خاص: كتبت- سماح عادل
ولد “أنطون بافلوفيتش تشيخوف” في “تجانروج” عام 1860، والده هو “بافلوفيتش”، وكان يمتلك محل بقالة، وأمه “يفجينيا” كانت تحكي له القصص عن طفولتها، وهو من أشهر الكتاب الروس، ووصلت شهرته لباقي العالم، لأنه يعتبر رائد القصة القصيرة في العصر الحديث، سوف نتعرف عليه من خلال رسائله التي كان يبعثها لأقاربه، وذلك من خلال كتاب ” أنطون تشيخوف رسائل إلى العائلة” ترجمة ياسر شعبان.
حياته..
كان جد” تشيخوف” لأبيه عبدا، افتدى نفسه وأولاده عام 1844، أي قبل ولادة “تشيخوف” بست عشرة سنة فقط، عاش “تشيخوف” طفولة قاسية، حيث كان والده عنيفا، وغالبا ما كان يلجأ إلى العقوبات الجسدية كوسيلة لتربية أطفاله.
في 1876 تعرض والده للإفلاس، ومنذ ذلك التاريخ عانت عائلة “تشيخوف”من الفقر، وكان عليه أن يتحمل تكاليف تعليمه، وقد وفر هذه المصروفات بالتدريس لطلبة آخرين، واصطياد الطيور وبيعها، وكتابة القصص القصيرة للصحف، وكان كلما يدخر بعض النقود كان يرسلها مباشرة إلى أسرته.
كان “تشيخوف قارئا نهما، ففي فترة دراسته قرأ الكثير من الكتب لكبار الكتاب العالميين، من أمثال “سرفانتس” و”شوبنهاور”، وفي 1879 التحق بجامعة موسكو، وخلال فترة دراسته كتب العديد من القصص القصيرة لتسديد مصروفات الجامعة ومساعدة أسرته، وفي 1886، طلبت منه واحدة من أكبر الصحف الروسية “نوفوي فريميا” أن يكتب لها القصص، وسرعان ما اكتسبت قصصه شهرة، وكتب مجموعة قصصية فازت بجائزة بوشكين، وهي جائزة للكتابة القصصية المتميزة، وفي 1887 كتب مسرحية بعنوان “إيفانوف”، حازت إعجاب النقاد رغم أن “تشيخوف” لم يكن راضيا عنها.
في 1890 سافر “تشيخوف” إلى “سيبيريا”، ومنها إلى جزيرة “سَخالين”، وهي عبارة عن سجن مفتوح أو معسكرات عمل للمجرمين، وهناك تحدث إلى الكثير من المسجونين، واكتشف أنهم كانوا يعاملون معاملة قاسية، ويتعرضون للضرب. رغم أن بينهم بعض الأطفال، وقد جمع في “سَخالين” مادة وثائقية ضخمة عن السجناء والسكان المحليين وقد تحدث مع الكثيرين منهم ودرس ظروف حياتهم اليومية، كما رصد إدارة السجون وتعسف الموظفين، و ألف كتابه “جزيرة سخالين”.
في 1892 ابتاع “تشيخوف” منزلا وقطعة من الأرض في “مليخوفو” بالقرب من موسكو، وكان يساعد الناس الذين يعيشون قريبا منه، فكان يحضر لهم الطعام والملابس، والدواء عند المرض، كذلك كان يقوم بمعالجتهم، وفي 1897 أصيب “تشيخوف” بداء السل، وفَرض عليه المرض أن يغير نمط حياته، وانتقل إلى “يالطا” حيث اشترى منزلا، ثم تزوج من “أولجا نيبر” وهي ممثلة مسرحية قامت بأداء البطولة النسائية في معظم مسرحياته، ولقد كتب بعض قصصه الأكثر شهرة في”يالطا”.
تدهورت صحته في ربيع 1904، ونصحه الأطباء الروس بالسفر إلى خارج روسيا، فسافر إلى “بادن فيلر”، منتجع جبلي في جنوب ألمانيا، بصحبة زوجته، عرف “تشيخوف” أنه يحتضر، لكنه مع ذلك ظل يتحدث عن مشاريعه بالكتابة والسفر.
وفي الثاني من يوليو 1904 في منتجع “بادن فيلر” طلب استدعاء الطبيب وقال له “تشيخوف”:إنني أموت!. وبهدوء انتقل إلى العالم الآخر..
رسائل تشيخوف..
سنحاول التعرف على بعض جوانب شخصية ” تشيخوف” من خلال رسائله. يقول في رسالة إلى أمه، “سَخالين، 6 أكتوبر 1890”: “خالص التحية يا أمي الغالية! مشتاق للعودة إلى موطني، ولم تعد بي رغبة للاستمرار في سَخالين. هنا، وطوال الشهور الثلاثة الأخيرة لم أر سوى مجرمين أو أشخاص لا يتحدثون إلا عن عقوبات الاسترقاق، والجَلْد، الإدانة بالسجن. أجواء محبطة. كم أتوق إلى السفر سريعاً إلى اليابان ومنها إلى الهند!”.
وفي رسالة إلى أخته أثناء ذهابه في رحلة “سخالين” الطويلة يقول”رأيت رجالاً صينيين. إنهم ودودون وأذكياء. وعند بلوغ ضفة النهر السيبيري، قدّموا لي المال على الفور، واستقبلوني بترحاب شديد، وجاملوني بتقديم السجائر، ودعوني إلى النزول ضيفا عليهم في منزلهم الصيفي. الأرصفة هنا من الخشب. كل متعلّقاتي أصبحت مجعَّدة وقذرة وممزَّقة!، إنني أبدو مثل لص”.
صفات المثقف..
وفي رسالة إلى أخوه “نيكولاي” في عام 1886 يقول “تشيخوف” عن صفات المثقفين :”يجب أن يستوفي المثقفون الشروط التالية:
1- احترام الجانب الإنساني في الشخصية، ولهذا السبب هم دائماً ودودون، دمثون، مهذَّبون، ومستعدّون للعطاء. إنهم لا يتشاجرون بسبب مطرقة أو قطعة مفقودة من المطاط الهندي، وإذا عاشوا مع أحد، لا يعدّون ذلك منحة منهم، ويرحلون دون أن يقولوا “ليس بوسع أحد أن يعيش معك”، إنهم يصفحون عن الضوضاء والبرودة واللحم المقدَّد والنكات ووجود غرباء في منزلهم.
2- يتعاطفون، ليس فقط مع المتسوِّلين والقطط. وتنفطر قلوبهم لما يرونه أو لا يرونه. إنهم يسهرون الليل لمساعدة شخص ما، ولدفع نفقات الأخوة في الجامعة، ولشراء الملابس لأمهاتهم.
3- إنهم يحترمون ممتلكات الآخرين، ولهذا يسددون ما عليهم من ديون.
4- إنهم مخلصون، ويخشون الكذب كما تُخشى النار. إنهم لا يكذبون، حتى ولو في الأشياء الصغيرة. فالكذب إهانة للمستمع ويضعه في منزلة أدنى بالنسبة للمتحدّث. لا يتظاهرون، بل لا يتغيَّر سلوكهم في الشارع عنه في المنزل، ولا يتعمّدون الاستعراض أمام رفاقهم الأقل منهم منزلة. لا يثرثرون، ولا يثقلون على الآخرين بثقتهم بأنفسهم. واحتراماً منهم للآخرين، فإنهم يميلون إلى الصمت أكثر من الكلام.
5- لا يحطّون من قدر أنفسهم للحصول على شفقة الآخرين. ولا يلعبون على شغاف قلوب الآخرين، ليجعلوهم يتنهّدون ويستحوذون عليهم. ولا يقولون “يُساء فهمي”، أو “لقد أصبحت شخصاً من الدرجة الثانية”، لأن كل ذلك ليس سوى سعي وراء تأثير رخيص، ومبتذل وتافه وزائف.هم لا يعانون من الخيلاء والغرور. ولا يحفلون بتلك الماسات الزائفة “أقصد المشهورين”، ولا يأنفون من مصافحة السكّير، وينصتون إلى صيحات إعجاب مُشاهد مشتت في معرض للصور الفوتوغرافية، ويتردّدون كثيراً إلى الحانات.
6- وإذا أبرموا صفقة متواضعة، فإنهم لا يتباهون كما لو كانوا عقدوا صفقة بمائة روبيل، ولا يعطون لأنفسهم أولوية على الآخرين. إن الموهوب الحقيقي دائماً ما يحافظ على اندماجه بين الجموع، وبعيداً قدر المستطاع عن الإعلان. وحتى كرايلوف، قال سابقاً إن البرميل الفارغ يصدر عنه صدى صوت أكثر من البرميل الممتلئ.
7- إذا كانت لديهم موهبة يحترمونها. ويضحّون في سبيلها بالراحة والنساء والخمر والخيلاء. إنهم فخورون بموهبتهم، ومن الصعب إرضاؤهم. يُنمّون الحسّ الجمالي داخلهم. ولا يستطيعون الذهاب للنوم بملابسهم، ولا يتحمّلون رؤية الشروخ ممتلئة بالحشرات، أو تنفّس هواء فاسد، أو السير على أرض عليها بُصاق، أو أن يطهوا وجباتهم على موقد زيتي. ويسعون قدر استطاعتهم إلى كبح جماح رغباتهم الجنسية والسموّ بها. وليس كل ما يرغبونه في المرأة أن تكون رفيقة فراش، ولا يطلبون المهارة التي تظهر عبر المضاجعات المتتالية. إنهم يرغبون، خاصة الفنانين منهم بالطزاجة، والأناقة، والإنسانية، والاحتواء الأمومي.
8-إنهم لا يشربون الفودكا طوال ساعات النهار والليل، ولا يتشمّمون رفوف الخزانات، لأنهم ليسوا خنازيراً، ويعلمون أنهم ليسوا كذلك. ويتناولون الشراب فقط عندما يكونون غير مرتبطين بعمل أو في عطلة. ما يحتاجه المثقّف هو العمل الدائم، ليل نهار، والقراءة المستمرّة، والدراسة، والإرادة، فكل ساعة هي ثمينة بالنسبة له”.
التوقف عن الكتابة..
كتب رسالة لأخيه “الكسين” في 1891 يعبر فيها عن رغبته في ترك الكتابة يقول: “أحلم بأن أربح أربعين ألفا، لأتوقف تماما عن الكتابة، التي أزهدها، وذلك لأشتري قطعة صغيرة من الأرض، وأعيش مثل ناسك في معتزل مثالي، على أن تكون أنت و”إيفان” في الجوار، أحلم أن أقدم خمسة عشر أكراً لكل منكما، يا قريبي الفقيرين. فإجمالا أحيا حياة موحشة، وسئمت العمل الدائم بالكتابة للحصول على مقابل ضئيل، بينما يتقدَّم بي العمر حثيثاً”.
وفي رسالة إلى أخيه “مليهوفو” في 1894 يوق “تشيخوف”: “أنا منشغل بالعناية بالأرض، أقوم بتعبيد طرقات جديدة، وأزرع الزهور، وأقطع الأشجار الذابلة، وأطارد الدجاج والكلاب لإخراجها من الحديقة. إن الأدب يقوم بدور إراكيت، الموجود دائماً في الخلفية، لم أعد أرغب في الكتابة، وحقيقة، من الصعب الجمع بين الرغبة في الحياة والرغبة في الكتابة”.
وفي رسالة لأخيه الصغير، في 1896 يعبر عن استياءه من فشل إحدى مسرحياته “لقد فشلت المسرحية فشلا ذريعا، وصاحب انهيارها دوي هائل. وسيطر شعور هائل وموتر بالعار والارتباك في المسرح. وجاء تمثيل جميع الممثلين سيئا للغاية. والمغزى الأخلاقي لها أنه يجب ألا أكتب مسرحيات بعد الآن”.
أشواك الشهرة..
لم يحب “تشيخوف” شهرته، يقول في رسالة لأخ له في 1887 “خلال العطلات كنت منهمكاً في العمل، يجب أن أخبرك أنه في بطرسبرج أنا الآن أكثر الكتاب شهرة. ويستطيع المرء اكتشاف ذلك من الصحف والمجلات، والتي في نهاية العام 1886 كانت تهتمّ بي، وتتناقل اسمي وأخباري، وتمتدحني بأكثر مما أستحق. وكانت نتيجة تزايد شهرتي الأدبية أنني حظيت بعدد من الطلبات والدعوات، ومن ثم المزيد من العمل والضغوط والاستنفاد.عملي مرهق للأعصاب، ومزعج، ويخِلّف ضغطاً. إنه عمل جماهيري، ويفرض الشعور بالمسؤولية بما يضاعف من صعوبته. وكل صحيفة قدمت تقريرا عني، تتسبب في القلق لي ولأسرتي، وتُقرأ قصصي في محافل عامة، وأينما ذهبت يشير الناس نحوي، يربكني التزايد المستمر في أعداد من يعرفونني، وغير ذلك من تغيُّرات. لا أهنأ بيوم واحد من السكينة، وأشعر أنني أسير على الأشواك كل دقيقة”.
يحب في وداعة..
حين نتأمل رسائل” تشيخوف” إلى زوجته، سواء قبل زواجهم أو بعده نستشعر رقته في التعامل معها، وكيف كان الحب بينهما صافيا ورقيقا، في رسالة إلى زوجته و. ل. كنيبر، يالطا، 14 فبراير، 1900 يقول: “الصور رائعة للغاية، خاصة تلك الصورة التي تظهرين فيها مستلقية وعلى وجهك مسحة حزن، ومنكباك يستندان على ظهر مقعد، مما يضفي عليك مسحة من الشجن الشفيف، وتعبيرا لطيفا يخفي روحا شيطانية صغيرة. وهناك صورة أخرى جيدة، لكنك فيها تبدين شبيهة قليلا بامرأة يهودية تقليدية، مثل موسيقية تحضر درسا في معهد الموسيقى، لكن في الوقت ذاته تدرس طبّ الأسنان على طبيب بارع وذلك كتخصص ثان، وهي مخطوبة وستتزوج رجلا في موجيليف، وهذا الخطيب شخص يشبه “م “.
هل أنت غاضبة؟ حقاً، غاضبة حقاً؟ إنه انتقامي منك لأنك لم توقِّعي لي على هذه الصور.كنت قد عقدت العزم على عدم الكتابة لك، لكن بعد أن أرسلت الصور، تراجعت عن موقفي، وها أنا أكتب لك. بل إنني سآتي إلى سيفايتوبول، وأكرِّرها عليك: لا تخبري أحدا، خاصة فشنيفسكي. سآتي تحت اسم مستعار، سأسجل في دفتر الفندق باسم بلاكفيتش.
كنت أمزح عندما قلت أنك تشبهين امرأة يهودية في إحدى الصور التي أرسلتها. لا تغضبي، يا غاليتي. حسنا، تلك قبلة مني ليدك الصغيرة”.
وفي رسالة أخرى، يالطا، 10 فبراير 1900، يقول”وأنت، لماذا مصابة بالاكتئاب؟ ما الذي أصابك بالاكتئاب؟. فأنت تعيشين، وتعملين، وتمرحين وتشربين، وتضحكين عندما يقرأ عمك بصوت مرتفع لك، فأي شيء تريدين أكثر من ذلك؟ أما بالنسبة لي فالوضع مختلف: تمزقني مسألة الجذور، فأنا أعيش عيشة منقوصة، لا أشرب رغم أنني مغرم بالشراب، أعشق الضوضاء لكنني لا أسمعها، حقيقة أنا مثل شجرة تم نقلها إلى مكان جديد، وتعاني التردد بين أن تضرب بجذورها في الأرض أو تذبل. لو كنت أسمح لنفسي من حين لآخر أن أشكو الضجر، فلدي دوافعي لذلك، لكن، ماذا بالنسبة لك؟ لدي مفاجأة لك؛ لن أكتب لك مجددا إلا بعد أن ترسلي لي صورتك بورتريه”.
وفي رسالة، يالطا، 2 يناير، 1900، يخاطبها برقة شديدة يقول”تحياتي، ممثّلتي العزيزة! هل أنت غاضبة لأنني لم أكتب إليك منذ فترة طويلة؟ اعتدت الكتابة إليك دون انقطاع، لكن الرسائل لم تصلك لأن معارفنا المشتركين كانوا يحصلون عليها من مكاتب البريد، ولا يقومون بتوصيلها إليك..أتمنّى لكم السعادة في العام الجديد. بصدق، أتمنى لك السعادة، وأنحني لاثماً قدميك الصغيرتين. لك خالص أمنياتي بالسعادة والثراء والصحة والابتهاج. نحن بأفضل حال هنا، نأكل كثيراً، وندردش كثيراً، ونضحك كثيراً، وغالباً ما نتحدث عنك”.
وفي أحد الرسائل، يالطا، 30 أكتوبر،1899، إلى زوجته ينتقد فيها ممثلوا المسرح يقول: “نعم يا ممثلتي العزيزة، فالنجاح المتوسط والمعتاد ليس كافيا لكم جميعا أنتم، أيها الممثلون المسرحيون، فأنتم بحاجة إلى شيء مدو للغاية. مؤخرا تعرَضتم للإفساد، بل أصابكم الصمم من تكرار الحديث عن النجاحات، والمسارح الممتلئة بالمشاهدين وتلك الخاوية، لقد تسممتم بذلك العقار وخلال عامين أو ثلاثة أعوام لن تكونوا صالحين لشيء. والشيء نفسه ينطبق عليك! هل أنت غاضبة؟ ما شعورك؟ أنا ما زلت في المكان نفسه، وما زلت الشخص نفسه، أعمل، وأزرع الأشجار”.
حنين بعد الموت..
استمر حب “تشيخوف” والممثلة “أولجا” خمس سنوات، وكانت من أشهر قصص الحب في المسرح في ذلك الوقت. وبسبب ارتباط “أولجا” بالعمل في مسرح موسكو، واضطرار “تشيخوف” للبقاء في “يالطا” بسبب حالته الصحية، استمرت علاقتهما رغم المسافة، وبعد وفاة “تشيخوف”، داومت “أولجا” لشهرين على كتابة يومياتها، وكانت عبارة عن رسائل متخيَّلة إلى تشيخوف.
تقول في رسالة ،19 أغسطس، 1904، “أخيرا أصبحت قادرة على الكتابة إليك، يا عزيزي، وأنا أشعر بك قريبا جدا رغم أنك بعيد للغاية! لا أعرف أين أنت الآن. ولقد انتظرت طويلا اليوم الذي أستطيع أن أكتب لك فيه. اليوم، ذهبت إلى موسكو وزرت قبرك.. لا أستطيع أن أصدق أنك لست بين الأحياء! أنا في حاجة ماسة للكتابة إليك، لأخبرك بكل شيء مررت به منذ احتضارك وتلك اللحظة التي توقف عندها قلبك عن الخفقان، قلبك المسكين والمريض والواهن جدا.
الآن، بينما أكتب إليك، يبدو الوضع غريبا لكن تسيطر على رغبة عارمة في القيام بذلك. وبينما أكتب إليك، أشعر أنك على قيد الحياة. هناك في مكان ما، تنتظر تلك الرسالة. يا أغلى الأحباب، يا حبيبي، دعني أتفوّه ببعض الكلمات الشاعرية، دعني أمسِّد شعرك الناعم المنساب، وأنظر في عينيك اللامعتين العزيزتين. آه، لو عرفت ما إذا كنت قد استشعرت أنك تُحتَضر. أظن أنك استشعرت ذلك، ربما بشكل مُبهم، لكنك يقينا استشعرت ذلك”.