2 فبراير، 2025 3:58 م

أنور وجدي.. فتى الشاشة الذي ساهم في صناعة أفلام شهيرة

أنور وجدي.. فتى الشاشة الذي ساهم في صناعة أفلام شهيرة

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“أنور وجدي” هو ممثل ومخرج ومنتج مصري من أصول سورية. كان من نجوم السينما المصرية ومن كبار صناعها منذ بداية الأربعينيات وحتى رحيله في منتصف الخمسينيات، كتب وأنتج وأخرج العديد من أفلامه التي كان نجمها وبطلها الأول مثل “ليلى بنت الفقراء” و”طلاق سعاد هانم” و”أربع بنات وضابط”، كما أنتج وأخرج وكتب أفلاماً لنجوم آخرين مثل “ليلة الحنة”. ويعد “أنور وجدي” الممثل الوحيد الذي مثل مع ثلاثة من أهم نجوم الغناء وهن “أم كلثوم”، و”أسمهان”، و”ليلى مراد”.

حياته..

اسمه الحقيقي هو “محمد أنور يحيى الفتال وجدي”، من مواليد 11 أكتوبر عام 1904، وكانت أسرة والده بسيطة الحال وكان والده في منتصف القرن التاسع عشر يعمل في تجارة الأقمشة في حلب في سوريا، وانتقل مع أسرته إلى مصر بعد أن بارت تجارته مما جعل أسرته تتعرض للإفلاس.

دخل “أنور” المدرسة الفرنسية الفرير والتي تعلم فيها “حسن الإمام” و”فريد الأطرش” و”أسمهان” و”نجيب الريحاني”، واتقن خلال دراسته اللغة الفرنسية، غير أنه لم يستمر طالبا، فقد ترك الدراسة بعد أن أخذ قسطاً معقولاً من التعليم لكي يتفرغ للفن، وأيضاً لأن ظروف أسرته لم تكن تساعد على الاستمرار في الدراسة، وعمل في العديد من المهن ولم يكن منتظماً في العمل بسبب عمله كهاوٍ في العديد من الفرق الفنية الصغيرة، لكن عينه دائما كانت على هوليوود، وظل حلم السفر لأميركا يراوده، حتى أنه أغرى زميلين له بمحاولة الهروب معه لأميركا ليعملوا في السينما، لكن محاولتهم باءت بالفشل، فبعد أن تسللوا إلى باخرة في بورسعيد، تم ضبطهم. وطرده أبيه من المنزل عندما علم بأنه يريد أن يكون ممثلاً.

بعد أن فشلت محاولة “أنور وجدي” للسفر لهوليوود ظل يراوده حلم التمثيل فاتجه إلى شارع عماد الدين ليتمكن من رؤية فنانى العصر لعله يحصل على الفرصة، ومع ميلاد “فرقة رمسيس” قرر أن ينضم إليها، فكان يتسكع كثيراً أمام أبواب المسرح عسى أن يقتنص الفرصة من خلال لقائه بأحد النجوم، وتصادف أثناء تسكعه أمام كواليس المسرح الخلفية قابل “يوسف وهبي” من البروفات واقترب منه وتوسل إليه أن يأخذه ليعمل معه في مسرح رمسيس حتى لو أدى لتقديم الشاى والقهوة وكنس غرف الفنانين لكن “يوسف وهبى” كان في عجلة من أمره لإرتباطه بموعد مهم فتركه دون أن يعبأ بما طلبه منه. ولم ييأس “أنور وجدي” وتوسل إلى “قاسم وجدي” الريجسير أن يقدمه إلى “يوسف وهبي”. وبالفعل حدث أن عمل في مسرح رمسيس وكان أجره ثلاثة جنيهات في الشهر وأصبح يسلم الأوردرات للفنانين وسكرتير خاص ل”يوسف وهبي”.

كان أول ظهور له حينما قام بدور ضابط رومانى صامت في مسرحية “يوليوس قيصر” وكان أجره حينذاك 4 جنيهات شهريا ما مكنه من الاشتراك في أجرة غرفة فوق السطح مع زميل كفاحه “عبد السلام النابلسي”. وأثناء ذلك كتب بعض المسرحيات، ذات الفصل الواحد لفرقة “بديعة مصابنى” مقابل 2 أو 3 جنيهات للمسرحية، وعمل في الإذاعة مؤلفا ومخرجا، وقدم بعد ذلك مواقف خفيفة مسرحية من إخراجه وكتب نصوصا وقصصا نشر بعضها في المجلات الصادرة في تلك الفترة. وبدأ “أنور وجدي” تمثيل أدوار رئيسية واشتهر في دور “عباس” في مسرحية “الدفاع” مع “يوسف وهبي” 1931. حتى وجد فرصة أفضل في نفس العام مع فرقة “عبد الرحمن رشدي”، فانتقل إليها وانتهى به المطاف في الفرقة القومية نظير أجر شهري قدره 6 جنيهات، وأصبح يقوم بأعمال البطولة، وأشتهر بدوره في مسرحية “البندقية”.

السينما..

وحدث ذات يوم أن قرر “يوسف وهبي” الاستعانة ببعض تلاميذه لأداء بعض الأدوار الصغيرة في أفلامه الأولى، وكان أنور واحداً منهم، وأسند له بعض الأدوار الثانوية في أفلام مثل “أولاد الذوات” 1932 و”الدفاع” 1935، واتجه “أنور” إلى السينما وقرر ترك المسرح نهائياً، فرشحه المنتج والمخرج “أحمد سالم” ليشارك في فيلم “أجنحة الصحراء” 1938 الذي أخرجه “أحمد سالم” وقامت ببطولته “راقية إبراهيم” أمام “حسين صدقي”، ووتتوالى أفلامه فيقدم في عام 1939 أربعة أفلام دفعة واحدة، “خلف الحبايب” مع المخرج “فؤاد الجزايرلي”، و”الدكتور” مع المخرج “نيازي مصطفى”، و”بياعة التفاح” مع المخرج “حسين فوزي”، أما فيلمه الرابع فكان واحداً من أهم أفلام السينما المصرية وواحداً من كلاسيكياتها الشهيرة وهو فيلم “العزيمة” الذي أخرجه المخرج الكبير “كمال سليم” وقامت ببطولته “فاطمة رشدي” أمام “حسين صدقي”.

مع بداية حقبة الأربعينيات أصبح “أنور وجدي” نمطاً سينمائياً مطلوباً بشدة في تلك الفترة، حيث استغل منتجي السينما ومخرجيها ملامحه الناعمة ووسامته في تقديم أدوار “ابن الباشوات” الثري المستهتر الذي يكون رمزاً للشر، فشارك فيما يزيد عن 20 فيلماً من هذه النوعية في السنوات الخمس الأولى من الأربعينيات، ومن أشهر وأهم هذه الأفلام: (شهداء الغرام 1944 مع المخرج كمال سليم، انتصار الشباب 1941 مع المخرج أحمد بدرخان، ليلى بنت الريف 1941 من إخراج توجو مزراحي، وفي 1944 قدم فيلم كدب في كدب أول بطولاته من إخراج توجو مزراحي).

بعد ذلك توالت البطولات وأصبح “أنور وجدي” في النصف الأخير من الأربعينيات فتى الشاشة الأول وقدم مجموعة من أنجح أفلام تلك الفترة منها (القلب له واحد، وسر أبي مع صباح، وليلى بنت الأغنياء، وعنبر مع ليلى مراد، وطلاق سعاد هانم مع عقيلة راتب)، وهنا بدء التحول الذي أحدثه “أنور وجدي” على أدواره وشخصياته في أفلامه، فقدم “أنور” نفسه لجمهور السينما بصورة مغايرة غير التي اعتادوا مشاهدته فيها فبعد أن كان شبه متخصص في نمط وشخصية الثري ابن الذوات المليء بالشر والانتهازية، أصبح يجسد أدواراً وشخصيات تقدمه في شخوص ومواقف إنسانية خصوصاً، صورة الشخص الفقير الذي يتفانى في أداء واجبه سواء الإنساني أو المهني ومن خلال حرصه على هذا الواجب يصل لقلب حبيبته التي غالباً ما تكون من أسرة ثرية أرستقراطية، كما تميزت شخوصه السينمائية خلال هذه الفترة أيضاً بالرومانسية والشفافية والشهامة وهذا ما جعله يظهر أيضاً في صورة المدافع عن الحق الإنساني في الحب والحياة، ونجح “أنور وجدي” في أن يكسب قلوب جمهور السينما من خلال هذا التحول الهائل والعكسي في أدواره.

وتأتي بداية الخمسينيات لتكون نهاية مشواره السينمائي، وقدم فيها مجموعة من الأفلام المهمة ومن أبرزها (أمير الانتقام عام 1950 عن رواية الكونت دي مونت كريستو، وفيلم النمر وفيلم ريا وسكينة عام 1953، وفيلم الوحش عام 1954). ومن هنا حقق “أنور وجدي” كل ما كان يصبو إليه من شهرة ونجومية ومال بذل في الحصول عليه عرقه ودمه.

الإنتاج..

جاء عام 1945 ليكون واحد من أهم النقلات والمحطات المهمة في المسيرة السينمائية ل”أنور وجدي”، عندما قرر أن يدخل عالم الإنتاج السينمائي بفيلم “ليلى بنت الفقراء”، ورشح لبطولته “ليلى مراد” وكانت نجمة السينما المصرية الأولى ونجمة الشباك رقم واحد في تلك الفترة، ورحبت “ليلى مراد” وبدأت جلسات العمل للتحضير للفيلم، لكن أثناء ذلك توفى المخرج “كمال سليم”. فقرر “أنور” أن يستمر في إنتاج الفيلم وأن يقوم هو بإخراجه إلى جانب البطولة، ويعرض الفيلم ويحقق نجاحاً هائلاً ويصبح “أنور وجدي” مطروحاً على الساحة السينمائية ليس فقط كنجم وممثل وبطل سينمائي بل أيضاً كمؤلف ومنتج ومخرج.

بعد النجاح الهائل للفيلم قدم “أنور” مع “ليلى مراد” سلسلة من الأفلام حققت نجاحاً كبيراً وقام ببطولتها وإخراجها وإنتاجها ووصلت إلى 6 أفلام كتب القصة والسيناريو والحوار لها، وهم (ليلى بنت الأغنياء 1946، وقلبي دليلي 1947، وعنبر 1948، وغزل البنات عام 1949 أمام نجيب الريحاني، وحبيب الروح عام 1951، وبنت الأكابر عام 1953). وقدم أيضاً مجموعة من الأفلام بعيدة عن مشاركة “ليلى مراد” منها (طلاق سعاد هانم عام 1948 مع عقيلة راتب، وقطر الندى عام 1951 مع شادية، وأربع بنات وضابط عام 1954 مع نعيمة عاكف)، وكلها بطولته وتأليفه وإنتاجه وإخراجه، وأنتج وألّف “ليلة العيد” عام 1949 لشادية وإسماعيل ياسين وشكوكو، و”البطل”، و”المليونير” عام 1950 لإسماعيل ياسين، و”ليلة الحنة” عام 1951 لشادية وكمال الشناوي، و”مسمار جحا” عام 1952.

في مارس عام 1950 قدم الفنان “إلياس مؤدب” الطفلة “بيروز أرتين كالفيان” ل”أنور وجدي” ليكتشفها وتصبح الطفلة “فيروز” التي لقبت باسم شيرلي تمبل المصرية، أشهر طفلة في تاريخ السينما المصرية. فأحضر لها مدرب رقص اسمه “ايزاك ديكسون” قام بتدريبها لبضعة أسابيع، وبعدها أدخلها معهدا خاصا للباليه، وجرى اتفاق بين والد “فيروز” و”أنور وجدي” على توقيع عقد احتكار، تتقاضى بموجبه ألف جنيه مصري عن كل فيلم تقوم بتمثيله، على أن يعتبر العقد لاغيا إذا لم ينتج لها “أنور وجدي” في خلال العامين الأولين فيلمين على الأقل. وبالفعل أنتج لها 3 أفلام وهم (ياسمين عام 1950، وفيروز هانم عام 1951، ودهب 1953).

استطاع “أنور وجدي” بذكائه الفني والإنساني أن يدرك أن جمهور السينما في تلك الفترة كان يقبل أكثر على الأفلام ذات الطابع الغنائي فقدم في معظم أفلامه الغناء والاستعراض ونجح في ذلك إلى حد بعيد، وأهتم كثيرا بالرقص والغناء وكانت اللوحات الاستعراضية من أشهر ما عرف به، وكانت الديكورات ضخمة، فضلا عن الاهتمام بالملابس وبذلك كان منتجا لا يبخل على أفلامه، مع ذكاء واضح في إيجاد الحلول لبعض المشكلات أثناء التصوير.

أشترك “أنور وجدي” في 6 أفلام من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهم “العزيمة” 1932، “غزل البنات” 1949، “ريا وسكينة” 1953، “أمير الانتقام” 1950، “الوحش” 1954، “غرام وانتقام” 1944، وكان بطلا في 4 أفلام منهم.

الزواج..

زوجة “أنور وجدي” الأولي هي الممثلة المصرية “إلهام حسين” والتي دفعها “أنور” للتمثيل، وتوقع لها مستقبل باهر في عالم الفن، فقدمها للمخرج “محمد كريم” لتظهر في أول أفلامها أمام “محمد عبد الوهاب”، وكان ذلك في فيلم “يوم سعيد”، وبالفعل حققت نجاحاً باهراً، وبالرغم من تشجيعه ودعمه لها في مسيرتها الفنية، طلبت “إلهام” من مخرج “يوم سعيد” عدم الاستعانة ب”أنور وجدي” معها في الفيلم، وكان لها ما طلبت، وخاصة أن “أنور وجدي” لم يكن بعد نجم الشباك المعروف. ومع زيادة الخلافات بين الزوجين، وقع الطلاق بينهما بعد ستة أشهر فقط من زواجهما.

وقد تزوجت “ليلى مراد” من “أنور وجدي” 1945 واعتبرت هذه الزيجة واحدة من أشهر الزيجات الفنية، ويقال أن “أنور وجدى” طلب يدها أثناء قيامهما ببطولة فيلم “ليلى بنت الفقراء” 1945 وتحديدا أعلن “أنور وجدى” نبأ الزواج بعد مشهد زفة للعروسين في نهاية الفيلم، واستمر زواجهما حوالي سبع سنوات حتى انفصلا فنيا وواقعيا في الأعوام الأخيرة لحياة الفنان “أنور وجدي” والتي تزوج خلالها من الفنانة “ليلى فوزي” والتي استمرت معه حتى وفاته عام 1955.

تقابل”أنور وجدي” مع “ليلى فوزي” في فيلم “مصنع الزوجات” 1941، وبعد ذلك في “تحيا الستات” 1944، إلا أنهما خلال هذين الفيلمين لم يلتقيا أثناء تصوير وتنفيذ الفيلم لعدم وجود مشاهد عديدة تجمعهما معاً، وكانت لقاءاتهما عابرة لكن في الفيلم الثالث “من الجاني” 1944 تقابلا كثيراً، حيث كانت هناك مشاهد عديدة تجمعهما، بدأ “أنور” يشعر بانجذاب هائل ناحية “ليلى فوزي”، ولم يكن يستطيع أن يصارحها لأن “ليلى” كان والدها لا يفارقها أثناء التصوير، ولم ينتظر “أنور” طويلاً فلجأ إلى حيلة ليلتقي بها، حيث طلب من أحد أصدقائه أن يتصل بوالدها على تليفون الاستديو وعندما خرج والد “ليلى” اندفع “أنور” ناحيتها ليخبرها بمشاعره وعندما تأكد أنها غير مرتبطة عاطفياً ذهب إلى منزلها ليخطبها من والدها، في ذلك الوقت قد ظهرت “ليلى فوزي” في حوالي 11 فيلما سينمائيا بينما كان “أنور وجدي” لا زال يتنقل بين الأدوار الثانية وعندما تقدم لطلب يدها رفضه والدها وزوجها ل”عزيز عثمان” الذي يكبرها بحوالي 30 عاما.

ثم دارت الأيام وتطلقت “ليلى فوزى” من “عزيز عثمان” كما تم الطلاق بين “أنور وجدى” و”ليلى مراد” فكانت عودة الحب بينهما والزواج أخيرا بعد أن التقيا مرة أخرى عام 1954 لتصوير فيلم “خطف مراتي” مع “صباح” و”فريد شوقي”. ورغم مرض “أنور وجدي” الذي ظهر في بداية عام 1954 طلب “أنور” من “ليلى” أن تسافر معه في رحلة علاجه إلى فرنسا، وهو ما حدث بالفعل وبمجرد وصولهما إلى باريس فاجأها “أنور” باصطحابها إلى القنصلية المصرية حيث تم زواجهما هناك وكان هذا في 6 سبتمبر 1954، وهو الزواج الذي كان ثمرة علاقة حب بدأت منذ سنوات طويلة، ولكن تشاء الأقدار أن يرحل “أنور وجدي” بعد أن أشتد عليه المرض بعد حوالي 4 أشهر فقط من الزفاف.

وفاته..

بعد رحلة مع المرض توفى “أنور وجدي” عام 1955 وهو لم يكمل أحدا وخمسون عاماً.

https://www.youtube.com/watch?v=aY9J63k9ZGA

https://www.youtube.com/watch?v=JlguXTOoLsc

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة