10 أبريل، 2024 9:56 م
Search
Close this search box.

“إسرائيل”.. دولة الفصل العنصري المقنعة

Facebook
Twitter
LinkedIn

الكاتب: محمد علي فقيه
أوري ديفيس مولود في القدس عام 1943، وهو بروفيسور متخصص في علم الإنسان، يُدرس في الجامعات الفلسطينية، يهودي الديانة مناهض للصهيونية. وله العديد من الأبحاث والدراسات حول الصهيونية و”إسرائيل”. وهو عضو في المجلس الثوري لحركة فتح.

يهدف كتاب “إسرائيل الأبارتهايد وجذورها في الصهيونية السياسية” لعضو المجلس الثوري في حركة فتح، أوري ديفيس، إلى تسليط الضوء على الصهيونية و الأبارتهايد الإسرائيلي ورفع غطاء التموية الذي مكن “إسرائيل” من تسويق نفسها كواحة للديمقراطية في الشرق الأوسط.

يعتبر ديفيس من من أوائل الشخصات اليهودية المناهضة للصهيونية الني تجرأت على مقارنة الصهيونية “بالأبارتهايد”، نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وقد سبق ونشر كتاباً له بالإنكليزبة بعنوان “الأبارتايد” مكون من خمسة فصول وأصدره في لندن عام 1987.

الطبعة العربية من كتاب “ديفيس” اختصره بمقدمة وتصدير وفصلين: الصهيونية، و”الأبارتهايد الإسرائيلي”، و”خلاصة واستنتاجات”، وملحقين عن اثنين من زعماء الحركة الصهيونية، هما: فلاديمير جابوتنسكي، وديفيد بن غوريون.

ارتكز كتاب ديفيس بحسب قوله على مفهوم العدالة، التي تقود حتماً إلى المساهمة في إزالة مؤسسات الابارتهايد والاحتلال التي فرضت من جانب “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني.

ويؤكد ديفيس أن رؤيته تستلهم توجهها القيمي من الكانطية التشريعية العلمانية القائمة على الإصرار على العدالة. كما ستتمأسس مستقبلاً في نظام سياسي وقانوني واجتماعي أفضل، تقوم على ضرورة المساواة الفردية والجماعية للجميع على الصعد الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية ولكلا الطرفين. ولا يتحقق ذلك إلا بعد هزيمة الصهيونية في فلسطين.

الطرف الأول هو الشعب العربي الفلسطيني الذي كان سابقاً خاضعاً للإستعمار، والطرف الثاني هو الذي يقبل البقاء بعد هزيمة الصهيونية بمن فيهم الذين يطلق عليهم مؤقتاً في هذا الكتاب “المجتمع المدني الناطق بالعبرية المقيم حالياً في فلسطين”، تقوم على ضرورة المساواة من دون تمييز أو إجحاف يقوم على الدين أو الثقافة أو اللغة أو الإنتماء القبلي أو أي وضع اجتماعي اَخر.

ويؤكد ديفيس بأن رؤيته مقتيسة من نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1948.

ولعل ديفيس كان أول عبراني أو يهودي كتب دراسة تقوم على التمييز السياسي بين إقليم أرض فلسطين التاريخية ( كما حدده مجلس عصبة الأمم في أيلول / سبتمبر 1922 للإنتداب البريطاني، بأنه الإقليم الواقع بين نهر الأردن والبحر المتوسط)، وبين نظام الحكم السيادي لدولة “إسرائيل” الأبارتهايدية.

إذن، يرمي ديفيس بعمله هذا إلى المساهمة في تطوير فهم أخلاقي مناهض للصهيونية، وإطار سياسي، وأجواء رأي عام ديمقراطي، بوسائل قانونية وسياسية مسؤولة، تؤدي إلى تحقيق العدالة وإزالة الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني، من خلال تفكيك دولة “إسرائيل” كدولة يهودية بالمعنى الصهيوني – السياسي للكلمة، أي كدولة أبارتهايد، وتبديلها بدولة فلسطين ثنائية القومية، ديمقراطية وفيدرالية.

ويضيف ديفيس: “ومن الأفضل أن تكون إشتراكية، باعتبار أن هذا هو افضل خيار عملي بعد (هزيمة الصهيونية – السياسية في فلسطين) لتحقيق الرفاه لكل مواطني فلسطين على قدم المساواة، متساوين في دولة ديمقراطية (كل سكانها الحاليين في دولة إسرائيل وكل سكان ولاجئي الأراضي التي أحتلت عام 1967، وكل اللاجئين الفلسطنيين من عام 1948 ونسلهم”.

يأمل الكاتب في أن تثبت هذه الدراسة بهتان عقيدة الصهيونية – السياسية القائلة بأنه “حتى تكون يهودياً جيداً، يتعين عليك بالضرورة، بهذا الشكل أو ذاك، أن تكون “موالياً للصهيونية”، وإذا كنت معادياً للصهيونية يرقى – بشكل من الأشكال – إلى كونك “معادياً لليهودية”، أي “لا سامياً” على وجه التحديد.

يطالب المؤلف بأن نتقصى لماذا وكيف تمكنت “إسرائيل” الأبارتهايدية، الدولة التي تعتمد على أيدلوجيا الصهيونية – السياسية، من تقديم نفسها في الغرب على أنها ” الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، وأن تنجح وبفاعلية في حجب الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الطرد الجماعي للشعب العربي الفلسطيني الأصلي.

لقد احتاجت الأمم المتحدة لوقت أطول مما ينبغي لتدرك أن الصهيونية هي أحد أشكال العنصرية، فلم تصحح سجلها إلا بعد حرب 1967 وما تلاها من جرائم حرب اقترفتها قوات الاحتلال وتعتبر شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. ويتأسف المؤلف على الأمم المتحدة التي عادت ولطخت سجلها مرة أخرى عندما تراجعت عن وصم الصهيونية بالعنصرية، على أثر مؤتمر السلام الذي انعقد في مدريد عام 1991.

ويعتقد ديفيس أن اتفاقية “إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي المرحلي”، وما ترتب عليها لم تمثل نصراً للنضال الفلسطيني الذي قادته منظمة التحرير الفلسطينية، منذ تأسيسها في العام 1964، بل مثلت بالأحرى تراجعاً استراتيجياً للمنظمة، وطرحت سؤالاً جدياً حول إمكانية أن تكون بديلا للأبارتهايد الإسرائيلي، من دون أن ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني، ويعيد النظر بأولويات المسيرة النضالية الفلسطينية، ينقذ ما يمكن إنقاذه من “مسيرة أوسلو السلمية”. ويضيف: عليها الأولوية لمقاومة الأبارتهايد الإسرائيلي وفق تطبيق جميع قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة في القضية الفلسطينية.

يقارن ديفيس بين “الأبارتهايد الإسرائيلي” و”أبارتهايد جنوب-أفريقيا”، فأساليب الأبارتهايد التي تتبعها “إسرائيل” تختبئ خلف أقنعة قانونية،جعلتها أقل ظهوراً مما كان الحال عليه في جنوب إفريقيا، وهو موجود في كل تفاصيل الحياة، ولكنه مقونن، ويصعب اكتشافه بسهولة.

فمثلاً المشرِع الإسرائيلي لم يصر على الأمور الثانوية، فقد سمح بالاختلاط بين الفئات الثلاث – التي سيأتي توضيحها لاحقاً – (أ، ب، ج) في الساحات العامة والحافلات والشواطئ والأحراش، الأمر الذي لا يتحقق في الأبارتهايد الجنوب إفريقي، علماً بأن تلك المنشآت قد أنشئت على أراضي وممتلكات الفئتين (ب) و(ج).

فالنظام السياسي للأبارتهايد الإسرائيلي، يشرع العنصرية قانونياً بقوانين يسنها البرلمان تستند إلى الأساس العرقي. فإسرائيل، التي قدمت نفسها كـ”دولة مطيعة للقانون الدولي”، قامت بإدخال التمييز بين “اليهودي” و”غير اليهودي” على أساس القانون الإسرائيلي، بما مكنها من إخفائه كتشريع “أبارتهايدي”.

ويوضح ديفيس أن “الأبارتهايدية” واضحة في كل تفاصيل حياة دولة “إسرائيل”، فمن حيث القانون والتشريعات برلمانية: أصدرت الكنيست، جدولًا من أربع فئات من الجنسية، هي: الفئة (أ) وهم المواطنون المصنفون كـ”يهود”، والفئة (ب) وهم المواطنون المصنفون “غير يهود”، أي العرب تحديدًا، والفئة (ج) وهم المواطنون العرب الذين تم تهجيرهم داخلياً، وحرموا من ممتلكاتهم، والفئة (د) وهم اللاجئون الفلسطينيون إبان النكبة، والذين يبلغ تعدادهم ذريتهم الآن نحو خمسة ملايين شخص.

وحول “جنسية إسرائيل الأبارتهايدية”، يقول ديفيس: عند إصدار شهادة الولادة للطفل، تكون جنسيته عند الولادة “إسرائيلية” إن كان يهودياً، وتكون جنسيته عند الولادة “—”، أي بلا جنسية إن كان عربياً. علماً أنه يحق لأي يهودي في العالم أن يحمل الجنسية الإسرائيلية، وذلك وفق “قانون العودة”، بعد غياب قسري مزعوم لألفي عام، ويحرمه على الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أرضهم.

يأمل ديفيس أنه بعد الإنجازات المتراكمة التي تمثلت في: مؤتمر الأمم المتحدة العالمي في جنوب أفريقيا عام 2001، وقمة التنمية المستدامة في جنوب أفريقيا عام 2002، وبعد اعتماد فلسطين كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012. وبناء على التمييز الراسخ بين اليهودية بصفتها تعبيراً عن معتقد ديني، وبين الصهيونية كبرنامج سياسي، ينبغي أن يُنظر إليها وأن تحاكم انتقادياً ووفق مدى توافقها مع قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع معايير القانون الدولي.

يأمل المؤلف بناء على ما سبق أن يقوم كل الملتزمين بقيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العالم بالعمل نحو تنسيق جهودهم لتحفيز الأمم المتحدة لإتخاذ قرار بأن “إسرائيل” بتفسيرها الصهيوني – السياسي هي دولة أبارتهايد.

ويؤمن الكاتب أنه بوسع الأمم التحدة أن تلعب دوراً حاسماً مثل الدور الذي لعبته في اقتلاع تشريع الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، وذلك عن طريق فرض عقوبات مماثلة على “إسرائيل”.

نشير إلى أن أوري ديفيس مولود في القدس عام 1943، وهو بروفيسور متخصص في علم الإنسان، يُدرس في الجامعات الفلسطينية، يهودي الديانة مناهض للصهيونية، يؤمن بأن اليهودية اختيار اعتقادي، ومجنّس بالجنسية الإسرائيلية والبريطانية. ولقد كرس نفسه، منذ شبابه المبكر، للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في “إسرائيل”. وله العديد من الأبحاث والدراسات حول الصهيونية ودولة “إسرائيل”. وهو عضو في المجلس الثوري لحركة فتح. ومقيم في رام الله.

المصدر: الميادين نت

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب