7 أبريل، 2024 2:46 م
Search
Close this search box.

الأخوان تيمور.. أبدعا في القصة الواقعية وغادر أحدهما مبكرا

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“محمد تيمور” شاعر وكاتب مصري، وهو من مؤسسي القصة والكتابة المسرحية في مصر، وقد كان له الفضل في كسر الجمود اللغوي في كتابة الأدب، فقد استخدم اللهجة العامية المصرية في الكتابة الأدبية بدلًا من اللغة الفصحى، وهذه الخطوة كانت تعدُّ تمردًا على العصرٍ الذي عاش فيه حيث كانت اللغة الفصحى تعتبر هي لغة الأدب الحقيقي.

حياته..

ولد “محمد تيمور” في القاهرة عام ١٨٩٢ في أسرة تجمع بين الثراء والأرستقراطية، وبين العلم والأدب، والده “أحمد تيمور” باشا الذي كرَّس حياته لخدمة اللغة العربية ومعارفها، وعمته الأديبة “عائشة التيمورية”، وأخوه الأديب “محمود تيمور”.

سافر إلى باريس لدراسة القانون، ولكنه عاد إلى مصر ثانيةً عَقِبَ اندلاع الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤، وانصرف منذ ذلك الحين إلى كتابة القصص والمسرحيات، ثم رحل إلى برلين لدراسة الطب، ولكن لم يكن لديه ميل حقيقي لدراسة الطب أو القانون، فقد كان شغوفًا بالأدب، وقد دفعه هذا الشغف للسفر إلى فرنسا، ليطلع على الأدب الأوروبي والفرنسي، وقد كان لهذه الدراسة أثر فاعِل في كتاباته القصصية. وقد شغل عددًا من المناصب ومن أبرزها عمله كمترجم ل”محمد علي باشا” الحفيد.

وقد تأثر بالمذهب الواقعي الذي انعكس بدوره على كتاباته القصصية والمسرحية، وقد أثرى الساحة الأدبية والمسرحية باشتراكه في “جمعية أنصار التمثيل”، وقدَّم مسرحيات تحمل طابع الكوميديا الاجتماعية منها مسرحية “العصفور في القفص” تلك المسرحية التي كانت سببًا في مجد ريادته المسرحية، كما قدَّم مجموعة قصصية حملت اسم “ما تراه العيون”، وقد امتاز أسلوبه المسرحي ببساطة الحوار الذي يتسم بقربه إلى إفهام المتلقين، وتوفى عام ١٩٢١، وهو لم يبلغ بعد سن الثلاثين.

محمود تيمور..

“محمود تيمور” كاتب قصصي مصري، ولد في القاهرة في 1894 والده “أحمد تيمور” باشا الأديب المعروف، الذي كان “باحث في فنون اللغة العربية، والأدب والتاريخ، وخلّف مكتبة عظيمة هي “التيمورية”، تعد ذخيرة للباحثين إلى الآن بدار الكتب المصرية، بما تحوي من نوادر الكتب والمخطوطات”.

وكان درب سعادة وهو الحي الذي وُلد فيه “محمود تيمور” يتميز بأصالته الشعبية، فهو يجمع الطوائف والفئات التي تشمل الصناع والتجار وأرباب الحرف، وقد تأثر بتلك الأجواء الشعبية، واختزنت ذاكرتُه العديدَ من صور الحياة الشعبية والشخصيات الحية التي وقعت عيناه عليها، وأعاد رسمها وعبر عنها في الكثير من أعماله القصصية.

وما لبثت أسرته أن انتقلت إلى ضاحية عين شمس، فعاش في ريفها الساحر الجميل، وقد تعلم “محمود تيمور” بالمدارس المصرية الابتدائية والثانوية الملكية، والتحق بمدرسة الزراعة العليا، ولكن حدثت نقطة تحول خطيرة في حياته وهو لم يتجاوز العشرين من عمره بعد، فقد أصيب بمرض التيفود، واشتدت وطأة المرض عليه، فانقطع عن دراسته الزراعية، ولزم الفراش ثلاثة أشهر، قضاها في القراءة والتأمل والتفكير، وسافر إلى الخارج للاستشفاء بسويسرا، ووجد في نفسه ميلاً شديدًا إلى الأدب، فألزم نفسه بالقراءة والاطلاع، وهناك أتيحت له دراسة عالية في الآداب الأوربية، فدرس الأدب الفرنسي والأدب الروسي، بالإضافة إلى سعة اطلاعه في الأدب العربي. واتسعت قراءاته لتشمل روائع الأدب العالمي لعدد من مشاهير الكتاب العالميين، مثل: “أنطون تشيكوف”، و”إيفان تورجنيف”، و”جي دي موباسان”.

وكان شقيقه “محمد” خير مرشد له بما لديه من ثقافة واسعة، وموهبة أدبية رفيعة، وقد تأثر “محمود تيمور” بأخيه في اتجاهه نحو المذهب الواقعي في الكتابة القصصية، والذي ظهر واضحًا في مجموعته القصصية الأولى “ما تراه العيون”، فأعجب بها “محمود” إعجابًا دعاه إلى أن يؤلف على غرارها، فكتب باكورته القصصية ” سنة 1915.

وفجأة تُوفِّي أخوه “محمد تيمور” وهو في ريعان الشباب، فشعر “محمود تيمور” بانهيار آماله، وفقد حماسه، وأصابه اليأس، وانزوى حزينًا مستسلمًا للأسى والإحباط، ولكن بمرور الأيام بدأ الجرح يندمل، وأقبل من جديد على الحياة مهتديًا بهُدى شقيقه الراحل، ومترسمًا خطاه في عالم الأدب والإبداع، وأقبل على الكتابة.

وكان “محمود تيمور” على موعد مع مأساة ثالثة أشد وطأة على نفسه ووجدانه، زلزلت حياته، وفجعته في ولده الذي اختطفه الموت وهو ما زال في العشرين من عمره، وقد تركت تلك المأساة في نفسه مرارة لا تنتهي، وحزنًا لا ينقضي، وكان ملاذه الوحيد وسلواه في كل تلك المحن والأحداث هو الكتابة، يَهرع إليها ليخفف أحزانه، ويضمد جراحه، ويتناسى آلامه. وقد انعكس ذلك في غزارة إنتاجه وكثرة مؤلفاته.

ومن أهم قصصه ورواياته: “عم متولي”، “الشيخ سيد العبيط”، “رجب أفندي”، “الأطلال”، “نداء المجهول”، “مكتوب على الجبين”، “قال الراوي” -مع مقدمة لطه حسين-، “عبلة”، “كليوباترا في خان الخليلي”، “خلف اللثام”، “ثائرون”، “دنيا جديدة”، “إلى اللقاء أيها الحب”، “المصابيح الزرق”، “بنت اليوم”، ومن مسرحياته:”عروس النيل”، “حواء الخالدة”، “اليوم خمر”، “كذب في كذب”، “صقر قريش”.

وقد حظي “محمود تيمور” بتقدير الأدباء والنقاد، كما نال إنتاجه القصصي جائزة مجمع اللغة العربية بمصر سنة 1947، وما لبث أن عُيِّن عضوا فيه عام 1949. وحصل على جائزة الدولة للآداب سنة 1950، وجائزة “واصف غالي” بباريس سنة 1951، ومُنِح جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة 1963 من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. واحتفلت به جامعات روسيا والمجر وأمريكا، وكرمته في أكثر من مناسبة.

حادثة غرامية..

في مقالة له في جريدة “السفور” ١٩١٧ يقول “محمد تيمور”: “«ما الماضي إلا قلب ثان يخفق بين الجوانح» «هنري باتاي».. الإنسان سائح أعمى يمشى على غير هدى تقوده الأنانية في الحياة. فإن استأنس من نفسه القوة والبأس داس في مشيته بحذائه الضخم آلافا من الضعفاء. وإن خارت عزيمته دون إدراك غايته واستشعر بالضعف يتمشى في أنحائه واتخذ لنفسه الحيطة وتنحى عن حذاء القوى ليكيد له خفية ويمكر به علانية، حتى إذا سنحت له الفرصة دفع به من قمة العز والغنى إلى هاوية الذل والفقر، وأصبح بعده قويا ذا مرة يدوس بحذائه الجديد من شاطره البؤس والشقاء أيام تعاسته. والحب جزء من الطيارة منتشر في الهواء يكن بينه من الوجوه خصيصة به، فإذا مر بها الإنسان ولا مندوحة له عن ذلك واستنشق فيها عبير الحب وتفتحت عيناه بأصابع الحب النارية ورأى نور الفضيلة ساطعا يبهر بصره خلع عنه رداء الرذيلة وعاش دهرا شريف النفس طاهر القلب، ثم لا يلبث أن يقطع تلك البيئة الطاهرة ويدخل في ظلمات الحياة يهش فيها الطمع قلبه النقي ويمزق الفساد لحمه الناعم، ناسيا ذلك النور الساطع الذي أضاء قلبه الأسود حينا من الدهر.

تلك حال سواد الناس لا يأبهون بماضيهم حلوا كان أو مرا ينسون ما لا قوة فيه من ألم أصلى ضلوعهم وأرمض جوانحهم، تمر أمامهم الحوادث وكلها عبر فكأنها ما مرت وكأن الحياة أمامهم دار لهو وطرب لا يذوقون فيها إلا الملذات أما الآلام فحرام أن تدخل قلوبهم، والآلام هي من نعم الله على الناس، لأنها الباعث الأكبر على المحبة والشفقة ومن عاش دون أن يتألم فوجوده عدم.

وما أحلى هذه السويعات التي يقضيها الإنسان في مكان منزل لا يؤانسه فيه إلا سكون الطبيعة بقطعة من آونة لأخرى خرير المياه وزقزقة العصافير. هناك يتذكر الإنسان ماضيه فتمر أمامه صور مختلفة منقوشة بريشة الذكرى على صحيفة روحه. والماضي وإن صدر للناس أحلاما في أحلام فهو جزء من الحقيقة، فكما أنك لا تعيش بدون طام تأكله وماء تشربه وهواء تتنفسه، فأنت أيضا في حاجة لتلك الساعات الساكنة التي تستسلم فيها للذكرى، إذ الحياة كما قال شكسبير مصنوعة من أقمشة الأحلام.

أكتب للناس هذه الحادثة الغرامية ولا أريد بذلك أن يقف كبيرهم وصغيرهم على أسرار قلب حزين لم ينبض غير عشرين ريعا ثم أسكتته يد التعاسة فسكت ولكن أود أن أعثر على تعيس مثلى يسكب معي على قبر هذا القلب الطاهر دموعه الحارة ونتشاكى سويا نكبات الدهر”.

https://www.youtube.com/watch?v=Wd8265fQyxQ

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب