خاص : بقلم – هدى الزهراء الشماع* :
عندما نتحدث عن مفاهيم ذات قيم عالية كالأخلاق؛ لابد أن نعرج أولاً عليها من الناحية اللغوية والإصطلاحية، فالخلق لغة هو السّجية والطبع والدين، وهو صورة باطن الإنسان، أمّا الخلق فهو ما يظهر من الإنسان، أمّا في الإصطلاح فهي الهيئة الثابتة في النفس التي تُصدر عنها الأفعال بعفوية، والعفوية في الفعل أي فعلٍ دون تفكير وتخطيط أو تروّي، تُقسم هذه الأفعال الخارجة من الهيئة الثابتة إلى أفعال محمودة أو أفعال مذمومة، وهناك فرقٌ شاسعٌ بين الخلق والتخلق، فالخلق عبارة عن أفعال لا إرادية تخرج من باطن الإنسان، أما التخلّق هو التصنع ولا يدوم طويلاً بل يظهر من خلال الأفعال.
هذا من جانب فهم الخلق والأخلاق؛ أما أهمية الأخلاق في السلوكيات العامة للفرد والمجتمع فنستطيع القول أن العقيدة لا يمكن أن تُرى لأنها منعقدة في القلب؛ كما أن العبادة أيضًا لا يمكن أن تُدرك لأنها بين العبد والرب، لكن الأخلاق يمكن أن تُلمس وتُرى من خلال تصرفات الإنسان مع الآخرين سواء من الجانب السلبي أو الإيجابي.
وقد عظمت جميع الأديان والإيديولوجيات، الأخلاق؛ كونها قيمة عالية تكون خارطة طريق في السلوك، فالإسلام كدين جعل الأخلاق ملازمة لمبادئه وقد عظمها إيما تعظيم؛ فقد قال تعالى لخاتم الأنبياء: {إنك لعلى خلق عظيم}. ولم يقل له أن أذكى الناس أو أعلمهم أو أغناهم؛ وإنما خاطبه بالخلق والأخلاق، كما عظّم الإسلام الخلق من خلال جعله عبادةً يؤجر عليها الإنسان، فجعله الرسول ( صلى الله عليه وآله)؛ أساس التفاضل يوم القيامة، وجعل أجر حسن الخلق ثقيلاً في الميزان. الخلق أساس بقاء الأمم: يقول الله – تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).
ومن هذا نرى رقي وتطور الأمم في المجالات عده في النظم السياسية والاجتماعية؛ أساسها الأخلاق ولم يكون المجتمع خلوق ما لم يكن الفرد خلوق؛ وخير انعكاس للأخلاق على الفرد المدرسة والمدرس الذي يزرع فيه هذه القيم التي ستلازمه طيلة مسيرته الحياتية وبالتعاليم سيكون انعكاسه على المجتمع والأمة ككل.
*هدى الزهراء الشماع
طالبة في ثانوية مسيرة المعرفة للبنات