15 نوفمبر، 2024 6:38 م
Search
Close this search box.

الامبراطورية بعد احتلال العراق

الامبراطورية بعد احتلال العراق

بول كينيدي واخرين
تأتي أهمية هذه الدراسات والأبحاث من جهتين: كُتّابها الذين يمثلون عدداً من الأسماء البارزة أميركياً وعالمياً، في حقول مختلفة من المعرفة الإنسانية من بينهم: بول كينيدي، ونيل فيرجسون، ونعوم تشومسكي، وستيفن هولمز، وآندرو باسيفيتش…، والأمر الثاني: موضوعاتها التي تمثل نماذج أساسية، لما تطرحه النخب المفكرة في الشأن السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة الاميركية، المنشغلة بأسئلة وهواجس مكان اميركا ومكانتها خلال القرن الحادي والعشرين، ومدى استعداد الشعب الاميركي لدفع كلفة التحول إلى شكلٍ من أشكال الإمبراطورية، التي يُمثل احتلال العراق التجربة التطبيقية الأولى لها، وتوقعات الفشل والنجاح.
وقد شغل مستقبلُ القوة الأميركية المفكرين منذ عقود، خاصة عقب سقوط الاتحاد السوفياتي، وانتقال العالم إلى نظام الأحادية القطبية وسيطرة الولايات المتحدة. ومن أهم المؤلفات الصادرة منذئذ حول الموضوع كتاب المؤرخ بول كينيدي -أستاذ التاريخ بجامعة ييل الأميركية- بعنوان «قيام وسقوط القوى العظمى» وقد أكد من خلاله أن تصاعد تكاليف الإمبراطوريات بما يتجاوز عوائدها يؤدي لسقوطها، وكتاب جوزيف ناي -أكاديمي ومسؤول سابق بالبنتاغون- «حتمية القيادة الأميركية» الذي طرح مفهوم الطبيعة المتغيرة للقوة الأميركية، وأنها بخصائصها اللينة تستطيع الاستمرار رغم تغير معطياتها الداخلية وظروف العالم الموضوعية.
وقد رأى مفكرون أميركيون أن علة التجربة الأميركية مشروعها الإمبراطوري، الذي يمثل نقيضا لمشروعها كجمهورية «أرض الأحرار»، حيث تمارس نفوذها عالميًا بالمثال الديمقراطي وقيم الحرية وتقرير المصير. لكن الجذور الأولى للمشروع الأميركي حملت ملامح المشروع الإمبراطوري التوسعي التدخلي. فالدستور يعطي الرئيس صلاحيات شبه إمبراطورية، والروح الأميركية التي تستلهم «الوعد الإلهي» و«أرض الميعاد» وتمثلات أمة الإيمان و «مدينة على جبل» في العهد القديم، تكرس الطبيعة التوسعية للمشروع الأميركي. ويتفاقم الأمر بنزعة التدخل القائمة على فكرة خطرة بالوجدان الأميركي تقول بفردانية وتميز الثورة الأميركية وأنها الثورة الشرعية الحقة، وبارتباط قيام الولايات المتحدة بدور هام لها في الأجندة الإلهية ومصير البشرية.
يبدا الكتاب بمقدمة متوسطة الطول للمترجم تُعرِّف القارئ بموضوع الكتاب، وتحمل رأي المترجم وتحليله، المدعومين بالمعلومات والإحصائيات. أما فصول الكتاب، فتبدأ بفصل لبول كينيدي عن مخاطر الإمبراطورية، كتبه بعد احتلال العراق، وفيه مقارنة طريفة ودالة بين «لحظة بريطانيا في الشرق الأوسط» كما وصفتها إليزابيث مونرو في كتابها الذي يحمل هذا العنوان، ولحظة اميركا التي بدأت الآن باحتلال العراق، وذلك بعد أربعين سنة من صدور كتاب مونرو هذا، مع تخوفات كثيرة ومبرَّرة مما يمكن أن يسببه الاحتلال، من نتائج سلبية على اميركا، يمكن أن توقعها في الفخ البريطاني، الذي ساهم في تقويض الإمبراطورية في النهاية. أما آندرو باسيفيتش أستاذ الدبلوماسية الاميركية والتاريخ العسكري، فإن دراسته تحمل عنوان: «روما جديدة.. قدس جديدة» وهو يربط في سياق طويل بين تجربة التأسيس الاميركي المشحونة بمُركَّب معقد ومتعدد يتشكل من تفاعل الرؤى الدينية والمصلحية عند المهاجرين الأوائل، الذين مثلت اميركا بالنسبة لهم أورشليم الجديدة، وبين النقلة الحالية إلى نموذج روما الجديدة، وهو يبين المخاطر التي تقف دون تحقيق هذا الحلم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة