15 نوفمبر، 2024 10:13 م
Search
Close this search box.

الأفعى في حضن العقرب .. لماذا يحتاج اليمين الأوروبي المتطرف إلى “داعش” ؟

الأفعى في حضن العقرب .. لماذا يحتاج اليمين الأوروبي المتطرف إلى “داعش” ؟

خاص : ترجمة – محمد بناية :

تابعنا في العام 2014؛ وبالتوازي مع انتخابات البرلمان الأوروبي، فوز أكثر من مئة نائب يميني متطرف بعضوية البرلمان الأوروبي في “بروكسل”. جاء هذا الفوز نتيجة الدعاية الكبيرة للتيارات اليمينية المتطرفة ضد بعض الظواهر مثل “الهجرة” ومناورات “الإسلام فوبيا”، ما أدى إلى تدفق الأصوات الصامتة، (الأصوات البيضاء)، لصالحهم.

وتزامن وصول تيار اليمين المتطرف إلى السلطة في أوروبا مع ظهور تنظيم (داعش) في سوريا. وبعد العام 2014؛ أضحى الخطر الداعشي في غرب آسيا أكثر جدية. كما يقول “حنيف غفاري”، محلل الشؤون الأميركية والأوروبية في صحيفة (الرسالة) الإيرانية؛ المحسوبة على التيار الأصولي.

صعود “داعش” مع ظاهرة “الإسلام فوبيا”..

تلك المسألة كانت كافية بالنسبة للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، في جذب الرأي العام تحت مظلة “الإسلام فوبيا” و”مكافحة ظاهرة الهجرة”. وفي ضوء هذا التوجه جاء فوز الأحزاب اليمنية المتطرفة داخل المعسكرات السياسية الأوروبية، (والتي لا تزال مستمرة)، وعليه فإن نتاج وجود (داعش) داخل مناطق غرب آسيا وإنسحاب تهديداته الأمنية على أوروبا، كان وصول تيارات اليمين المتطرف إلى السلطة.

وباتت تلك التيارات، التي لم تكن تحصل قبل 2014 على الأصوات المطلوبة للفوز بالمقاعد البرلمانية، أحزاب مهمة ومصيرية في بلادها: “مشاركة اليمين المتطرف في الحكومة الهولندية الإئتلافية”، و”حصول تيار اليمين على 90 مقعد بالبرلمان الألماني”، و”وصول زعيم الجبهة الوطنية الفرنسية إلى المرحلة النهائية بانتخابات رئاسة الجمهورية للعام الجاري”، و”نمو شعبية التيار في السويد”.. كلها دلائل تعكس حجم سيطرة تيارات اليمين المتطرف على أوروبا.

“فوبيا الأجنبي” و”النفور من المهاجرين” و”العنصرية” و”إحتقار الديمقراطية”؛ وغيرها تعتبر من جملة المبادئ المشتركة للتيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا. وعليه فهم يشكلون تحدياً للهيكل الأوروبي الواحد بسبب مناسبته لنمو مجتمعات متعددة الثقافات، وفي المقابل يروجون للبديل القومي والعودة إلى ما قبل تشكيل الاتحاد الأوروبي.

الفاشية الجديدة..

بعض المحللين يعتبر تيار اليمين المتطرف مرادفاً للفاشية الجديدة التي هي نوعاً من الإيديولوجية التي تبلورت بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، وتشتمل على عناصر من الفكر الفاشي. وتضم الفاشية الجديدة مكونات مثل “الشعبوية، والقومية، ومناهضة الهجرة، ومعاداة الفوضوية والشيوعية والماركسية والليبرالية الديمقراطية” وغيرها.

وكما هو معروف، فالمخرج الفكري المشترك لتيار اليمين المتطرف وتيار الفاشية الجديدة واحد. فالأحزاب اليمينية في أوروبا تُعرف بدعم الشكل المحسن للفاشية، (الفاشية الجديدة). وتشارك هذه الجماعات في عالم السياسية طبقاً للدستور (!).. وهذا تناقض يعجز حتى الكثير من محللي الشأن الأوروبي عن فهمه.

على سبيل المثال، صدق حتى الآن أكثر من مئة نائب بالبرلمان الأوروبي، (محسوبين على تيار اليمين المتطرف)، على قوانين تتعلق بالاتحاد الأوروبي؛ والتي تتعارض أساساً مع الوجود الأوروبي الموحد وعلى “منطقة اليورو” بالتبعية !

وكان الموقع الإلكتروني (غلوبال كومنت) قد نشر، بتاريخ 22 كانون أول/ديسمبر 2016، مقالاً مهماً بخصوص إرتباط تيار اليمين الأوروبي المتطرف مع (داعش)، بقلم “إريكا هلد والد”؛ وفيها: “أي إنتصار لليمين المتطرف، (وهزيمة التيارات المعتدلة في أوروبا)، يعتبر إنتصاراً لداعش. إذ يسعى داعش وتيار اليمين المتطرف بأوروبا إلى هدف واحد؛ وهو إشعال الحرب بين الإسلام والمسيحية… يستخدم داعش وتيار اليمين المتطرف بأوروبا عنصر، “الخوف”، في جذب العناصر. فداعش يسعى إلى جذب أصحاب الميول العنيفة والمنبوذين من أوطانهم وإقناعهم بمبادئ التنظيم وأهدافه… كذلك يسعى تيار اليمين المتطرف إلى إقناع أصحاب الميول العنيفة والمصابون بالخوف الاجتماعي بخطورة المهاجرين وأصحاب البشرة السوداء في المجتمع… أقنع “ترامب” المسيحيين البيض، بعد إرعابهم بشأن ضياع أفضليتهم في أميركا والعالم، إلى التصويت له في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة الأميركية عام 2016. وكذلك يروج تيار اليمين إلى أن القادمين من الشرق الأوسط بصدد فتح البلاد الأوروبية الواحدة تلو الأخرى… في كل مرة يقع هجوم داعش في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، يستفيد منه إرهابيوا اليمين المتطرف في الغرب من الهجوم باعتباره فرصة لبث الرعب والنفور من الإسلام والمهاجرين… داعش مصمم وكذلك تيار اليمين المتطرف إلى تهيئة المجال لاندلاع حرب عالمية بين الإسلام والمسيحية، ولا يعبأون في هذا الصدد بالتكلفة البشرية”.

لعبة “الرعب” المتبادل..

الملاحظات المطروحة في مقالة (غلوبال كومنت) جديرة بالفحص والدراسة من زوايا مختلفة، كما يقول “حنيف غفاري”. والمقطوع به أن الكاتب يربط بين حياة (داعش) من جهة وتيار اليمين المتطرف في الغرب من جهة أخرى.

بعبارة أفضل، يلعب كل منهما، منذ العام 2014 حتى الآن، دور المكمل للآخر في المعادلات الفكرية والأمنية. (داعش) في تجنيده للشباب الأوروبي، (ممن يعانون مشاكل اجتماعية)، يعطيهم عناوين تيارات اليمين المتطرف في الغرب، ومن ثم يجذبون أصحاب الاستعداد اعتماداً على نفور تيارات اليمين المتأصل من المهاجرين. في المقابل تضع تيارات اليمين المتطرف من خلال المناورة بـ”وحشية داعش” وماهية هذه الجماعة وغيرها من التنظيمات التكفيرية والإرهابية؛ الرأى العام الغربي إزاء “رعب حقيقي” من ثم تقدم نفسها باعتباره رمز ونموذج مكافحة هذا الرعب. وكما يلاحظ فالتيارات التكفيرية واليمين المتطرف يكمل كل منهما هيكل الآخر بشكل عملي بدءً من العام 2014 وحتى الآن.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة