إعداد/ د.معتز سلامة
ارتبط مفهوم الأمن القومي العربيّ منذ خمسينيات القرن الماضي بإسرائيل والصراع العربـيّ الإسـرائيليّ ، وقبلهمـا بالاسـتعمار وبالاحتـلال الأجنبـي، وعلـى الرغـم مـن الخسـائر التـي ألحقتهـا القـوى الاسـتعمارية بالكيانـات العربيـةَّ فــي القرنـين التاسـع عشـر والعشـرين، بـدا التهديـد
الإسـرائيليّ منـذ منتصـف القـرن العشـرين مختلفً ـا نوعً ـا، وتجـاوز فــي خطورتـه خطـر الاسـتعمار، مـن زوايـا كثيـرة، أهمهـا تلـك الخاصَّـة بانعكاسـاته وآثـاره التفتيتيـة علـى التكويـن الديموغرافــي والامتـداد الجغرافــي للعالـمَ العربـيّ .
ولقـد اسـتمر الحـال كذلـك حتـى بـدأت تبـرز مهـدِّ دات أخـرى للأمـن القومـي، فبـرز الحديـث بعـد فتـرة عـن التهديـدات مـن دول الجـوار الإقليمـي، وبالأسـاس إيـران وتركيـا وإثيوبيا. وفــي حين عكفت تركيا على مسـارها الوطني العلماني لعقود ممتدة، إلى أن سـعت منذ أواسـط
تسـعينيات القرن العشـرين إلى اسـتعادة روابطها التاريخيةَّ بالدول الإسلامية،َّ مدفوعة بالآيديولوجيا الدينية وببروز قوى الإسلام السياسيّ فـي الداخل، ثـم بالمشـروع الأردوغانـي، وبمـا أطلـق عليـه “العثمانيـة الجديـدة New-Ottomanism”، وفــي حـين لـم يتجـاوز التهديـد الـذي
طرحتـه إثيوبيـا علـى العالـمَ العربـيّ الخـلاف الخاص بسـد النهضة وحصة مصر والسـودان التاريخيةَّ من مياه النيل، يهو القضايا التي برزت منذ 2011 بشـكل خاصّ ، تلظ التهديدات الإيرانيةَّ للأمن القومي العربيّ متواصلـة ومتصلـة منـذ قيـام الثـورةَّ الإسـلاميةَّ عـام 1979،
وشـكلت أحـد أهـمّ ملامـح المنطقـة علـى مـدى العقـود الأربعـة الماضيـة.