25 فبراير، 2025 8:20 ص

“أم ميمي” .. ليتها ما كانت !

“أم ميمي” .. ليتها ما كانت !

رسالة إلى كاتب عزيز .. قبل أن تكون مراجعة !

خاص : قراءة بقلم – يحيى حسن :

(أم ميمي) – بلال فضل – دار المدى – الطبعة الأولى، بيروت – أو دمشق أو بغداد (!) – 2021.

مقدمة

في منتصف العشرينيات كان نجم المغنية الشابة؛ “أم كلثوم”، قد بدأ يبزغ، وذلك بعد خمس سنوات في “القاهرة”؛ خلعت في نهايتها العقال والشكل العربي الذي كانت تظهر به، وبدأت تظهر بالنمط المعتاد لمطربات تلك الفترة، وقدمت عدة أغاني هامة التقت فيها مع كبار الكتاب والملحنين، فغنت: (أراك عصي الدمع)؛ “بالتلحين القديم”، وغنت: (الصب تفضحه عيونه)؛ من كلمات “أحمد رامي”، ثم إذا بها تُحاول مسايرة تيار الخلاعة الذي كان منتشرًا في تلك الفترة، فخرجت عام 1926 بأغنية: (الخلاعة والدلاعة مذهبي من زمان)، ولما طرحت الأسطوانة في الأسواق، إذا بمحبي فن كوكب الشرق؛ “أم كلثوم”، يلومونها على انسياقها وراء موضة العصر من الأغاني الهابطة الخليعة، فسارعت “أم كلثوم” إلى جمع الأسطوانات من الأسواق، بعد أن دفعت تعويضًا لشركة إنتاج الأسطوانة.

أظن أن (أم ميمي)؛ بالنسبة لمسيرة؛ “بلال فضل”، السابقة – وللمرجو منه وله في المستقبل الأفضل والأرقى بإذن الله – تُماثل إلى حدٍ ما – وبالنسبة والتناسب – أغنية: (الخلاعة والدلاعة) لـ”أم كلثوم”، (وإن كانت أسوأ وأضل سبيلًا)، فهل سيكون عند “بلال” من الفطنة والذكاء ما كان لـ”أم كلثوم”، بحيث يُدرك أنها سقطة في الطين، وأن أفضل ما يُفعَل حيالها أن يقوم الإنسان سريعًا ويواصل، ويُحاول أن ينفض عن ثوبه غبارها ويغسل عنه طينها، أم أن كبر الكاتب والإشارات الخاطئة من منارات الضلال – من عينة قائمة “البوكر” الطويلة لا سامحها الله – ستغويه أن يستمر في اللعب في بركة الطين، وأن يُزيده بلة، فيتسع الخرق على الراتق، وتتحول السقطة لنكسة، والزلة لجرسة.

كان يمكن لـ”أم كلثوم” أن تقول بالضبط ما قاله؛ “بلال فضل”، في معرض ردوده على بعض التعليقات على الرواية – سامحنا الله إذ نسميها رواية – فقد قال: “هذا الواقع موجود ولا فائدة من إنكاره”، وقال: “الألفاظ التي استخدمتها موجودة في كتب التراث” (!!)، وقال: “حاسبوا الرواية بالمعايير الروائية، لنتحدث عن القصة ورسم الشخصيات وتطور الأحداث”، كان يمكن لـ”أم كلثوم” بدورها أن تقول: “هذا طابع أغاني هذه المرحلة، وأن المغنية المشهورة فلانة غنت كذا والمغنية المشهورة علانة غنت كذا”، وكان يمكن أن تقول: “حاسبوا الأغنية بالمعايير الفنية، الألحان، وأدائي، والسجع في الكلمات”، إلى آخر تلك الدفوعات، لكنها بذكائها أدركت أن هذا لا يُزيد عن كونه توغل في حقل الألغام، ومزيد من الإنزلاق في الطين، وبدلًا من أن تُحاول ذلك فعلت العكس، واعتذرت وسحبت الإسطوانات، وليت “بلال” يفعل هذا أو بعضه، ولا يغره عن نفسه المشبوهون في جائزة “البوكر”، فلو كان فيهم خيرًا لما تجاوزوا روايات أفضل بمراحل بعيدة ليأخذوها، وكأنهم يسلطون الأضواء على الرجل وهو متعثر في بركة الطين.

يا عزيزي “بلال”:

– كتب التراث تحتوي ملايين الصفحات، وهناك مقولة شهيرة: “من تتبع زلات العلماء تزندق”، أي لو إلتقطت زلة هذا العالم وزلة ذاك العالم لخرجت في النهاية بدين لا علاقة له بدين الإسلام، كذلك لو إلتقطت تلك الكلمة الساقطة من هذا الكتاب وتلك الجملة البذيئة من ذاك الكتاب لخرجت بمسخ شيطاني (!!)، و”كله موجود”، المهم ماذا تلتقط.

– كذلك القول أن استخدام تلك البذاءات يُمثل الوفاء للواقع ولو تركناها فنحن لا نُمثل الواقع (!!)، فهذا قول أعجب من سابقه، فهل كان “بلال فضل” نفسه في الثلاثين كتابًا السابقة يتنكر للواقع، والآن فقط أصبح وفيًا للواقع ؟!!، وهل كان “نجيب محفوظ”؛ (صاحب زقاق المدق والثلاثية)، و”يوسف السباعي”؛ (صاحب السقا مات وبين أبو الريش وجنينة ناميش)، متنكرين للواقع عندما لم يستخدموا تلك البذاءات الساقطة ؟!!، ألم يسمع “نجيب محفوظ” قط: (… أمك)، أكان غير وفي للواقع عندما لم يأت بها ؟!!، وانتظر الواقع عشرات السنوات حتى يجد الوفاء على يد “بلال فضل” ؟!، (فليكن لك سلف صالح في؛ نجيب محفوظ، وجيله، فإنهم خير أجيال الرواية العربية، ثم الذين يلونهم).

– إذا أردت أن تكون وفيًا للواقع بهذه الطريقة؛ فأنزل إلى الحواري وإنقل بكاميرا الفيديو واقعها، ولكن عندما تكتب “الأدب” فعليك أن تكون وفيًا للأدب، كما كان من سبقوك من الأدباء العظام أوفياء للأدب ودوره، فالأدب له دور أن يُحاكي الواقع مرتقيًا به، لا أن يتواطأ مع الواقع وينقل أمراضه إلى الأدب، فهذه أدوار ثلاثة في التعامل مع الواقع: محاكاته والإرتقاء به، أو الاستسلام له، أو الذهاب أبعد والتواطؤ معه، ودور الأدب كان يقع دومًا في النوع الأول، أما أن يتواطأ الأدب من الواقع فينقل قبحه وقيحه إلى البيوت، ويهبط بالمجتمع فهذا بالتأكيد ليس دوره.

– ونحن هنا لا نتحدث عن معايير الأخلاق، وإنما عن معايير: “الجمال” و”القبح”، وأضرب مثلًا دومًا لمن يدعي أن الفن هو: “نقل” الواقع وليس “محاكاته”: هل تتوقع من الرسام الذي يرسم لوحة لغروب الشمس عند الشاطيء، أو يرسم لوحة لحارة قديمة بها مباني أثرية جميلة، هل تتوقع أن يقوم برسم كومة قمامة بها معلبات تونة مفتوحة وذباب يحوم حولها بدعوة أن تلك الكومة كانت موجودة بالفعل على الشاطيء وهو يرسم الغروب ؟!، أو أنها كانت موجودة بالفعل عند المباني الأثرية وهو يرسمها ؟!.

– أتريد أن تعرف خطورة تأثير مثل هذه الكتابات على المجتمع، ونشر القبح فيه، ولتتأكد أننا لا نُبالغ ولا ندعي ولا نطلب إلا فقط عدم نشر القبح والتواطؤ مع المجتمع في قبحه، إليك الدليل: “أحا، ك .. م الجمال”؛ (هذا تعليق لأحد القراء يثني على الرواية على موقع جود ريدز !)، أرأيت تأثيرات (أم ميمي) وأشباهها، (أم ميمي) لم تُعلمه تلك الألفاظ فقد كان يعلمها ويستخدمها في الشارع، لكن (أم ميمي) جرأته أن يستخدمها في المنصات العامة، شجعته على ذلك، تواطأت مع نقطة ضعفه، بدليل أن هذا القاريء ذاته لا تتوقع منه أبدًا أن يستخدم ذات اللغة وهو يضع تعليقه على (الحرافيش) مثلًا، أو (السقا مات)، لماذا، لن يجد أبدًا سياقًا يسمح له بذلك، لكن مع (أم ميمي) فلا غرو ولا عجب، طالما الكاتب ارتضى تلك الألفاظ في كتابة الرواية ذاتها فما الحرج في استخدامها أيضًا في التعليق عليها ؟، و”من دقنه وإفتل له” !، أريدك أن تضع تعليق هذا القاريء نصب عينيك دومًا عندما تتأمل وتفكر في دور الأدب ووظيفته وتأثيراته (وضع تحت تأثيراته مئة خط).

وفي النهاية؛ هذه كلمات محب، وكما أنك أحسنت إليّ بكلماتك عن كتابي؛ فإني أحاول رد هذا بكلماتي عن كتابك، وأن أنصرك ظالمًا بوقفة كالتي وقفها الذين غضبوا من “أم كلثوم” بسبب أغنية (الخلاعة)، ولم يذكر لنا التاريخ أسمائهم، لكنه ذكر “أم كلثوم” العظيمة التي جعلهم الله سببًا في الحفاظ على اسمها، فلعل كلمات بعض محبيك تكون سببًا في الحفاظ على اسمك حتى لو لم يذكر التاريخ أسمائهم.

مع “أم ميمي”.. وما أدراك ما “أم ميمي” !

تبدأ قصتنا مع شاب سكندري – لا تعرف اسمه ولا شكله حتى نهاية الرواية ! – انتهى لتوه من رحلة الثانوية العامة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وتحديدًا عام 1991، علاقته بأبيه علاقة شديدة التوتر، (دون أن يُحدد الكاتب أسباب ذلك، وليس هذا هو المطب الوحيد في الصفحة الثانية من الرواية، بل هناك عدة مطبات تواجهك في هذه الصفحة التي تُمثل صدر الرواية)، والطالب يُريد أن يدرس في كلية الإعلام جامعة القاهرة، فهي أقرب الاختيارات إليه لتكون محطة قريبة من السينما والفن؛ التي يعشقها ولا يستطيع أن يُجاهر بالإلتحاق بمعهدها، وكذلك ليفر من: “جحيم البيت” كما يصفه، لذلك رفض فكرة الإلتحاق بكلية الآداب جامعة الإسكندرية – قسم الإعلام، رغم رغبة الأم في هذا ليكون في الإسكندرية، ويمكنه الإقامة عند أخواله أو جدته لتوفير نفقات السكن الجامعي !؛ (وهذاهو المطب الثاني، فإذا كان الطالب إقامته في الإسكندرية أصلًا، فلم سيقيم عند أخواله أو جدته، هل لمجرد الخلافات مع والده وأن الأم تعمل في الكويت ؟، وهل هذا مقبول ؟، المؤلف ضن علينا بجملة أو جملتين يشرحون لنا حل هذا اللغز)، ثم يأتي المطب الثالث، الأب غاضب وقرر ألا ينفق على تعليم ولده في القاهرة؛ لأنه كان يريد له أن يدرس الطب أو الهندسة !؛ (فهل الطالب حصل على مجموع الطب أو الهندسة ثم تجاهل رغبة الأب وقرر أن يدرس الإعلام ؟!، سياق حديثه عن مكتب التنسيق لا يشي بذلك)، ففيم رفض الأب وإصراره على الطب أو الهندسة ؟!، كل هذه ألغاز لم يُجبنا عليها “بلال”، رغم أنه طالبنا في ردوده بترك قصة الألفاظ البذيئة جانبًا والإلتفات إلى رسم الشخصيات وسريان الأحداث (!!)، أليس ما سبق يُمثل ثغرات في كليهما ؟!، يعني ببساطة عم “بلال”؛ (داس بنزين، وطلع واحنا رجلينا في الشارع ولسه ما قفلناش الأبواب) !.

طيب تركنا هذا كله وراءنا ونزلنا القاهرة مع بطلنا مجهول الاسم والشكل، الذي قرر في لحظة عناد كبرى مع الأب أن يلتحق بالكلية التي يُريدها في القاهرة، وأن ينفق على نفسه خلال العام الأول من مدخرات إدخرها مع عمله المتقطع في فترات سابقة، أملًا في أن يحصل على منحة دراسية بعد السنة الأولى، بعد لف سعيًا وراء مكان إقامة بسبب إنتهاء فرصة الإلتحاق بالمدينة الجامعية؛ ساعدته الأم عن طريق إحدى معارفها في الإلتحاق بشقة شباب ملتزمين في مدينة نصر – أسماها بطلنا تهكمًا: “شقة الشباب الصالحين” – لكن القدر أبى إلا أن لا يخالط الصالحين، فقد رآه أحدهم وهو يزاحم بالمناكب ليدخل إحدى أفلام مهرجان القاهرة الدولي السينمائية المشهورة بالإباحية، فقرروا طرده من الشقة، فردح لهم ثم نام على السلم لا يدري ما يفعل، فإذا بأحدهم يحن عليه ويصف له شقة في أول شارع الهرم، عند امرأة تُدعى: “أم ميمي” عندها حجرة خالية للتأجير معقولة السعر.

ويذهب بطلنا إلى “أم ميمي”؛ فيجد الحجرة عبارة عن: “حُقُّ” ضيق في شقة ضيقة بائسة في شارع متفرع من أول شارع الهرم، والحجرة الأخرى تعيش فيها “أم ميمي”، والصالة الضيقة يعيش فيها أبنها: “ميمي”؛ الشاب الميكانيكي البلطجي السكير الأشقر ملون العينين، ويجاوره في الحجرة وإن بشكل عابر فأران وبرص !.

وهكذا اضطر بطلنا المنتمي إلى الطبقة الوسطى، من أسرة ذات الميول الدينية كما يظهر من توجهات الأم؛ (رغم رغبته هو شخصيًا في التحرر من بعض موروثها)، إلى أن يعيش في عالم “أم ميمي”؛ الذي يُمثل شريحة من قاع المجتمع؛ (وليست قاع القاع في رأيي، فالبيت الذي يعيش فيه على مرمى حجر من شارع الهرم ولا ينتمي لمنطقة العشوائيات)، “أم ميمي” غريبة الأطوار، كانت ذات جمال قديم، لكنها تزوجت “شعراوي الزِناوي”؛ (نسبة إلى كثرة الزنا)، وكان حلاقًا قرر أن يُزيد دخله من القوادة !، فكان يؤجر الشقة ليستخدمها راغبو المتعة مع العاهرات، وكان يخرج زوجته وأولاده ليجلسوا على المحطة حتى يتنهي هؤلاء، وتصاعدت الخلافات بين “أم ميمي” وزوجها حتى تعدى عليها بالماء المغلي فتسبب في حروق جسيمة، فحصلت على الطلاق والنفقة والإقامة في الشقة، ورغبة في زيادة دخلها كانت تؤجر الحجرة الخالية، وكانت هذه المرة من نصيب بطلنا.

و”أم ميمي” خليط نادر من جمال قديم مع ترهل وتشوه لاحق، وإذاعة قرآن كريم مع لسان فاسق فاجر، وحنان مع غضب عاصف، ومكر يصيب أحيانًا ويخيب أحيانًا، وقوة تخفي وراءها ضعفًا وبؤسًا.

ونعيش مع بطلنا في خناقات “أم ميمي” البذيئة مع إبنها السكير وابنتها وزوج ابنتها: “الواطيين”؛ الذين يتجاهلونها، ونعيش معه في “الحُق” القذر الذي استطاع بشكل أو بآخر أن يتعايش معه عبر مفارقات عديدة، واستطاع بعناء أن يُدبر حاله من مأكل ومشرب ومواصلات وتعليم من خلال خطط تقشفية صارمة سردها علينا الكاتب، وكل هذا بإسلوب الكاتب الساخر جدًا الممتع جدًا والممعن في سخرية، والبذيء جدًا المحتقر المستهجن في بذاءته، نعيش مع “أم ميمي” و”ميمي” وأخت ميمي وزوجها؛ أمراضهم وأفكارهم وبذاءتهم و(تحايلهم على المعايش)، ونعيش مع بطلنا محاولته للتعايش مع هذا كله، محاولًا ألا يقع في فخ التورط فيه، أو فخ إنكاره ومحاولة مقاومته والتي قد تقذف به إلى الشارع حيث لا بدائل أمامه.

وفجأة تموت “أم ميمي”، فيدخل بطلنا إلى مرحلة جديدة مع العائلة مع ظهور “شعراوي الزناوي”؛ واستقراره في الشقة، ليقدم للبطل سردية أخرى شبه معاكسة لما روته له “أم ميمي”، فيُعيد بطلنا اكتشاف ما حوله مع علاقات اجتماعية واقتصادية فاسدة كان غافلًا عنها تمامًا !، فيكتشف أن جاره “أبوسامية”؛ ذو السمت المحترم، كان “معر…”؛ (كلمة بذيئة تعني مهنة القوادة)، جعل من بيته ماخورًا مادته هما ابنتيه: “سامية” و”رحاب” !، (ونتساءل كيف لشاب إسكندراني جامعي أن يكون غافلًا عما يحدث في الطابق العلوي لشهور !، وأن الفتاتين الذين كان يظن أنهما في أدب الملائكة كانتا عاهرتين !.. صعبة جدًا والله يا عم بلال).

تمضي الأحداث وتدخل الرواية في منعطف جديد حين تتزوج “سامية” من ثري عربي، ويظن “شعراوي الزناوي” و”أبوسامية”، بسبب مفارقة ما أن عائلة بطلنا عائلة ثرية جدًا في الإسكندرية – على خلاف الحقيقة – وأنه هنا في هذا المكان البائس مغاضبًا لهم، لكن حتمًا في يوم قريب ستعود المياه لمجاريها ويعود الفتى الثري لأهله، وهنا يبدأ الجميع في السعي لإسقاطه في حبائلهم، بمحاولة التآمر عليه لتزويجه من “رحاب”، وقدمت الرواية هنا سرديات مختلفة وأحداثًا مشوقة تنتهي بهروب البطل من الشقة فور إنتهاء امتحانات نهاية العام  – قبل أن يطبق عليه الفخ – عائدًا للإسكندرية في انتظار عودة العام القادم في مكان جديد؛ حيث الرواية التالية في: “حارة سمكة”.

لم تكن شخصيات الرواية أحادية الحالة النفسية، بل قدم لنا؛ “بلال فضل”، وجبة من التناقضات الإنسانية الصارخة لم يستطع أحيانًا تفسيرها، وإنما أكتفى برصدها وترك التفسير للقاريء ليفكر (!!) – ماشي بس كنت تساعدنا برضه – فـ”ميمي” في لحظة غضب جنوني يُحاول هتك عرض أمه، ولا تنجو منه إلا بتدخل الجيران، ويذهب الجميع إلى القسم فإذا بـ”أم ميمي” تنكر وإذا بـ”ميمي” يُقبل يديها وقدميها، ويخرجوا جميعًا في أمان الله ويبقى بطلنا في القسم !، ثم يعود للبيت فيجد “ميمي”: “يطفح”، وجبة عظيمة قدمتها له أمه، وهو وأمه سمن على عسل (!)، وفي موقف آخر يكاد زوج ابنتها يقتلها في الشارع وبعد ربع ساعة إذا هم يتصافون في شقته ويشربون الشاي (!!)، ووقت دفن “أم ميمي” كاد “ميمي” يهلك هو وأخته حزنًا؛ وبعدها بساعتين يتنازعان ملابسها وميراثها (!!).

وهكذا قام “بلال فضل”؛ في هذه الرواية – ومن منظوره – بتعرية المجتمع المصري.. يُلقي الضوء على الفقر وتاثيره على أفراد المجتمع.. لكن الفقر في هذه الرواية يبدو كأنه دافع مباشر لكل الموبقات بطريقة لا فكاك منها، فهل هذا صحيح ؟!، ففي الرواية تجد الكل غارق في الفساد تقريبًا، فأين الفقير الشريف في عالمك الروائي، أين الذي يكافح ويصارع الحياة متمسكًا بشرفه قابضًا على مبادئه ؟!، “بلال فضل” يُقدم الفقر باعتباره البوابة الحتمية للإنحراف، فهو الذي جعل الأب يبيع بناته ويستبيح أعراضهن بمنتهى البساطة، وهو الذي جعل من أب آخر يترك أولاده وزوجته عند محطة الأتوبيس لاستقبال من يريد أن يمارس الدعارة في شقة الزوجية من أجل زيادة دخله، فكإنها رسالة لكل فقير أن: أستسلم ولا تقاوم تيار الفساد (!!)، بينما الواقع – ما دمنا نتحدث عن الواقعية يا أنصار الواقعية، أم أنها لا تظهر فقط إلا في البذاءة (!!) – الواقع أنه ليس كل الفقراء فاسدون، وأن هذا الفساد الذي وقع فيه “شعراوي” و”أبوسامية” كان اختيارًا منهم وليس قدرًا حتميًا، فهناك عشرات الملايين من الفقراء المصريين، وفي ظروف أشد بؤسًا بكثير من حالة “شعراوي” و”أبوسامية”، ويعيشون على كفاف الكفاف، وبعضهم لا يجد كفاف الكفاف، فكم منهم يقبل أن يبيع بناته أو شرفه ؟!، ربع العشر ؟!، نصف العشر، عُشر الفقراء (والعشر كثير جدًا)، فما بال التسعة أعشار لم يظهروا معك طالما نتحدث عن الواقعية ؟!.

ربما بطلنا هو الوحيد الذي عانى من الفقر الطاريء لمدة عام دراسي، لكنه لم يسقط ولم يبع نفسه بشكل أو بآخر، بل أحتفظ بعزة نفسه، فلم يبع ملخصاته بيعًا مباشرًا أو يحاول أن يحصل بها منفعة من إقامة أو (برشطة) على أصدقائه الميسورين.

(أما كانت أم الطالب التي تعمل في الكويت ومهتمة بحال ابنها لدرجة إنها نزلت معه للقاهرة في إجازتها ورتبت له الشقة السابقة: “شقة الطلاب الصالحين”، أما كانت تستطيع ان تحول له ثلاثين دينارًا فقط شهريًا (بأسعار 1991)، تغنيه عن أم ميمي وعالمها وتغنينا عن هذه الرواية ؟، أليس هذا سؤالاً كان على المؤلف إجابته طالما نحتكم لواقعية الشخوص والأحداث !!، أما سألت عن حاله وكيف بعيش ومع من يسكن الآن ؟!).

تناولت الرواية أيضًا موضوعات مجتمعية عديدة، مثل فساد بعض رجال الشرطة، والروتين الحكومي، وإستباحة البنات العاملات الفقيرات في أماكن العمل من قبل أصحاب تلك الأماكن أو أبنائهم، وتناولت التعصب الديني، والزيجات مع أثرياء الخليج الشيوخ، والتناقضات الاجتماعية الصارخة.

لمحات في صفحات :

– ص 09: الفقرة الأولى في الرواية: “تعودت حين أحكي الحكاية أن أقول أن ما أوصلني إلى العيش مع أم ميمي: ثديان بولنديان لهما حلمتان فريدتان، رأيتهما في فيلم للكبار فقط، ذات ليلة شتاء بدأت جميلة ثم قلبت بغم”.. يا طيب مفتتح به !.

– ص 17: أكره دومًا أن يستخدم بعض الكتاب التناص الديني في موضع سخرية أو في موضع ليس فيه توقير للنص الشريف من قرآن وأحاديث للرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويزيد الطين بلة أن يكون الكاتب جاهلًا بالنص، أو أن يُحاول أستدعاءه من الذاكرة – ونحن في عصر الإنترنت والمعرفة بضغطة زر – فيجمع الكاتب وقتها بين الشكل السييء والمضمون المعيب، يذكر البطل أن مهرجان القاهرة السينمائي البعيد عن مقص الرقيب أفلامه ممتلئة: “بالكاسيات العاريات المائلات المميلات كأسنان البخت، طبقًا لتوصيفات أئمة المساجد الغاضبين”، وكررها في ثلاث مواضع أخرى في نفس الصفحة: “أسنان البخت”، وكررها في ص 98، وأقول له: أئمة المساجد الغاضبين لا يقولون أبدًا “أسنان البخت”، بل يقولون كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “أسنمة البخت”، جمع: “سنام”، يا أخ “بلال”.

– ص 18: وصلة درح بالكلمات المكشوفة (مع..ص)، (شرا..يط)، (فسا)، (خ.ا) يفتتح بها بطل الرواية مهرجان (القباحة للجميع).

– ألفاظ بذيئة لا أول لها ولا آخر، ص: 17، 18، 22، 23، 27، 28، 31، 36، 37، 42، 43، 46، 47، 48، 49، 51، 53، 54، 57، 61، 67، 68، 77، 78، 80، 82، 84، 86، 87، 89، 92، 93، 96، 97، 100، 101، 102، 107، 108، 109، 111، 112، 113، 114، 115، 118، 121، 130، 131، 133، 134، 135، 138، 139، 140، 141، 143، 147، 150، 157، 160، 161، 167، 168، 170، 171، 176، 177، 187، 188، 189، 197، 203، 204، 205، 207، 208، 209، 214، 220. (ثمانون صفحة فيها بذاءات !، أي أكثر من ثُلث عدد الصفحات أحتوت على بذاءات من العيار الثقيل !، ثم يقال أن هذا من باب الوفاء للواقع والتعبير الصادق عنه !).

– ص 20: أعتقد أنه عام 1991 لم يكن هناك ميني باص تذكرته 50 قرشًا؛ ولا أتوبيس تذكرته ربع جنيه، أظن الميني باص وقتها لم يتعد أبدًا ربع جنيه، والأتوبيس عشرة قروش.

– ص 20: تشبيه ظريف جدًا لشقة “أم ميمي”.

– ص 23 – 25: استطراد ساخر مطول جدًا عن تسمية الشارع الذي تقطن فيه “أم ميمي”.

– ص 28: “أم ميمي” وأحاديثها المكشوفة مع الشاب الساكن الجديد. (وص 29).

– ص 31: أنواع الخمورالرديئة.

– ص 31 – 43: حواديت “ميمي” وصياعته.

– ص 54: “ميمي” يحاول هتك عرض أمه في شقتها لأنها أغضبته.

– ص 55: استمرار محاولة الإبن هتك عرض الأم (وكلام شديد القذارة).

– ص 59: تعليقات طريفة على طريقة حديث الضابط والشاويش.

– ص 63 –- 64: حوار عبثي بين الشاب و”ميمي” وأمه.

– ص 65: هوس الإستظراف بالتناص الديني الذي تكرر في الرواية حوالي عشر مرات على الأقل؛ يتحول أحيانًا لغباء (وهذا وبال اللف والدوران و”الحك” في النصوص الدينية دون أي سياق أو مبرر أو علم) !، فهذا الذي حاول الإعتداء على شرف أمه يصفه الكاتب في محاولة تناص بأنه: “لم يخش في الله شرف أمه” !، بينما لم يخش في الله هذه جملة مدح !، أي لا يخاف في سبيل الله أن يتعرض لكذا وكذا، بينما الذي لا يخاف الله يقال له: “لم يخش الله في كذا وكذا”، وليس: “لم يخش في الله كذا وكذا”.

– ص 70: “أم ميمي” وابنها يمثلون أنهم مسيحيين ليدخلوا المستشفى القبطي، حيث تلقت علاجًا مجانيًا كان سيتكلف آلافًا مؤلفة من الجنيهات في أي مستشفى خاصة.

– ص 71: “أم ميمي” بعد أن أقامت أسبوعًا في المستشفى القبطي (شالوها فيها على كفوف الراحة)؛ وأطعموها أحسن طعام وقدموا لها أفضل رعاية إذا بها تشتمهم بشتائم طائفية، وهي على باب المستشفى، وقد كانوا يودعونها بالعبارات الرقيقة، ويتعجب الشاب أنها تحرق جسورها معهم في الوقت الذي قد تحتاج فيه إليهم مرارًا (طيب ما تقول لنفسك يا كاتب، هل هذا معقول ؟!، أتصدر إلينا تناقضاتك لنحلها نحن ؟!).

– ص 73: سائق التاكسي يعرف القصة فيشاركهم في التطاول على النصارى؛ وينفجر من فمه: (بكابورت طائفي) على حد وصف الكاتب !.

– ص 73: نكتشف أن المستشفى القبطي تقدم هذه الخدمات للأقباط وللمسلمين كذلك؛ ولا تشترط أن يكون المريض قبطيًا، وبالتالي لم تكن “أم ميمي” في حاجة لهذا الفيلم.

(خرجنا من هذه القصة أن جميع المسلمين فيها أندال وحشين مخادعين، ما يطمرش فيهم المعروف، بداية من أم ميمي إلى ميمي إلى الراوي الذي شارك في الخداع حتى لو امتعض، إلى سائق التاكسي، بينما جميع الأقباط خيرين ودودين، أطباء ومرضى وعمال، واكتشفنا أيضًا أن عندنا في مصر جميعًا – مسيحيين ومسلمين – تأمين طبي مجاني عام اسمه: “المستشفى القبطي”، يقدم مجانًا ذات الخدمة التي تدفع فيها في المستشفيات الخاصة: “آلافًا مؤلفة”، وتصور، دون حتى أن يطلب منك البطاقة الشخصية أو من أحد من ذويك !، إننا إذًا لأغبياء إذ نصرف أموالنا في المستشفيات الخاصة بينما الحل السحري موجود ومكفول لنا جميعًا.. المستشفى القبطي !).

(ليه التلزيق ده بس يا حبيبي !!.. والله التلزيق لا يأتي بخير !).

– ص 75 – 78: وفاة “أم ميمي” والحديث الداخلي الصاخب داخل نفس الطالب.

– ص 83 – 85: مشهد طريف جدًا لورطة الطالب بين “أم ميمي” وزوج ابنتها، وكيف بدأ المشهد وكيف انتهى.

– ص 102: “أم ميمي” ماتت في بيتها، فلماذا ينقلونها إلى المستشفى لتغسيلها ؟!، وفي المستشفى إلا يجدون امرأة واحدة حتى يدخل الطالب ليغسلها مع ابنها ؟!، إين ذهبت ابنتها التي كانت تصرخ قبل قليل ؟!.. أين اختفت فجأة من المشهد ؟!، وأين النسوة اللاتي كانوا في البيت ؟!، لماذا لم يتم التغسيل في البيت ؟، وسواء تم في البيت أو في المستشفى في قلب القاهرة، هل تبخرت النساء حتى يغسلها شاب غريب ؟!، (الغريب أن الكاتب يذكر لنا أنه لما دخل يغسلها سمع صوت الابنة تولول في الخارج لأن غريبًا يرى أمها عارية !، فلماذا لم تدخل هي لتساعد في تغسيل أمها ولا الحوجة للغريب ؟!، ولماذا لم تأتِ بواحدة أو إثنتان من النسوة ؟!)، كلام مفتقر لأي منطق، يطالبنا الكاتب بأن ننحي موضوع الألفاظ جانبًا ونقيم الرواية من خلال رسم الشخصيات وتطور الأحداث، حسنًا.. أليس مثل هذا المشهد يمثل خللًا واضحًا في رسم الشخصيات ومسار الأحداث، ومثله مشاهد أخرى عديدة، فحتى إذا نحينا المعايير الأخلاقية، والمعايير الفنية الجمالية، نجد أن هناك مشاكل حقيقية في رسم الشخصيات ومنطقية بعض الأحداث.

– ص 121: مبالغة “ميمي” الشديدة في الحزن على والدته وإظهار الجنون والأفعال النسائية من صراخ وعويل وغيرها قد زادت جدًا وخرجت عن أي منطق، وكمان بطح إمام المسجد !.

– ص 125 – 128: إفطار الطالب محدود الدخل ومواصلاته ومجالات ترفيهه، جميلة وكاشفة.

– ص 162 – 165: ريبورتاج عن حلاقين زمان يشغل أربع صفحات خارج سياق الرواية.

– ص 170: كلام وألفاظ بذيئة جدًا وليس لها سياق والله، يا “بلال” مش كل حاجة سمعتها في مقهى أو حتى في غرزة تُنشر على الناس.

– ص 176: أضحك من السفالة والله، صحيح شر السفالة ما يضحك !.

– ص 187: مع الجزء الثاني من قصة “رحاب”، الرواية قلبت قصة فيلم عربي قديم.

– ص 220: من العجب أن القباحة والبذاءة لم تقتصر على الحوار الخارجي بين الشخصيات، حتى يقال فيها أسبابًا واهية مثل الوفاء للواقع وأن هذه الألفاظ موجودة في الشارع…. إلخ؛ (وهو ما تم الرد عليه)، لكنها امتدت إلى الحوار الداخلي داخل نفس البطل، طيب حتقولوا فيها إيه دي ؟!، وهل كان لزامًا أيضًا أن يعبر في كثير من حواراته الداخلية مع نفسه على صفحات الرواية بتلك البذاءات ؟!.

هوامش:

01 – أحييك على سعة صدرك واهتمامك بالتعليق على متابعيك، وأرجو المزيد من سعة الصدر لتشمل هذه الرسالة أيضًا.

02 – الرواية عبارة عن (تفحيط) أدبي، وليست قيادة لتصل بالقاريء من نقطة إلى نقطة أخرى تقدم له خلالها متعة ووعيًا، وإنما هي تفحيط خطر، إن نجا منه صاحبه فما كسب، وكم أهلك التفحيط من مفحطين مهرة !.

03 – وهل كان المطلوب من الرواية (تقفيل عداد البذاءة) ؟، ولماذا ؟، هل هو تحدي مثلًا ؟، أم رهان عابث لا نعلم عنه شيئًا ؟!.

04 – والعجيب أنه أوعد إحدى المعلقات المنتقدات على (جود ريدز)، والتي ذكرت أن (أم ميمي) أحتوت على قاموس البذاءة، أن الرواية التالية ستكون أكثر فأكثر فيما تحتويه !، ليه يا “بلال” ؟، وهل ظل في قاموس البذاءة شيء ؟، وإلى أين تريد أن تصل بنفسك وبنا وبالأدب ؟، إيه الحكمة بس نفسي أفهم !.

05 – أنا أصدق “بلال فضل”؛ حين يقول أن ما جاء في الرواية ليس بعيدًا عن الواقع، وإنما نتيجة معايشات، أو مشاهدات، (أو سماعيات ومرويات عن شهود عيان)، أصدق هذا، وأفترض أن 95% مما ذكر في الرواية قد حدث، ولكن حدث متفرقًا، كل منه على حدة في مكان ما وبشكل ما، ولكنك عزيزي “بلال” جمعت كل تلك البلايا في بوتقة واحدة وخيط مجدول واحد، وهذا خلاف الواقع الذي تدعي الوفاء له !، فما يحدث لهذا لا يحدث لذاك، وما يحدث هناك لا يحدث هنا، والعكس، وبالتالي قمت أنت بعملية تكثيف وتقطير للقاذورات، فلماذا يا “بلال” تقدم لنا (منقوع القاذورات المركز) ؟، الواقع ليس هكذا، والرواية – حتى الواقعية يا عزيزي – ليس وظيفتها أن تتحول لشاحنة جمع نفايات، تقف على كل صندوق قمامة لتجمع ما فيه ثم تنتقل لما بعده، وهكذا، ليس هذا أدبًا والله !.

06 – كذلك من خطورة القص واللصق وطريقة جمع النفايات؛ أنها قد لا تراعي تقارب الموقف، فعلى سبيل المثال قد أصدق أنه في حالة نادرة جدًا لم تتوفر نسوة على الإطلاق في مكان فأدخلوا رجالًا لتغسيل امرأة ميتة، وأن “بلال” سمع بهذا في مكان ما، فقرر أن تمر شاحنة النفايات على تلك القصة لتأخذها وتلقيها في حجرنا من ضمن ما تلقي، لكن كان عليه أن يتعب نفسه في رسم أجواء مشابهة للواقعة الأصلية، فلا يعقل – كما سبق ذكره – في مستشفى في قلب القاهرة في النهار أن تتبخر النساء فلا يوجد إلا شابًا غريبًا ليساهم في التغسيل.

07 – (البلاليون) خطر على “بلال”، قرأت مراجعة للرواية بقلم أستاذ “أحمد الفخراني”، يا الله !، يا الله !، مراجعة كان “نجيب محفوظ” ليتمناها لأعظم أعماله، لدرجة أنني كلما قرأت سطرًا شككت أنه عن الرواية المذكورة (أم ميمي) !.

08 – ما هذه النسوة ؟، أزعجني كثيرًا كمواطن مهتم بالشأن الاجتماعي عددًا من التعليقات النسائية التي تُثني على الرواية ويصرحن أنهن لم يجدن غضاضة فيما حفلت به من ألفاظ !، وأتساءل: أهذا نوع من “الروشنة”، أم هو “هوس تقليد الرجال”، وأننا لسنا أقل منكم يا رجال، ويمكننا أيضًا أن نسمع ونتقبل البذاءات مهما وصلت !، في هذه الحالة لم تظهرين الإمتعاض عندما تقال هذه الألفاظ أمامك، وفي هذه حالة لا تستائي عندما تردد ابنتك هذه الألفاظ بعد حين، فعندما يتقبل جيل ما هو رديء فإن الجيل التالي لا يكتفي بالتقبل وإنما يشارك ويمارس وينتج، ولا تتساءلي عن سبب إنحدار المجتمع، فلقد ساهمت في ذلك بقسط ليس بالقليل.

09 – الروح البلالية الساخرة الساحرة تسري في جميع صفحات الرواية بل في جميع فقراتها تقريبًا، وهي كفيلة أن (تحلي المالح)، لكنها ليست كفيلة بأن تعدل المايل، ولا أن تصلح البايظ !.

10- كان بودي أن أستعمل بعضًا من بذاءات وشتائم الثمانين صفحة التي احتوت البذاءات في هذه الرواية مع لجنة جائزة “البوكر”؛ التي اختارتها في القائمة الطويلة، حلال فيكم استخدامها معكم طالما عاجباكم.

11- وسبحان الله، حتى الغلاف مبتذل جدًا وسخيف.

12- مرة أخرى، “أحا، ك..م الجمال”؛ (هذا تعليق لأحد القراء يثني على الرواية على موقع جود ريدز !)، ضعه دائمًا أمامك إذا تساءلت عن تأثيرات الأدب والثقافة في المجتمع.

13- أرجو أن تكون (أم ميمي) بالنسبة للمتميز؛ “بلال فضل”، مثل (حاحة وتفاحة) بالنسبة لأعماله التالية لها، عمل للنسيان، بحيث لا يتوقع أحد أن صاحب (حاحة وتفاحة)؛ هو ذاته صاحب (خارج على القانون) و(واحد من الناس) و(أبو علي) و(بلطية العايمة)، كذلك أرجو له أن يكفيه الله شر نفسه وبعض من حوله وبعض ما حوله، وأن ينجح في تجاوز (أم ميمي) الساقطة إلى أعمال واقعية سبقه لها فطاحل فكشفوا لنا الواقع وألهمونا أعمالًا خالدة جعلتنا نفكر ونتأمل، دون أن يقذفوا علينا قاذوراته.

14- ولقد وعدني كاتبنا العزيز – ساخرًا ومتسامحًا – حين وصفتها بأنها رواية ساقطة أنه سيعوضها لي في مرة قادمة، فليته ينجزني ما وعد، وقد أوعد قارئة غاضبة أنه سيزيد في المرة القادمة، فليت وعده يسبق وعيده.

التقييم الختامي: ؟؟/5

هناك أعمال تضيف لصاحبها، وهناك أعمال تخصم من رصيده، لكنهم في (جود ريدز) وغيرها لا يسمحون بتقييم سالب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة