قال الشاعر والروائي الكبير (إبراهيم نصر الله)
” فلسطين موضوع غير مرحب به بأي عمل درامي أو سينمائي عربي، إذ لم يعد أحد يهتم بالقضية الفلسطينية ولم يبق لها سوى الأدب وبعض الأفلام التي يخرجها فنانون فلسطينيون. كما أشار إلى حالة الطلاق بين الأدب الفلسطيني والسينما الفلسطينية ورجح أن يكون هذا مرده إلى جهات التمويل الأجنبية التي تمول هذه الأفلام. لكن بالتأكيد هناك ما يدعو للفخر بحجم الأفلام التي قدمها فلسطينيون أو عرب عن القضية الفلسطينية”
جاء ذلك عندما حلّ ضيفاً على برنامج “كتاب مفتوح” الذي يعدّه ويقدّمه الشاعران عبد الرزاق الربيعي ووسام العاني برعاية مركز حدائق الفكر للثقافة والخدمات في سلطنة عمان، وذلك مساء أمس الخميس في أمسية افتراضية بُثت على جميع منصات التواصل الاجتماعي، حيث قدم الكاتب الذي رفد المكتبة العربية والعالمية بالعديد من الروايات والدواوين الشعرية والكتب والمؤلفات، والحاصل على العديد من الجوائز العربية المهمة، طروحاته وأفكاره في كثير من القضايا الفكرية المعاصرة والتحديات التي تواجه إنسان هذا العصر وجودياً وثقافياً.
و تحدث الكاتب إبراهيم نصر الله عن سر جمعه لأكثر من فن في يد واحدة قائلاً:
“لم يكن هناك قراراً بجمع هذه الفنون. صادف ذلك حينما كنت في المرحلة الإعدادية بحدود ثلاثة عشر سنة عندما بدأت بكتابة الشعر لأول مرة. وفي المرحلة الثانوية بدأت بامتلاك الصبر قليلا لأكتب مشاريع روايات حيث كتبت روايتين صغيرتين بحدود ثمانين صفحة للرواية الواحدة، في الوقت الذي كنت أواصل فيه كتابة الشعر. لذلك لم أفكر مطلقاً بالتنوع خصوصا في تلك الفترة المبكرة التي لا يعي فيها الانسان فكرة المشروع من حيث الاختيار بين شخصيتي الشاعر أو الروائي. وفي نفس الوقت بدأ لدي طموح دراسة الموسيقى. وكتبت عن هذه التجربة رواية لم تنجز بعد وهي تتناول تلك الفترة من حياتي. أستطيع أن أقول إنني وجدت نفسي هكذا بدون قرار أو تفكير مسبق. في اعتقادي داخل كل كاتب هناك مجموعة من الفنون، أو بداخله الفن نفسه. ربما تبرز موهبة فتغطي على المواهب الأخرى، لكنها لن تكون موهبة حقيقية إلا إذا كانت تستفيد بشدة وعمق من كل موهبة ومن كل حب للفنون في داخله. أيضا كنت مشغولاً بفن التصوير منذ الثانوية رغم عدم وجود أدوات التصوير المناسبة. فالكاميرات البسيطة بالأبيض والأسود لا توفي بأكثر من التقاط الصورة، لكن كان لها دور أساسي في تطوري فيما بعد. وبعد أن تجرأت وبدأت أعلق بعض صوري في البيت طلب مني بعض الأصدقاء إقامة معرض فني. حتى تلقيت في مصادفة شديدة خبراً من دائرة الفنون لإقامة معرض بتاريخ 2/12/1996. قررت الموافقة بسرعة لأنهم لم يعرفوا أنهم حددوا يوماً يصادف يوم عيد ميلادي واعتبرتها إشارة مهمة. أقمت بعدها معارض كثيرة حتى استلمت دعوة من كوريا في يوم من الأيام. أما السينما فكانت دائماً المعلّم الأول لي. لذا كتبت كتابين عن السينما هما (هزائم المنتصرين) و(صور الوجود) كرسالة حب للسينما أكثر من كوني أطرح نفسي ناقداً. في رسالة الحب هذه فهمت الكثير عن السينما عندما عايشتها بالكتابة وانعكس كثيراً لاحقاً على كتاباتي. في فترة الكتابة عن السينما، كنت أحتاج من أربعة أيام إلى أسبوع للكتابة عن فيلم واحد. لاحقاً تراجعت كتاباتي عن السينما لكني مستمر بمشاهداتي للأفلام بشكل يومي. أنا دائماً أعمل في الفترة النهارية ومن النادر أن أكتب في الليل. ربما مرة واحدة فقط كتبت في الليل لكيلا تهرب فكرة القصيدة. عموما منحت الكتابة وقتاً كافياً. حتى عندما عملت في الصحافة كنت حريصاً على البقاء على الهامش في الصحافة ولم أتورط بكتابة مقال أو عمود دوري. كذلك حين عملت في مؤسسة عبد الحميد شومان اشترطت أن تكون الفترة النهارية لي واستجابوا مشكورين لطلبي فكنت أداوم الساعة الرابعة بعد الظهر. في عام 2006 أحسست أنه يلزمني الكثير من الوقت لأن المشاريع التي أعمل لها تحتاج الكثير من البحث والدراسة لذا قررت التفرغ تماماً للكتابة. لكن بالصدق أحس إن الوقت لا يكفي لتلبية نداء الكتابة كما أتمنى وأحلم، خصوصاً وأن العالم الآن مليء بالأعمال الأدبية التي تصلنا وتترجم من كل أنحاء العالم وقارئنا الآن يطل على كل المذاقات الفنية وبالتالي ليس سهلاً ان تكون كاتباً ناجحاً في العالم العربي ويكون لديك قراء ينتظرونك ويتابعون أعمالك. لكن بعد هذه الرحلة وهذا العطاء للكتابة، خصوصاً وأنتم تعرفون أن بعض الروايات بدأت التفكير بها عام 1985 لكن صدرت عام 2007 أي أنني أعطيتها من عمري الكثير، ربما أعمل بطريقة مختلفة قليلاً. دائماً تكون هناك أفكار روائية في رأسي ولكن أعمل عليها بنفس الوقت وحينما ينضج عمل ما، تكون لي القدرة والجرأة على أن أتقدم لكتابته. لكن مسألة كتابة السطر الأول تبقى دائما في غاية الصعوبة، وأنا أجبن أمام هذه اللحظة حتى الآن. لكن لحسن الحظ لم يصدف أنني توقفت في منتصف العمل أبداً”.
وبخصوص التحول من كتابة الشعر إلى كتابة الرواية وظروف إصدار روايته الأولى (براري الحمى) تحدث الكاتب إبراهيم نصر الله قائلاً:
“واجهت هذه الرواية بعض المشاكل من الدائرة الضيقة المحيطة بي. فعلى مستوى الشعر كنت ناجحاً وحزت على جائزة رابطة الكتاب الأردنيين ثلاث مرات عن دواويني لأعوام 1980 و1982 و1984. في تلك الفترة كان الشعر هو النجم ولم يكن الروائي نجماً. ورغم أن هذه الرواية كتبت قبل ديواني الأول (الخيول على مشارف المدينة) إلا أنها ظلت تتأخر بطلب من الناشر، وربما أيضاً لأنها كسرت شيئاً ما في فنية الكتابة الروائية، إلى درجة أن البعض لم يستوعبها في تلك الفترة. وأذكر أن صديقي الشاعر الكبير عبدالرحيم عمر قال لي حينها (اصبر يا إبراهيم عشر سنوات وسترى كل الذين لديهم رأي مخالف للرواية سيغيرون رأيهم). وفعلاً بعد أقل من عشر سنوات، كل الذين اختلفوا حول الرواية عادوا وغيروا رأيهم بها. في الحقيقة عندما كتبت هذه الرواية كنت أعتبرها الرواية الأولى والأخيرة، لأنني كتبتها تحت إلحاح تجربة حقيقية عشتها في المملكة العربية السعودية كمدرس وهي تجربة صعبة للغاية في حينها، عليّ وعلى زملائي وعلى التلاميذ وعلى أهل تلك المنطقة الصحراوية أيضاً، لأننا كنا نعاني جميعاً من الملاريا التي كانت تختطف أرواح الكثير من بيننا. لذا لم أستطع أن أعبر عنها شعرياً، وكان لابد أن أفرغها بشكل ما فوجدت هذا الشكل في الرواية. لم أتصور بعدها أني سأستمر بكتابة الرواية لكن يبدو أننا لا نستطيع التحكم في هذا المجال، فعندما يكون هناك شيء قوي في داخلك يكون مثل الماء تحت الأرض الذي قد يتحول إلى ينبوع أو مثل البذرة التي تتحول إلى نبتة. ويكن لدي بأي يوم من الأيام قرار بأن أصبح روائياً”.
وفي سؤال حول القدرة على الفصل بين عناصر الشعر والرواية لدى إبراهيم نصر الله دون أن يطغى أحدها على الآخر، أجاب قائلاً:
“هذه مسألة حساسة فعلاً في تجربة الشعراء الذين يكتبون الرواية. فعند كثير منهم، تحتل اللغة الأحداث والشخصيات لديهم على حد سواء وتصبح أقوى من الحدث، وكأنها غاية بحد ذاتها. أنا أعتقد أن غواية اللغة قوية جداً لذا عليك أن تمتلك الجرأة لشطب عبارة جميلة، عندما لا تكون في مكانها. عندما لا يدرك الشاعر، وهو يكتب رواية، أن الرواية فن آخر، قد يخسر الرواية والشعر معاً، لأنه يستهلك اللغة الشعرية في غير مكانها. إذا ما استثنينا رواية براري الحمى التي كانت لغتها عالية بسبب بيئتها الصحراوية والبرية وهي أقرب إلى الأسطورة، كما أنها تدور في ليلة واحدة عملياً، فإني لاحقاً تغيرت اللغة عندي تماماً مثل ما حدث في روايتي (عو) و(طيور الحذر). فعندما تتحدث بلسان طفل في (طيور الحذر) تحتاج إلى منطق الطفل اللغوي ولا يمكن أن تحول الطفل إلى شيكسبير أو المتنبي. كما أن جو المدينة في (عو) هو جو قاس ومتقشف وعار بوحشيته. فكلما اقتربنا من المكان الأول المفتوح على العالم مثل البرية والصحراء والغابة، تولد الأساطير. وكلما اقتربنا من المدن تولد الكوابيس، والكابوس لا يمكن أن يكتب بلغة شعرية. وأعتقد أن لغتي السردية مدت يدها إلى قصائدي مثل (نعمان يسترد لونه)”
وحول الصورة النمطية للفلسطينيين في الأدب الفلسطيني التي تظهرهم كأنهم شعب بحتفي بالموت أكثر مما يحتفي بالحياة، وكيف أنه اكتشف مبكراً هذه النمطية وصار يكتب عن تفاصيل الحياة الفلسطينية رغم أنه لم يعش بها، تحدث الكاتب إبراهيم نصر الله قائلاً:
“في فترة من الفترات، نمّط الأدب الفلسطيني وحتى العربي، صورة الفلسطيني داخل موضوعة المقاوم والشهيد والأم المفجوعة والأسير. أنا أعتقد أن هذه الشخصيات العظيمة في حياتنا لها أثر كبير ومهم، لكن هناك بعد إنساني لكل من هذه الشخصيات. للسجين مثلاً حياته خارج الأسوار. له الحبيبة والأولاد والمشاعر المختلفة مثل الحنين للحرية والخوف من الزمن. لذا نحن بحاجة إلى أنسنة هذه الشخصيات وإلا فنحن نضيق القضية الفلسطينية من حيث نظن أننا نوسعها. لذلك عندما دخلت الأنسنة على أعمالي والأعمال الأدبية الفلسطينية الأخرى، مثل أعمال محمود درويش وجبرا إبراهيم جبرا وحتى غسان كنفاني مبكراً، وإيميل حبيبي، استطعنا أن نغير قضية فلسطين في الذهن العام. الإحساس هو أن نكتب أدباً ينتمي إلى الإنسان بكل صفاته باعتباره أكثر قيمة مقدسة ولا أوطان بلا بشر. ومن حق القارئ أن يشتري كتاباً جيداً لأنه جيد وليس لأنه يتكلم عن فلسطين. على الكاتب أن يضع نفسه في السياق العالمي للمستوى في الكتابة”.
وعن قدرته على الإمساك بالزمن وهو يكتب مشروعه الروائي الكبير (الملهاة الفلسطينية) فبعض رواياته تعود إلى أكثر من مئتين وخمسين عاماً، يقول الكاتب إبراهيم نصر الله:
” كل كتاب هو تحدٍ من نوع ما. خصوصاً عندما يكون مشروعاً. وبالأخص عند الكتابة عن القضية الفلسطينية لحضورها في الوجدان العربي. وبالتالي عليك أن تقترح منجزاً ما. عندما فكرت بكتابة (زمن الخيول البيضاء) كنت أفكر عن كتابة عمل واحد يعبر عن فلسطين بين عامي 1917، عام دخول الإنكليز إلى فلسطين، وعام النكبة عام 1948. لم يكن بذهني أن أكتب مشروع الملهاة الفلسطينية. لكن العمل الطويل على هذا المشروع أوصلني إلى فكرة بسيطة وهي أن فلسطين أكبر من أي عمل روائي حتى لو كان عظيماً. في نفس الوقت كنت أكتب هذا الكتاب لحاجتي الخاصة لأني كنت أبحث عن رواية تسرد لي ما حدث في فلسطين قبل عام 1948 ولم أجد هذه الرواية. هذه الرواية كان بإمكان غسان كنفاني أن يكتبها وأعتقد أن رواية (العاشق) كان بإمكانها أن تكون هي هذه الرواية. وربما أيميل حبيبي أو جبرا إبراهيم جبرا لكنهم لم يكتبوا هذه الرواية. كانت هناك صعوبة في كتابة (زمن الخيول البيضاء) لأني أكتب عن فترة لم أعشها. لذلك عندما بدأت بكتبتها بدأت أشياء كثيرة تتكشف وبدأت أرى حياتي. كأني لم أنتبه لحياتي كما يجب. ولذلك تجرأت وذهبت إلى هذه الحياة وكتبت (طيور الحذر) لأني عشت في طيور الحذر، عشت في المخيم. ثم بعد ذلك بدأت أعود شيئاً فشياً إلى الوراء إلى أن تجرأت في بداية الألفية الثالثة وبدأت بكتابة زمن الخيول البيضاء. الخطورة في كتابة هذه الأعمال أنك تذهب إلى بناء الوطن المفقود من جديد وعليك أن تطرح رؤياك بموضوع الفقد أو رؤياك في شخصيات مقدسة مثل فوزي القاوقجي الذي كان بطل ثورة 1936 أو الثورة الكبرى في فلسطين. لكن عندما بدأت البحث عنه وجدت صورة مضادة لكل ما قاله المؤرخون عن هذه الشخصية. وطرحت هذه الرؤية بمعنى أنه تحول من بطل إلى متآمر على هذه الثورة. واكتشفت بعدها أن أول من أيدني هم المؤرخون. عندما تذهب إلى الماضي المسألة مركبة. قناديل ملك الجليل التي تدور أحداثها في القرن الثامن عشر، أيضاً كانت مركبة. في هذه الرواية عليك أن تعود إلى هناك وأنت تكتب عن ظاهر العمر مثلاً كأول كيان فلسطيني له كرامته الحضارية الإنسانية. وعليك أن تطرح مفهومك للرواية التاريخية. فإذا لم تكن هذه الرواية ضمن فن كتابة التاريخ لن يكون لها مفعولها. يحقق العمل الأدبي جدواه عندما يكون جزءً من نوعه الأدبي”.
وعن تمكنه من التمرد على الشعر والرواية وكتابتهما خارج سلطة القارئ، ذكر الكاتب إبراهيم نصر الله أنه يعتز ويتمسك بفكرة التنوع لديه. وهي فكرة مقدسة بالنسبة عنده. وأشار إلى فكرة التمرد المبكرة لديه منذ رواية براري الحمى وأنه بقي وفياً لها سواء فنياً داخل الرواية أو سياسياً أو اجتماعياً، لذا لم يكن مصادفة أن يعاني كثيراً من التضييق مثل المنع من السفر أو المنع من إقامة الأمسيات أو مصادرة الكتب. كما أكد أنه في هذ العمر ليس لديه أي شعور بالذنب تجاه أي فكرة راودته ذات يوم وقمع فيها الكلمة. وأشار إلى ما أكده الكاتب إحسان عباس ذات يوم في معرض التقديم لأعماله الشعرية من أن إبراهيم نصر الله لا يكرر نفسه وكأنه يكسر القلم الذي يكتب به أي عمل.
وفي جواب على مداخلة للناقد العراقي الدكتور سعد التميمي، الذي أكد على تميز تجربة الكاتب إبراهيم نصر الله الذي تفرد في منجزه الأدبي بكتابة جنسين أدبيين هما الشعر والرواية ونجح في كل منهما على حد سواء، والذي طرح سؤالاً على الضيف بخصوص ما يشاع الآن من أن العصر الحالي هو عصر الرواية، أجاب الكاتب إبراهيم نصر الله:
“أنا أتمنى أن يكون عصر الإنسان، فما نعاني منه حالياً هو غياب الإنسان والقسوة التي تمارس لإبادة البشر في كل بقعة من بقاع العالم لأبسط الأسباب. هذا العصر هو عصر طحن الإنسان، ولذلك سأكون سعيداً عندما تعبر الرواية أو الشعر عن الإنسان. أستطيع أن أقول إن هذا العصر هو عصر عودة القراءة وهو الحاصل منذ أكثر من خمسة عشر عاماً تقريباً. لذا لا وجود لما يسمى بعصر الرواية أو أي فن آخر بدون عصر القارئ أو المتلقي بشكل فعلي. أنا سعيد بوجود هذه القوة القرائية والمتمثلة بشكل أساسي بالشباب، وبشكل أدق بالإناث منهم أو النساء. مهم جداً أن تكون الرواية عنصراً فاعلاً في حياة الإنسان تجعله يعيد ترتيب أفكاره حول إنسانيته وكل شيء من حوله، وليس مجرد موضة للقراءة. بالنهاية المهم أن يسود الجمال تحت أي مسمى أدبي. وعندما نقول (زمن الرواية) فهذا يعود إلى أن فيها كل شيء، فيها حساسية الشعر وحساسية السينما، وفيها المشهد المسرحي وفيها المونولوج الداخلي وفيها اللوحة وفيها الصورة. لذا الرواية نجحت أن تهضم هذا كله، ومن هنا وضمن هذه الفكرة أستطيع أن أقول إن هذا زمن الفن الذي استوعب كل الفنون وهو فن الرواية”.
كما قدم المخرج المسرحي الدكتور يحيى البشتاوي مداخلة عن تقديمه رواية (أعراس آمنة) للكاتب إبراهيم نصر الله في عمل مسرحي يحمل نفس الاسم. وتطرق إلى فكرة أن الرواية تشتمل على عوالم وفضاءات كثيرة بالإضافة إلى لغتها، لذا عمد إلى توظيف لغة الرواية في العمل المسرحي لما لها من تأثير على المتلقي. وأكد أن نجاح هذا العرض المسرحي يعود بالأصل إلى التأسيس العقلاني والابداعي الذي وجد في رواية إبراهيم نصر الله التي حملت مضامين فكرية وجمالية رائعة.
تكلم بعدها الكاتب إبراهيم نصر الله عن مشاهدته للعرض المسرحي وعن حضوره بعض بروفاتها أيضاً. وأضاف:
“من الصعب تحويل الرواية إلى عمل مسرحي او سينمائي، لكنني خرجت بعد العرض سعيداً جداً وأحسست أن روايتي ظهرت بطريقة أخرى. وهذه المسألة على الكاتب أن يستوعبها فمن الصعب الإبقاء على نص الرواية كما هو على خشبة المسرح. قد تتحول إلى عمل موسيقي بدون أي كلمة كما حدث مع روايتي (شرفة العار) التي تحولت إلى عمل سيمفوني. لكني بالتأكيد سعيد بما قدمه الدكتور يحيى البشتاوي من عمل كبير حقق نجاحاً باهراً”.
وأشار الكاتب إبراهيم نصر الله إلى رغبته في إخراج عمل سينمائي قد يكون عن واحدة من أعماله الروائية. لكنه يدرك صعوبة تنفيذ وانتاج العمل السينمائي. كما تطرق إلى فكرة إخراج رواية زمن الخيول البيضاء في عمل تلفزيوني يخرجه المخرج (علي حاتم)، التي اصطدمت بصعوبة التسويق في القنوات الفضائية رغم شروعه بكتابة السيناريو للعمل”
وحول اهتمامه بالصورة الفوتوغرافية وبالرسم تحدث الكاتب إبراهيم نصر الله قائلاً:
“لكل عين سيرة ما. ولابد للكاتب من عينين مفتوحتين على اتساعهما. فالصورة موجودة في كل الفنون، فعندما نتحدث عن الشعر نقول الصورة الشعرية، وعندما نتحدث عن الرواية نقول المشهد الروائي وهكذا. لذا فالارتباط البصري بين الأدب والصورة واللوحة هو ارتباط استثنائي. حين تطورت علاقتي بالصورة أواخر الثمانينيات صار المشهد الروائي والصورة الشعرية تتطور لدي وبدأت تصبح أكثر محسوسية وتجردت من هلاميتها ووجودها المعنوي. لذا من المهم أن يوقظ العمل الأدبي حواس أكثر لدى المتلقي”.
وفي نهاية الأمسية تم الاتفاق مع الكاتب إبراهيم نصر الله على تكملة الحوار في جزء ثان سيعلن عن موعده لاحقاً. بالإمكان مشاهدة الأمسية كاملة عبر الرابط https://youtu.be/hamDGWiSKa8