6 أبريل، 2024 8:55 م
Search
Close this search box.

اغتراب الكاتب/ة(20).. سحر صوت الآلة الكاتبة وهي تضربُ بعمق على صدور الورق

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

تحتل الكتابة مكانة هامة في حياة جماعة الكتاب، ولذا يتفننون في توصيف تلك الأهمية بالنسبة لهم، ويصفونها بأنها ساحرة، ويؤكدون أنهم أبدا لم يندموا علي التعلق بها وبسحرها الأسر.

هذا الملف عبارة عن آراء كاتبات وكتاب من مختلف البلدان وقد وجهت إليهم الأسئلة التالية:

  1. هل شعرت بأنك مختلف منذ فترة الطفولة وشعرت بأن ميلك إلى الكتابة هو سبب اختلافك؟
  2. هل عاملك الأهل داخل الأسرة كأنك غريب عنهم أو لا تشبههم، وكيف كان تقبلهم لميلك إلى القراءة والكتابة؟
  3. هل كنت تفضل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب لك ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم؟
  4. هل كنت تتمني أن يتعامل معك الأهل والمحيطين بشكل مختلف؟ .
  5. هل أنت نادم علي شغفك بالكتابة والقراءة وهل كنت تتخيل حياتك بدون الكتابة؟

نبش خفايا الأشياء..

يقول الكاتب الكردي “يوسف شواني”: “نعم كنت مختلفا جدا عن بقية أقراني لكن في البداية لم أكن أعلم بأن ميلي إلى القراءة والكتابة هو سبب اختلافي، ولكن عند استذكاري بعض الحالات الآن استنتج أن تأثير الكتابة كان كبيرا على حياتي منذ طفولتي وجعلني دائم التفكير والبحث ونبش خفايا الأشياء” .

وعن معاملة الأهل داخل الأسرة كأنه غريب عنهم أو لا يشبههم، وكيف كان تقبلهم لميله إلى القراءة والكتابة يقول: “لا لم أشعر بالغربة أبدا لكن كنت أشعر بالاختلاف خصوصا أنني كنت الولد الوحيد في أسرة  تتألف من مجموعة من البنات، ومعظم العائلة كانت لديها ميل للقراءة وإن كنت الأكثر شغفا بينهم. كما كان هناك دعم غير محدود لتوفير كل مستلزماتي بهذا الصدد في ظل وجود مكتبة كبيرة ممتلئة بأصناف الكتب، كما كنت مشتركا في العديد من الصحف والمجلات الدورية إذ كانت الفرص متاحة لإثبات قدراتي في الكتابة والإبداع” .

وعن تفضيل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب له ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم يقول: “نعم كنت أفضل الانعزال والانزواء في مكتبتي غارقا في بحور الشعر، ورزم مسوداتي وأوراق الكتابة لكنني لم أشعر بالغربة نحو عائلتي، إذ كنت أحاول أن أحافظ على التوازن بين هوايتي الأدبية وعلاقتي بهم وإن كانت الكفة تميل إلى الأدب دائما” .

وعن تمني أن يتعامل معها الأهل والمحيطون بشكل مختلف يقول: “نعم دون شك كنت أشعر دائما بحاجتي إلى المزيد من الحنان والعاطفة والاهتمام، ولم أكن أعرف السبب حينها “.

وعن الندم علي شغفه بالكتابة والقراءة وهل كان يتخيل حياته بدون الكتابة يقول: “لا بالعكس أنا نادم لأنني لم استغل كل لحظات حياتي بالقراءة والكتابة،  بل أشعر بالتقصير تجاه نفسي، وخصوصا كان لدي شغف أكبر في بعض مراحل حياتي إذ كنت أستطيع أن أضاعف نتاجاتي الأدبية فضلا عن تطوير مهاراتي أيضا بالشكل الأمثل .ولا اتخيل إنسانا بلا قراءة وكتابة، والحقيقة لا أعلم كيف يمكن أن يمضي الوقت من دونهما”.

رهبة الكاتب..

وتقول الكاتبة المصرية “شيرين شحاته”: “ربط البعض فترات هدوئي المبكرة واللعب بمفردي لكوني فتاة صغيرة، فلم يلمسوا رغبتي الحقيقية في الانعزال مع ألعابي لصنع قصص قصيرة أبطالها أنا وهم، نتبادل داخلها الحواديت دون شريك خارجي من أرض الواقع والذي استعضت عنهم كلما تحركت بالعمر عام تلو الآخر بقلم وورقة.

لم يكن شعوري مع الكتابة شعور اختلاف بل صداقة من نوع خاص، فهي صديق الطفولة المبكر الذي يسمح لك أن تنفجر بقلمك غاضبا فوق أوراقه دون أن تفر حروفه هربا من أعلاها”.

وتضيف: “لم يتعامل معي الأهل بغرابة أو بتطرف بل منحوني كل الوقت والدعم لألتقي بصديقي الكتابة وقتما رغبت وأينما سنحت لي ظروفي معهم بالتوجه للمكتبات المتعددة، أتابع بين أرففها بأعين فضولية وأتامل متشوقة صفحات ملونة وبالأبيض والأسود”.

وتواصل: “انعزالي عن أفراد الأسرة أو من حولي لم يكن بدوام كامل بل لفترات ما بين طويلة وقصيرة يتخللها العبور لعالم الواقع لأنعش أوقات الخيال المغمضة العينين حينا، فالخيال والواقع وجهتان وإن اختلفتا لعملة الحياة، وما بين العودة للانعزال والخروج منها استمديه أبطال حكاياتي الورقية وداخل عقلي”.

وتتابع: “لم أرغب يوما أن يعاملني من حولي بشكل مختلف وإن كان ما قدموه سلبي أو إيجابي فكلا الفعلين مفيد لفضاء الكاتب الرحب لتتزين أوراقه بضياء الكلمات الباهر”.

وعن الندم تقول: “لا يمكن أن أندم أبدا على أمومتي بالكتابة فهي عطاء رباني بما فيها من لحظات صبر طوال، خوف، ترقب، لهفة. تخيل حياتي دون الكتابة تماما كالزهرة التي غادرتها غيمتها الآمنة دون عودة وإن ظل رهب الكاتب الحقيقي أن تغادره كلماته تماما كما فعلت الغيمة بزهرتها العاشقة”.

سحر الكتابة..

وتقول الكاتبة العراقية “ميرفت الخزاعي”: “منذ نعومة أناملي، فلم اعتد على تطويل الأظافر أو العناية والاهتمام بها، وليس ذلك إهمالاً لكنها من الأشياء التي لا تأخذ كثيرا من حيز تفكيري، فهناك ما يشغل بالي ويدفعني لمملكة الورق المدهشة وعالمه الخفي.  وليس هذا بغريب فالفَراش هو الصانع الماهر والنساجُ الأبهر لخيوط الحرير.

وأظن أن لطفولتي دور كبير في أن أكون ما أنا عليه الآن. فلولا قصص الأطفال التي كنت أقتنيها وأخواتي من مدخرات مصروفنا اليومي والمجلات والجرائد التي تمتلئ بها موائدنا فقد كان والدي رحمه الله قارئا ومتابعاً بشغف للأخبار ومحبا للاطلاع وذواقا للفن والأدب. والكتب التي تزخرُ بها مكتبتنا البسيطة في زيادة ولعي وشغفي بالقراءة ومن ثم الولوج لعالم الكتابة المثير”.

وتضيف: “شعرت بالاختلاف والتميز فعاملتُ نفسي بما تستحق. لم أعامل معاملة مختلفة لكنني كنت أشعر بأنني كذلك، فلم يستهويني ما يستهوي الفتيات عادة اللواتي في مثل سني، آخر صيحات الموضة والثياب وقصات الشعر وجولات التسوق، فقد كنت استغلُ معظم أوقات العطلة الصيفية في قراءة ومطالعة ما اشتريه من قصص الأطفال والكتب والمجلات المصورة، ومحاولة محاكاة شخصياتها أو تحوير مادتها أو تغيير نهاياتها بوضع خاتمات مختلفة وابتكار شخصيات إضافية” .

وتواصل: “الغربة هي أن لا تشعر بالانتماء إلى المكان أو الزمان الذي تتواجد فيه،  أن تشعر بالتفرد والرغبة في البقاء وحيدا منزويا في أحضان الكتب.

الانعزال أو العزلة الاختيارية التي ربما يتخذها البعض طريقة أو أسلوبا أو حلا لمجاراة الواقع أو الابتعاد عنه، بمعنى أدق ليست من ضمن أساليبي أو طرقي في التأقلم مع المحيط. فكم من أشخاص يعيشون وسط الناس أو المجتمع لكنهم بعيدون عنهم تماما، حاضرين بأجسادهم وغائبين بأرواحهم، وإن اجتمعوا في مكانٍ واحد.

وتؤكد: “الكتابة حياة، لو أتيحت لي فرصة ثانية للحياة لاخترت أن أكون ما أنا عليه الآن، قارئة شغوفة، محبة للاطلاع وساعية في طريق الأدب بكل ما أؤتيتُ من حب.

فرغم كل المخاطر التي تعرضت لها والقيود والعراقيل التي واجهتني ما زلتُ استمتع بالكتابة كاستمتاعي بالحياة، واليوم الذي يمر دون أن أكتب فيه حرفاً، استثنيه من التقويم.

لطالما تمنيتُ محاولة التفهم من قبل الآخرين فللكتابة طقوسٌ وأوضاعٌ ٌمعينة وغالبا ما تخضع تلك للمزاج. أما عن العزلة التي ربما انشدها: هجرة إلى جزيرة نائية حيث لا يسمع فيها غير صوت الآلة الكاتبة وهي تضربُ بعمق على صدور الورق”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب