14 نوفمبر، 2024 9:31 م
Search
Close this search box.

اغتراب الكاتب/ة (28).. الكتابة بالنسبة للأهل مستقبل غير آمن

اغتراب الكاتب/ة (28).. الكتابة بالنسبة للأهل مستقبل غير آمن

خاص: إعداد- سماح عادل

مازال الشعور بالاختلاف سائدا بين فئة الكاتبات والكتاب، والميل إلى الانفراد بالذات، والنهم الشديد تجاه القراءة واعتبار الكتابة ملجأ آمن.

هذا الملف عبارة عن آراء كاتبات وكتاب من مختلف البلدان وقد وجهت إليهم الأسئلة التالية:

  1. هل شعرت بأنك مختلف منذ فترة الطفولة وشعرت بأن ميلك إلى الكتابة هو سبب اختلافك؟
  2. هل عاملك الأهل داخل الأسرة كأنك غريب عنهم أو لا تشبههم، وكيف كان تقبلهم لميلك إلى القراءة والكتابة؟
  3. هل كنت تفضل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب لك ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم؟
  4. هل كنت تتمني أن يتعامل معك الأهل والمحيطين بشكل مختلف؟ .
  5. هل أنت نادم علي شغفك بالكتابة والقراءة وهل كنت تتخيل حياتك بدون الكتابة؟

أهم أركان حياتي..

يقول الكاتب العراقي “نواف خلف السنجاري”: “منذ الطفولة كنت أشعر بنوع من الاغتراب، والاختلاف عن أقراني، رغم أني كنت أشاركهم جميع ألعابهم، وعبثهم، وجنونهم، ومقالبهم الطفولية. ولكنني كنت متفوقاً عليهم جميعاً في القراءة والكتابة وأداء الفروض المدرسية وكان ترتيبي الأول عليهم في جميع مراحل الدراسة. وكان ترتيبي الأخير في الألعاب الرياضية وخاصة كرة القدم. وفي المرحلة المتوسطة زادت رغبتي في القراءة والكتابة، وصار التفاهم معهم أصعب بكثير، وكنت أحتاج دوماً إلى من يفهمني وتتطابق أفكاره مع أفكاري، لذلك كنت أشعر باغتراب واختلاف حقيقي عنهم. في ذلك الوقت لم أكن أعرف بأن رغبتي في القراءة والكتابة هي من يبعدني عنهم.” .

ويضيف: “ثم انتقلت عدوى الاغتراب إلى العائلة، فكثيرا ما كان أبي ينصحني بأن أقلل من قراءة الكتب، وخاصة بعد انتهاء العام الدراسي، وكان يقول لي (ارحم نفسك يا بني لقد نجحت في الامتحانات، ولا داعي لقراءة هذه الكتب الكثيرة، التي ستؤثر على عينيك، وصحتك)، وحدث في أحد المرات أنه قبض علي متلبساً وأنا أجلب المجموعة الكاملة ل”ديستوفسكي” إلى المنزل في صندوق كأنه تابوت.

وكنت أقرأ طوال اليوم من الصباح إلى المساء، أقرأ وأنا آكل، فقال لي: (لقد أنهيت المرحلة الإعدادية ولم تقرأ بهذه الشراهة، اعتقد أنك ستجن، إذا استمريت على هذه الحالة)” ..

ويكمل: “كبرتُ وكبر ميلي إلى القراءة والكتابة، وبعد أن تزوجت وكونت أسرة، كانت زوجتي تتذمر من كثرة قرآتي، وتقول لي: “أنا لا أغار عليك من النساء بقدر غيرتي من الكتب”، وتتهمني بأني اهتم بالكتب أكثر منها!!!!”.

ويتابع: “كنت أتمنى أن يعاملني الأهل والأصدقاء، وحتى أسرتي بشكل مختلف، وأن يفهموا ولعي بالقراءة ، والكتابة، لكن انشغالهم بتفاصيل الحياة الصغيرة، ومتطلباتها وبعدهم عن الاهتمام بالأدب والفن، كان يعمّق الصدع بيننا، فتكبر الهوة بيني وبينهم، هم يسخرون من قرآتي، وأنا أسخر من اهتمامهم بتوافه الأمور، وتستمر المأساة!!.”.

وتؤكد: “لست نادماً أبداً على شغفي وتعلقي بالقراءة والكتابة، وكنت أقاتل دائماً، من أجل ألا أتخلى عن عشقي لهما، ولم أتخيل يوماً أن تكون حياتي مستمرة بدونهما، ولا زلت لحد هذه اللحظة اعتبر القراءة، والكتابة أحد أهم أركان حياتي، وأحلامي التي أعيش لأجلها”..

افتخار الأهل..

ويقول الكاتب السوداني “أحمد محمود كانم”: “لم يشكّ أحد لحظة في أنني سأصبح شيئًا/ شخصًا مختلفًا يومًا ما.

وذلك لعدة أسباب، أهمها هو أنني كنت سريع الحفظ بصورة ملفتة. لدرجة أنني أذكر عندما كنتُ في السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية، كنت أحفظ النص المكتوب على السبورة فور انتهاء المعلم/ة من كتابته، وعندما يحين دوري لقراءة النص، لا أجد نفسي بحاجة إلى النظر إلى السبورة لقراءة ما كُتب. الأمر الذي أثار دهشة معلميّ وزملائي.

لكن مع ذلك لم تتمدد توقعات المحيطين من الأسرة والأصدقاء – حول مستقبلي- إلى أبعد من أن أصبح طبيبًا محليًا شاطرًا أو مهندسًا أو إمام مسجد.

ميولي إلى الكتابة جاء متأخرًا جدًا، وتحديدًا بعد أن قرأتُ عددًا كبيرًا من الأعمال في مجالات مختلفة، إلا أنني لم أجد في كثير  منها ما يخاطب عقلي أو يلامس وجدان وخواطر جيلي ومجتمعاتي”.

ويواصل: “حين صدر أول أعمالي ونزلت على المكتبات، اتصل بي أبي مهنئًا، وقال: يبهرني فيك أنك دائمًا تشق طريقًا مختلفًا، وهو ما يجعلك مختلفًا عن الآخرين… وأنا فخور بك.

أما أمي فقد أخبرتني بأن إصداراتي الورقية التي وصلتها قد باتت إحدى أهم محتويات حقيبتها اليدوية بعد المسبحة، المصحف الشريف والمرآة الصغيرة الحجم التي لم تبارح حقيبتها إلا إلى حقيبة أخرى. ولم تكن احتفاءات إخوتي وأبنائي أقل من ذلك. لذلك اعتقد أنني ممتن جدا لأسرتي بتشجيعها ودعمها المتواصل”.

وعن الميل للعزلة يقول: “بالطبع لا، فأنا شديد التعلق بمن حولي. إلا في ساعات الكتابة التي أصبح فيها غريبًا حتى عن نفسي، باعتزالي كل من/ ما يقطع حبال تفكيري.

وهو ما يدفعني إلى الهرب إلى أماكن وأوقات أكثر هدوء لممارسة الكتابة”.

ويتابع: “أتمنى فقط أن يتفهم بعض منهم بأن هدفي من الكتابة بعيدًا جدا عن التكسب المادي”.

ويؤكد: “إن كان هنالك من ندم، فأنا نادم على كل لحظة ضيعتها من عمري دون قراءة كتاب جيد. ولا أتخيل أبدًا أن أحيا بدون كتابة.”

الانبهار بالحياة..

ويقول الكاتب العراقي “جودت جالي”: “الحقيقة أن شعوري بالاختلاف جاء جزئيا بسبب تصرفات الكبار أيضا وليس بسبب تصرفات الصغار فقط، عدا مسألة التكوين الشخصي لي والميل إلى التأمل والتفكير منذ الصغر. لقد كنت دائما مبهورا بالحياة حولي وتثير عندي التساؤلات”.

وعن معاملة  الأهل داخل الأسرة كأنه غريب عنهم أو لا يشبههم، وكيف كان تقبلهم لميله إلى القراءة والكتابة: “لا ليس هكذا بالضبط ولكن كان لديهم ردود أفعال معينة وخصوصا أبي الذي كان يرغب بأن يكون لديه ابن شاطر “مقطع السمكة وديلها”، ويمارس حياته ليحقق مكاسب وجاهية ومادية”.

وعن تفضيل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب لك ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم يقول: “ليس انعزال وغربة فمن المستحيل في عوائلنا أن يحدث هذا وإذا ما حدث فهو مقدمة للدخول في حالة عقلية مَرَضية طبعا”.

وعن تمني أن يتعامل معه الأهل والمحيطون بشكل مختلف يقول: “أكيد. إن التوق الى أن يقدر الأهل والمحيطون ميولي، وهي ميول مسالمة وبعيدة عن الاستخفاف بهم وإقصاء توجيهاتهم، كان ملازما لي، ولكن….. “.

وعن الندم علي شغفه بالكتابة والقراءة وهل كان يتخيل حياته بدون الكتابة يقول: “لست نادما أبدا فلا يمكن أن يوجد شيء مناسب لي أكثر منهما”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة