20 سبتمبر، 2024 1:01 ص
Search
Close this search box.

اغتراب الكاتب/ة (2).. سخرية قد تتحول في وجدان الكاتب إلي شعور بالإحباط

اغتراب الكاتب/ة (2).. سخرية قد تتحول في وجدان الكاتب إلي شعور بالإحباط

خاص: إعداد- سماح عادل

قد يعاني الكاتب في طفولته حين يكتشف في نفسه حبا للكتابة أو القراءة، أو يجد خياله وقد تفتح كبرعم الوردة وأصبح مزدهرا، وتنبع معاناته من عدم فهم من حوله لميوله تلك، أو الاستخفاف بخياله ورغباته.
هذا الملف عبارة عن آراء كاتبات وكتاب من مختلف البلدان وقد وجهت إليهم الأسئلة التالية:
– هل شعرت بأنك مختلف منذ فترة الطفولة وشعرت بأن ميلك إلى الكتابة هو سبب اختلافك؟
– هل عاملك الأهل داخل الأسرة كأنك غريب عنهم أو لا تشبههم، وكيف كان تقبلهم لميلك إلى القراءة والكتابة؟
– هل كنت تفضل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب لك ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم؟
– هل كنت تتمني أن يتعامل معك الأهل والمحيطين بشكل مختلف؟ .
– هل أنت نادم علي شغفك بالكتابة والقراءة وهل كنت تتخيل حياتك بدون الكتابة؟

سخرية ومعاناة..
تقول الكاتبة السورية “فاطمة البقاعي”: “نعم كنتُ أشعر في طفولتي بأنني أتميز عن مثيلاتي من صديقاتي وبنات العائلة وأملك خيالاً خصباً، طالما أنزويت عن الجميع في إحدى زوايا بيتنا العتيق أتأمل أزهار الزينة التي ملئت أحواض الزريعة التي أهتمت بها جدتي فحولتها إلى جنة، بينما أنا أتأمل جمال وروعة بيتنا الدمشقي الواسع الأرجاء أحاول الهروب من الكم الهائل من المشاعر المتدفقة وحرتُ كيف أصف مشاهد الروعة التي حبانا الله بنا..
كل الأفكار كانت مهيئة ولكن كانت تنقصني الخبرة وعدم قدرتي على الكاتبة، وإن كبرت ومازلتُ أحلم بتجسيد تلك المشاهد الخلابة على الورق”.
وعن هل عاملها الأهل داخل الأسرة كأنها غريبة عنهم أو لا تشبههم، وكيف كان تقبلهم لها تقول: “كثيراً وكوني أعيش في بيئة ريفية بحتة كان الأمر جداً غريب ومستهجن وقد حاربني من حولي، كانت أسلحتهم أشد ألما من السكاكين والسياط..
ألسنتهم كانت تلدغني مع كل مرة أحاول التعبير من خلالها وقد أصبحت محض سخرية الجميع حتى شاعت كلماتهم هنا وهناك في أرجاء البلدة، حتى أنهم جعلوني أكره نفسي وألعن هذا العقل الذي أحمله في رأسي. في فترة ما أصبحت منبوذة من جميع من حولي حتى ظننتني ارتكبت معصية كبيرة، لبسني عاراً استحقيت عليه الجلد ألف جلدة”.
وعن هل كانت تفضل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب لك ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم تقول: “في فترة من فترات طفولتي ومراهقتي عشقتُ عزلتي إلى حد جعلني أبكي بشدة حين يشتد الضجيج حولي ولا أجد لنفسي متسع من الوقت كي أخلو إلى نفسي وأكتب، فجعبتي حينها أصيبت بالتخمة وكاد دماغي ينفجر، إحساس لا يشعر به إلا من عاش تلك الفترة الزمنية من عمري أقصد من المحيطين بي، فليس ذلك الشعور بالهين، وبسبب عدم قدرتي على العزلة والانفراد بنفسي ضاعت علي أعظم الفرص وبيني وبين نفسي، ما زلت حتى الساعة اتمنى لو يعود بي الزمن إلى الخلف كي أثور وأغضب واتمرد على كل من كانوا السبب بكل ما عانيت منه، من ألم وحسرة وحرمان، وظلم، ذلك الظلم الذي لو حملته جبال لتفجرت منها ينابيع الرأفة و التمرد، ليتني وليت اللو تعيد إليّ أجمل سنوات العمر التي عصفت بها رياح القسوة، واندثرت في الهواء وأصبحت هباءً منثوراً”.
وعن هل كانت تتمني أن يتعامل معا الأهل والمحيطون بها بشكل مختلف تقول: “وهل أملك غير هذا التمني؟
الآه حين تخرج من قلب مجروح تشتعل وتشرئب وتأخذ في طريقها الأخضر واليابس..
ليتهم أدركوا حقيقة عشقي لهذه الهبة التي منحني الله إياها ولدت فيَّ ولم أخترها، لكنت أصقلتها أكثر وأكثر واعلنتها ثورة ودمرت من خلالها العادات والتقاليد البالية والضغوط التي كانت تمارس عليّ، وسحقت القلوب المتخلفة وكتبتها قصصي كما أحب وأشتهي..
ومع ذلك لا ألوم أحد فتلك كانت البيئة التي نشأت فيها ومن حقهم أن يستغربون ويرفضون خروجي عن النص فأنا أول فتاة في تلك المنطقة بدأت بمشوار الكتابة بالوقت الذي كان فيه الحرام بين. كيف لا. حتى التعليم للفتاة لم يكن مباح حينها يكفي أن تتعلم الفتاة الكتابة والقراءة، والحق يقال أنا أفضل من فتيات كثيرات من جيلي وقد نلت شهادتي الابتدائية التي لو لا حصولي عليها ما أصبحت على ما أنا عليه الآن..
أين سأذهب بهذا الكم الهائل من الأفكار المتراكمة في رأسي الصغير؟”.
وعن الندم علي شغفها بالكتابة والقراءة وهل كانت تتخيل حياتها بدون الكتابة تقول: “لستُ نادمة على الإطلاق بل على العكس تماماً فمنذ نعومة أظفاري وأنا أكتب وأكتب وأسعى للتحرر من هذا العقل المختلف عن باقي العقول و الذي حملته معي من طفولتي اليائسة، رغم قلة الفرص ودور النشر التي لا تنشر دون مقابل مالي ومازلتُ أكتب عسى ولعل تأتي الفرصة التي عشت عمري كله وأنا أطمح للوصول إليها رغم أني استطعت الصعود أولى درجات السلم ونشرتُ بعض نتاجاتي، إنه لفخر عظيم أن توزع كتبي في المكتبات وتحضر معرض القاهرة للكتاب في الوقت الحالي..
أنا خلقت لأكتب رغم بساطة أسلوبي وقدراتي العقلية والفكرية ولا أتخيل نفسي دون ذلك، والمطالعة رغم ارتفاع أسعار الكتب أجدني أسعى دائماً للحصول على مالذ وطاب من الكتب وإن كان البعض منه يقدم لي كهدية من بعض أصدقائي الذين كانوا معي مازالوا وبعض الكتاب الكبار الذين أعتز بهم وهم قدوتي ويحثوني دائما على المتابعة، وهذا بحد ذاته انتصار لي وأنا فخورة جداً وكل تمنياتي بأن أتابع مسيرتي الأدبية لبلوغ الهدف”.

إدمان الكتابة..
تقول الكاتبة الجزائرية “شيحي سعاد”: “منذ دخولي الى المدرسة شعرت بالاغتراب أحسست بشعور الوحدة بالرغم من وجود التلاميذ، الأساتذة، الطاقم الإداري، العمال، لقد سرقت من المدرسة العلم بعدما تعلمت منها أبجديات الكتابة والقراءة، بعدها أحسست أنني مختلفة تماما عن كل مايحيط بي داخل المدرسة وخارجها.
ولم أعرف حينها السبب في كل هذا الاختلاف الذي دفعني إلى الوحدة والانعزال والتصارع مع الذات والاكتفاء بذاتي هو حب المطالعة والكتابة إلى حين نضجي وبلوغي سن الرشد، عرفت حينها عشقي الأبدي للكتابة هو من دفعني الى الاغتراب”.
وعن هل عاملها الأهل داخل الأسرة كأنها غريبة عنهم أو لا تشبههم، وكيف كان تقبلهم لميلها إلى القراءة والكتابة تقول: “نعم دائما عائلتي تشعرني بأني غريب عنهم ولا أشبههم أبدا وهذا بسبب عزلتي في غرفتي، وانطوائي عن نفسي تكاد أن تنقطع علاقتي مع أسرتي بسبب أني دائما اتجاهل الجلوس والخروج معهم، مخافة أن يسرقوا مني وقت الكتابة والقراءة ووقت العزلة والجلوس مع نفسي. عائلتي كانت وما تزال ضد ميلي الشديد للكتابة والقراءة” .
وعن هل كانت تفضل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب لك ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم تقول: “نعم لقد دفعتني الكتابة إلى الانعزال عن أسرتي وأنا حزينة جدا، ولكن ليس بيدي حيلة وهذا ما سبب لي فجوة كبيرة بيني وبين أفراد أسرتي مما جعلني أحس بالغربة بينهم” .
وعن هل كانت تتمني أن يتعامل معها الأهل والمحيطين بشكل مختلف تقول: “لا لم أتمنى أن يتعامل معي الأهل والمحيطين بي بشكل مختلف، بل فضّلت الرحيل عن كل مايحيطون بي أما الأهل تمنيت أن يقبلوا اختلافي هذا وإدماني للكتابة والقراءة، دون أن يضغطوا عليّ فأنا في مرحلة إدمان لا استطيع التخلي عن الكتابة والقراءة، وإن تطلّب الأمر سأتخلى عن أهلي ونفسي ولن اتخلى عن الكتابة والقراءة” .
وعن هل ندمت علي شغفها بالكتابة والقراءة وهل كانت تتخيل حياتها بدون الكتابة تقول: “لا أبدا لم أندم على شغفي للكتابة والقراءة فأنا لا استطيع أن أتخيل حياتي بدون كتابة، فهي الهواء الذي أتنفسه والماء الذي اتجرعه فلا حياة لي دون الكتابة، فاليوم الذي لا أكتب فيه أصيب باكتئاب حاد جدا” .

فخر..
يقول الشاعر العراقي “جاسم الخفاجي”: “نعم وأنا في الصف الثالث ابتدائي كنت أحب حفظ كلمات الأغاني والقصائد ولكن لا أعرف كيف أكتب، كنت أرسم وكان صديقي الوحيد في ذلك الوقت من بين زملائي التلاميذ هو الرسم والحفظ”.
ويضيف: “نعم كان أخي الكبير وأخواتي الكبيرات كانوا يعاملوني معاملة مختلفة عن باقي إخواني وكانت حقيقة ليست بالغربة عنهم بالعكس كانوا يعتبروني أكبر من عمري، ويقترحون على قراءة الكتب.
ولما بدأت الكتابة كنت خارج العراق وكان عمري وقتها ١٦ عام، وكنت أرسل لهم بعض من كتاباتي مع الرسائل وكانوا فرحين ويشجعونني على الكتابة”.
ويواصل: “نعم كنت منعزلا دائما وأحب أن أكون في مكان هاديء حتى أقرأ أو أفكر كيف أكتب”.
ويتابع: “نعم كنت أتمنى لأني أشعر باختلاف في داخلي”.
ويؤكد: “لا أبدا لم أندم على الكتابة والقراءة بالعكس أشعر بشعور التقصير دائما على الأيام التي مضت دون قراءة وكتابة. ندمي الوحيد هو أني تركت الرسم ولم أنمي هذه الموهبة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة