6 أبريل، 2024 9:29 م
Search
Close this search box.

اكتشاف الجزء المفقود من تاريخ مدينة “بابل” .. تحكي قصة حضارة حكمت بلاد الفُرس وسوريا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

هناك الكثير من الحضارات التي ما زالت أسمائها مطبوعة في قلوبنا على الرغم من إندثارها قبل آلاف السنين، ودائمًا ما نتباهى بـ”عراقنا” صاحب الحضارة والمجد التليد بين الأمم، فكل حضارة تُعبر عن عادات وتقاليد شعوب مضت وما كانوا يفعلونه من إنجازات والتي أعتبرت في أزمانهم عجائب لن ينساها أحد.. ولاتزال حضارة “بلاد الرافدين” تكشف لنا عن مكنونات جديدة تُبين عظمة الأجداد، حتى ولو تطور العالم وأصبحت هذه العجائب أطلالًا وحطامًا إلا أنها الركائز الأساسية لهذا التطور الذي توصل إليه الإنسان، ولا يستطيع أحد نكرانه، فهي المادة الخام التي صنعت المجد للإنسان الحديث، ومن خلالها واصل طريقه لتحقيق ما كان مستحيلًا في يوم من الأيام.

وثقت جامعة “بابل” العراقية مقتنيات أثرية بموقع “تل الديلم”، في مدينة “دلبات” التاريخية، جنوبي مدينة “الحلة”، (100 كم جنوب بغداد)، أسهمت ولأول مرة بالكشف عن الجزء المفقود من تاريخ مدينة “بابل” التاريخية.

كشف المفقود من حضارة “بابل”..

وذكر معاونُ العميد للشؤون العلمية في كلية الآداب بجامعة “بابل”، “كاظم جبر سلمان”، في تصريحات صحافية، إن: “فرق التنقيب في قسم الآثار في موقع تل الديلم، تمكنت من الكشف عن أحد المداخل الرئيسة لمدينة دلبات الأثرية، والعثور على مجموعة من القطع الأثرية بعد عام كامل من التنقيب في الموقع الأثري الذي أسهم بإزالة الغموض عن الجزء المفقود من تاريخ المدينة الأثرية”.

وأوضح أنه: “تم العثور، ولأول مرة؛ على مجموعة من النصوص المسمارية باللغة السومرية منقوشة على مجموعة من الآجرات، (الطابوق)، ضمن الجدار المحيط بالمعبد”، منوهًا إلى أن هذه الاكتشافات تُعد غاية في الأهمية لتوثيقها حقائق علمية، في مقدمتها الحصول لأول مرة على دليل مادي ملموس يُثبت أن هذا الموقع هو بالفعل بقايا مدينة “دلبات” الأثرية.

ولفت “سلمان” إلى أن: “المعبد المُكتشف في تنقيبات هذا الموسم؛ هو معبد الإله (أوراش)، الذي يُعد الإله الرئيس للمدينة، وأن من شيده هو الملك (كريكالزو)، أحد ملوك السلالة الكيشية التي حكمت في بابل عند منتصف الألف الثاني قبل الميلاد”.

وأشار إلى أن: “الأدلة السابقة، بشأن هذا الموضوع، كانت محط شك لدى الآثاريين، كونها أخذت من نصوص لم يتم العثور عليها في هذا الموقع عن طريق تنقيبات أثرية، بل جُلبت من قِبل أهالي المنطقة لتقع بين أيدي الآثاري، (هرمز رسام)، خلال القرن التاسع عشر الميلادي، وعلى إثرها قام بأول تنقيبات أثرية غير علمية في الموقع”.

التنقيب عن الآثار يعاني قلة التخصيصات المالية !

وأكد “سلمان” على أن: “البعثة التنقيبية في جامعة بابل وثقت قطعًا أثرية عديدة، من بينها ألواح فخارية وكسر من قطع ذهبية وأشكال نحاسية وأختام إسطوانية وفخاريات، والعديد من المقتنيات الأثرية”، مضيفًا أن أبرز المعوقات التي تواجه عمليات التنقيب تمثلت بقلة التخصيصات المالية، ما تسبب في تأخير سير الأعمال.

وأضاف أن: “مساحة تل الديلم تبلغ نحو 170 دونما تقريبًا، جنوب مدينة الحلة، ناحية الكفل، مقاطعة أبوسميج، إذ يُعرف هذا الموقع محليًا باسم (تل الديلم)، الذي هو بقايا مدينة عراقية قديمة عُرفت باسم (دلبات)، ويعود تاريخها إلى العصر البابلي الوسيط وصولًا إلى عصر فجر السلالات”.

يُشار إلى أن منظمة “الأمم المتحدة للثقافة والعلوم”، (يونيسكو)، أدرجت، في شهر تموز/يوليو الماضي، مدينة “بابل” العراقية ضمن مواقع التراث العالمي، بيد أنها أشترطت أن يتم إلتزام “العراق” بشروط المنظمة وإزالة المخالفات، وتم إمهاله، حتى شهر شباط/فبراير من العام الحالي.

ورصد “العراق” مبلغ 250 مليون دولار لإزالة التغييرات، وأبرزها أنبوب النفط وقصر صدام، الذي شيده قرب الآثار، إضافة إلى الزحف العمراني والمستنقعات.

وخصصت اللجنة المالية في “مجلس النواب”، حينها، مبلغ 60 مليار دينار، (50 مليون دولار)، وأكدت أن المبلغ خلال الأعوام الخمسة المقبلة، سيكون 200 مليار دينار.

حضارة “بابل” و”آشور”..

وتُعد حضارة “بلاد الرافدين” إحدى هذه الحضارات، التي شهدها العالم على مر العصور من إزدهار وتألق لم يسبق له مثيل؛ وبدأ هذا العصر عندما هاجمت قبائل آمورية بدوية الأراضي الممتدة بين “الفرات” و”دجلة”، في الوقت الذي كانت المنازاعات مستمرة بين المدن البارزة فلم تكن هناك قوة كافية لردع تسربها إلى “بلاد الرافدين” فأحتلت هذه القبائل مدن عديدة، ومن هذه المدن مدينة “بابل”، والتي كانت في ذلك الوقت مجرد محطة للقوافل التجارية. وبذلك كانت أول ومضات الحضارة البابلية على يد الأسرة الآمورية ممن يعود إليها الفضل في إعمار “بابل” وبدء إزدهار عصر جديد، وكان أول من أسس أسرة حاكمة للشعب الجبلي الآموري حاكم بابلي ذي شأن؛ وهو الملك “سمو أبوم”، في القرن التاسع عشر ق. م.. وقد سُميت إمبراطوريتهم بـ”البابلية” نسبة إلى عاصمتهم، “بابل”، أي (باب الإله)، وأمتاز ملوك “بابل” عن ملوك المدن الأخرى على أنهم كانوا يُطلقون على كل سنة من سنين حكمهم أسمًا يحمل ذكر أهم الأحداث التي حدثت في تلك السنة.

تاريخ العراق القوي الذي حكم سوريا وإيران..

وتشمل أرض “العراق” تاريخًا طويلًا لمملكتين من أعظم وأقدم الممالك في العالم وأشهرها تاريخيًّا؛ حيث تأسستا منذ أكثر من أربعة آلاف عامٍ على ضفاف نهري “دجلة” و”الفرات”، ﺑ”العراق”؛ إنهما: “بابل” و”آشور”. وقد استغرق كثير من المؤرخين في البحث عن كافة جوانبهما وأهم معالمهما الحضارية، إلا أن البعض منهم يعتقدون خطأً أن مملكة “بابل” هي ذاتها مملكة “آشور”.

ومع إزدهار الحضارات، في بلاد ما بين النهرين، في أوقات متزامنة ومتعاقبة، احتلّت الأراضي المجاورة، حيث احتلت شرقًا أجزاء من “إيران”؛ وتحديدًا حضارة “عيلام”، واحتلت غربًا “سوريا” وصولًا إلى “فلسطين”، حيث تمّ السّبي البابلي في عهد “نبوخذ نصر”، وبعد موت “نبوخذ نصر” مرت بعهد الإنحطاط والتردّي، بينما نشأت وتطورت حصارة “الفُرس” فتمّ احتلال “بابل” وما بعدها على يد “قورش”، حتى جاء الفتح الإسلامي لبلاد “العراق” و”الشام”.

و”بابل” تَعني (بوّابة الإله)، وكان “الفُرس” يُطلقون عليها “بابروش”، حضارة بلاد ما بين النهرين القديمة، وكانت تُعرف قديمًا ببلاد “سومر” وبلاد “سومر أكد”، وكانت تقع بين نهري “دجلة” و”الفرات”، جنوب “بغداد”، بـ”العراق”.

وظهرت الحضارة البابلية ما بين القرنين 18 ق. م. و6 ق. م، وكانت تقوم على الزراعة وليس الصناعة، وكانت “بابل” دولة أسّسها، “حمورابي”، عام 1763 ق. م، وهزم “آشور”، عام 1760 ق. م، وأصدر قانونه، “شريعة حمورابي”، وفي عام 1600 ق. م؛ استولى ملك الحيثيين، “مارسيليس”، على “بابل”، كما استولى الآشوريون عليها، عام 1240 ق. م. بمعاونة العيلاميين، وظهر “نبوخذ نصر” كملك لـ”بابل” 1124 ق. م – 1104 ق. م. ودخلها الكلدان عام 721 ق. م.

وفي سنة 689 ق. م، أنقضّ الجيش الآشوري على “بابل” واستولى عليها، أصدر ملكهم، “سنحاريب”، وقد أعماه الغضب، أمرًا بمحق “بابل” والبابليين، فأُحرقت المدينة ودُمرت، وأغلق مجرى النهر بأنقاض الأبنية حتى تدفق الماء عبر أطلال المدينة، ولُعن الموقع الذي قامت عليه “بابل” سبعين عامًا، وقُتل الكثير من البابليين، وفي مقدمتهم طبقة الأرستقراطيين، وولّى البعض هربًا إلى البلدان المجاورة، فيما سيق الباقون إلى الأسر وبيعوا عبيدًا، ثم نُقل صنم “مردوخ”، إله “بابل”، الكبير غنيمة إلى مدينة “آشور”، وانتهت الحضارة البابلية، إلا أن البابليين قاموا بثورة ضد حكامهم الآشوريين، عام 652 ق. م. وقاموا بغزو “آشور” عام 612 ق. م. وأستولى “نبوخذ نصر الثاني” على “أورشليم”، عام 578 ق. م. وسبى اليهود عام 586 ق. م. إلى “بابل”. وهزم الفينيقيين عام 585 ق. م. وبنى “حدائق بابل” المُعلقة. ثم أستولى الإمبراطور الفارسي، “قورش” على “بابل” عام 500 ق. م. وضمها لإمبراطوريته.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب