13 أبريل، 2024 3:09 ص
Search
Close this search box.

أنا والسينما .. و”الريد كاربيت”: وجدانيات مسائية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : بقلم – د. مالك خوري :

إني اعترف ! فأنا العاشق الولهان بكل ما له علاقة بالسينما، أجد أن أكثر ما يُثيّر الغثّيان والإثارة لدي، في آنٍ واحد، يكمن في مشاهد الاحتفالات “الريد كاربيتية”؛ التي أصبحت تُرافق معظم المهرجانات السينمائية هذه الأيام.

فاللون الأحمر عندي، ومنذ طفولتي ومراهقتي وحتى مراحل محاكاتي “لنضوج” وعيي الجمالي والسياسي والنظري والفكري، اقترن إلى حدٍ كبير بالعلم الأحمر: علم الثورة الاشتراكية الأولى لثوار كومونة باريس، ومن بعدها علم الثورة البلشفية، ومن ثم علم الحركات الشيوعية والاشتراكية في العالم.. والعلم الأحمر كان أيضًا في صلب فيلم أحد عمالقة تاريخ السينما ضمن واحدٍ من أجمل المشاهد المُعبّرة عن عُمق الحالة الثورية المتمردة لدى شارلي شابلن في فيلمه “الأزمنة الحديثة”. وهذا المشهد يُمثل واحدٍ من إيقونات تقديري لما تكتنز به إمكانات الفن السينمائي وخياله.

وكان هذا من المفترض أن يحسم عندي حالة من العدائية الجامحة وغير المساومة مع مشهد “الاحتفالية الحمراء” التي كرست الهيمنة البورجوازية على صناعة السينما في هوليوود منذ مسيرة دوغلاس فيربانكس الشهيرة على السجادة الحمراء لدى افتتاح فيلمه “روبن هود” أمام صالة “المسرح المصري” في هوليوود عام 1922. وكان أيضًا من المفترض أن لا يُفسح عدائي في المجال لتقبل ما أفسدته الهيمنة البرجوازية على السينما من إمكانيات ومستقبل أغنى لها، وأكثر عطاءً وحرية وقربًا للإنسان في إبداعها.

لكن واقع الحياة، جعلني في النهاية أسترق الرؤية والسمع دائمًا على مجريات “الريد كاربيت” وكواليسها ونميمتها بشوق العاشق الذي يُحاول إخفاء عشقه وشوقه كي لا يكتشف أحدهم ربما “هشاشة” الحب الآخر العزيز على قلبه وتاريخه.

حالة تناقض لن استطيع أن أحسمها. فحب السينما لا يُفسح في المجال لي لرفض الغوص في شغف خيال إيديولوجيا الطبقة المهيمنة على ثقافة العصر الذي أعيشه، شئت ذلك أم أبيت، وكما تُجسدها سينما العالم اليوم بكل تموجاتها وألوانها.

وهي في نفس الوقت حالة قناعة، لم يتزعزع فيها يقيني بأن ما أشاهده اليوم لن يكون سوى نقطة في بحر ما ستكون عليه السينما حين تولد من جديد، في المستقبل الذي لن أراه على الأرجح. حين تولد السينما من جديد منطلقة في حريتها وخيالها وجمالها الإنساني المنفلت أخيرًا من كافة القيود الطبقية والدينية والاجتماعية والبطريركية الذكورية والعنصريات الرثة، وإمبرياليات التحكم بشعوب العالم والتي تُفرِّخ تحت ظل الرأسمالية..

تناقض أعيشه اليوم، لكنه تناقض يُحيلنيّ دومًا إلى الحيثية الأهم في إنسانيتنا: حيثية تناقضاتها التي لا تكل، ولا تتركنا إلا ونحن في حالة صراع دائم مع نفسنا ومع واقعنا، ومع حبنا للحياة كما نعيشها وكما نتمنى أن تكون عليه، وشغفنا بالتعامل مع كل ما ترمي به أمامنا.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب