خاص : ترجمة – لميس السيد :
تعهد العالم في “مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق” بإعادة بناء البنية التحتية للدولة بعد القضاء التدريجي على تنظيم “داعش” الإرهابي طيلة السنوات الثلاث الماضية، وأعلن عن إلتزاماً كبيراً نحو إزدهار العراق مرة أخرى، إيماناً بشجاعة الشعب العراقي وعمق معاناته.
وتقول المديرة العامة لـ (اليونسكو)، “أودري أزولاي”، خلال مقالها في موقع (مودرن دبلوماسي) الأوروبي، أن “مدينة الموصل هي الرمز الحي للهوية التعددية العراقية ولقرون، كانت المدينة مفترق طرق الثقافة في الشرق الأوسط. من المدن السومرية إلى بابل، من جدران نينوى إلى طريق الحرير، كانت تلك المنطقة بوتقة من التعدديات والأفكار”.
مبادرة “إحياء روح الموصل”..
إلى جانب توصيات المؤتمر، على أهمية وضع البعد الإنساني في صميم الجهود من أجل إعادة البناء المستدام للعراق، رأت “أزولاي” أنه لابد من إعطاء “الموصل” أهمية خاصة وسط تلك العملية، لذلك أكدت على أن “اليونسكو” أطلق مبادرة، “إحياء روح الموصل”، لإعادة إعمار البلدة القديمة، سواء بنيتها التحتية المادية أو إستعادة كرامة شعبها، فقالت: “عندما تشن الحرب على الثقافة والتعليم، يجب أن تكون الإستجابة بالثقافة والتعليم. وهذا هو الحل الوحيد الطويل الأمد ضد التطرف”.
تابعت “أزولاي” قائلة: “لقد كان تدمير مكتبة جامعة الموصل، وتفجير مئذنة الحدباء ونهب ضريح النبي يونس، شعار التعايش الديني للديانات الثلاثة للكتاب، صدمة عميقة للعالم، إلى جانب حرق المكتبات العامة، وإسكات أصوات الموسيقى، ومهاجمة الفنانين، وإغلاق المقاهي العامة”.
وأشارت إلى أن الآلاف من الأطفال قد تعلموا الحرب وتم تلقينهم إيديولوجيات فاسدة فكرياً طيلة فترة سيطرة التنظيم الإرهابي، ولم يتلقوا أي تعليم، وهو الأداة الأساسية لبناء المستقبل. ولتجنب فقدان جيل باكمله يجب إعادة السلام لعقول هؤلاء الأطفال، واستغلال تاريخ العراق الغني بالحياة الثقافية والتنويرية.
حجر زاوية إحياء ما دمره الظلام..
أكدت “أزولاي” على أن إحياء “مدينة الموصل” القديمة هو حجر الزاوية في المبادرة، بدعم من كل من الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريس”، ورئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”. وتعني هذه المبادرة إستعادة الرموز المعمارية التي تجمع الشعب العراقي، بكل تنوعه. وأعرب العديد من الفاعلين الرئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة والمنظمات الدولية عن اهتمامهم الكبير بالمشاركة في هذا الجهد الذي ستنسقه “اليونسكو”.
وستقدم “اليونسكو” خبراتها في تقييم الأضرار لإستعادة وإعادة بناء المواقع الرمزية للمركز التاريخي، وسوف تعمل المنظمة جنباً إلى جنب مع السكان المحليين والحكومة لإستعادة الكتب والمراكز الثقافية والمتاحف، بما في ذلك “متحف الموصل” الذي نهب بشكل مأساوي.
وسوف يتم توفير فرصاً للتدريب التقني والمهني، وخاصة في تقنيات البناء التقليدية، حتى يكون للعراقيين المهارات اللازمة للمساهمة بنشاط في إعادة الإعمار.
وعقبت المديرة العامة لليونسكو: “إن الحضارات العظيمة في هذه المنطقة تحدد مسار البشرية، من خلال حوار استمر ألف سنة، حيث نشأت فكرة إختراع العجلة والكتابة والرياضيات والقانون. وسوف نعمل مع نظرائنا العراقيين لضمان أن تتعلم أجيال المستقبل تراثهم الذي يدعو للفخر، من خلال المواد المدرسية التي نطورها، بما في ذلك المناهج الدراسية الجديدة، التي تضع العلوم الإنسانية في جوهرها على طول الإبداع والتفكير النقدي وقيم الاحترام، وهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان عدم سواد التعصب مرة أخرى”.