خاص: إعداد- سماح عادل
هو أحد اضطرابات النمو العصبية ينتج عن نقص في كمية الموصلات الكيميائية الدوبامين، النورأدرينالين في قشرة الجزء الأمامي الفص الجبهي التي تسهل للخلايا تنفيذ عملها والتواصل بين أطراف الدماغ.
الأسباب..
العديد من عوامل الخطر الجينية والبيئية تتراكم لتسبب هذا الاضطراب. المخاطر البيئية لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تظهر في وقت مبكر جدا من الحياة، أثناء مرحلة تكون الجنين أو في فترة ما بعد الولادة المبكرة. ولكن، في حالات نادرة، تكون الأعراض الشبيهة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ناتجة عن الحرمان الشديد في وقت مبكر من الحياة، أو خلل وراثي واحد، أو إصابة في الدماغ في وقت مبكر من الحياة. هذه النتائج مفيدة في فهم أسباب اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ولكنها لا تفيد في تشخيص الاضطراب.
معظم الحالات أسبابها وراثية، القليل من الحالات قد تكون لها علاقة بعوامل بيئية مثل مشاكل الحمل والولادة، العلاقات بين الجوانب البيئية وبداية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه حققت مستوى عالي للغاية من الأدلة المدعومة. البعض منها يحظى بدليل قوي على وجود دور سببي، إلا أنه بالنسبة لمعظم الناس، يظل احتمال أن هذه العلاقات ترجع إلى آثار وراثية وبيئية.
لهذا السبب، نشير إلى خواص البيئات ما قبل الولادة وبعدها، التي تزيد من احتمالية الإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بوصفها علاقات للإصابة وليست أسبابا لها. المخاطر الوراثية والبيئية ليست بالضرورة خاصة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
الأسباب الوراثية ..
نتائج 37 دراسة في أمريكا وأوروبا وإسكندنافيا وأستراليا تكشف أن الجينات وتفاعلها مع البيئة تلعب دورا كبيرا في الإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
في دراسة على مستوى الجينوم، أجرى فريق دولي تحليلا للحمض النووي لأكثر من 20,000 شخص مصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وأكثر من 35,000 مصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في أمريكا وأوروبا وإسكندنافيا والصين وأستراليا. اكتشف الفريق عدد من متغيرات المخاطر الوراثية، لها أثر قليل في احتمال الاضطراب. أكدت الدراسة وجود سبب متعدد الجينات لمعظم حالات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، مما يعني أن العديد من المتغيرات الوراثية حيث لكل منها أثر ضئيل للغاية تتجمع لتزيد احتمال الإصابة بهذا الاضطراب. يرتبط الاحتمال متعدد الجينات للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بعلم النفس المرضي العام (الباثولوجيا النفسية) والعديد من الاضطرابات النفسية.
يمكن أن يكون اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه نتيجة لاضطراب نادر في جين واحد (فارون ولارسون، 2018) أو تشوهات في الكروموسومات. وعندما تم تحليل الحمض النووي لأكثر من 8,000 طفل مصاب باضطراب طيف التوحد أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو كليهما و5,000 حالة غير مصابة، كان لدى المصابين بالتوحد والمصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه معدل متزايد من الطفرات الوراثية النادرة مقارنةً بالحالات غير مصابة.
تكشف دراسات الأسرة والتوائم والحمض النووي أن الآثار الوراثية والبيئية مشتركة جزئيًّا بين اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والعديد من الاضطرابات النفسية الأخرى (مثل الفصام والاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب واضطراب طيف التوحد واضطراب السلوك واضطرابات الأكل واضطرابات تعاطي المخدرات) والاضطرابات الجسدية الاضطرابات (مثل الصداع النصفي والسمنة). وهناك أيضا احتمال وراثي فريد للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. تشير الدلائل على الاحتمالات الوراثية والبيئية المشتركة بين الاضطرابات إلى أن هذه الاضطرابات تتشارك أيضًا في الباثولوجيا المرضية من حيث المسارات الحيوية التي تؤدي إلى اضطراب النمو العصبي وتخلق اختلافات في الدماغ بدورها تؤدي إلى بداية ظهور الاضطراب.
أظهرت دراسات عديدة على الأسر أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يشترك في الأسباب الوراثية مع أمراض المناعة الذاتية، والإعاقة الذهنية.
العلاقات البيئية..
التعرض للمواد السامة..
كشف تحليلان وصفيان تجميعيان إلى وجود علاقات صغيرة بين عبء الرصاص وأعراض قصور الانتباه (27 دراسة على أكثر من 9,300 شاب) وأعراض فرط النشاط /الاندفاع (23 دراسة على أكثر من 7,800 شاب). ذهب تحليل وصفي تجميعي أُجري مؤخرا لعدد 14 دراسة على أكثر من 17,000 طفل أن ارتفاع مستويات الرصاص في الدم ارتبط باحتمالات مضاعفة للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
كشفت دراسة أُجريت على أكثر من 2,500 شاب تحت إشراف برنامج الدراسة الاستقصائية للصحة الوطنية وفحص التغذية، وهي عينة مستعرضة تمثيلية على المستوى الوطني لسكان أمريكا، أن الذين لديهم مستويات الرصاص في الدم في الثلث الأعلى كانوا أكثر عرضة بنسبة 2.3 مرة للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مقارنة بأولئك الذين لديهم مستويات الرصاص في الدم في الثلث السفلي. كما خلصت دراسة أخري على أكثر من 4,700 شاب، تحت إشراف نفس الدراسة الاستقصائية الوطنية، أن أولئك الذين لديهم مستويات الرصاص في الدم في الخمس الأعلى كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بأربع أضعاف مقارنة بمن هم في الخمس الأدنى.
أظهرت ثلاث تحليلات وصفية تجميعية شملت أكثر من عشرين دراسة على أكثر من ثلاثة ملايين شخص أن تدخين الأمهات قبل الولادة مرتبط بزيادة تتجاوز 50٪ في حدوث اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. مما يشير إلى أن العلاقة بين تدخين الأمهات أثناء الحمل واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ترجع إلى عوامل عائلية أو وراثية، شأنها أن تزيد من احتمالات الإصابة فيما يتعلق بكل من التدخين واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
كشف تحليل وصفي تجميعي لتسع دراسات في ثلاث قارات على أكثر من 100,000 مشارك أن تعرّض الأطفال لدخان السجائر المستعمل كان مرتبطًا باحتمال أكبر بنسبة 60٪ للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. لم يكن من الواضح إلى أي مدى كان الارتباط سببيًّا مقابل عوامل الاضطراب/ متغيرات الخلط.
في تحليل وصفي تجميعي لـعدد 15 تجربة مزدوجة التعمية خاضعة للسيطرة الوهمية على 219 مشاركًا، ارتبطت الأصباغ الصناعية بزيادة طفيفة في فرط النشاط عند الأطفال. خلُص تحليل وصفي تجميعي آخر، يشمل 20 دراسة على 794 فردًا، إلى وجود زيادة طفيفة جدًّا في أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ولكن فقط عندما يجري تقييمها من خلال الآباء، وليس من خلال المعلمين أو المراقبين الآخرين.
أظهرت دراسة تايوانية أُجريت على أكثر من 10,000 عملية ولادة، ارتبط استخدام الأم للأسيتامينوفين أثناء الحمل باحتمال أكبر بنسبة 33٪ للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى أطفالهم. وهناك دراسة أخرى على 113,000 نسل من دراسة التعرّض النرويجية للأم والطفل وسجل المرضى النرويجيين، وشملت 2246 مصابًا باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وقد خلُصت إلى وجود علاقة بين الاستجابة والجرعة وبين استخدام الأم للأسيتامينوفين قبل الولادة واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
أُجريت دراسة وطنية باستخدام السجلات الوطنية الدنماركية على 913,000 طفل ولدوا بين عامي 1997 و2011. وقد ارتبط التعرض قبل الولادة لعقار “فالبروات” المضاد للصرع بزيادة احتمال الإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بنسبة 50٪. ولم تظهر أي علاقات أو ارتباطات للأدوية الأخرى المضادة للصرع.
تعتبر مبيدات الفوسفات العضوية سموما عصبية قوية. ففي عينة سُحبت من 1139 طفلًا من سكان أمريكا، ارتبطت الزيادة بعشرة أضعاف لثنائي ميثيل ألكيل فوسفات في مستقلب الفوسفات العضوي، بزيادة احتمالية الإصابة باضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه بنسبة 55٪. كان الأطفال الذين لديهم مستويات يمكن اكتشافها من مستقلب ثنائي ميثيل ألكيل فوسفات الأكثر شيوعًا أكثر عرضة للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، مقارنة بأولئك الذين لديهم مستويات غير قابلة للاكتشاف.
لم يتوصل تحليل وصفي تجميعي إلى أي أثر كبير لثلاث فئات من جسيمات- ملوثات الهواء (ست دراسات على أكثر من 51,000 شخص) وأكاسيد النيتروجين (خمس دراسات على أكثر من 51000 شخص). في دراسة تعرض طولية أجريت على مستوى تايوان ربطت أكثر من 16,000 زوج من “الأم والرضيع” بمستويات ملوثات الهواء، خلصت إلى عدم وجود ارتباط بين مستويات الجسيمات الصغيرة أو مستويات ثاني أكسيد الكبريت أو مستويات ثاني أكسيد النيتروجين أثناء الحمل وتشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في السنوات الثماني الأولى من حياة نسلهم.
كما خلُصت الدراسة إلى وجود احتمالات أكبر بنسبة 25% للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عند التعرض لأكسيد النيتريك، وهو ملوث شائع ناجم عن حركة السير.
استخدمت دراسة تعرّض وطنية سجل التأمين الصحي الوطني في كوريا الجنوبية لتحديد جميع حالات دخول المستشفى للمراهقين البالغ عددها 7,200 حالة دخول، مع تشخيص أولي لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من 2013 إلى 2015، مع أخذ القراءات اليومية لثلاثة ملوثات هواء من 318 مركز مراقبة موزعا في جميع أنحاء البلاد في نفس الفترة.
كما خلُصت الدراسة إلى أن طفرات ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت والجسيمات كانت مرتبطة بزيادة قدرها 47٪ و27٪ و12٪ لكل طفرة على حدة في حالات دخول المستشفى المرتبطة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في الأيام اللاحقة. ولم تكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين المراهقين الذكور والإناث، أو بين المراهقين الأكبر سنًّا والشباب.