجب الإشارة إلي أن فكرة المنطقة لن يتم طرحها لأول مرة في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار1982، ولكن سيتم التركيز عليها وفقا لما جاء في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وكذلك الأمم المتحدة ذاتها، حيث أنها تعد راعية للمؤتمرات الثلاثة لقانون البحار، وسوف يتم تناول هذا الجزء من خلال عرض لأربعة أفرع ، وذلك علي النحو التالي:
الفرع الأول: الاقتراح المالطي أمام الجمعية العامة(5)
حيث بادرت مالطا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1967 بالإشارة إلي ضرورة أن يكون استخدام كل من قيعان البحار والمحيطات وكذلك ما تحتها خارج حدود الولاية الإقليمية للدول لصالح الإنسانية جمعاء، وذلك من خلال طلب مندوب مالطا الدائم ” باردو ” بإدراج جدول أعمال الدورة الثانية والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت العنوان التالي:
“إعلان واتفاقية تتعلق بالاحتفاظ بقاع البحار والمحيطات خارج حدود الولاية الوطنية خالصة للأغراض السلمية واستخدام ثرواتها لمصلحة البشرية”.
حيث نجد في هذا الإطار أن السفير ” باردو ” قد بلور هذه الفكرة من خلال تقديم عدة اقتراحات ومنها مايلي ذكره علي النحو التالي(6):
1- أن تصبح قيعان البحار والمحيطات خارج حدود الولاية الوطنية تراثا مشتركا.
2- استبعاد أية إدعاءات وطنية من جانب الدول في تلك المنطقة.
وفي هذا الإطار نجد أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد وافقت بدورها علي تلك المبادرة، كما اتخذت العديد من الأعمال القانونية، وذلك في سبيل وضعها موضع التنفيذ.
الفرع الثاني: اللائحة رقم 2749 المتعلقة بإعلان المبادئ التي تحكم المنطقة(7)
حيث تعد اللائحة رقم 2749هي التي قد أعلنت بدورها أن المنطقة تعد تراثا مشتركا للإنسانية، ولكن يجب الإشارة إلي أنه قبل إصدار تلك اللائحة فإنه قد تم تجميد جميع أوجه النشاط في المنطقة بموجب اللائحة رقم 2574 والمتعلقة بدورها بتجميد استغلال موارد المنطقة إلي حين إرساء نظام قانوني، وهو ما تمثل بدوره في اللائحة رقم 2749 والتي أعلنت بموجبها المبادئ التي تحكم قاع البحار والمحيطات وأكدت بعض المبادئ التي تحكم منطقة قاع البحر، حيث يأتي علي رأسها مبدأ التراث المشترك للإنسانية (8)، حيث جاء فيها ما يلي:
“قاع البحار والمحيطات وباطن أرضها الموجودين خارج حدود الولاية القومية هما وموارد المنطقة تراث مشترك للإنسانية”(9).
الفرع الثالث: تأكيد مبدأ التراث المشترك في الجزء الحادي عشر من اتفاقية عام 1982(10)
بداية يجب الإشارة إلي أن فكرة التراث المشترك للإنسانية قد ثار الجدل حول مضمونها إلا أن المؤتمر الثالث لقانون البحار قد أكد أن أعماله تنبثق أساسا من اللائحة رقم 2749 الصادرة عام 1970، حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة في خطابه الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة الأولي للمؤتمر الثالث أن أعماق البحار خارج حدود الولاية الإقليمية تراث مشترك للإنسانية، حيث ناشد ممثلي الدول بتحويل هذا المفهوم إلي حقيقة وبناء علي ذلك فقد تقدمت الدول بالعديد من المشروعات والتي قد جاءت صياغتها النهائية في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي أفردت الجزء الحادي عشر منها للمنطقة ، ويجب الإشارة إلي أنه قد تم تأكيد مبدأ التراث المشترك في المادة 136 والتي تنص علي ما يلي:
“المنطقة ومواردها تراث مشترك”، كما نجد أنه في المادة 140 من الاتفاقية التي نصت علي أنه تجري الأنشطة في المنطقة لصالح الإنسانية جمعاء، حيث تتجلي العناصر الأساسية للمبدأ في الاتفاقية فيما يلي ذكره:
1. ضرورة استغلال المنطقة لمصلحة الإنسانية جمعاء،حيث يعني ذلك أن الاستغلال يجب أن يفيد كل الدول بغض النظر عن موقعها الجغرافي، سواء كانت ساحلية أو حبيسة أو متضررة جغرافيا،غير أن الاتفاقية قد قررت بدورها أن يأخذ في الاعتبار خصوصا مصالح واحتياجات الدول النامية وكذلك الشعوب التي لم تحصل علي الاستقلال التام(11).
2. عدم جواز ممارسة السيادة علي المنطقة أو تملك جزء منها سواء من طرف أو شخص طبيعي أو معنوي(12).
الفرع الرابع: السلطة كنائب عن البشرية في توزيع موارد المنطقة(13)
في هذا الإطار قد نصت اتفاقية قانون البحار لعام 1982 علي إنشاء منظمة دولية جديدة ألا وهي السلطة الدولية لقاع البحار، ويمكن القول بأن الهدف العام لهذه السلطة الدولية هو إدارة المنطقة ومواردها لحساب الإنسانية ولصالحها، حيث تقوم السلطة في هذا المجال بدور تمثيلي، حيث أن جميع الحقوق في موارد المنطقة تعد ثابتة للبشرية جمعاء التي تعمل السلطة بالنيابة عنها.
ويجب الإشارة إلي أن هذه السلطة تقوم بدورها المتمثل في تنظيم الأنشطة ورقابتها بالإضافة إلي التنفيذ لها، وذلك فيما يتعلق باستكشاف واستغلال موارد المنطقة وهو الدور الأساسي للسلطة، ولكن يجب الإشارة إلي أن الاتفاقية تعرف للسلطة ببعض الصلاحيات ومنها ما يلي:
1. ما يتعلق بمجال الاستكشاف واستغلال الموارد في المنطقة(14).
2. ما يتعلق بمجال التنقيب عن الموارد(15).
3. يجوز للسلطة القيام بالبحث العلمي البحري والدخول في عقود لهذا الغرض(16).
4. دورها في مجال حماية البيئة البحرية وحماية الحياة البشرية.
5. دورها في نقل التكنولوجيا والمعادن المستخرجة من المنطقة وتجهيزها وتسويقها بشرط أن تتصل هذه الجوانب أو تتعلق بالأنشطة في المنطقة.
وذلك كله من أجل تكريس مبدأ التراث المشترك للإنسانية ولكن ما مدي تكريس هذا المبدأ؟
وهو ما ستتناوله الدراسة بدورها في الجزء التالي.
رابعاً- مدي تكريس مبدأ التراث المشترك للإنسانية في منطقة قاع البحار:
وسوف يتم تناول هذا العنصر من خلال تناول الفرعين التاليين علي النحو التالي:
– الفرع الأول: التشريعات الانفرادية انتهاك لمبدأ التراث المشترك للإنسانية
حيث نجد في هذا الإطار أن الجزء الحادي عشر من اتفاقية قانون البحار لسنة 1982 قد كان بدوره سببا في رفض بعض الدول للالتزام بالاتفاقية وخاصة الدول المتقدمة، حيث نجد أن ذلك قد يعرقل مصالحها، ومن أمثلة هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية،حيث نجد أنها قد لجأت إلي إصدار تشريعات حتي تمكنها من استكشاف واستغلال موارد المنطقة، ومن أمثلة هذه التشريعات قانون التعدين الأمريكي في قاع البحار والمحيطات(17)، فعلي الرغم من أن هذا القانون قد كان بشكل مؤقت إلا أنه يتضمن تفاصيل كافية عن شروط الاستغلال من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك كيفية الحصول علي التراخيص اللازمة من الإدارة الوطنية الأوقيانوسية والفضائية التابعة لوزارة التجارة، كما نجد أن هذا القانون قد وضع بدوره أحكاما خاصة في حالة إصدار قوانين مماثلة من دول أخري(18)، ولقد ذكر أيضا في السياق ذاته أنه لا يوجد في الواقع ما يمنع من أن تصبح هذه التشريعات دائمة حتي مع دخول اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار حيز النفاذ(19).
ومن ثم فإنه يمكن القول بأن إصدار البلدان الصناعية للتشريعات الانفرادية الخاصة باستكشاف واستغلال المنطقة قد ترتب عليه اعتداء جسيم علي مصالح البلدان النامية، حيث تسعي مثل هذه الدول إلي أن يكون استغلال المنطقة عن طريق السلطة الدولية والتي ترخص بإجراء الأنشطة في المنطقة علي أساس شروط معينة تفرضها علي الدول المتقدمة التي تقوم بالاستغلال وذلك من أجل مساعدة البلدان النامية.
ومن ثم فإنه يمكن القول بأن مواصلة استنزاف ثروات الإنسانية في موارد المنطقة عن طريق التشريعات الانفرادية يعد بدوره تعديا واضحا علي مبدأ التراث المشترك من قبل الدول المتقدمة، حيث أن هذه الدول هي من تملك التكنولوجيا والمال والخبرات والتي تمكنها من عملية استغلال هذه الثروات بشكل أساسي(20).
الفرع الثاني: الاتفاق التنفيذي لسنة 1994
وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلي أنه كنتيجة لما جاء به الجزء الحادي عشر من أحكام لصالح الدول النامية فقد رفضت بعض الدول المتقدمة الالتزام بالاتفاقية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل لجأت إلي إصدار التشريعات الانفرادية ومطالبة في الوقت ذاته بتعديل الجزء الحادي عشر بما يخدم مصالحها، ومن ثم فإنها قد وضعت الدول النامية أمام الأمر الواقع، وذلك نظرا لعدم تحقيق الاتفاقية للأهداف التي أبرمت من أجلها إذا لم تشارك فيها الدول المتقدمة، ومن ثم فإنها قد قامت بمجموعة من الإجراءات والتي يمكن تناول أهمها علي النحو التالي:
1- تهميش البلدان النامية في الإتفاق التنفيذي.
حيث يعد ذلك تعديا مباشرا علي مبدأ التراث المشترك، حيث طالت تعديلات الإتفاق التنفيذي الجانب المؤسساتي للجزء الحادي عشر من إتفاقية قانون البحار(21)، ومن هذه التعديلات التي تتعلق بالشروط المالية للعقود والنقل الإلزامي للتكنولوجيا، حيث لم يصبح نقل التكنولوجيا إلزاميا وإنما أصبح يخضع لآليات جديدة، وذلك يعد بدوره اقتصاد للدول المتطورة والتي قد كانت كلها ضد تحويل التكنولوجيا للدول النامية، حيث نجد أنه قد تم استبدال نقل التكنولوجيا بتشجيع التعاون العلمي والتقني بين الدول، ومن ثم فإن كل ذلك سيكون بطبيعة الحال في صالح الدول المتقدمة، ومن ثم فإنه قد أثر بشكل سلبي علي المكتسبات التي حققتها الدول النامية، وذلك علي الرغم من أنه من المزعم أنه قد حاول ألا يضر بالمصالح الاستراتيجية للدول النامية وخاصة فيما يتعلق بالمساعدة الاقتصادية، وهو ما قد ظهر بدوره في العديد من أحكامه(22).
2- علاقة الإتفاق بالإتفاقية .
في هذا الإطار نجد أن الإتفاق التنفيذي لسنة 1994 قد جاء بدوره بثلاثة مبادئ أساسية تحكمه في علاقته مع الإتفاقية ألا وهي :
2.1. مبدأ سمو الإتفاق علي الإتفاقية: وهو يقضي بأن يتم تفسير وتطبيق أحكام الإتفاقية، والجزء الحادي عشر مشفوعين أحدهما بالأخر في حالة وجود أي تضارب بين الإتفاق والجزء الحادي عشر تكون عبرة بأحكام الإتفاق(23).
2.2. مبدأ القبول المزدوج: وهو مايقصد به أنه بعد اعتماد الإتفاق التنفيذي فإنه لا يمكن لأية دولة أو كيان أن يقبل فقط أحد الصكين ويرفض الأخر(24).
2.3. مبدأ التطبيق المؤقت: والذي ربط تاريخ دخول الإتفاق التنفيذي حيز النفاذ بتاريخ نفاذ الإتفاقية، وهذا إذا ما توفرت جميع الشروط المطلوبة لدخول الإتفاق التنفيذي حيز النفاذ قبل 16 نوفمبر 1994وهو تاريخ دخول الإتفاقية حيز النفاذ، أما في حالة ما إذا لم تستوف هذه الشروط بحلول هذا التاريخ فسيجري تطبيقه بصفة مؤقتة(25).
وفي إطار تحليل هذه المبادئ فإنه يمكن القول بأن هذه المبادئ تؤكد بدورها علي أن الإتفاق قد فرض نفسه علي الإتفاقية، ومن ثم فإن كان يعد من الناحية الشكلية إتفاقا تنفيذيا للجزء الحادي عشر من الإتفاقية إلا أنه من الناحية الموضوعية قد جاء بدوره لتعديل بعض أحكام الجزء الحادي عشر، حيث تم ذلك من خلال التخلص ممن اعترضت عليه الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الدول المتقدمة، ومن ثم فإنه قد اثر بدوره كثيرا علي تكريس مبدأ التراث المشترك للإنسانية في منطقة قاع البحار.
ويجب الإشارة إلي أنه علي الرغم مما سبق ذكره إلا إنه يمكن القول بأن الإتفاق التنفيذي يبقي أقل الضررين بالنسبة فيما يتعلق بمصلحة الدول النامية، وذلك مقارنة بخطورة التشريعات المنفردة(26).
الخاتمة:
ختاماً يمكن القول بأن مبدأ التراث المشترك للإنسانية قد شكل نقطة بارزة في الإتفاقية ككل، حيث أنه في مضمونه ينطلق من فكرة نبيلة وتهدف إلي ما يمكن أن نطلق عليه التكافل الدولي، ولكنها قد كانت سببا في رفض الكثير من الدول المصادقة علي الإتفاقية ككل حتي الإتفاق التنفيذي للجزء الحادي عشر، وذلك لأنه يضر بمصالح الدول المتقدمة، ومن ثم فإن ذلك الأمر يشير إلي نقطة سوداء في تاريخ الإتفاقية، حيث نجد أنها تبرز مدي هيمنة الدول المتقدمة علي العالم، بما يناقض مضمون المبدأ ذاته والذي قد أقرته الإتفاقية، ويجب الإشارة إلي أنه لن يتوقف الأمر عند ذلك الحد، حيث نجد أن هذه الدول قد استمرت في تعنتها ورفضها للمصادقة علي الإتفاقية، وكذلك استمرت في إصدار التشريعات المنفردة، وذلك في سبيل نهب ثروات المنطقة، ومن ثم فإن ذلك يؤكد حقيقة مؤسفة ألا وهي :
“أن قانون القوة (أيا كان نوعها) يفوق قوة القانون، بل أن القوة في العلاقات الدولية هي من تصنع القانون لخدمة أهدافها وتحقيق مصالحها، وتضرب به عرض الحائط أيضا عندما يضر بمصالحها وتنتهكه”.

هوامش الدراسة:
1) المادة 1، الجزء الأول، اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982، المجلة المصرية للقانون الدولي، (الجمعيةالمصرية للقانون الدولي: مصر)، العدد 38، 1982، ص247.
2) المادة 133، الجزء الحادي عشر، اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982، المرجع السابق، ص ص 304-305.
3) المواد من 140:136، الجزء الحادي عشر، اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982، المرجع السابق، ص ص 307-305.
4) محمد شوقي، التراث الإنساني المشترك، محاضرة ألقيت علي طلبة تمهيدي ماجستير ودكتوراه، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بتاريخ 18/4/2017.
5) أعراب سعيدة، قاع البحار: امتداد قاري أم تراث مشترك، مجلة الندوة للدراسات القانونية الجزائر، العدد9، 2016، ص18.
6) دريس نسيمة، مبدأ التراث المشترك للإنسانية بين المساواة والهيمنة، مذكرة لني لشهادة الماجستير في القانون، فرع القانون الدولي لحقوق الإنسان، كليةالحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمر يتيزيوزو 2006، ص ص34-35.
7) أعراب سعيدة، مرجع سابق، ص19.
8) دريس نسيمة، مرجع سابق، ص36 .
9) محمد يوسف علوان، النظام القانوني لقاع البحار والمحيطات وباطن أرضها خارج حدود الولاية الوطنية “التراث المشترك للإنسانية” ، المجلة الجزائرية، العدد 2 لسنة 1986 ، ص402 .
10) أعراب سعيدة، مرجع سابق ذكره، ص19.
11) المادة 140 من اتفاقية قانون البحار لسنة 1982، مرجع سابق، ص307.
12) المادة 137 من اتفاقية قانون البحار لسنة1982، مرجع سابق، ص ص 305-306.
13) أعراب سعيدة، مرجع سابق، ص20.
14) محمد يوسف علوان، مرجع سابق، ص 358.
15) المادة الثانية من المرفق الثالث لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982.
16) المادة 143 الفقرة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982.
17) وقع عليها الرئيس الأمريكي كارتر في 28 أبريل 1980 بموجب القانون رقم 96/ 233 لمزيد من التفصيل أنظر، دريس نسيمة، المرجع السابق، ص 99.
18) نقلا عن دريس نسيمة، المرجع السابق نفسه، ص99.
19) محمد يوسف علوان، المرجع السابق، ص342.
20) أنظر:
LARABA Ahmed, L’Algérie et le droit de la mer, thèse de doctoratd’Etat, institut de droit et des sciences administratives, universitéd’Alger, 1985, p 32.
21) لعمامري عصاد، الأحكام التوفيقية لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 ، رسالة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية، تخصص قانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزيوزو 2014، ص403.
22) ولد بو خطين عبدالقادر، الدول النامية والنظام القانوني لاستكشاف واستغلال التراث المشترك للإنسانية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع القانون الدولي لحقوق الإنسان، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزيوزو 2003، ص156.
23) أنظر المادة الثانية من الاتفاق التنفيذي لسنة 1994.
24) لعمامري عصاد، مرجع سابق، ص419.
25) نفسه، ص436.
26) ولد بوخطين عبدالقادر، المرجع السابق، ص ص 160-161.

المصدر/ المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة