خاص: إعداد- سماح عادل
اضطراب الشخصية النرجسية حالة مرَضية تؤثر على الصحة العقلية للمريض الذي يتملكه شعور مبالغ فيه بأهميته. ويحتاج إلى الاهتمام والإطراء من الآخرين بشكل زائد ويسعى إلى ذلك. قد يفتقر الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى القدرة على فهم مشاعر الآخرين أو الاهتمام بها. لكن وراء هذا القناع من الثقة المفرطة، يكونوا ليسوا متأكدين من تقديرهم لذاتهم ويمكن أن ينزعجوا بسهولة من أقل انتقاد.
يؤثر هذا الاضطراب على نواحي الحياة، مثل العلاقات أو العمل أو المدرسة أو الشؤون المالية. قد يشعر المرضى المصابون باضطراب الشخصية النرجسية بالتعاسة وخيبة الأمل بشكل عام عندما لا يتم منحهم الامتيازات الخاصة أو الإعجاب الذي يعتقدون أنهم يستحقونه. قد يجدون علاقاتهم مضطربة وغير مُرضية، وقد لا يستمتع الآخرون بالتواجد حولهم.
يؤثر اضطراب الشخصية النرجسية على الذكور أكثر من الإناث، وغالبا ما يظهر في سن المراهقة أو في بداية البلوغ. قد تظهر سمات النرجسية على بعض الأطفال، ولكن هذا غالبا ما يكون عاديًا بالنسبة لأعمارهم ولا يعني أنهم سيصابون باضطراب الشخصية النرجسية عند الكبر.
الأعراض..
تختلف الأعراض ومدى شدتها من شخص لآخر. يتسم المصابون بهذا الاضطراب بالصفات التالية:
إحساس عالٍ بشكل غير معقول بأهمية الذات والحاجة إلى سماع عبارات الإطراء والإعجاب باستمرار وبشكل مفرط.
الشعور بأنهم يستحقون امتيازات ومعاملة خاصة.
توقُّع الحصول على التقدير والتكريم حتى بدون إنجازات.
تضخيم إنجازاتهم ومواهبهم بشكل أكبر مما هي عليه.
الانشغال بتخيلات عن النجاح أو القوة أو التألق أو الجمال أو الرفيق المثالي.
استغلال الآخرين للحصول على مرادهم.
عدم القدرة أو عدم الرغبة في تمييز احتياجات الآخرين ومشاعرهم.
حسد الآخرين واعتقاد أن الآخرين يحسدونهم.
التصرف بطريقة متعجرفة والتباهي كثيرا والغرور.
الإصرار على الحصول على الأفضل في كل شيء، كأفضل سيارة أو أفضل مكتب مثلا.
الانتقاد..
في نفس الوقت يواجه الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في التعامل مع أي خطاب يعتبرونه نقدا. ويلاحظ عليهم:
نفاد الصبر أو الغضب عندما لا يتلقون تقديرًا أو معاملة خاصة.
مواجهة صعوبات كبيرة في التعامل مع الآخرين والشعور بأنهم مُهمَلون بسهولة.
الغضب من الآخرين وازدراؤهم ومحاولة التقليل من شأن الآخرين لجعل أنفسهم يبدون أعلى شأنًا.
مواجهة صعوبات في التعامل مع عواطفهم وسلوكياتهم.
مواجهة مشكلات كثيرة في التعامل مع الضغوط والتأقلم مع التغيير.
الانسحاب من المواقف التي قد يفشلون فيها أو تجنُّبها.
الشعور بالاكتئاب وتقلّب المزاج لأنهم ليسوا على قدر الكمال الذي كانوا يتخيلونه.
الشعور الخفي بعدم الأمان والخزي والإهانة والخوف من التعرض للفشل.
الإيمان بأنهم متفوقون على الآخرين وأنهم لا يمكنهم قضاء أوقاتهم إلا مع أشخاص مميزين مثلهم ولن يستطيع فهمهم سوى المميزين من أمثالهم.
الانتقاد والتعامل بتعال مع الأشخاص الذين لا يشكلون أهمية خاصة من وجهة نظرهم.
توقع الحصول على خدمات خاصة وتوقع أن يفعل الآخرون ما يريدون منهم من دون طلب ذلك.
زيارة الطبيب..
لا يرغب المصابون في الاعتقاد بوجود مشكلة، ولا يبحثون عن علاج. وإذا بحثوا عن العلاج، فمن المرجح أن يكون لأعراض الاكتئاب أو تعاطى الكحوليات أو المخدرات أو أي مشكلة أخرى مرتبطة بالصحة العقلية. وقد يؤثر ما يعتبرونه إهانات لتقدير الذات على تقبل فكرة العلاج ومتابعته.
أسباب الإصابة..
أسباب الإصابة باضطراب الشخصية النرجسية ما زالت مجهولة. ومن المحتمل أن يكون السبب معقدا. ربما يرتبط بما يأتي:
– البيئة، وهي العلاقات بين الآباء والأبناء التي تتسم إما بفرط التدليل أو فرط النقد بما لا يتناسب مع تجارب الأبناء وإنجازاتهم الفعلية.
– الخصائص الوراثية، مثل سمات شخصية معينة.
– البيولوجيا العصبية، وهي الرابط بين الدماغ والسلوك والتفكير.
الخطر..
رغم عدم معرفة سبب اضطراب الشخصية النرجسية، فإن بعض الباحثين يعتقدون أن فرط الحماية أو فرط الإهمال من الآباء يؤثر في الأطفال الذين يولدون مع ميل للإصابة بهذا الاضطراب. وتؤدي الخصائص الوراثية والعوامل الأخرى أيضا دورا في تفاقم اضطراب الشخصية النرجسية.
المضاعفات..
مضاعفات اضطراب الشخصية النرجسية والحالات الأخرى التي قد تكون مصاحبة لها تشمل:
صعوبات تكوين العلاقات.
مشكلات في العمل أو الدراسة.
الاكتئاب والقلق.
اضطرابات الشخصية الأخرى.
اضطراب في الأكل يسمى فقدان الشهية.
مشكلات صحية جسدية.
إدمان المخدرات أو الكحوليات.
الأفكار أو السلوكيات الانتحارية.
الوقاية..
لأن سبب اضطراب الشخصية النرجسية غير معروف، فلا تتوفر طريقة معروفة للوقاية من هذه الحالة المرَضية. ولكن من المفيد ما يلي:
الحصول على العلاج في أسرع وقت ممكن عند ظهور مشكلات في الصحة العقلية بمرحلة الطفولة.
المشاركة في العلاج الأسري لتعلم طرق صحية للتواصل أو التأقلم مع الصراعات أو الاضطرابات العاطفية.
حضور فصول في مجال تربية الأبناء وطلب التوجيه من معالج أو أخصائي اجتماعي إذا لزم الأمر.
تعريف النرجسية..
يعرف قاموس “كولينز” باللغة الإنجليزية النرجسية بأنها “اهتمام استثنائي بالذات أو الإعجاب بها، خاصة المظهر الجسدي للذات”. إنه الإفراط في حب الذات، والاهتمام بالمظهر الخارجي وراحة الذات وتضخيم الفرد من أهميته وقدراته.
اكتشاف الشخص النرجسي..
يقول المستشار البريطاني المتخصص في اضطراب الشخصية النرجسية “تينيسون لي”، إن هناك تسعة معايير تشخيصية للمرض على النحو المنصوص عليه في دليل التشخيص والإحصاء في جميع أنحاء العالم. يجب على المريض أن يحتوي على خمسة على الأقل من المعايير التالية كي يُصنف في خانة النرجسيين:
- أن يكون لديه شعور مبالغ فيه بأهمية ذاته.
- أن تكون لديه أوهام النجاح والقوة.
- الإعجاب المفرط، الذي يجعله يؤمن بأنه فريد من نوعه.
- الشعور بالاستحقاق.
- أن يكون استغلاليا ويحسد الآخرين ولا يتعاطف معهم.
- أن تدل مواقفه على التكبر والعجرفة.
- ويقول لي: “تُصنف حالة الشخص على أنها اضطراب، عندما يسبب اهتمامه المفرط، نوعاً من المعاناة أو المصاعب للمحيطين به”.
وفقاً لدراسة أجريت في أمريكا، فإن 6 % من الأمريكيين نرجسيين. ومع ذلك، هناك خمس دراسات أخرى على الأقل استخدمت معايير أكثر صرامة ولم تستطع العثور على حالة واحدة للنرجسية، حتى عند استخدام عينات كبيرة جداً
ويقول لي، الذي يرى أن الحالة أكثر شيوعا مما نظن: “لا أعتقد أنها حالة سريرية يمكن تشخيصها وفهمها على نحو كافٍ من قِبل الاختصاصيين”.
وتقوم “أنوشكا مارسين”، التي تركت شريكها بعد ظهور أعراض الاضطراب النرجسي عليه، بإدارة شركة استشارية في علم النفس، تقدم المشورة والنصيحة للآخرين حول كيفية اكتشاف الشخص النرجسي. وتقول عن الاضطراب بأنه وباء، ويوجد الكثير من تلك الحالات حولنا بكل تأكيد. لا يدرك النرجسيين أنهم على خطأ، لأنهم يرون أنفسهم الأفضل دائماً.
العلاج..
يقول الدكتور لي إن العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية يأتون إليه معتقدين أنهم مصابون بالاكتئاب، ولكن في الواقع فإن الأدوية المضادة للاكتئاب لن يكون لها أي تأثير على مرضى هذا الاضطراب. ويؤكد: “علاج اضطراب الشخصية النرجسية ليس بالأمر السهل على الإطلاق، إنه شكل من أشكال العلاج النفسي الصعب، لأن إقناع المريض بوجود مشكلة لديه أمر صعب جدا، فهم عامة يعتقدون أن الآخرين يتحملون المسؤولية. سوف يأتي الكثيرون متأخرين إلى الجلسات أو لا يحضرونها على الإطلاق، لأنهم لا يعتقدون أن العلاج أو الشخص الذي يعالجهم مهم. والخبر السار هو أن مستوى النرجسية ينخفض مع تقدم العمر”.
ويقول أستاذ علم النفس بجامعة إيلينوي “برنت روبرتس”: “تتراجع النرجسية بشكل كبير مع تقدمنا في السن. في الواقع، إذا كان هناك أي شيء أعتقد أنه عالمي فهو أن كبار السن أقل نرجسية من الشباب”، وقد أكدت العديد من الدراسات ذلك بشكل متكرر ومقنع.