17 نوفمبر، 2024 4:56 م
Search
Close this search box.

إبراهيم الخياط.. شاعر جمهورية البرتقال الذي رحل فجأة

إبراهيم الخياط.. شاعر جمهورية البرتقال الذي رحل فجأة

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“إبراهيم الخياط” كاتب وشاعر عراقي،  ولد في 1960 في محافظة ديالى، تخرج من كلية الشريعة ـ جامعة بغداد، طورد، واعتقل وسجن لانتمائه إلى المعارضة اليسارية ضد النظام، عمل مدير إعلام وزارة الثقافة من ٢٠٠٣ إلى ٢٠٠٥ فقدم استقالته علنا احتجاجا على تولي ضابط شرطة لحقيبة الوزارة. عمل عضو المكتب التنفيذي والناطق الإعلامي لاتحاد أدباء العراق من ٢٠٠٤ حتى ٢٠١٦ ومن ثم أمينا عاما للاتحاد، وعمل في جريدة “طريق الشعب” البغدادية. صدر له ديوان (جمهورية البرتقال) عام ٢٠٠٧ بنشر مشترك بين وزارة الثقافة واتحاد الأدباء. وكان طالب دكتوراه صحافة في كلية الإعلام بجامعة بغداد، و نال الامتياز عام ٢٠١٦ عن رسالته في الماجستير والتي كان عنوانها (مجلة “الثقافة الجديدة” ودورها الثقافي في العراق/ دراسة تحليلية في مضامين فنونها الصحفية في مرحلة العهد الملكي). كان يكتب عمودا صحفيا بعنوان (تغريدة الأربعاء)، وتنشر هذه التغريدة صباح كل أربعاء في أربع جرائد بغدادية معا وهي: (طريق الشعب، الزمان، البينة الجديدة، الحقيقة).

الطقس البوليسي..

في حوار معه أجراه “مناف أبو رغيف” يقول “إبراهيم الخياط” عن الأسباب وراء استقالته من وزارة الثقافة”: “إننا وبعد 9 نيسان 2003 نعيش زمناً جديداً ولقد بدأنا فعلا ببناء وطن جديد يتسم بالحرية بعد حقب مترعة بالقمع والإلغاء والطغيان، ولقد صار لناـ نحن المغيبين فيما مضى ـ صار لنا صوت وصار لنا موقع وصرت مديراً لإعلام وزارة الثقافة، ولكن بعد أن صارت الحقيبة الوزارية بيد السيد نوري الراوي امتلأ الرواق الثقافي بالشرطة، وبعد أن كان اتصالي بالوزير مباشرة صار رائد الشرطة مسئولا عني وهو سكرتير الوزير، ثم إن مراجعاتي المكتبية أصبحت عند (العميد) مدير المكتب الخاص للوزير، وصارت التحية العسكرية المقيتة وكلمة (سيدي) المريبة والطقس البوليسي كل هذا صار ملمحاً للعهد الوزاري الجديد، وفضلاً عن كلّ هذا فبما أننا استنشقنا عليل الحرية لذا من الاعتيادي أن يتناول الأدباء والكتاب والمثقفون عمل الوزارة ويؤشرون على إيجابيات الوزارة وسلبياتها، وحتى لو تناول بعضهم الوزير ومكتبه، فما الضير في ذاك؟ لكن أن تحرر ردود عليهم وتحمل ختم إعلام الوزارة فهذا ما حسبته إساءة بليغة إليّ لأني غير مسئول وغير محرر لهذه الردود، ثم أن الكاتبين هم صفوة مجيدة من مثقفي العراق ومبدعيه وهم أساتذتي وأنا على دينهم فيما يؤمنون ـ وذكرت هذا في نص استقالتي، ولكن لا اجعل نفسي ـ البتة ـ إلا في صف العراق الحّر الجديد فهذا ما ناضلت من أجله دهراً واعتبر استقالتي متمماً لهذا النضال من أجل عراق أنقى وأرقى”.

ويصف المشهد الثقافي العراقي في ظل الظروف الراهنة: “رغم أن اتحادنا العريق حافظ على وحدته وأملاكه وريادته وذلك بفضل اللجنة التحضيرية التي أخذت زمام الأمور بعد 9 نيسان 2003، لكن بعد رحيل النظام الشمولي البعثفاشي إلى مزبلة التاريخ انبثقت جمهرة من المنظمات الثقافية فهنا رابطة وهناك قاعة وعلى مقربة تجمع وغير بعيد ملتقى أو منبر وهكذا تلون الأفق بقوس قزح ثقافي لا أبهر منه ولا أبهى، وحتى أن الحرية التي حلت علينا حركت هوس المطابع فبعد صحف أربع فيما مضى صارت الصحف بالمئات ولشتى المشارب والألوان، وترى أدباءنا يحررونها وبامتياز لا يضاهى وكأنهم ولدوا على خبرة، ونحتفل جهارا بالجواهري ونسمي قاعة دار الشؤون الثقافية على اسم الحاضر غائب طعمة فرمان، ويرفل اتحادنا بثوب الانتخابات الديمقراطية ولأول مرة منذ أكثر من أربعين عاماً.. ولا امتياز سوى الإبداع والالتزام وهمة العمل المهني، والكل يسعى إلى غد ثقافي تعددي يوحده العراق الحرّ الجديد. وكما كان المثقفون العراقيون صوتا ضد القمع وكما كانوا ضد الحرب وكانوا وما زالوا ضد الاحتلال فهم صوت مدوّ ضد الإرهاب الذي هو تتمة لحكم الفاشست والقومجية الذي استمر منذ 8 شباط الأسود ولم تزل بقاياه تكدر صفو حياة أهلينا.. ولكن شمس العراق . شمس جواد سليم ستحرق كل الخيوط الواهية، ومن المحال أن يحجبها غربال الارذلين من الأيتام والظلاميين وسكنة جحور التاريخ وكهوفه”.

الرمز..

وعن الرمز في شعره يقول “إبراهيم الخياط”: “وهل الشعر غير الرمز؟ فعندما سئل الجاحظ عن الشعر، قال: هو كل كلام يخرج غير مخرج العادة، والرمز بقدر ما هو إبداع في البناء الفني للقصيدة فهو في الوقت عينه (كان) قهقهتنا العالية على السلطة الغاشمة، نكتب ونقرأ ويفكون الرمز أحياناً لكنهم ليسوا بقادرين على إدانتنا، لأن المباشرة كانت هي الفخ فحسب، فضلاً عن أن جلّ الشعراء يدرون أن المباشرة باب للابتذال والوضاعة، وطريق لأي أمر سوى الشعر، لاسيما وبنو العراق مشتهرون بالحسجة التي هي الرمز في لغة العوام. والآن لا يقل التكفير عن قمع السلطة سابقاً ولذا لا نجد غير الرمز منقذا، وغير سبيله مناصا، وعند أهل القص عبارة جميلة وهي التي يتفوهون بها عندما يكون الأسلوب اللغوي في القصة راقيا: إنها الشعرية، وعندما يكون السرد سرداً ليس إلا فإنهم يقولون: لقد سقطت القصة في المباشرة. وخير الشهادات ما ينطق به غير أهل الكار نفسه”.

ويواصل عن تهميش المثقف العراقي من قبل السياسيين” “سأوضح الأمر بمثال ألا وهو العملية السياسية في العراق الآن وبالأخص كتابة الدستور، أن السلطة لم تطلب ولا تطلب منا رأياً نحن المثقفين، فلذا كان لزاما علينا وهذا ما قمنا به أن لا ندع ولا نسمح لأحد أن يهمشنا فالأمر في أيدينا نحن، فإن لذنا بالصمت يكون علينا الملام، وهذا ما لا نرتضيه ويجب أن لا نرتضيه، فعقدنا الندوات وخضنا المداولات والمشاورات وكتبنا وثيقة هي مبادرة المثقفين من أجل دستور ديمقراطي ورفعناها إلى لجنة صياغة الدستور وبتواقيع من أكثر من ستمائة أديب وفنان وأكاديمي وإعلامي، وكانت قاعة اتحاد الأدباء في ساحة الأندلس في بغداد هي غرفة عمليات المثقفين، لقد خلقنا لنا صوتا، ولمن نسمح بتهميشنا فالجميع والمثقفون في الطليعة كانوا المبادئين والمبادرين إلى المشاركة في كتابة الدستور وإلى إعطاء نصيب للثقافة في متن الدستور الدائم”.

اتحادات مسيسة..

في حوار آخر أجراه “ضياء السيد كامل” يقول “إبراهيم الخياط” عن قطيعة اتحاد الكتاب العرب مع اتحاد الأدباء في العراق: “إن القضية برمتها كانت مسيسة لأنهم يعتبرون الأدباء في العراق صنائع حكومة عميلة طيب كيف والحكومة ممثلة في الجامعة العربية وهناك اعتراف عربي وعالمي بهذه الحكومة؟ هم لا يعجبهم العجب لأنهم غير مقتنعون بنا أصلا، وللعلم إن اتحاد أدباء العراق هو القيادة الوحيدة المنتخبة بشكل ديمقراطي من جميع اتحادات الأدباء في العالم العربي باستثناء الكويت ولبنان، وكلها اتحادات مسيسة من قبل أنظمتها السياسية، إنهم قاطعونا لأننا لم نحارب دون سيدهم”.

ويجيب عن سؤال “إنك شاعر ثمانيني كتابة ونشراً لماذا لم تصدر أي ديوان  قبل جمهورية البرتقال: “سابقا كنت أنشر في الصحف العربية خارج العراق وكانت تعطيننا مكافآت مالية كانت تساعدنا على سد حاجاتنا البسيطة، ومبتعدا كل البعد عن صحافة النظام وللأمانة إن النظام لم يكن يحاربني ولم يكن يمنع النشر عني، لكني أنا الذي قاطعتهم وأنا الذي حاربتهم، ولم أشأ أن ألوث قصائدي بمجده الزائف هذا من جانب، أما الجانب الآخر بعد سقوط النظام تسلمت منصب مدير الإعلام في وزارة الثقافة، استحيت من نفسي أن أطبع ديوانا لي لكي لا يقال أنه لولا لم يكن في وزارة الثقافة لما استطاع أن يطبع ديوانا له، وكذلك في اتحاد الأدباء، وعندما أصبحت ناطقا إعلاميا فيه، والاتحاد يصدر سلسلة مطبوعات أيضا أبيت أن أقدم ديواني للطبع لكي لا يساء الفهم بأني فضلت نفسي عن باقي زملائي، ولكن مع ذلك صدر لي ديوان مع سلسلة النشر الأول، المشروع القائم بين اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة، ولا أنسى جهود الأستاذ جهاد مجيد الذي أجبرني وألح علي أن أقدم مسودة الديوان للطبع، وكان لأستاذي ناجح المعموري فضلا من خلال اختياره إحدى قصائدي عنوانا للديوان، كما تفضل علي الأستاذ الفنان “محمد سعيد الصكار” بتصميم الغلاف واختيار إحدى لوحاته للغلاف”.

مرجعية ثقافية..

وفي حوار ثالث أجرته”خلود الحسناوي” يقول “إبراهيم الخياط” عن إصدارات اتحاد أدباء العراق: “هي ليست إصدارات بالمعنى المتعارف عليه، مع مستهل السنة الجديدة 2017 أطلقنا سلسة نشر جديدة.. أولا: أن لا يشترك فيها أعضاء المجلس المركزي ورؤساء الهيئات الإدارية في المحافظات لتكون هذه السلسلة خالصة للهيئة العامة. ثانيا: يتم طبع الكتاب أو المنجز الأدبي بشراكة بين الاتحاد وبين الأديب، كي يتعامل معها بحرص، نصف مبلغ التكلفة يتحمله اتحاد الأدباء ونصف يتحمله الأديب، نحن نضمن الطبع الجيد ووضع اسم الاتحاد ولوكو الاتحاد وإقامة حفل توقيع وبيع الكتاب وتوزيعه في المحافظات والمشاركة في المسابقات العربية والعالمية.. مقابل نصف الكمية تعطى للأديب كي يتصرف بها”.

ويضيف عن موقف الاتحاد من مجريات الأحداث ومدى مساهمته بالمواقف الوطنية: “نحن في اتحاد الأدباء لا نتعامل مع الأحداث اليومية السياسية، نحن نتعامل مع العموميات مثلا نحن مع العملية السياسية الديمقراطية منذ انتهاء النظام الدكتاتوري البائد ولكن حين تحدث اصطفافات سياسية لا نقف مع هذا التيار ضد التيار الآخر، نحن نشعر بأننا كما توجد في البلد مرجعية دينية وكما توجد مرجعية سياسية نحن نعد اتحاد الأدباء مرجعية ثقافية، فلذلك لنا موقف وطني واضح مثلا نحن مع الدستور نحن عقدنا ندوات لمناقشة الدستور أيام كتابة الدستور وقبل التصويت عليه نحن مع الانتخابات وتشجيع الناس إلى خوض الانتخابات والمشاركة فيها، نحن مع هذه الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت نهاية 2010 و2011 و2015 في أسمى ما تكون، هذه أيام مباركة في حياة الشعب العراقي تذكر بالأيام المجيدة أيام 48 وأيام 52 و56 أيام إضراب 68 لعمال الزيوت، أيام مشرقة وكذلك الانتفاضة.. انتفاضة آذار 91، سلسلة تعبر عن الاعتزاز برأي الشعب فيما يقول سوى أقالها في وثبة انتفاضة أم في إضراب أو تظاهرات ولكن نحن بالتأكيد مع التظاهرات السلمية التي كفلها الدستور” .

وعن الإبداع لديه يحكي” إبراهيم الخياط”: “بالنسبة للقدوة أي النشأة الأولى كانت بأيام المتوسطة ماذا أقول؟ مع انتباهتي بأن لدي موهبة وجدت مدرس اللغة الإنكليزية، هو شاعر وشاعر معروف آنذاك في أوائل السبعينات، وهو الشاعر “خليل المعاضيدي” الذي أعدمه النظام بعام 84، المدرس بمتوسطة بعقوبة للبنين، وإذا بمدرس اللغة العربية المسرحي والكاتب المسرحي والقاص والروائي “محي الدين زنكنة” يدعمني أيضا، فحينما تمتلك حتى لو كانت موهبة يتيمة وتكون برعاية هذه الأسماء، ومعهم طبعا أسماء أخرى أنا أعرفها، مثل مسئول المكتبة الأستاذ “سعدي عبد الرزاق” كان الهادي لي لأنه كان يدلني على الكتب التي تنفعني التي استفيد منها وأنا بعمر صغير، لا يمكنني أن أقرأ كل المكتبة كي أتبين الغث من السمين، ولكن حين يرشدني أحد من الأساتذة أكن على بينه، وهو كان من الشعراء ومن الكتاب ومن المحققين المعروفين، فلذلك حين تكون موهبة في هذا الوسط وفي هذه الرعاية  فالفضل أولا وأخيرا يعود لهذه الأسماء الكبيرة،  ثم انتقلت إلى الإعدادية وإذا بالذي يكون مدرسا للغة العربية في الثانوية الجعفرية في العبة خانة الناقد المعروف خريج السوربون الدكتور “عبد المطلب صالح”.

ويواصل “إبراهيم الخياط “عن الذين تأُثر بهم: “الأسماء كثيرة طبعا، ولكن لا يمكن أن استبعد “الأخطل” و”أبو نؤاس” وبالتأكيد أنا هنا اجعل المتنبي والجواهري رمزين كبيرين لا يمكن أن أحشرهم مع كل هذه الأسماء، إذ لا يمكن لأحد أن يدعي أنه قريب على الشعر دون يتأثر بهما، أو أن ينحاز إليهما، ولكن الأخطل وابا نؤاس والحبوبي والسياب وسعدي يوسف ورشدي العامل هذه الأسماء كانت مؤثرة جدا، ولكن كان المؤثر الأول أتاني عن طريق “خليل المعاضيدي” الذي كان متأثرا بدوره ب”سعدي يوسف” وكان يتناول بيده دواوين سعدي ويقرأ القصائد واستمع إليه، فكان يؤثر علي بالمعنى والشكل، وأقصد بالمعنى أنه يوصل القصيدة إلي وبشكل أن يجعل أذني قد تمرنت على القراءة الصحيحة وعلى عدم اللحن بالعربية”.

وفاته..

توفى الشاعر والكاتب “إبراهيم الخياط” الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، الأربعاء، إثر حادث سير في محافظة دهوك عن 59 عاما، وانطلقت جنازته من مقر الاتحاد بوسط بغداد.

قصيدتين ل”إبراهيم الخياط”..

قصيدة كاسب كار..

إنّهُ

قابَ قتلين أو أدنى

فحقَّ عليهِ القولُ

بعدَ أنْ فرهت أحلامُهُ

ونحتْ به عن جزيلِ إفتقارِهِ

أوْ قُلْ

نَحتَ به الى سدرةِ الترفِ القوراءِ

فصار يعرفُ الطبقاتِ

والمسافةَ البيّنةَ

بينَ الكمَّ والكيفِ

والسوادَ الشموليَّ للغراب الليليَّ

وصارَ يبكي

بعدَ الحزنِ الأربعين

على رجيفِ ناياتَهِ

حتى

صارَ يعلمُ

أنَّ البحرَ صغيرٌ

وأنَّ السماءَ دونَ عيونِهِ

وأذهلَهُ

ـ على غير عادته ـ

أنّ التحالمَ

يُفضي إلى سِنةٍ من الرؤى المقلنسة

فأتى بالتأويل مذبوحةً

إلى دكانِ كآباتِهِ

علّهُ يرتعب!

أو يدعيّ الكسولَ !!

أو يلوذ بإرثِ أنينهِ !!!

…..

فهل يصمتُ في حوار النبيّينَ؟

هل ـ تراه ـ يخلَعُ سترة المعارف الأنيقةَ؟

هل يدفعُ غيمةَ خوفِهِ إلى فسيفساء المنافي؟

وبعد ذلكَ

ـ أو قبل ذلك ـ

هل لا يقتلونه.

……..

قصيدة هناءة المحابس..

 

قالت: أريد ماء

– هناءة المحابس, مات النهر,

مات النسغ الصاعد, مات

المطر الشحيح, مات الأزرق

الباهر, مات الهمس المندى

بين الحروف, مات السمك

النهري, مات السمك البحري,

ومات البحر الميت, ماتت

العين السحرية, مات البرج

المائي, مات العنصر الأول,

مات الضباب المميت, مات

الدلو, مات الطست, مات

المد, مات الجزر, ماتت

الجب الغادرة, مات المسد

الملتف على عتلات البئر, مات

الشريان المرتق, مات الوريد

وحبله, مات المجترون,

ومات الطلّ الرطيب في لسان

الحسين, ولم يتبقَ في المجرة

الجافة سوى قطرات من ماء

الشعر وسأكتبك بها.

***

قالت: أريد ثلجاً

– هناءة المحابس, ومن أين لي

به؟ وقد أدارت اللئيمة

الجبلية ظهرها لي ولا أدري

أينا اقترف العقوق الثوري؟

فخاصمتني بجريرة “دار الندوة”

وأنا العبد المخطط بالسياط التموينية,

ومن أين لي به؟ وذاك الجليد

الجلمود قد استباحه الأخوة

اللدودون,

ومن أين لي به؟

والمستطيل الفرد منه بدولار

أمريكي محترم,

ومن أين لي به؟

والأرض خالية من المترفين

الفسقة كي ترميهم السماء

بوفر وفير

***

قالت: أريد طفلا

– هناءة المحابس, دق الجرس

ولكن التلاميذ لم يغادروا

الصفوف الصامتة من جبروت

المعلم ليملأوا الهواء بالضجيج

المستحبّ لأن وطني يحيا

بلا صغار, فهل – يحيا – من

لا صغار له؟

***

قالت: أريدك أنت

– هناءة المحابس, بيننا

حربان وجيش من أنين

القانطين, ففي حفرة بأقصى

البسيطة أنت, وفي حفرة في

أقصاها الآخر بيتي,,,

يالله !! يالله !!

فلو صدق “غاليلو” وأمستِ

الأرض كروية فإنـّا إذن

لمتجاوران وما بيننا سوى

ذرات من الرمل العسكري

وعلامة سؤال شنقوا استفهامه

الجريء,,,

هناءة المحابس, صار العمر

عانسا, وكل المحطات شاغرة

خالية من الهامات ومن القامات

ومن الظلال الوريفة، ولا طريق

يسلكني إليك لأنك فيّ قائمة

وتقاتلين.

***

قالت: أريد شيئا، أيّ شيء.

– هناءة المحابس, هاك قصيدتي

تحمل فرات الماء, ودولة

الثلج, وطفلنا الطائر, ونجمتي

المطفأة في ليل العراق .

https://www.youtube.com/watch?v=Gw-xP-2vlmk

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة