لا يمكن إيجاد خطوط فصل حقيقية في سياسات الشرق الأوسط، بين من يفترض أنهم أعداء أيديولوجيون، إذ طالما تتداخل المصالح بين هذه الأطراف، على حساب الأيديولوجيات أو التحالفات، ضمن حروب بالوكالة، تُشكِّل إيران من خلال جماعاتها (الشيعية والسنية)، أحد أبرز الفاعلين العسكريين (الإرهابيين) في عموم الشرق الأوسط، بل إنّه يمكن تعميم نتائج أكبر من ذلك، باعتبار إيران واحدة من أكبر صنّاع الإرهاب في هذه المنطقة (إن لم تكن الأكبر).
وكما كثير من الدول، يغيب تحديد واضح لمفهوم الإرهاب في السياسات الإيرانية، حيث لا يمكن الاستناد إلى مقوّمات نصيّة قانونية لتحديد هذا المفهوم إيرانياً، إنّما من خلال تتبّع تصريحات السياسة الإيرانية التي تسم بعض سياسات الشرق الأوسط بالإرهابية، فإنّه يمكننا استخلاص مفهوم إيراني للإرهاب قائم على اعتبار كل مناهض للسياسات العدوانية الإيرانية (بأشكالها العنصرية المذهبية والقومية) إرهابياً، ويطال هذا الوسم كل مناهض لحلفاء إيران في المنطقة، وصولاً إلى ملاحظة أنّ قادة النظام الإيراني (بشكل مباشر أو غير مباشر)، يدفعون مفهوم الإرهاب ليكون مرادفاً للشخصية العربية والسنية.
وفيما تحاول إيران تحميل الطرف العربي السني مسؤولية الإرهاب، فإنّها في سبيل ذلك عمدت إلى التعاون مع كم واسع من الميليشيات الإرهابية الشيعية والسنية، لكنها طالما عمدت إلى إرداف مصطلح الإرهاب بالميليشيات السنية التي ترتبط بها، أي أنّها ومن خلال سعيها لفرض هيمنة عسكرية على دول الشرق الأوسط، فإنّها استخدمت الميليشيات السنية للتغطية على العمليات القذرة (جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية)، فيما رعت كدولة الميليشيات الشيعية ودافعت عنها، بل وفّرت لها سبل النفاذ والحماية. إذ امتدت علاقاتها إلى جماعات سنية عديدة، أهمّها: الجماعة الإسلامية، جماعة الإخوان المسلمين، تنظيم أنصار الإسلام، تنظيم القاعدة، حركة طالبان، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، تنظيم جبهة النصرة/فتح الشام.
وتسعى هذه الدراسة إلى تبيان مستوى الارتباط بين النظام الإيراني وتنظيم داعش بشكل أخص، باعتباره النقيض الأيديولوجي الذي وظّفه النظام الإيراني في ضرب المنطقة العربية، وذلك من خلال المحاور التالية:
أولاً- أسس الارتباط، إذ كان لابد من توضيح الأسس السياسية التي قامت عليها العلاقة بين النظام الإيراني وتنظيم القاعدة الأم، وما بينهما من مصالح متبادلة.
ثانياً- مقومات الارتباط، وذلك من خلال تبيان حجم الارتباط الذي قام بين النظام الإيراني وتنظيم داعش، وتوظيف المصالح السابقة واستمرارها.
ثالثاً- احتمالية الانفكاك بين الطرفين، التي تقوم مع اقتراب زوال التنظيم الفرعي (داعش)، ومحاولة النظام الإيراني استغلال هذه الفرصة السياسية لتحقيق مكاسب إقليمية.
أولاً-ارتباط النظام الإيراني بتنظيم القاعدة (أسس الارتباط):
ترتبط إيران بجملة واسعة من الميليشيات في الشرق الأوسط، ضمن سياسة الحرب بالوكالة التي تُعتَبر إيران أبرز أطرافها، وإن كان البعد المذهبي يظهر جلياً في ارتباط إيران بعشرات الميليشيات الشيعية، فإنّ هذا البعد كان سبباً في إثارة الشكوك حول علاقة إيران بالتنظيمات الجهادية السنية، قبل أن تُثبِت جملة من التقارير الدولية ذات الموثوقية العالية حجم الارتباط المصلحي بين الطرفين.
ففي شهادته أمام اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط ووسط آسيا التابعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، عام 2012، أكد ماثيو ليفيت، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات بمعهد واشنطن:
تعتمد قابلية طهران على تنفيذ هجمات إرهابية عالمية على قدرتها على استدعاء مجموعة من الجماعات الإرهابية الموجودة في الشرق الأوسط المستعدة للعمل بإيعاز من إيران. وسيتمّ بالتأكيد استدعاء هذه الشبكة لتنفيذ ذلك النوع من الهجمات الإرهابية غير المتماثلة التي يمكن تنفيذها مع قدرةٍ معقولة على إنكار المسؤولية مما يجعل الرد المستهدَف أكثر صعوبة … إنّ العمل في الظل من خلال الوكلاء أو النشطاء الموثوقين هو طريقة العمل اللصيقة بإيران، فليس بمقدرة طهران كسب حرب تقليدية ضد الغرب لكن بوسعها تكليفه ثمناً باهظاً من خلال خوض حرب غير تناظرية، ومع ذلك، فإنّ جوهر هذا المبدأ هو ضرورة الحفاظ على “قدرة معقولة على إنكار المسؤولية” عن رعاية الدولة للإرهاب (1).
حيث أثبتت جملة من التقارير ارتباط النظام الإيراني بتنظيم القاعدة الأم (قاعدة بن لادن) وتحالفاتها مع طالبان، وما تفرّع عنها لاحقاً (قاعدة الزرقاوي والظواهري). ومن أبرز قرائن هذا الارتباط:
•تقرير لجنة 11 سبتمبر الذي نشر في عام 2004، وهو التقرير الرسمي الذي تمّ إعداده عقب أحداث 11 سبتمبر بطلب من الرئيس الأمريكي والكونجرس، الذي أكّد أنّ إيران كانت تعمل مع تنظيم القاعدة منذ بداية التسعينيات في الوقت الذي توجد فيه قيادات التنظيم في السودان.
•كتابات سيف العدل، أحد قياديي القاعدة، والتي أشار فيها إلى دور إيران في دعم القاعدة، خاصة في السنوات السابقة لعام 2001.
•مراسلات بن لادن الخطية التي تحصّلت عليها الولايات المتحدة بعد الغارة على مخبئه في أبوت آباد الباكستانية، في مايو 2011.
•حكم المحكمة الاتحادية الجزئية في مانهاتن بنيويورك في ديسمبر 2011، بأنّ: “إيران وحزب الله متورطان بشكل مادي مباشر في دعم تنظيم القاعدة لتنفيذ هجمات 11 سبتمبر 2001، ومسؤولان قانونياً عن الأضرار التي لحقت بمئات من أسر ضحايا المدّعين في القضية”.
•حكم المحكمة الاتحادية الجزئية بمانهاتن في نيويورك، في مارس 2016، بإلزام إيران بدفع 10.5 مليار دولار تعويضات لضحايا هجمات سبتمبر 2001.
وقد تنوعت أشكال هذا الارتباط/الدعم المقدّم من النظام الإيراني لتنظيم القاعدة، منذ تسعينات القرن العشرين، وذلك تحت إشراف الحرس الثوري/فيلق القدس ووزارة الاستخبارات، وتتمثّل أبرز أشكال هذا الدعم، فيما يلي:
•السماح بتأسيس “مجلس الإدارة” داخل إيران، أو مجلس تنسيق وتشاور لـ بن لادن، هدفه توفير الدعم الاستراتيجي لقادة التنظيم في باكستان.
•تهريب مئات من التنظيم من أفغانستان عام 2001.
•تدريب نشطاء التنظيم، وتوفير معسكرات لهم (2).
•تسهيل مرور عناصر التنظيم من وإلى أفغانستان وباكستان والعراق، وتسهيل سفرهم إلى جهات أخرى.
•توفير ملاذ داخل إيران (أشبه ما يكون بإقامة جبرية للقيادات وعائلاتهم)، إلا أنّه وفقاً لأبي حفص الموريتاني، المسؤول الشرعي السابق للتنظيم، فإنّ وجودهم في إيران “لم يكن إقامة جبرية، بل ضيافة فيها بعض القيود”.
•تسهيل مراسلات التنظيم وتمرير الأموال إليه.
•مبيعات السلاح الإيراني له.
ورغم حجم التباين الأيديولوجي الشاسع بين الطرفين، إلا أنّ السياسة البراغماتية الإيرانية بالأساس، استطاعت تقريب هذا التباين بأدوات مصلحية، وجدت فيها القاعدة سبيلاً لتعزيز مقدراتها، إذ يلتقي الطرفان بالأساس حول المصالح التالية:
•مواجهة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: إذ يلتقي الطرفان حول العداء للولايات المتحدة، فمن وجهة النظر الإيرانية فإنّ الولايات المتحدة هي “الشيطان الأكبر”، وهو وسم مشابه لوسم تنظيم القاعدة باعتبار الولايات المتحدة “الطاغوت الأكبر”.
•مواجهة الحكومات “العربية السنية”، إذ تُعتَبر البيئة العربية المستهدف الأساس في سياسات الطرفين، وإن كان هذا يقود إلى صدام الطرفين لاحقاً، لكنهما فضّلا التعاون، لتحقيق الهدف الثالث.
•إعادة رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة، النابع من الهدف السابق، بحيث يتمّ تقاسم المنطقة.
وتبدو الشرعية الدينية التي يستند إليها الطرفان، أكثر مصداقية في حال تحوّل المنطقة إلى دول مذهبية/طائفية، تبرِّر سلوكيات الطرفين، سواء تجاه سكان المنطقة، أو تجاه بعضهما لاحقاً. وخصوصاً أنّ الطرفين (التنظيم والنظام)، يمتلكان خطاباً مكتملاً في التحشيد المذهبي/الطائفي.
يُضاف إلى ذلك، أنّ لكل منهما أهداف في ارتباطه من الآخر، فإيران من خلال تقديمها أشكال الدعم للتنظيم (السابق ذكرها)، فإنّها تتطلع إلى:
•ضمان عدم استهداف إيران من خلال احتفاظها بقيادات التنظيم وعائلاتهم لديها، وهو ما كان واضحاً في تصريحات قيادات الصف الأول بعدم استهداف إيران (3).
•استخدام التنظيم في تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة في حال إخفاق مسار التفاوض مع الولايات المتحدة.
•ضرب خصوم إيران في المنطقة، وخصوصاً القوى السنية دون الدولة (المقامة العراقية أولاً، والجيش الحر في سوريا لاحقاً).
•استهداف دول المنطقة بعمليات إرهابية لفرض مسارات سياسية (تحديداً تجاه السعودية).
•أهداف أيديولوجية، من خلال تصوير الإسلام السني بشكل إرهابي، وتحميله عبء العمليات القذرة التي تقوم بها كافة الميليشيات السنية والشيعية (جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية).
ثانياً-العلاقة بين النظام الإيراني وتنظيم داعش (مقوّمات الارتباط):
رغم حجم الوضوح والقرائن في الارتباط بين تنظيم القاعدة الأم والنظام الإيراني، إلا أنّ القرائن في حالة الارتباط بتنظيم داعش ظلّت محدودة حتى عام 2016، مع بداية تكشّفها بشكل موثق، وخصوصاً أنّه في الحالة الأولى (الارتباط بالقاعدة)، احتاجت الولايات المتحدة إلى سنوات لتكشف عن وثائقها السرية، أي أنّ حقيقة الارتباط بداعش ما تزال تضمّ كماً من الملفات السرية التي لم يتمّ الكشف عنها، سواء لأسباب تتعلق بآليات التحقيق الأمريكي، أو بما يخصّ الأمن القومي الأمريكي، أو لأهداف تتعلق بالتفاوض غير المعلن بين الأطراف الفاعلة.
وفيما سعت عدة أطراف إلى نفي قيام ارتباط بين تنظيم داعش والنظام الإيراني، على أساس أنّ داعش هو حالة انشقاق ضمن تنظيم القاعدة، أو حالة أشد تطرّفاً من التنظيم الأم، وبالتالي فإنّه يرفض الانصياع للعلاقات التي رسمها التنظيم الأم، وشكّل تهديداً للمصالح الإيرانية في الشرق الأوسط، إلا أن ذلك يبقى حالة نفي من قبل الأطراف المحسوبة على النظام الإيراني، حيث تستند العلاقة بين الطرفين إلى المقومات التالية:
•التشاركية في ذات الأهداف والمصالح التي قامت بين القاعدة الأم وإيران.
•وجود قيادات من داعش ضمن إيران، أو ارتباطها بعلاقات مع أجهزة عسكرية واستخباراتية إيرانية، حين كانت جزءً من تنظيم القاعدة الأم في أفغانستان أو العراق.
•إعلان قيام تنظيم داعش في المجال الزمني والجغرافي الذي شهد تهديداً كبيراً للمصالح الإيرانية.
وحيث تأخرت القرائن قليلاً في الظهور، إلا أنّها باتت واضحة كسابقتها، ولعلّ أبرزها:
•تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب، لعام 2016، الذي أكّد استمرار إيران بالسماح لمنسقي القاعدة بأن تكون البلاد معبراً لهم، لنقل الأموال والمقاتلين إلى سوريا (4). أي أنّ التقرير يربط مباشرة بين داعش والنصرة من جهة وإيران من جهة ثانية.
•تقرير وزارة الخزانة الأمريكية فبراير 2014، حول سماح إيران بتنقل عناصر وأموال أعضاء تنظيم القاعدة العاملين في سوريا، ومن بينهم أمراء وعناصر داعش وجبهة النصرة، وفرض وزارة الخزانة عقوبات على جعفر الأوزبكي وياسين السوري، باعتبارهما أكثر العناصر فعالية في شبكة نقل المال والعناصر التابعة للتنظيم عبر إيران إلى سوريا.
فيما تزداد القرائن الميدانية وضوحاً، ومنها على سبيل المثال:
•دور إيران في تيسير اجتياح داعش للموصل والمناطق السنية في العراق، إبان ثورة العشائر، من خلال انسحاب الجيش العراقي الفجائي، وترك الأسلحة والعتاد، وهو ما سهّل بالتالي القضاء على الحراك الاحتجاجي العراقي من جهة، وقدّم مبررات دعم ميليشيا الحشد الشعبي على حساب الجيش العراقي.
•ذات الأمر بالنسبة لتغلغل داعش في سوريا، وإطاحته بالقوة المنافسة لنظام الأسد (الجيش الحر).
•إطلاق سراح معتقلي القاعدة من سجون المالكي والأسد، وإلحاقهم بتنظيم داعش.
•تصريحات منشقين عن التنظيم، تكشف حجم التنسيق بين إيران ونظام الأسد وقادة التنظيم، ومنها تصريح العميد العراقي المنشق أبي أيوب، الذي نقلته المجلة (5). وهي تصريحات شملت وقائع تعاون عسكري واستخباراتي ونفطي بين هذه الأطراف.
•ما كشفته أطراف سورية عن تورط مسؤولين سوريين وإيرانيين بالانضمام إلى داعش في حلب، من خلال أوراق عراقية مزورة، وذلك بالاستدلال بالجوازات الإيرانية التي وجدها الجيش الحر في مراكز قيادات داعش بعد تحريرها منهم (6).
•أدى ظهور تنظيمي داعش والنصرة في سوريا، إلى تعزيز مبرّرات إيران في التدخل بشكل مباشر أو عبر ميليشياتها (وتحديداً حزب الله)، تحت ذريعة حماية الأماكن الشيعية المقدسة أو حماية الشيعة في سوريا، وتنفيذ برنامج التغيير الديموغرافي القسري (التهجير والتصفية).
•تقرير لمحمد الياسين عام 2014، عن إشراف فيلق القدس على تدريب 50-200 عنصراً مقاتلاً واستخباراتياً من القاعدة (تم توزيعهم على داعش والنصرة لاحقاً)، تمّ إدخالهم من إيران إلى العراق، وتدريبهم في منطقة عين تمر (محافظة كربلاء)، قبل إرسالها إلى سوريا عبر مطار النجف، إضافة إلى مجاميع أخرى تم تدريبهم في منطقة “تنكه كنش” في محافظة كرمنشاه الإيرانية. على أنّ عمليات إيصالهم إلى سوريا وتنسيقهم أو دفعهم إلى اختراق الجيش الحر، تمّت بالتنسيق مع نظام الأسد وحزب الله، وبدعم من الحكومة العراقية وحزب الدعوة (7).
•تتبع ناشطون سوريون بعض الفيديوهات المنشورة على YouTube التي تُظهر جرائم داعش، ليتبين أنّ عنوان “IP Address”، يقود إلى إيران أو لبنان (8).
•التزام داعش بالأوامر الإيرانية بالابتعاد ميدانياً عن الحدود الإيرانية-العراقية بمسافة 40 كم، وفقاً لتصريحات وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي.
•تصريحات نائب الأمين العام لحزب الحرية الكردستاني الإيراني المعارض، وقائد جناحه العسكري، حسين يزدان، عن تفاصيل دعم النظام الإيراني للتنظيمات الإرهابية في المنطقة، وتدريب مسلحين من داعش على أراضيها، ونقلهم إلى المناطق الخاضعة للتنظيم في العراق وسوريا وليبيا ومصر، وتزويد التنظيم بالأسلحة والعتاد عن طريق الجو والبر. ومن هذه المعسكرات، معسكر الإمام علي في طهران، ومعسكر غازانجي في محافظة كرمنشاه، ومعسكر الإمام صادق في مدينة قم، ومعسكر حزب الله في مدينة ورامين، ومعسكر أمير المؤمنين في منطقة بان روشاني في محافظة عيلام، ومعسكر مصطفى الخميني في طهران، ومعسكر الغيور الواقع بين الأحواز والمحمرة، ومعسكر الكوثر الواقع بين دزفول والسوس (9).
•استمرار وجود قيادات عليا من القاعدة في إيران (10).
من خلال القرائن الميدانية السابقة، يتضح أنّ لتنظيم القاعدة، وما يتفرّع عنه من تنظيم داعش والنصرة، مقرّات دائمة/معسكرات تدريبية، أو حضور دائم في الداخل الإيراني، وتحديداً في مدن: طهران، وكرمنشاه، وقم، ووارمين، وبان روشاني، وشت، ومحافظة خرسان وعيلام، ومعسكرين في الأحواز، برعاية الأجهزة الأمنية والحرس الثوري الإيراني، ومشاركة حزب الله في عمليات التدريب.
يضاف إلى ذلك، مراكز الإعداد العقائدي، المتمثلة في المركز العالمي للعلوم الإسلامية، مجمع التقريب بين المذاهب، مجتمع عالم أهل البيت، جامعة بيت المقدس، مركز تدريب نهاوند.
فيما التزم تنظيم داعش، بذات الالتزام الذي التزمته القاعدة، بعدم مهاجمة إيران، ولذات الأسباب، وذلك على الأقل حتى منتصف عام 2017، فوفقاً لأبي محمد العدناني، المتحدث الرسمي باسم التنظيم:
“ظلت الدولة الإسلامية تلتزم نصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ورموزه، ولذلك لم تضرب الدولة الإسلامية الروافض في إيران منذ نشأتها، وتركت الروافض آمنين في إيران، وكبحت جماح جنودها المستشيطين غضباً، رغم قدرتها آنذاك على تحويل إيران لبرك من الدماء، وكظمت غيظها كل هذه السنين؛ تتحمل التهم بالعمالة لألد أعدائها إيران؛ لعدم استهدافها، تاركة الروافض ينعمون فيها بالأمن والأمان؛ امتثالاً لأمر القاعدة؛ للحفاظ على مصالحها، وخطوط إمدادها في إيران”.
رغم أنّ الحجج التي ساقتها بعض الأطراف في تنظيم داعش، للانشقاق عن تنظيم القاعدة، هو علاقة القاعدة الأم وارتباطها بإيران، وربّما هذا ما سيساعد لاحقاً، في محاولة إيران تبرئة ذاتها من سلوكيات داعش والنصرة من جهة، بل والادّعاء بدورها في “محاربة الإرهاب”، ومحاولة الانخراط في الحملة الدولية.
ويسقط هذا المبرر، في حال العودة إلى النشأة، فتنظيم القاعدة الأم، امتد إلى العراق، مشكلاً تنظيم القاعدة في العراق، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، قبل أن يوفد البغدادي ممثله الجولاني إلى سوريا لإنشاء فرع القاعدة هناك (جبهة النصرة)، ثم سيطرة البغدادي وجماعته على غالبية التنظيم في العراق والانتقال إلى سوريا وإنشاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
ثالثاً-احتمالية الانفكاك بين الطرفين، وأشكاله:
يخلص المحوران السابقان، إلى التقاء النظام الإيراني وتنظيم القاعدة وما يتفرّع عنه، حول علاقة براغماتية/مصلحية، وليست عضوية/أيديولوجية، كما الحال في التنظيمات الشيعية، لذا فإنّ انهيار هذه العلاقة يبقى وارداً بين الطرفين، في حال انخفاض المصلحة العائدة على الطرفين أو أحدهما، وتحوّلها إلى عبء وخسائر استراتيجية أكثر منها منافع ميدانية.
وخصوصاً، أنّه سبق لابن لادن في إحدى الوثائق المسرّبة أن وجّه عناصره إلى أنّه: “إذا كانت لدى (القاعدة في بلاد الرافدين) القدرة على فتح جبهة ضدّ إيران وإلحاق الأذى بها، فالأفضل ألا تعلنوا ذلك، ولا تهددوا به، بل نفذوا ضرباتكم في صمت، وتفهموها أو تتركوها تفهم أنكم الضاربون، لأنّ هذا أحفظ لسمعتكم إذا لم تؤتِ الخطة ثمرتها، وأدعى لسهولة التفاوض مع إيران، إذا نالها الأذى الشديد”.
إضافة إلى أنه في رسائله التي تمّ الكشف عنها، عبّر عن شكوكه في أنّ إيران تلعب دوراً مزدوجاً في المنطقة (متحالفة مع القاعدة والتنظيمات المتشدّدة السنية في بعض الأحيان، وواشية بها لمكاتب CIA المنتشرة في الشرق الأوسط عبر عملاء عراقيين وأفغان في أحيان أخرى)، وعن دورها في الوشاية بابنه سعد الذي قتلته طائرة درون أمريكية أثناء عبوره الحدود من إيران إلى باكستان.
في المقابل، فإنّ إيران عمدت إلى احتجاز بعض عناصر وقيادات القاعدة، والتفاوض مع الولايات المتحدة على تسليمهم مقابل ملفات أو مصالح إيرانية، فيما احتفظت بقيادات الصف الأول، وخصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، من ذلك إبعاد سليمان أبو غيث، الناطق الرسمي باسم القاعدة، قسراً إلى تركيا، وهو ما أدّى إلى اعتقاله في الأردن عام 2015، وتسليم أبي حفص الموريتاني إلى موريتانيا، عدا عن إبعاد ثروت شحاته قسراً كذلك.
ورغم أنّ إيران استفادت من وجود داعش (والنصرة) في العراق وسوريا، في تثبيت تغلغلها العسكري المباشر (القوات الإيرانية)، وغير المباشر (الميليشيات)، إلا أنّها أيضاً ساعدت نظام الأسد والحكومة العراقية عسكرياً في ضرب التنظيم وملاحقته في العراق، وتقويض نفوذه في سوريا مؤخراً، وصولاً إلى سيطرة الحشد الشعبي (المدعوم إيرانياً) على الموصل، المعقل الأهمّ للتنظيم في العراق.
إذ تبقى قاعدة “عدم المشاركة في المنافع الإقليمية”، سمة أساسية في السياسة الخارجية الإيرانية وخصوصاً في الشرق الأوسط، فإن كانت قد استفادت كثيراً من تنظيمات القاعدة، إلا أنّها بلغت مرحلة إمّا التشارك معها في المنافع، وهو ما يضعها في مواجهة الولايات المتحدة والقوى الغربية والإقليمية من جهة، وخسارة منافع جغرافية من جهة أخرى، وإمّا التحول إلى سياسة مواجهة هذه التنظيمات ومحاولة السطو على مكاسبها الجغرافية والميدانية، ليتمّ استخدامها في التفاوض على موقع ومكاسب إيران من النظام الإقليميّ الذي سيعاد تشكيله.
وربّما كان ذلك سبباً في العملية التي شهدتها طهران في يونيو 2017، والتي تمّ توجيه أصابع الاتهام فيها لداعش، بل إنّ داعش ذاتها سارعت إلى تبنيها مباشرة، فيما ذهبت بعض المصادر إلى أنّ هجوم طهران هو من صنيعة الأكراد الإيرانيين المنتمين إلى داعش، أو صقور كردستان، وقد رجّحت مجلة The Atlantic الأمريكية ارتباط الأكراد بهذه العملية، فيما ذهبت أطراف أخرى إلى تحميل منظمة مجاهدي خلق مسؤولية هذه العملية، وخصوصاً مع استخدام السيانيد، وهو أسلوب غير متبع لدى تنظيم داعش.
إنّ هذه الشكوك التي ما تزال تثار حول عملية طهران، كان قد سبقها تشكيك واسع في صدقية ما يروجه النظام الإيراني من برنامج محلي “لمحاربة الإرهاب”، بل ربّما أدى عدم رواج الرواية الإيرانية الأولى في محاربة الإرهاب، إلى دفع النظام إلى التورط في عملية طهران، وهو رأي آخر حول عملية طهران.
عموماً، مع انهيار تنظيم داعش والتنظيمات المرتبطة فيه في سوريا والعراق، لجأت إيران إلى تحديث سياستها الإقليمية، ومحاولة الانخراط في المجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، من خلال الخطوات التالية:
•محاصرة عناصر التنظيم في إيران والتضييق عليهم، رغم استمرار وجودهم فيها، وربّما تحوّل إلى نوع من الاعتقال، إلى حين التفاوض مع أطراف خارجية عليهم، أو إعادة إنتاج تنظيمات أخرى من خلالهم. وخصوصاً أن إيران تدرك أن مستقطبات الجماعات الجهادية/الإرهابية، ما تزال قائمة في الشرق الأوسط، ومن السهولة بمكان استحداث تنظيمات جديدة في حال الحاجة إليها.
•رفع وتيرة قمع القوميات في إيران، وتحديداً في المناطق السنية، مع ارتفاع في وتيرة اعتقال السنة، بحجة انتمائهم لداعش، ولتقديم صورة للرأي العالم الغربي بمحاربة إيران للإرهاب (توظيف الحدث لقمع الحراك القومي، وهي سياسة إيرانية راسخة عبر عقود). إذ تستمر الاعتقالات التي بلغت العشرات خلال شهرين، فيما تجاوزت المئات خلال العام الأخير.
•تعزيز العمليات العسكرية الإيرانية في العراق، إلى جانب قوات التحالف الدولي. واستخدام صواريخ بالستية متوسطة/طويلة المدى، لضرب معاقل داعش في مدينة دير الزور السورية، هاتان النقطتان تحملان سعي النظام الإيراني لإعادة إنتاج شرعيته الإقليمية والدولية، من خلال الاعتماد على “شرعية محاربة الإرهاب”، وخصوصاً أنّه بات من الواضح أنّ مرحلة داعش شارفت على الانتهاء، وتسعى إيران إلى أن تكون طرفاً مهماً في المكاسب، بل محاولة فرض مصالحها من خلال وجودها العسكري المباشر في العراق وسوريا، إضافة إلى حضورها في لبنان واليمن عبر ميليشياتها.
•ما يؤكِّد هذا التوجه، تصريح قائد الأركان المسلّحة الإيرانية اللواء علي باقر أنّ يران ستشن قريباً أكبر عمليات جوية ضدّ داعش، وأنّ هناك 387 طائرة فانتوم، و45 طائرة سوخوي 400، جاهزة بانتظار أوامر القادة العسكريين للبدء بأكبر عمليات جوية في العالم “في الأماكن التي نحددها نحن”. وهي تصريحات سياسية/دعائية أكثر منها قدرة إيرانية عملياتية قائمة، إذ لا تقوم أية دلائل على امتلاك إيران هذه القدرة الجوية من جهة، عدا عن أنه لا يمكن لها أن تشارك عبر حملة جوية في منطقة شديدة الازدحام بالطيران العسكري، دون تنسيق مع كافة الأطراف الفاعلة.
•حيث أنّ التحضير للمشاركة عبر القوات الجوية (أو مجرد التصريح)، عقب إطلاق 4-6 صواريخ بالستية، هو مسعى إيراني لتصوير قدراتها في الحرب على “الإرهاب”، وبأنّها بذات الكفاءة العسكرية للدول الأخرى، وعلى مستوى الندية معها. وللتأكيد على عدم كفاءتها (الجوية أو الصاروخية)، لا بد من التنويه إلى أنّ صواريخها التي ضربت مدينة دير الزور، كانت ذات دقة غير مقبولة عسكريا، بمستوى خطأ بلغ 500 متر. أي أنها غير فاعلة، فيما تقع ضمن الاستعراض العسكري الإيراني (استعراض المسافة وليس دقة التصويب)، بما يحمله ذلك من تهديد غير مباشر لدول المنطقة.
•وخصوصاً أنّ ذلك يترافق مع مرحلة تشديد عقوبات أمريكية، بعد قمة الرياض، وأنّها بحاجة لكسر العزلة الإقليمية.
•يضاف إلى ما سبق، محاولة إيران إدراج حدث طهران، ضمن الأحداث الإرهابية التي قامت في المدن الغربية، من خلال محاولة تصوير الحدث وإخراجه بذات الطريقة.
•فيما تواصل وسائل الإعلام الإيرانية الادّعاء بأنّها تعمل منذ سنوات على ضبط وملاحقة العناصر الإرهابية داخلها، وأنّ ما منع قيام استهداف لها، هو الاقتدار الأمني العالي لأجهزتها (حجة لا يمكن الركون إليها، وخاصة أن الإرهاب ضرب كثيراً من الدول صاحبة الاقتدار الأمني الأعلى). وأنّه خلال عام قبل تفجيرات طهران، استطاعت الكشف عن 50 محاولة لضرب طهران من قبل داعش، وإحباطها، ضمن الكشف عن 100 محاولة إرهابية، وتفكيك شبكة تضم أكثر من 1000 عنصر للتنظيم، ومنع داعش من إنشاء فرع في إيران، ومنع 1500 شخص من الانضمام إلى التنظيم، وهذه تبقى مجرد أرقام لا يمكن التأكد من مصداقيتها.
•وتسعى إيران من خلال سياسة الانقلاب على داعش والقاعدة، إلى محاولة تعزيز جبهتها الداخلية (المتهالكة)، والحصول على دعم شعبي جديد لعملياتها الخارجية، تحت شعار “من الأفضل محاربة الإرهاب في تلك المناطق على محاربته داخل إيران”، وهو ما يثير الشك في صدقية عملية طهران مرة أخرى.
وختاماً، فإن إيران تسعى إلى توظيف داعش (سواء من خلال زرعها في المنطقة أو محاربتها حالياً)، إلى الاستفادة القصوى منها في تمرير المصالح الإيرانية، وذلك كما وصفه مساعد الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات علي يونسي، بالفرصة التي يجب أن تستغلها إيران لإرغام الإدارة الأمريكية الراهنة على الرضوخ لمطالبها. كما يبدو أن إيران ستسعى في الفترة القادمة إلى محاولة توسيع مشاركتها في الحرب على داعش، بهدف إعادة تفعيل سياساتها في الشرق الأوسط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد مركز المزماة للدراسات والبحوث
هوامش:
(1) للاطلاع على النص الكامل للتقرير، انظر: ماثيو ليفيت، “دعم إيران للإرهاب في الشرق الأوسط”، معهد واشنطن، 25/7/2012:
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/irans-support-for-terrorism-in-the-middle-east
(2) منها: معسكر “ساحل الروح”، الذي يتولى تدريب قيادات ميدانية لحزب الله، ويقع على بعد 40 كلم عن الرشت، قرب ميناء أنزلاي، على بحر قزوين. ومعسكر بين طهران وقُم، قرب مقبرة “بهشت زهراء”. ومقر في محافظة خراسان منطقة “تربت حام حيدري”. كما استقبل معسكر “الشهيد مفتح”، في محافظة كرمنشاه، أعضاء القاعدة وجنّدهم. انظر: _____، “إيران وتنظيم القاعدة”، السكينة، 7/8/2016:
(3) ومنها: خطاب الظواهري لأبي مصعب الزرقاوي، عام 2005، بعدم التعرض للشيعة والإيرانيين: “الشيعة ليسوا هدفاً للتنظيم … هل تناسى الإخوة أن لدينا أكثر من 100 أسير، كثير منهم من القيادات المطلوبة، في بلادهم، لدى الإيرانيين؟ وهل تناسى الإخوة أن كلاّ منا والإيرانيين في حاجة إلى أن يكف كل منا أذاه عن الآخر في هذا الوقت الذي يستهدفنا فيه الأميركيون؟”. وما صرح به بن لادن عام 2007، في “خطاب إلى كارم”: ” إيران هي شرياننا الرئيس الذي يمدنا بالأموال والرجال وقنوات الاتصال، إضافة إلى مسألة الرهائن. لا يوجد ما يستوجب الحرب مع إيران إلا إذا اضطررت إلى ذلك”.
(4) For more, Look at: _____, “Country Reports on Terrorism 2016, Chapter 3: State of Terrorism, Iran”, U.S. Department of State:
https://www.state.gov/j/ct/rls/crt/2016/272235.htm
(5) للاطلاع على هذه التصريحات، انظر: جاسم محمد، “البغدادي زعيم ظل ومازن نهيري رجل داعش الأول”، المجلة، 30/8/2016:
(6) منها على سبيل المثال: جواز السفر الإيراني العائد لأبي حفص المصري، أمير داعش في منطقة جرابلس.
(7) للمزيد، انظر: سعد بن عبد القادر القويعي، “إيران والقاعدة … تحالف مفضوح”، السكينة، 31/1/2014:
(8) صفاء قره محمد، “كاتب لبناني: داعش مرتبطة بإيران والإخوان جسمها الجهادي”، صحيفة اليوم السعودية، 21/11/2014:
http://www.alyaum.com/article/4028874
(9) للمزيد حول هذه التصريحات، انظر: دلشاد عبد الله، “قيادي كردي يكشف عن وجود دعم إيراني لداعش”، الشرق الأوسط، 30/6/2016:
https://aawsat.com/home/article/678451/%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%B9%D9%86-%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%84%D9%80%C2%AB%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4%C2%BB
(10) لا يعلم بالتحديد إن كان بعضهم قد غادر أم ما زال موجوداً في إيران، إلا أن من أبرز الأسماء المتداولة وفق التقارير الأمريكية: فيصل جاسم محمد العمري الخالدي، ويزرا محمد إبراهيم بيومي، أبو بكر محمد غمين، سيف العدل، رمزي بن الشيبة، مصطفة حامد/أبو الوليد المصري، محمد صلاح زيدان، عز الدين عبد العزيز خليل/ياسين السوري، أبو محمد المصري، أحمد حسن أبو الخير/عبد الله محمد رجب عبد الرحمن، عطية عبد الرحمن الليبي، عبد العزيز المصري/علي سيد محمد مصطفى البكري، محمد أحمد شوقي الإسلامبولي، علي مجاهد، أبو الضحاك/ علي صالح حسين التبوكي اليمني، خالد السوداني، أبو طلحة حمزة البلوشي، جعفر الأوزبكي/صادقييف، محسن عايد فاضل الفضلي، نور الدين الدسبكي، عادل محمد عبد الخالق، نشوان عبد الرزاق.
المصدر/ مركز المزماة للدراسات والبحوث